ريم الشرشني: أهدي إنجازاتي الرياضية لبلدي التي تثبت بتنظيم كأس العالم أن لا شيء مستحيل

تمكنت ريم الشرشني من تحقيق إنجازات لافتة في مجال رماية الـSkeet وحازت على ميداليات عدة مع مشاركاتها في بطولات محلية وعربية وعالمية. وكانت خلال سنوات تمرسها الرياضي مثالاً للالتزام والشغف لكي تظهر أفضل صورة عن الشابة القطرية وتكون مثالاً أعلى لغيرها كي يثابرن ويجتهدن لتحقيق طموحاتهن.

كيف انطلقت في مجال الرماية وما الذي جذبك إلى هذه الرياضة التي تجذب الرجال أكثر من النساء ولا سيما في عالمنا العربي؟

اعتدت على المشاركة في المسابقات والفعاليات المدرسية وكنت أحب الألعاب الجماعية، ولكن حادثة معينة حصلت معي في عام 2006 حين كنت في الثانية عشر من العمر حمستني للتعمق في الرياضة، حيث شاهدت بوسترات لشابات قطريات من المنتخب الوطني، وأردت أن أكون في المستقبل واحدة منهن، كانت لحظة استنارة في حياتي، تلاها دخولي في أكاديمية رياضية تسنى لي فيها تجربة عدة رياضات منها الغولف والجودو والرماية، لدى ذهابي إلى نادي الرماية أردت تجربة النوع الصعب منها، فنصحني المدربين باختيار الأنماط الأسهل والسبب صغر سني وعدم خبرتي الكبيرة بها، فبدأت بالرماية السهلة ووجد القيمون عليّ أني أبرع فيها على الرغم من عدم إعجابي بهذا النشاط، فأنا لطالما فضلت الرياضات الجماعية المليئة بالحماس والتشويق، بينما السهم أو البندقية يحتاجون إلى ثبات وهدوء، لذا كان المدربون يطلبون من والدتي إقناعي بالاستمرار وكنت أستمر على مضض، حتى عام 2009 حينها قررت التوقف عن ممارسة الرماية، ولكن وبسبب إصرار قادتي في الفريق شاركت في آخر بطولة رماية وتأهلت للنهائي، وخلالها وبصدفة بحتة جربت رماية الشوزين بعد أن نصحني بها رئيس الاتحاد، ولحظة حملت السلاح في ميدان الشوزين، أحسست بوجود رابط غريب بيني وبين السلاح، أحببت هذا النشاط كثيراً وشعرت أن هذه الرياضة تمثلني، فهي خارجية ولا تمارس في مكان مغلق، فيها صعوبات وتحديات وألعاب ذهنية بين اللاعبين وخطط وتكتيكات، كل هذه العناصر حمستني كثيراً لأني لا أحب المجالات السهلة.

تحتاج الرماية إلى شجاعة ودرجة تركيز عالية، ما هي التمارين التي تخضعين لها لتزيدي تركيزك؟

يعود الفضل إلى والدتي في الاستمرار في الرماية وتشجيعي على عدم التوقف عن أي أمر يسعدني، حين كنت طفلة كانت تقول لي: قومي بأي شيء تريدينه على أن لا يكون خاطئ أو معيب، كوني واثقة وانطلقي ولا تخشي من نظرة المجتمع، ولطالما كنت مؤمنة ان الإنسان الموهوب أو غير الموهوب، قادر على تحقيق ما يريد في حال امتلك الإصرار والرغبة، وهذه القناعات ورثتها عن أمي التي بدأت بممارسة الرياضة في عمر الخمسين، وحين أدركت مدى تأثيرها الكبير على حياتها، أرادتني أن أبدأ بها في سن صغيرة، وأنا أشكرها على تشجعيها لي لأن الرياضة فعلاً غيرت حياتي، فهي تحسن تفكيرنا وتغير نظرتنا للحياة وتخولنا بناء علاقات اجتماعية وتوسيع دائرة معارفنا، صحيح أني تعبت في صغري فكنت أنتهي من المدرسة وأذهب إلى النادي، ولكن إلحاحها أعادني إلى المسار الصحيح، بالتالي لها الفضل في ما أنا عليه اليوم.

بالنسبة للتركيز فإن رياضة الرماية تحتاج للثبات والعقل الصافي، فحين نتدرب في النادي تكون حالتنا الذهنية مستقرة لأننا لسنا تحت ضغوط، وبالتالي نحقق نتائج أفضل ربما من المسابقات، لكن ما علينا تعلمه هو أن نصفي عقلنا خلال المشاركة في الفعاليات المهمة، فلا نتوتر ونسمح لمشاعرنا بالسيطرة علينا، هذا الأمر صعب ويحتاج إلى خبرة عالية للتحكم بالأحاسيس. في البداية كنت أضع نفسي تحت ضغوط كبيرة وأنعزل عن العالم قبل البطولة وخلالها، ولكن اليوم صرت أريح نفسي وأزيل عنها الضغوطات، فأتواصل مع من حولي وأحاول أن أسترخي وأقضي وقتاً ممتعاً وبدأت ألاحظ أن النتائج الحسنة تأتي بهذه الطريقة. ممارسة الرماية تحتاج أيضاً تمارين تنفس واسترخاء وتدقيق في الخطوات، كما تتطلب ممارسة تمارين رياضية خاصة بالأرجل، فيجب تقوية عضلات القدمين لكي يكون نحافظ على التوازن.

انت شابة وجميلة فهل واجهت اي مضايقات لدى تواجدك في ارض الملعب ام على العكس كان هناك تشجيع مجتمعي لك كي تنمي موهبتك؟

لم أواجه مضايقات ولكن واجهت أفكاراً سلبية حول وضعي الاجتماعي كفتاة شابة تمارس نشاطاً صعبة وقاسية، بمعنى أن هذه الرياضة ستمنعني من عيش حياة طبيعية كزوجة أو أم لأنها تحتاج إلى لياقة دائمة ودرجة التزام عالية، ولكن هذه المفاهيم الخاطئة كانت تشجعني على الاستمرار لأثبت لمن حولي أن المرأة في حال نظمت وقتها، تكون قادرة على القيام بأكثر من عمل في وقت واحد. أما في محيطي الضيق فقد وجدت دائماً التشجيع والدعم، وحتى على أرض الميدان، كونت الكثير من الصداقات وحصدت الاحترام من كل الذين تعاملت معهم.

لماذا تبتعد الشابات العربيات عن العاب القوى والرماية تحديداً وما الذي نحتاج اليه لجذب اهتمامهن اليها؟

لا أعتقد أن هناك ابتعاد عن هذه الألعاب إنما ببساطة هذه المجالات فتحت أبوابها أمام النساء منذ وقت قريب، فمن الطبيعي أن يكون الإقبال محدوداً ولكنه يتزايد مع الوقت في ظل تقبل المجتمع لانخراط النساء في كل المجالات الحيوية، فاليوم أعداد الصبايا القطريات تتزايد في رياضات مثل البوكسينغ والتنس والغولف والجري وغيرها، وهن يحققن إنجازات محلية وعالمية.

هل لديك مجال آخر يستهويك بالإضافة إلى الرياضة؟

درست التغذية العلاجية ولديّ عملي الثابت في مستشفى وأعمل لساعات طويلة في اليوم وأشعر بأهمية عملي الذي يقوم على مساعدة الآخرين ليعيشوا بشكل أفضل، وهو متعلق قليلاً بكوني رياضية وأشجع على ممارسة التمارين. أحب كيفية تقسيمي لوقتي وبأني بت مثالاً أعلى للكثير من الشابات في المجال الرياضي، ولكني أيضاً امرأة طبيعية تمارس دوراً يومياً في مجتمعها من خلال وظيفتها، هذا العمل الثابت خلق لي التوازن النفسي أيضاً ومدني بالاستقرار اللازم للإبداع الرياضي. بالنسبة لرياضة الرماية فهي جزء من الثقافة القطرية ولكن الشابات لا يعرفن عنها الكثير، ويمكن أن يكون لديهن مخاوف حول اللبس أو الاحتكاك وهنا أطمئنهن إلى أنه يمكن حتى بالعباءة ممارسة هذه الرياضة، وبالتالي الحفاظ على خصوصيتهن التي يرغبن بحمايتها.

ما هو أكثر ما تحبينه في الرماية، وكيف تعملين على تحسين أدائك؟

أحب جو التحدي والمنافسة السائدة بين اللاعبين، والعناصر المفاجئة التي تحصل كهبوب رياح أم عاصفة أم مطر... أعشق هذه العراقيل وأشعر بحماس أكبر للعب. تعلمت الكثير من معاني الالتزام والإصرار من خلال الرماية، بت أكثر إصراراً على تقديم المزيد، وصرت أعمل على تحقيق المزيد واليوم أنا الثالثة على مستوى العالم وفخورة بأن أجدد مشاركة لي في البطولة الآسيوية حصلت فيها على المركز الرابع، وأطمح دائماً بالمزيد.

رفعت اسم بلدك عالياً فما الذي يعنيه لك الفوز ونيل الميداليات وكيف تسعين لتقديم أجمل صورة عن الشابة القطرية من خلال مشاركاتك الدولية؟

أتمنى أن أكون مثالاً أعلى لشابات بلدي وأؤثر فيهن لكي لا يخشين شيئاً وينطلق نحو تحقيق طموحاتهن، أما عن الصورة التي أمثلها فهي صورة البنت القوية والقادرة والطموحة التي تقتنص الفرص وتستفيد منها، وهي في الوقت نفسه شابة جميلة وأنثوية وأنيقة ومثقفة.

هل يمكن مستقبلاً أن تتجهي للتدريب أو افتتاح نادٍ مثلاً لتعليم الرماية؟

ليس لديّ ميول للتعليم، بل أحب تشجيع الناس للتوجه نحو الرياضة بكل أشكالها، وإبراز أهميتها على مستوى الصحة النفسية والجسدية. فالتدريب عبارة عن تعليمات وخطوات يمكن نقلهعا بسهولة، أما الإلهام والتمكين فهما رسالتي.

ما الذي عنته لك استضافة قطر لكأس العالم؟ كيف تنوين مواكبة الحدث وأي فرق ستشجعين؟

بلدي أثبتت قوتها وقدرتها على تحقيق ما يشبه المستحيل، فالتجهيزات حتى اليوم مبهرة وعلى مستوى عالمي وسأشجع منتخب بلدي بالتأكيد وكلي أمل أن نحقق نتائج إيجابية.

حدثيني عن مشاركاتك الرياضية المقبلة.

شاركت مؤخراً في بطولة كرواتيا وهي الأولى المؤهلة لأولمبياد باريس 2024، وستكون معظم البطولات المقبلة التي سأتواجد فيها بمثابة بطاقة عبوري نحو الأولمبياد، لذا أكثف تماريني وأركز كثيراً على تعزيز مهاراتي كي أحجز لنفسي مكاناً فيه.

اقرئي المزيد: ياسمين غانم: أنقل أجواء المونديال عبر وسائل التواصل فمسؤوليتنا كرياضيات تتجلى بإبراز الحدث بأبهى صوره

 
شارك