ريم السعيدي: أنتظر المستقبل بشوق وغموضه يحفّزني

قد تكون مثال المرأة الجميلة بكلّ ما للكلمة من معنى! فإن أردنا وصف الجمال بالنعومة فهي ناعمة وإن أردنا ربطه بالأناقة فهي أيضاً أنيقة. وإن أردنا اعتبار الجمال جاذبيّة فهي جذّابة وحضورها أخّاذ. وإن أردنا اختصار الجمال بالمضمون، فما تمتلكه من صفات في شخصيّتها تدلّ على أنّها امرأة جميلة ومثقّفة وناعمة وواثقة من نفسها وطموحة وموهوبة وتحبّ الناس وعائلتها. والأهمّ هو أنّها تسعى لنشر التفاؤل والإيجابيّة. أحلامها كثيرة وهي تهوى المستقبل ولكن لا تنكر فضل الماضي وتجاربه التي أوصلتها إلى ما هي عليه اليوم إنّما تقول: "المستقبل يجذبني، غموضه مميّز ويجعلني فضوليّة تجاهه..."

إنّها ريم السعيدي بريدي، عارضة الأزياء العالميّة التي تخوض اليوم مجال التمثيل وتعدنا بمفاجآت فيه... معها تكلّمنا عن ذلك كلّه! ‎

حوار: طونينا فرنجيّة، تصوير: Rudolf Azzi، إدارة فنية: فرح كريديّة، تنسيق: Sima Maalouf، شعر ومكياج: Sophie لدى Michelle Hay Management

ممّا لا شكّ فيه أيضاً أنّ العالم كلّه عانى ولا يزال يعاني جراء جائحة كورونا، حتّى أنّ عالمنا قُلب رأساً على عقب، فأين تجد ريم الأمل؟ كيف تتأقلمين وأين تجدين والتفاؤل؟

بطبعي أنا إيجابيّة دائماً ومهما يحصل أحاول دائماً البحث عن الإيجابيّة، وأدرك أنّ حلّاً ما ينتظرنا في نهاية كلّ مصيبة. كذلك، أؤمن بالعلوم وما تقدّمه لنا التكنولوجيا والأبحاث وما تعمل عليه الأدمغة من حول العالم. لذلك فأنا متفائلة بأنّ الحلّ والعلاج آتيان لا محال وإلى حين ذلك، لا بدّ من النظر بإيجابيّة والقول أنّنا بتنا نعلم كيف نحمي أنفسنا من هذا الفيروس، الأمر الذي لم نكن نعلم به من قبل.

بالنسبة إليّ، الأمل يأتي بإيمان منّا بأهميّة الاستمرار، فلا شيء يجب أن يوقفنا أو يردعنا عن الحياة والاستمرار نحو تحقيق الأهداف والأحلام. ودائماً ما أؤمن بأنّه إن غُلق باب في وجهنا، فتحت لنا الحياة أبواباً أخرى. أخيراً، أكرّر وأقول أنّني بطبعي إيجابيّة وأرى التأقلم وسيلة لا بدّ منها، تماماً كما يحصل اليوم. فإن أغلقت المدارس على سبيل المثال، أوجدنا حلّاً بالتعلّم عن بعد على طريقة الأونلاين. هكذا يجب أن نواجه أيّ مشكلة بالتفاؤل والتأقلم والإيمان بأنّه لا بدّ من حلّ في نهاية المطاف.

ما الذي تنصحين به كلّ امرأة أو شابّة تشعر اليوم بصعوبات وعراقيل معيّنة لا سيّما أنّ موضوع العام هو الصحة النفسيّة والعقليّة؟

أقول لها أنّها لا تعاني وحدها هذه المصيبة وهي لم تحلّ عليها دون سواها، فإنّها مصيبة عالمية جمعت العالم كلّه. لذلك، حاولي التأقلم واعملي على تحسين صحّتك النفسيّة قبل الوقاية من أجل صحّتك الجسديّة. حاولي الترفيه عن نفسك وقومي بما تحبّين القيام به! إسعي أن تعملي على تحقيق أهدافك أو أحلامك واعتبري هذا الوقت هو الأنسب لتحقيق ذلك. إستغلّي هذا الوقت واعملي من أجل ذلك!

ندرك أنّك تعملين بمفردك مع ماركات عالمية على الكثير من القضايا الإنسانيّة والاجتماعيّة، هل من قضية معيّنة تعنيك اليوم أكثر من غيرها؟ وتسعين إلى تسليط الضوء عليها؟

طبعاً، فأنا قبل أن أكون متزوجة وأمّاً، لطالما عملت على دعم قضايا الأطفال الأيتام الذين تُركوا لوحدهم في هذه الحياة من دون عائلة أو دعم. قد يكون هذا الأمر غير خارج إلى العلن، لكنّني أحرص على العمل عن قرب على هذه القضيّة بعيداً عن الأضواء لا سيّما اليوم بعدما أصبحت أمّاً وأدرك تماماً حاجة الطفل إلى الوالدين والدفء الذي تقدّمه العائلة. تهمّني هذه القضيّة كثيراً والسبب أنّني أرى في هؤلاء الأولاد أفراداً فاعلين في المجتمع، لذلك فإنه من واجبنا مساعدتهم ومساندتهم كي يغدوا أفراداً مميّزين وفاعلين. وإن غاب عنهم الدعم والتربية الصحيحة فهذا سيؤثر سلباً عليهم وعلى المجتمع وعلى دورهم فيه. من هذا المنطلق، أشدّد على أهميّة التبنّي وتشريعه في البلدان التي لا تعترف بأحقيّته. في تونس مثلاً، التبنّي مسموح وهي خطوة أراها فعّالة وضروريّة وإنسانيّة إنّما طبعاً للعائلات التي تتمتّع بأهليّة القيام بذلك وتتحمّل المسؤوليّة فقط.

يقال أنّ الحياة عبارة عن رحلة كلّ شيء فيها مجنون ولا شيء فيها مضمون، هل توافقين؟ كيف تصفينها أنت؟ وهل تخافين من جنونها وما تخبؤه؟

طبعاً، الحياة رحلة وأنا أشبّهها بالطائرة ونحن من يقودها. فنحن من نقرّر إلى أين نصل بها وكيف نصل بها. ممّا لا شكّ فيه، أنه وخلال هذه الرحلة قد تواجهنا بعض العراقيل تماماً كما تواجه العاصفة أيّ رحلة معيّنة. ولكنّ الأهمّ، أنّنا نسعى لمواجهتها وتخطّيها ومن ثمّ استكمال الرحلة. كذلك، لا بدّ من أنّ الربّ طبعاً هو من يرسم حياتنا بخطوطها العريضة إنّما علينا أن نعمل على تحديد مسارها فنحن من علينا أن نحلم ونسعى ونخطّط. لا أخاف أبداً من جنون الحياة وما تخبّؤه، ففي النهاية ما كتبه لنا الله سيتحقّق ولكن ما نسعى إليه نحن سنصل إليه بإذن الله، وإن كان خيراً لنا فسيكون لنا.

فستان من Chanel

بالحديث عن ذلك، ما الذي تفضّله ريم، الماضي المضمون أو المعروف أو المستقبل المجهول؟

من المعروف عنّي حبّي للتّحديات. بالنسبة إليّ الماضي هو الماضي! هو ذاك الذي أوصلني إلى ما أنا عليه اليوم وحاضري هو الذي سيوصلني إلى المستقبل الذي أحلم أنا به. إنّ هذا المجهول الذي يميّز المستقبل هو ما يجذبني إليه، فهذا الغموض تحديداً يدفعني ويحثّني ويجعلني فضوليّة للوصول إلى أحلامي. أمّا أكثر ما أحلم به فهو أن أترك بصمة معيّنة وألّا أعيش هذه الحياة مرور الكرام.

وماذا عن مستقبلك أنت، كيف تحلمين به؟ وهل من شيء معيّن تسعين لتحقيقه؟

الأحلام ترافقني دائماً وأنا أحبّها، وفي هذا العالم ثمّة فرص كثيرة أمامنا التي يمكننا تحقيقها ولكن علينا أن ندرك كيف نستغلّها وألّا ندعها تضيع منّا. فأنا شخص أستيقظ يوميّاً مع أهداف وأحلام جديدة. طبعاً، يبقى الهدف الأهمّ والأوّل هو أن أكون أمّاً صالحة وأن يكون باستطاعتي أن أرسم مستقبلاً مميّزاً لإبنتيّ وأجعل منهما فردين مميّزين في المجتمع. كذلك، أسعى أن أكون زوجة صالحة فحياتي تغيّرت فعلاً بعد الزواج إذ وجدت في الحياة الزوجيّة أنّ الدعم ركيزة أساسيّة تميّز حياتي وزوجي، فأنا أدعمه وهو يدعمني وهذا ما يجعلني أكثر قوّة على تحقيق أحلامي. أيضاً، أسعى دائماً إلى تحسين نفسي وأرى من الضروريّ أن نعمل دائماً على تطوير الذات وأن نسعى أن نكون
أناساً أفضل.

كيف ترين مستقبل ابنتيك؟ وهل تتمنين لو أنّهما تدخلان مجال الترفيه مثلك؟

ممّا لا شكّ فيه أنّني سأقوم بتربيتهما بالطريقة التي تربيّنا عليها أنا وزوجي وعلى المبادئ والقيم ذاتها. ولكن حياتهما هي لهما وأقول دائماً أنّهما عليهما اختبارها وتجربتها بنفسيهما ولكن كلّ ما أتمنّاه هو أن تتعلّما من تجاربنا وحياتنا وذلك لخوض حياة وتجربة حياة أفضل. طبعاً، الإرشاد وتقديم النصائح أمر لا بدّ منه ولكن يبقى الخيار لهما إلّا أنّنا سنبقى إلى جانبهما لتقديم الدعم المطلوب مهما كان خيارهما وفي أيّ مجال اختارتا أن تكونا. ففي النهاية لا بدّ من القيام بشيء تحبّانه وإلّا لن تنجحا.

متى ترين أنّه من الضروري لك إعادة النظر في بعض الأمور وتقييم مسارها؟ وعمّا يمكنك التخلّي أو تسعين إلى التخلّي عنه من وقت إلى آخر؟ وعمّا لا يمكنك الاستغناء عنه؟

ببساطة عندما أرى نفسي غير قادرة على الوصول إلى الهدف الذي أوّد الوصول إليه. حينها، أتوقّف وأفكّر وأعيد تقييم الوضع وما الذي يحول دون وصولي إلى هدفي؟ ما الذي منعني؟ ما الذي يؤخرني؟ فأنا سافرت كثيراً واستقرّيت في أكثر من مدينة ولم أتردّد يوماً في ذلك وفي اللحاق بأيّ فرصة رأيتها أو اعتبرتها هدفاً كان لا بدّ لي من تحقيقه. بطبعي، لست شخصاً يتعلّق بالأشياء إنّما أنا متعلّقة بعائلتي فقط وهي أساس حياتي وكلّ ما فيها. فضلاً عن أنّها عنصر الطاقة في حياتي، لذلك يمكنّني التخلي عن كلّ شيء في سبيل الوصول إلى تحقيق أحلامي وأحلام عائلتي. في المقابل، أنا مستعدّة للتخلّي عن كلّ شيء سلبيّ يحيطني. فهذه السلبيات لا تجدي نفعاً إلّا لإغراقنا ومنعنا من الوصول إلى أهدافن، والتخلّي عنها سيحرّرنا ويجعلنا نحلّق بعيداً.

الإطلالة من Saint Laurent

إلى دبيّ انتقلت، كيف تصفين هذا الانتقال؟ وما الذي وجدته في دبي؟ وكيف هي الحياة فيها؟ هل كان الانتقال بحثاً عن التفاؤل؟

لا شكّ في أنّ لبنان هو البلد الأمّ لزوجي وابنتيّ وبات كذلك بالنسبة إليّ أيضاً. إنّما وجدنا أنّ الخيار الأصحّ لنا هو الانتقال إلى دبيّ والسبب أنّها كانت الأنسب لنا ولأعمالنا ولحياتنا. ففيها وجدنا فرصة لتربية بناتنا بأمان واستقرار. وآمل يوماً أن يتعلّم قادة البلدان العربيّة الأخرى من حكام دبيّ وما حقّقوه وفعلوه للإمارات العربيّة المتحدة ودبيّ تحديداً وكيف وضعوها على خارطة أهمّ المدن العالميّة. فدبيّ هي مدينة تستقطب جميع الثقافات وتجمعها وهي سعت إلى تأمين كلّ شيء لمواطنيها وسكّانها. والأجمل في دبيّ هو تلك الطاقة التي تنشرها بفعل تعدّد ثقافاتها المتواجدة على أرضها ففيها تجدين طاقة رائعة نابعة من أفراد لجأوا إليها من أجل تحقيق أحلامهم.

لننتقل إلى جديدك المهنيّ وخبر خوضك غمار التمثيل مع فيلم الثلاثاء 12 في دور مدربّة رياضة، أخبرينا عن هذه التجربة؟ كيف قرّرت دخول هذا العالم؟ ما الذي تنتظرينه؟ وما الذي تعدين الجمهور به؟

لطالما كنت أحلم بخوض غمار التمثيل وقبل زواجي وحينما كنت لا أزال في الخارج، أخذت دروساً في التمثيل وكنت قد وجدت عميلاً لي في لوس أنجلوس وخطّطت للانتقال إليها بغية خوض هذا المجال. إنّما شاءت الظروف عكس ذلك بعدما تعرّفت إلى وسام وتزوجنا وحينها بدّيت العائلة على المهنة واخترت أن تكون هي الأولويّة.

في السابق، تقدّم لي بعض العروض التمثيليّة ولكن تركيزي كان منصبّاً على العائلة، وإنجابي ابنتيّ في فترة قصيرة كان أيضاً من الأمور التي جعلتني لا أهتمّ كثيراً بفرص التمثيل هذه، كما أنّني لم أكن مستعدّة. اليوم، أنا بكامل استعدادي وحين عرض عليّ هذا الدور، لم أتردّد للحظة فمخرج الفيلم هو من أكثر المخرجين المبدعين والرائعين ورغم أنّ دوري كان ذات مساحة صغيرة إلّا أنّني اعتبرته خطوة ستفتح لي أبواباً في عالم التمثيل وهكذا حدث! أعدكم بمفاجآت كثيرة وأنا في طور التحضير لأعمال تمثيليّة مميّزة.

نرى ابنتك بيلا على مواقع التواصل الاجتماعي في حين كثيرات من النجمات يرفضن نشر صور أولادهنّ، ما الذي تقولينه عن هذا الموضوع؟ وكيف هي علاقتك أنت بعالم السوشل الميديا؟

أعتبر أنّ السوشل ميديا باتت جزءاً من حياتنا وهي لا تغيب عنّا أبداً حتّى أنّنا نعيش مع عالم التواصل الاجتماعي وفيه. لذلك اخترنا أن نظهر بيلا وصوفيا فهما جزءاً أساسيّاً من حياتنا وكما ذكرت سابقاً نحبّ أنا وزوجي أن ننشر التفاؤل والإيجابيّة ونحبّ المشاركة.لذلك فإنّ تواجدنا على مواقع التواصل برفقة ابنتينا هو أمر طبيعيّ لنا فنحن نحبّ مشاركة لحظاتنا مع من يحبّنا ويتابعنا. طبعاً،أنا لست ضدّ هذه المواقع، ففي اللحظة التي قرّرنا فيها أن نكون عليها وأن نكون تحت الأضواء، بات يحقّ لمن يحبّنا ويتابعنا أن يتعرّف أكثر علينا وعلى طريقة عيشنا. في الحقيقة، لا نفكّر فعلاً بهذا الأمر فتعاملنا مع السوشل ميديا عفويّ وهدفنا دائماً المشاركة ونشر التفاؤل والإيجابيّة وتجنّب السلبيّة وإظهار اللحظات الجميلة وطبعاً التأثير الإيجابيّ.

أخيراً، لا بدّ من توجيه رسالة إلى كلّ من يتابعنا على السوشل ميديا، فأقول أنّه لا ينبغي على الإطلاق مقارنة حياتك بحياة من تتابعين وتذكّري أنّك ترين فقط اللحظات الجميلة، وهذه هي اللحظات بالذات التي يودّ من ينشرها أن ترينها. وليبقى في ذهنك أنّ من تتابعينه يعيش لحظات قد لا تكون جميلة أو مثاليّة إنّما يختار أن يشاركك تلك الجميلة فقط. لذلك إيّاك والمقارنة ما بين حياتك وتلك التي ترينها على مواقع التواصل.

 
العلامات: ريم السعيدي
شارك