جوهرة القحطاني: دولتي قطر شهدت نمواً سياسياً واقتصادياً ورياضياً جعلها تسعد العالم بمونديال 2022

 

يوجد قصة ملهمة ومؤثرة عاشتها الشابة القطرية جوهرة القحطاني ودفعتها إلى البدء برياضة الجري لتصير من أهم المشاركات في الماراتونات المحلية والعالمية، وتؤسس Run The World وهو أول فريق نسائي يعلّم أبجديات الركض للشابات في المجتمع القطري، لتمكينهن رياضياً وتحفيزهن على أن يكن أفضل نسخة لأنفسهن لاكتشاف قدراتهن الكامنة. فيما يلي نتعرف على الطبيبة الجراحة الناجحة التي لم تكتف بالإنجازات المهنية بل اختارت أيضاً الرياضة لإدراكها أهميتها في تحسين الصحة النفسية والجسدية.

متى بدأ اهتمامك بمجال الرياضة والجري تحديداً؟

لم أهتم بأي نوع من الرياضات في صغري إلا أنني في عام 2003 خلال فترة دراستي الجامعية في الولايات المتحدة، كنت دائماً معجبة بالعدائين والأشخاص العاديين الذين يمارسون رياضة الجري للحفاظ على صحتهم ولياقتهم، ومنذ ذلك الحين تمنيت أن أصبح عداءة، إلا أن انشغالي بدراسة الطب وتعرضي للإجهاد والضغوطات النفسية منعاني من تخصيص بعض الوقت للرياضة، بل على العكس قلت حركتي وزاد وزني حوالى 25 كيلوغراماً. بداية التحول كانت حين قررت أن أخسر الوزن الزائد، فحاولت أن أتجه إلى الأكل الصحي وممارسة التمارين الرياضية، لكن فشلت محاولاتي عدة مرات حتى قررت أن أجري وأمشي في المنزل بسبب ساعات عملي وجدولي الغير منتظم، عندها قمت بشراء أول جهاز للمشي ولكن لسوء الحظ في في خلال فترة قصيرة قمت بالسقوط أثناء استخدامي للجهاز وإيذاء نفسي بالتعرض لحروق من الدرجة الثانية. لقد كانت صدمة متعبة بالنسبة لي فقد كنت أتوقع أن الجري سهل جداً، ولكني لم أفقد الأمل وظللت أستخدم الجهاز. لم أكن مولعة بالجري حتى جربت الجري خارجاً.. فتغيرت نظرتي كلياً ولكني كامرأة ملتزمة بلبس الحجاب، لم أجد خيارات ملابس رياضية كثيرة في أميركا على عكس الآن طبعاً، فكان هذا تحد جديد تمكنت من تخطيه.. في ذات العام وفي ذكرى ميلادي الثلاثين أردت أن أكافئ نفسي بإنجاز مختلف قبل ذكرى ميلادي التالية، ووجدت سباق نصف ماراثون للنساء في سنترال بارك بنيويورك مُنظَّم من قِبَل مجلة MORE الرياضية بهدف تمكين المرأة، شعرت حينها بأنّي أصبت هدفين في آنٍ واحد وقمت بالتسجيل، بعدها توالت مشاركاتي وأنهيت الكثير من الماراثونات الدولية (هاواي، باريس، أمستردام، أوريدو قطر و ماراثون نيويورك الإفتراضي) بالإضافة إلى المئات من السباقات والفعاليات الرياضية.

لماذا نلاحظ قلة اهتمام الشابات بممارسة الرياضة بحيث تنظر إليها كثيرات على أنها قصاص، وكيف تشجعين الشابات على الانخراط في مجال رياضي وما هي فوائد هذا الأمر برأيك؟

أعتقد أن أسباب تأخر دخول النساء في مجال الرياضة هو تخصيص معظم الرياضات للذكور بالتالي جاء دخولهن إليهاً قبل سنوات قليلة فقط ولا سيما في العالم العربي. كما أن التفكير بأن الرياضة مخصصة فقط لمجالات خشنة كألعاب القوى أو حتى تمارس فقط لإنقاص الوزن، هذين الأمرين جعلا الشابات يعرضن عنها، وما تغفل عنه الكثيرات أن الرياضة تغيّر نمط الحياة للأفضل، وتساعد في زيادة حب الذات والشعور بالثقة بالنفس، بالتالي علينا تغيير طريقة التفكير التقليدية. من ناحية ثانية فأن انشغال المرأة بالواجبات المنزلية وتربية الأولاد يبعدها عن تخصيص الوقت لنفسها، كما أنها لا تلقى التوجيه المناسب لكي تعرف كيف تبدأ... إنها أمور كثيرة يجب معالجتها. علينا إذاً زرع بذرة حب الرياضة منذ الصغر وإعطاء الشابة حافزاً لاكتشاف ما تفضله، لكي تجد في الرياضة متنفسا يساعدها للإحساس بطريقة أفضل، والثقة بأن ممارسة الرياضة ستجعلها أكثر إقبالاً على المسؤوليات الأخرى لديها، وأكثر حباً لحياتها بكل ما تحويه من نقاط قوة وضعف.

يعارض الكثير من الأهل توجه الفتاة نحو المجالات الرياضية فهل واجهت هذا الأمر وهل يكون هذا السبب لدراستك الطب؟

دراسة الطب كانت حلمي منذ سن المراهقة وقد توجهت إلى الرياضة في سن متقدمة نسبياً وهي الثلاثين سنة، حين بدأت أكتشف ذاتي وأعالج الضغوطات التي أتعرض لها بسبب دراستي وعملي، لجأت إلى الجري وكان أفضل قرار قمت به، فيما يخص أهلي فقد كان لديهم خوف وقلق عليّ فأنا كنت أمشي وأجري في أماكن مفتوحة وفي أوقات مختلفة كالفجر او في المساء وبمفردي، لذا كانوا يخشون أن اتعرض للمضايقات، ولكن اليوم ومع ازدياد الوعي المجتمعي بأهمية الرياضة للبنات، صار أهلي أكبر مشجعين وداعمين لطموحي.

كيف تجدين الوقت بين عملك كجراحة ونشاطك الرياضي؟

من خلال تحديد أولوياتي وإعداد جداول مسبقة ليومي ولأسبوعي، تمكنت من إدارة وقتي بشكل مناسب، إنها مهارة مكتسبة يمكن بناؤها مع بعض المثابرة والجهد التعب، فحين تقومين بنشاط تحبينه ستسخرين كل الصعوبات للنجاح فيه.

حدثينا عن ظروف تأسيس فريق Run The Worldقطر، وكيف تجدين اقبال الشابات عليه؟

تأسس الفريق عام 2019 بمشاركة مع بعض الصديقات اللواتي دعمنني بشكل كبير وشجعنني في مسعاي الهادف بالدرجة الأولى إلى تشجيع الفتيات على حب الركض وربط الرياضة بحب الذات، وتعزيز قدرات المرأة في المجالات الرياضية، وجدنا إقبالاً كبيرا منذ الشهور الأولى، ودربنا عدد كبير من النساء على الرغم من مرورنا بجائحة كورونا، وبعض الصبايا اللواتي تدربن معنا شاركن بماراتونات عالمية واكتشفن موهبتهن الكبيرة، وهذا أمر يدعوني للاستمرار بحماس أكبر.

ما الذي يعنيه لك المشاركة في ماراتونات جديدة؟ كيف تنظرين إلى المنافسة وهل تسعين للفوز دائماً أم تحبين خوض المجهول وعيش تجارب جديدة تزيد من رصيدك على الساحة الرياضية؟

المشاركة في ماراتون جديد يعني وجود تحد عليّ اجتيازه وعيش مشاعر الحماس لكي أصل إلى الهدف المقبل، لا يعنيني الربح كثيراً بل أسعى للاستمتاع واكتشاف قدراتي الذاتية، وكيف سيتحمل جسمي أفكاري وجنوني حتى... الرياضة متنفس لكي أعيش الخيال الذي يراودني أو حتى الحلم الذي أطمح إليه. أنا إنسانة لا تحب المنافسة فالقمة تتسع للجميع، أحب أن أتنافس مع ذاتي لكي أطور نفسي في جميع المجالات، وأتواجد في محيطي بأفضل صورة، أحب أن أعيش تجارب ومغامرات جديدة في دول مختلفة لكي أوسع معارفي وأختبر تحديات وأرصد ردود أفعالي تجاهها فهذا هو سبيلي للتعلم والتطور.

ما هي أكثر الانجازات التي تفخرين بها؟

تأسيس الفريق هو أكبر إنجاز لي فأنا أفتخر بالتعرف على شابات يتحدين ذاتهن لإبراز أفضل ما عندهن، فكل امرأة تأتي إلى الفريق لديها قصة في داخلها، ليس شرطاً أن تشاركني فيها ولكني أعرف أنها موجودة، فهي تأتي بحالة وتتطور لتصل إلى حالة أفضل وذلك عن طريق الرياضة... هذا التغيير الذي أساعد في إحداثه في شخصيتها وتفكيرها وحتى لياقتها يشعرني بفرحة عارمة، فأنا ساهمت ولو بنسبة 1% بهذا التغيير الإيجابي الذي حصل في حياتها.

كيف ترين دعم الدولة القطرية لتواجد النساء في المجالات الرياضية؟ وما الذي ينقص لتمكينهن أكثر في المجال الرياضي؟

دولة قطر حريصة على دعم المرأة القطرية في شتى المجالات ومن ضمنها الرياضة وإعطاء الفرصة للمشاركة فيها وتوفير الإلهام والدعم لها لجعل الرياضة جزء من حياتها. تقوم الدولة بشكل دائم بتنظيم فعاليات رياضية نسائية وقد أثبتت المرأة جدارتها، والتحاقها بركب الألعاب الرياضية، ومنافسة الرجال على مستوى خوض المنافسات الرياضية الكبيرة محلياً ودوليا.

كيف تنظرين إلى استقبال بلدك لمونديال 2022؟

إنه حدث عالمي سيخلده التاريخ فقطر هي أول دولة عربية تنظم وتستضيف المونديال، وقد شهدت نمواً اقتصادياً وسياسياً ورياضياً جعلها قادرة على حمل هذه المسؤولية الكبيرة، وبالتالي أنا فخورة جداً ببلدي وأتمنى لها المزيد من الإنجازات. أعتقد أن هذا الحدث سيعطي المزيد من الثقة للرياضيات القطريات لكي يعطين أكثر ويبرزن على النطاق العالمي.

من ستشجعين في المونديال وإلى أي مباراة تتوقين؟

سأشجع منتخب بلدي قطر، ولكني أحب أن أتابع كل المباريات من دون تحيز لأحد، وآمل أن يقضي كل من سيزورنا في الفترة المقبلة أفضل الأوقات في الاستمتاع بهذه المنافسة الرائعة التي تلقى اهتمام العالم بأكمله.

ما هي مشاريعك وطموحاتك وتمنياتك لنساء بلدك في المرحلة المقبلة؟

للأسف أعاني حالياً من إصابة في عظمة الساق منعتني من المشاركة في عدة ماراتونات عالمية، ولكني في مرحلة التأهيل وأسعى لمشاريع كثيرة في العام المقبل 2023. أسعى لتقوية فريق Run The World ودعم شاباته لكي يحققن طموحاتهن الرياضية. 

اقرئي المزيد: ياسمين غانم: أنقل أجواء المونديال عبر وسائل التواصل فمسؤوليتنا كرياضيات تتجلى بإبراز الحدث بأبهى صوره

 
شارك