بطلة الراليات السعودية مها الحملي: هدفي أن ألهم الشابات معاني الشجاعة والإصرار

كان قرار السماح للمرأة السعودية بالقيادة، بمثابة الباب الذي فتح عيني مها الحملي على مجال لم تكن تتخيل في يوم من الأيام أن تخوضه وتحقق نجاحات محلية ودولية به، وهو مجال سباقات السرعة أو الرالي، فبعد أن عملت لسنوات في قطاعات مختلفة ومن بينها تصميم الأزياء، وجدت نفسها تعشق عالم السيارات ولاسيما الرالي، لتبدأ رحلتها قبل 4 سنوات وتصير من الساعيات بكل جهد لتمكين المرأة السعودية في المجالات الرياضية ولا سيما هذا المجال الحيوي والجديد على الشابات.

تغيرت حياتك جذرياً خلال سنوات قليلة، هل توقعت هذه النقلة وأن تصيري حديث العالم من خلال رياضة رالي السيارات؟

أنا امرأة ذات طموح عالي، أبحث دائماً عن تحسين جودة حياتي، ولكن لم أتخيل أبداً أن يكون التغيير الذي سأشهده متعلقاً بمجال السيارات، ولكن حين أعود بالذاكرة أرى أني لم أخف يوماً من السرعة الزائدة، وكان الأشخاص الذين يقودون السيارة بي، يستغربون من جرأتي وقوتي إذ أني لا أشتكي من سرعتهم، بل العكس أرحب بأن يزيدوا السرعة طالما أنهم ماهرون بالقيادة، كنت أتوجس من القيادة المتهورة في المناطق المرتفعة، ولكن لم أتخيل يوماً أني سأكون خلف المقود، وقد كان بإمكاني قبل سنوات تعلم القيادة خارج المملكة ولكني لم أحب التجربة لأني كنت أعرف أني لن أتمكن من ممارسة هذا النشاط في بلدي. حين صدر قرار السماح للمرأة بالقيادة وبدأت بالتعلم، شعرت بأني أدخل في عالم جميل جداً، ممتع ورائع وليس فقط وسيلة للتنقل، صرت أختار أن أسافر لمسافات بعيدة في السيارة، حتى في المناطق الصحراوية الوعرة، وفي أول فرصة قررت المشاركة في سباق رالي، وأردت اختبار نفسي: هل سأستمر في هذا المجال أم لا؟ خاصة أن رياضة الراليات مختلفة تماماً عن كل السباقات، فالسباقات العادية تكون على حلبات معروفة ولمدة دقائق فقط، أما مجال الرالي فهو مليء بالمفاجآت والتحديات والصعوبات، فالمسار متغير حيث نستلم الخريطة أثناء السباق، فندخل من دون معرفة ما سنواجه من تضاريس ومسارات داخل الصحراء، كل هذا يشكل خطورة أحياناً ما يبعد الشابات بشكل كبير عن هذه الرياضة ويجعلها ذكورية بالدرجة الأولى. إلا أني بعد السباق الأول قررت الاستمرار لأني أحببت التحديات والإثارة الموجودة فيه.

هل شعرت أنك تأخرت في الانطلاق في هذا المجال، أم على العكس لأنك اليوم تملكين النصوج الكافي لمعرفة كيفية اختيار الخطوات الصحيحة لمستقبلك؟

لا أندم على شيء أبداً فأنا شخصية تحب التطور وأسعى لاستغلال كل الفرص المتاحة أمامي لاكتشاف نفسي، لا أنظر للماضي أو للخلف أبداً، بالتأكيد يوجد الكثير من الصفات والسمات الشخصية الموجودة لديّ، والتي كونتها على مدى السنوات، والتي أهلتني للنجاح في رياضة الرالي. اليوم وأنا بهذا النضوج أسعى لتشجيع ودعم وتمكين الشابات الأصغر سناً أو اللواتي من عمري، فحين يرون تجربتي وكيفية تغلبي على التحديات، سيزيد إصرارهن على النجاح، وسأكون بمثابة قدوة لهن للبدء أيضاً من الصفر.

ما هي الاستعدادات الجسدية والنفسية الضرورية قبل كل سباق؟

أمر بمرحلة توتر كبيرة قبل السباق، بداية أحتاج للذهاب إلى الصحراء لكي أتعلم القيادة في بيئة شبيهة لبيئة السباق الجديد، وهذا الأمر يأخذ ساعات بل أياماً طويلة، عليّ أيضاً أن أمارس الرياضة بإنتظام واليوغا وتمارين التنفس، لكي أسيطر على القلق الذي يمكن أن يصيبني واستعد للضغط الذي سأعيشه في يوم السباق، فيجب أن تكون قراراتي داخل المسار صائبة، ويكون تركيزي تاماً. عادة ما أذهب قبل يومين إلى المدينة التي سيحصل فيها السباق لكي أتعرف على المكان وأرتاح في التواجد فيه وأكتشف المزيد عن المسار، فأكون مستعدة ذهنياً وجسدياً ونفسياً للحدث.

كيف غيرت المشاركة في سباقات والمنافسات في شخصيتك؟

كنت أعمل في بيئة تنافسية منذ بداية حياتي المهنية، حيث عملت في مجال المبيعات والقيادة، لطالما ركزت على تحسين مهاراتي، ولم أسعى أبداً لمنافسة أحد، بل أردت التفوق على نفسي فقط، لم أجري مقارنات، بل كنت أستلهم من قصص نجاح غيري لأستفيد وأتعلم من خبراتهم. حين نكون في الحلبة نتنافس بطريقة راقية وجميلة من دون أي أحاسيس سلبية تنتج عن المنافسة، وفي نهاية كل سباق أقيّم نفسي وأحرص أن يكون أدائي اليوم أفضل مما كان عليه في الأمس، هذا ما يعنيني ويهمني لكي أتطور.

كيف تطورين أداءك في الحلبات لتضمني التواجد ضمن المراكز الأولى؟

أطور نفسي بثلاثة طرق، رقم واحد الرياضة، فهي أساسية لتقوية الجسم كي يتحمل الظروف الصعبة التي نمر بها خلال السباق، فنحن نمضي 8 إلى 9 ساعات متواصلة في الصحراء، لذا نحتاج إلى جسد قوي يتحمل التعب. رقم اثنين: التدرب في المدينة التي سيجري فيها السباق فهي تعطي المزيد من الثقة وتخولني اكتشاف التقنيات الضرورية للنجاح في هذا المسار دون غيره، رقم ثلاثة: أشاهد فيديوهات لمتبارين ماهرين ومحترفين لأرى كيف يتجاوزون المنعطفات الصعبة.

هل ينتابك شعور الخوف ولا سيما أنك والدة ولديك مسؤوليات تجاه أطفالك وهم أيضاً ربما يشعرون بالخوف عليك؟

اكتشفت في السنوات الثلاث الماضية أني امرأة شجاعة، هذه الصفة كانت موجودة فيّ ولكنها اليوم أكثر وضوحاً، هذا لا يعني أني لا أخاف ولا أفكر بأولادي، فأنا أخاف أن يحصل لي شيء فيتأثروا هم سلباً، ولكني آخذ القوة منهم لأني أعرف أن تخطي التحديات الصعبة سيجعلهم فخورين بي. برأيي السائق الجيد ليس فقط القادر على القيادة بسرعة عالية، بل من يملك القدرة على قراءة المخاطر، ويتعلم التكنيك بطريقة جيدة تخلصه من الخطورة، هذا ما صرت أعرفه اليوم مع ازدياد خبرتي، حيث أحمي نفسي من الخطر. سبق لي أن تعرضت لحادث خلال السباق وانقلبت سيارتي أكثر من مرة، ولكني لم أشعر بأي صدمة بل قررت الاستمرار في السباق بعد أن عرفت أني بخير وسيارتي قادرة على الاستمرارـ حينها فعلاً اكتشفت أني لا أخاف بل أواجه الخطر بكل شجاعة ورغبة بالاستمرار.

هل تشجعين أولادك أو الجيل الجديد على الهوايات الصعبة في حال رغبوا بتجربتها؟

بالتأكيد أشجع كل طفل أو مراهق على اكتشاف ما يحب، حتى أني آخذ ابني معي خلال التدريبات لكي يرى عن قرب كيف أقود، وأحياناً أسرع لكي يرى مهاراتي ويشعر بالمتعة التي لديّ ولا يخاف عليّ حين أكون في السباقات، فهو في السابق كان يطلب مني أن أنتبه إلى نفسي قبل كل سباق، أما اليوم حين اختبر أحاسيسي، فبات يشجعني على التفوق ويحمسني للفوز بالمراكز الأولى.

ما هي أكثر اللحظات التي أحببتها في فترة تواجدك تحت الضوء؟

أكثر ما يعنيلي حقيقة هو أن أكون على قدر المسؤولية التي أعطيت لي كوني كنت رائدة في مجال رالي السيدات في المملكة، أرغب أن أمثل نفسي وبلدي بطريقة مثالية، وأكون قدوة لكل الشابات او الشباب الذين يقصدونني لطلب نصيحة أو مساعدة، بكل صراحة تحفيز غيري وتشجيعهم هو أكثر ما يسعدني وأعتبره غايتي الأولى من التواجد في هذا المجال، فهم يرغبون بالمساعدة التي رغبت بها أنا قبل سنوات ولم أحصل عليها، لذا أكون دائماً متواجدة عبر وسائل التواصل، للرد على أي شخص يطلب مساعدتي.

من خلال رالي جميل أيضاً، وهو رالي نسائي يحصل مرة واحدة في السنة في السعودية ويضم نساء من كل العالم، يتسنى لي أن أمارس دور الداعم والمتواجد إلى جانب كل شابة تشعر بالخوف من السباق، أو بالإحباط ربما من النتيجة.. تقديم هذا الدعم يسعدني جداً لأني أعرف أني أحدث تغييراً في نفوس وقلوب شابات يحتجن إلى تواجدي.

أخبرينا المزيد عن تعاونك مع وكالة PR Arabia التي ستوفر لك الدعم الإعلامي اللازم لكي تتفرغي لمسيرتك في السباقات؟

أنا بحاجة إلى جهة إعلامية ذات خبرة تساعدني في نشر الأخبار المهمة حول هذه الرياضة، لذا أتمنى أن يكون هذا التعاون مثمراً لخدمة كل شخص يحب هذه الهواية، وتكون الشراكة مثمرة لنا معاً.

ما هي مشاريعك للفترة المقبلة؟

أتجهز لرالي داكار في بداية سنة 2024 وهو الحدث الأكبر في عالم سباقات السيارات، يتجاوز عدد أيامه 15 يوم متصل داخل السباق، مع تضاريس مختلفة، ننتقل من مدينة إلى أخرى. أتوقع أن يكون الحدث حماسي جداً وأتشوق له كثيراً، كما سأشارك نهاية العام في رالي القصيم في جدة، مع العلم أني متصدرة فيها لغاية الآن في المركز الأول، وأتمنى أن أنهي البطولة بالحصول على المركز الأول أيضاً، وسأخوض أيضاً راليات خارج السعودية، حيث سأتواجد في الأردن وبعدها في دبي، أتمنى فعلاً النجاح في هذه السباقات وتحقيق نتائج مميزة تضاف إلى رصيدي.

اقرئي المزيد: أريام الكعبي: وصولي إلى أي قمة لا يتم إلا بنجاح مشاريعي في الوصول للفئات الشابة التي أستهدفها

 
العلامات: رائدات أعمال
شارك