آمنة بني هاشم: بيني وبين الخيل سنفونية جميلة نصنعها نحن فقط
لم تنشأ الشابة الماراتية آمنة بني هاشم في كنف أسرة محبة للخيل ولم تلق الدعم من محيطها لكي تمارس هواية أحبتها منذ سنوات، ببساطة اتبعت شغفها الذي بدأ إثر صدفة بحتة، فتعرفت على الخيول وأحبتها ورغبت بأن تكون فارسة، وبالإصرار والتفاني كان لها ما أرادت، لتصير اليوم من أهم الأسماء النسائية في مجال الفروسية وقفز الحواجز في بلدها، ولتطمح بالأولمبياد والمسابقات الدولية.
لطالما ارتبط الخيل والفروسية بنا نحن العرب، فهل لثقافتنا التي تقدر هذا المخلوق الأصيل دور في جعلك تحبينه؟ وكيف بدأ شغفك بهذا المجال؟
أنا من قبيلة بني هاشم حيث الخيول جزء من تراثنا وثقافتنا وفخرنا. تعد الخيول جزءًا كبيرًا من الثقافة العربية ويتم تقديرها والاعتزاز بها والاحتفاء بها في المنطقة بسبب تاريخنا الطويل وعلاقاتنا مع هذه المخلوقات الجميلة والوفية.
ما ألهمني لممارسة قفز الحواجز هو الخيول نفسها، فقد خطفت العلاقة الأزلية بين الإنسان والحصان قلبي منذ زمن طويل، على الرغم من ذلك فقد جاء حبي للخيول والقفز الاستعراضي من العدم حيث لم يكن هناك أحد في عائلتي متعلق بهذه الهواية، بل ما أذكره فقط هو أني عندما كنت فتاة صغيرة، ركبت على ظهر الخيل وعشت سعادة عارمة في تجربة هذا الشعور بالحرية والانطلاق والراحة. بمجرد أن قررت البدء في ركوب الخيل، كانت مدربتي الأولى ملهمتي، حيث كانت تعشق ما تقوم به وتمارسه بتفان وحب وقد انتقل إليّ إحساسها ولا يزال يرافقني حتى اليوم.
لم نعتد رؤية شابة إماراتية تكرس وقتها وجهدها لتصير فارسة، فكيف تشجعت لتخطي هذه الخطوة. ما هي الصعوبات التي تغلبت عليها؟
إنها رياضة صعبة من دون شك، تتطلب قدرًا كبيرًا من التفاني والعمل الجاد والتصميم والإرادة، وهذا برأيي هو الحال إذا أردنا النجاح والتميز في أي مجال، فالالتزام مطلوب تماماً كالإصرار وعدم الاستسلام السريع. أعتقد أنه يتم التقليل من شأن المرأة في هذه الرياضة، كما هو الحال مع العديد من النشاطات الأخرى التي كانت لوقت طويل حكراً على الرجل، ولا يزال هناك العديد من العقبات التي يتعين علينا التغلب عليها، وأعتبر أن هذه مهمة شخصية بالنسبة لي، فأنا أريد أن أكون مثالاً تحتذي به للنساء في جميع أنحاء العالم، لأظهر لهن أنه من خلال عقلية منتجة، وعمل دؤوب، والتزام، يمكنهن تحقيق أي حلم، بغض النظر عما يقوله الناس.
صفي لنا علاقتك بحصانك، إلى أي مدى يعد الانسجام بين الخيال والحصان أمر أساسي لتحقيق الانتصارات على الحلبات؟
خيولي هم أصدقائي وعائلتي. أقضي الوقت معهم وأعرف شخصياتهم وما يحلو لهم وما يكرهون. من المهم جدًا بناء هذا النوع من الثقة بين الحصان والإنسان. في النهاية فإن هذا ما يحدث الفرق الكبير في الحلبة... عندما يثق الحصان بالفارس تمامًا سيقاتل من أجله في الحلبة، إنها سيمفونية جميلة قائمة بين اثنان فقط، وأنا شديدة الفخر أن أكون واحدة من هذين الطرفين.
قلت سابقاً أنك وقعت أكثر من مرة عن ظهر الجواد وتأذيت، من أين امتلكت الشجاعة للبدء من جديد ولإكمال طريقك؟
إنه الحب فأنا أحبهم وبالتالي سأعود إليهم دائمًا، ولن أقف أمام أي عقبة تواجهني.
هل كان التدريب متاحاً بسهولة أمامك وما هي المعوقات التي واجهتها في هذا الموضوع؟
لا لم يكن سهلاً أو متاحاً، بل واجهت العديد من التحديات الثقافية في البداية. عندما بدأت ، كان من غير المألوف أن تشارك النساء في هذه الرياضة، أما اليوم فالنساء بتن محظوظات للغاية، لأن الانفتاح بات أكبر والفرص المتاحة لهن أهم. واجهت تحديات ومعارضات عائلية ومجتمعية حيث كان الجميع ضد ممارستي لهذه الهواية، وتطلب الأمر الكثير من المخاطرة والشجاعة للقيام بذلك علانية، ولكني اليوم سعيدة جدأ لأنني فعلت.
ما هو أكثر إنجاز تفخرين به وحلم تسعين لتحقيقه؟
كانت أكثر اللحظات التي أفتخر بها هي الفوز ببطولة الإمارات. ومع ذلك ، فإن حافزي الحقيقي في هذه الرياضة هو حبي للخيول وإلهام الآخرين ليكونوا أيًا كان وما يريدون أن يكونوا، طالما أنهم يتركون أثراً إيجابياً على المجتمع وعلى أنفسهم. أما هدفي المستقبلي فهو أن أتواجد بشكل أكبر في الساحة الدولية.
كيف ترين دعم الإمارات للنساء الرياضيات، وما هي رسالتك إلى الشابات اللواتي يعشقن الخيول ولكنهن يخشين من رفض المجتمع والأسرة؟
بذلت دولة الإمارات العربية المتحدة جهودًا كبيرة لتعزيز المساواة بين الجنسين في مختلف المجالات، فالدعم موجود للجميع وقادتنا مثال على الخلاص في خدمة الشعب.
أما رسالتي للشابة، فأقول: ثقي بنفسك وبرؤيتك، فهذا هو المفتاح بالنسبة لك للاستمرار عندما تصبح الأمور صعبة. أي امرأة لديها فرصة للوصول إلى مستويات كبيرة إذا عملت بجد وكان لديها الدافع والتصميم. الأهم من ذلك أن تفعل شيئًا تحبه، وتعمل بجد لإتقانه ولا تستسلم أبدًا.
ركزت على الهواية التي أحببتها منذ الصغر وابتعدت عن مجال دراستك الذي اجتهدت سنوات طويلة للحصول على شهادة فيه، فما الذي تعنيه لك الهندسة اليوم وكيف استفدت منها في تكوين شخصيتك؟
عندما كنت طفلة كنت دائمًا مفتونة بالعلوم، ولهذا اخترت دراسة الهندسة. حالياً خلال ساعات النهار أعمل في وظيفة بدوام كامل في الصناعة الهندسية، ولكني أترك بعض الوقت لهوايتي المفضلة، فقد صرت قادرة على إدارة وقتي بشكل كبير.. أتأكد من الاستيقاظ قبل الساعة الخامسة صباحًا لركوب الخيول قبل الذهاب إلى العمل وفي عطلات نهاية الأسبوع أتنافس في جميع أنواع مسابقات قفز الحواجز.
ما هو شعورك كونك المرأة الوحيدة في معرض فاطمة بن مبارك الدولي لقفز الحواجز هذا العام؟
تشتهر كأس أكاديمية فاطمة بنت مبارك الدولية لقفز الحواجز بجمع المتسابقات الإناث من جميع أنحاء العالم للتنافس على اللقب المرموق وتعتبر "منصة تجمع بين أمهر راكبي الخيول على المستوى الدولي مع السماح للمواهب الإماراتية بالاستفادة من خبراتهم". في هذه المسابقة، حصلت على المركز الرابع والسادس، وتنافست مع بعض أفضل الفرسان حول العالم.
ما هي طموحاتك ومشاريعك المستقبلية، وهل يمكن أن تشمل افتتاح مدرسة تعليم الفروسية للفتيات؟
أحب أن يكون لدي يومًا ما مرفقاً مهنياً تعليمياً خاص بالفروسية لإعطاء فرص للفتيات لم تتح لي مطلقًا، فحلمي هو افتتاح منصة تعليمية حول الفروسية لجميع الأشخاص لتحسين تجربة ركوبهم الخيل، وتحسين رفاهية الخيول.
اقرئي المزيد: أحلام العجارمة: الفروسية شغفي والإعلام الاجتماعي غايتي المقبلة