عبلة أحمد: إذا لم يكن حلمكِ مخيفاً فهو لا يستحق أن يسمّى حلماً
تجعلنا الأحلام نحقق ما نشاء في الخيال، ولكن تكمن القوة الحقيقية في امتلاك الإصرار للنهوض يومياً مع قرار الاستمرار بالسعي لتحقيق أكثر أحلامنا صعوبةً، فما يبدو مستحيلاً سينقلب واقعاً حين تكون الإرادة هي السلاح الذي لا نتخلى عنه، وسط كل ما تضعه الحياة في الطريق من عراقيل. وفيما يلي، نعرّفكِ على 4 شابات عربيات من مجالات مختلفة، استطعن عيش أحلامهنّ الكبيرة في سن صغيرة. فماذا يقلن عن تحقيق الأحلام؟
من فتاة صغيرة تحب الباليه بسبب تأثّرها بوالدتها، إلى امرأة شابة عرفت المجال الذي يثير شغفها الحقيقي وهو الجمباز، حلمت عبلة أحمد بتأسيس أكاديمية لتعليمه للشابات الصغيرات كي ينلن فرصاً أكبر من تلك التي أتيحت لها، وحققت هذا الحلم فكانت Soul Gymnastics ومركزها دبي، والتي يتجلى أحد أهم أهدافها بنقل ثقافة الحركة والرياضة إلى الجيل الجديد من الفتيات، فتعرّفي على عبلة أحمد، وحسابها على إنستغرام الذي تشارك فيه نشاطاتها هو ablaahmed@، واكتشفي المزيد عن تحقيقها لحلمها.
كيف عرفتِ أنّ المجال الرياضي وتحديداً الجمباز هو ما ترغبين أن تنطلقي من خلاله لتحقيق أحلامكِ المهنية؟
بدايتي مع الرياضة كانت من خلال رقص الباليه، الذي لطالما شكّل جزءاً مهماً من حياتي في طفولتي ومراهقتي والسبب في ذلك هو أنّ والدتي كانت ضليعة في هذا المجال في مدينتنا الإسكندرية، وهي حاصلة على شهادة PHD، كما أنّ جميع أفراد عائلتي ملمون بمختلف الفنون، وهم شجعوني ولا سيما أمي على تعلم الباليه ومن بعده الجمباز الإيقاعي لأنّ مجال العمل والتطوّر فيه أكبر، ففيه بطولات أكثر، وفرصة للظهور على مستوى عالمي. هكذا زُرع فيّ حلم الوصول إلى بطولة العالم. بدأت بتعلّم تقنيات الجمباز وصرت عضواً في منتخب مصر، وفزت ببطولات كثيرة في بلدي وتحديداً ببطولات الجمهورية، وشاركت في بطولات أفريقيا، وتأهلت لبطولة العالم وحققت حلمي الأول كلاعبة.
كيف تحوّلت من لاعبة إلى مدرّبة لتصلي إلى افتتاح أكاديمية لتعليم الجمباز الإيقاعي؟
بعد أن شاركت ببطولة العالم، تغيّر منحى أفكاري وأردت المزيد من هذه الرياضة، فأخذت أول دورة للتحكيم، وصرت أصغر محكّمة جمباز في مصر، وظننت أنني أريد أن أظلّ في هذا المجال فهو يسمح لي بالاستفادة من خبرتي الكبيرة التي اكتسبتها كلاعبة، وبالتواجد في أكثر مجال أحببته وبرعت فيه، ولكن بعد عدة سنوات، احتجت إلى تحقيق المزيد، ففكرت بمجال التدريب، لكي أساعد فتيات صغيرات في العاشرة وأكثر بقليل، أن تكون طريقهنّ ممهدة أكثر من طريقي ليتطوروا بشكل أسرع ويصلوا إلى أهم البطولات، فأنا لم تكن طريقي سهلة أبداً ولم أجد أي دعم، بل إنّ كل ما كان يحرّكني هو حبي وشغفي لهذه الرياضة المحببة لي، ففكرت بافتتاح أكاديمية، ولأنني انتقلت إلى دبي بسبب زواجي، فقد تهيأت لي الظروف لكي تكون الانطلاقة منها.
ألم يخشى أهلكِ من فكرة تركيزكِ الكامل على المجال الرياضي من دون أن يكون لديكِ مجال آخر تستندين عليه في حال لم تحققي النجاح والاستمرارية في تعليم الجمباز؟
لم أهمل دراستي على الإطلاق طوال رحلتي في المجال الرياضي التي بدأتها قبل سن العاشرة وهي مستمرة حتى اليوم أي بعد مرور نحو 20 سنة، فوالدتي التي كانت من أكبر الداعمين لي، كانت تحثني أيضاً على الدرس والنجاح في التخصص الذي اخترته، وهو إدارة الأعمال والتسويق، فاستطعت على الدوام التوفيق بين المجالين، وقد عملت في مجال اختصاصي ولكنني لم أستطع الاستمرار كثيراً، لأنّه كان يوجد دائماً ما يشدّني نحو الرياضة وتحديداً الجمباز. أذكر جيداً أنني كنت أداوم في الجامعة وبعدها أذهب إلى التمرين كما كنت أتدرّب في شركة تسويق، ولم أكن أجد الكثير من الوقت لنفسي، وحينها فكرت جدياً بمستقبلي وقررت أنني سأتفرّغ خلال وقت قريب للرياضة.
لماذا اخترتِ الجمباز تحديداً وما الذي أضافته هذه الرياضة إلى حياتك؟
لطالما أحببت الحركة والرياضة وعرفت بفوائدها على النواحي الصحية والنفسية خلال تقدمي في السن، فأي نوع رياضي نحبه يجب أن يدخل في صلب نمط حياتنا، لأنّه سيغيّر شخصيتنا نحو الأفضل، وسيجعلنا أكثر إصراراً وقوة واعتماداً على النفس، وسيضاعف طاقتنا الجسدية ويبعد عنّا الأفكار السلبية. أحاول زرع حب الرياضة لدى الشابات اللواتي يقصدنني في الأكاديمية، فأنا أعرف جيداً أنهنّ صغيرات وربما سيرغبن بالجلوس أمام شاشة الهاتف، أو بحضور حفل ما بدلاً من المجيء إلى الأكاديمية لتعلّم حركات إيقاعية، ولكنني أسعى بكل جهدي إلى خلق جو من المرح والبهجة كي أجذبهنّ نحو الحركة والنشاط، وأجعلهنّ يدركن منذ سن صغيرة مدى جمال الجمباز، وأهمية الإلتزام والتفاني في التدرّب، فهذه الصفات سترافقهم في مستقبلهم التعليمي والمهني، حتى لو لم يستمررن في الرياضة، وأنا بشكل عام أريد بناء مجتمع خاص بنا يقوم على اعتماد الرياضة ونمط الحياة الصحية للشابات منذ سن صغيرة، فنحن صرنا بمثابة العائلة التي تقضي أوقاتاً طويلة معاً، مليئة بالذكريات اللطيفة والإنجازات المهمة، واللحظات السعيدة.
هل يملك الأهل في مجتمعاتنا العربية اليوم الوعي اللازم بأهمية الرياضة في حياة بناتهنّ؟
بالتأكيد يملكون الوعي اللازم، وهذا الأمر زاد كثيراً خلال السنوات العشر الأخيرة، مع ازدياد نسب السمنة بين المراهقين والأطفال. وتضاعف الوعي من ناحية ثانية بأهمية اعتماد نمط الحياة الصحية، وقوامه الغذاء السليم والرياضة، لذا بات الأهل يحثون أولادهم بشكل أكبر نحو مختلف أنواع الرياضات، فالجمباز هو رياضة بالدرجة الأولى، وليس فقط مجموعة رقصات أو حركات، والمواظبة عليه ستعكس الكثير من الصفات الحسنة، منها الانضباط والرشاقة واكتساب المهارات الحركية. وصحيحٌ أنّ الجمباز يحتاج إلى الموهبة والليونة بالدرجة الأولى، ولكن المثابرة والرغبة بالتعلّم والتركيز الكبير سيزيد من المرونة واللياقة لدى الفتيات القويات والراغبات بالتعلّم.
ما هي الفعاليات التي تخوضها الفتيات ضمن أكاديمية Soul Gymnastics؟
نشارك في العديد من المسابقات بين أكاديميات أخرى، كما نخوض بطولات مع فرق من مختلف دول العالم، وهذا الأمر يزيد من تحفيز الشابات على التدرب بشكل أكبر لكي يحققن نتائج أكبر.
بعد أن حققتِ حلمكِ الأكبر بافتتاح الأكاديمية، ما الذي تحلمين به للمستقبل؟
صحيحٌ أنّ الأكاديمية كانت حلمي الذي سعيت بكل جهدي لتحقيقه، فالأمر لم يكن سهلاً أبداً لأنني أردت البدء بشكل يناسب كل إنجازاتي السابقة، ويضعني بقوة على الخريطة الرياضية في الإمارة التي تزخر بكل أنواع النشاطات، لذا تعلّمت الكثير من الأمور، منها الإداري والتقني والفني، وأشرفت على جميع المراحل، ولم أرغب في المساعدة أو بأن يكون لي شركاء، فهذا الحلم لي بمفري وأردت أن أراه كما تخيلته بالضبط... واليوم، وبعد سنوات من العمل المتواصل، أحصد نتاج تعبي وأستمتع بكل لحظة أعيشها، وأركّز مستقبلاً على توسيع الأكاديمية، نحو مصر ربما أو إمارات أخرى أو دول عربية أبعد، بالإضافة إلى زيادة مشاركاتنا في مسابقات وبطولات محلية ودولية.
ما هي رسالتكِ لكل شابة كي تشجعينها على عدم الاستسلام قبل تحقيق أحلامها؟
أقول لها: لا تستمعي للآراء السلبية ولا تتراجعي أمام العبارات المحبطة التي ستخبركِ أنكِ غير قادرة، قومي بالخطوة الأولى واتبعي إحساسكِ وحدسكِ، ولا تيأسي من أول فشل، بل ثابري على خطواتكِ المتصاعدة، وسترين كيف سيتحول كل ما حلمتِ به إلى حقيقة... فليكن حلمكِ كبيراً جداً ومخيفاً جداً، فإن لم يكن كذلك فهو لا يستحق أن يسمّى حلماً.. وليكن حديثكِ مع نفسكِ على الدوام بأنكِ قادرة على تحقيقه، بهذه الطريقة ستقومين بكلّ ما يلزم في سبيل ذلك.
اقرئي المزيد: دانا حوراني:" آمني بحلمكِ والنجاح سيكون حليفكِ"