شيرين رفيع: مصدر قوتكِ يجب أن يأتي من داخلكِ لكي تحققي استقراركِ واستقلالكِ
في هذه الحياة، يمكن لتحوّل بسيط في الظروف حولنا أن ينقلنا إلى عالم آخر لم نكن لنفكر أننا قادرات على النجاح فيه، وهذا ما حصل مع شيرين رفيع التي اكتشفت حبها الكبير لعالم السيارات بعد السماح للمرأة بالقيادة في المملكة، ولكن لم تكتفِ بالنجاح في هذا المجال، بل استمرت في شغفها القديم بتصميم الأزياء وقررت تعزيز حضورها عبر وسائل التواصل الاجتماعي ولاسيما إنستغرام من خلال صفحتها shereen.rafie لتكون بوصلة لكثير من الشابات الباحثات عن الإلهام، فتشارك معارفها وتجاربها وطاقتها الإيجابية والمليئة بالحماس مع متابعيها.
متى اكتشفتِ حب المغامرة لديكِ وعرفتِ أنّكِ ستكونين مختلفة عن الكثيرات من بنات جيلكِ في المملكة؟
لطالما كنت أمارس نشاطات لم تكن شابات غيري يتجرأن على القيام بها، فقد كنت سبّاقة في تجربة كل جديد، طالما لا أخالف الذوق العام أو القيم الأساسية في حياتنا. وقد حوربت كثيراً بسبب فكري المختلف ولكن بعد التغييرات في المملكة، اختلفت الأمور وصرت بمثابة الموجِّهة للشابات نحو ما يمكن أن يثري حياتهنّ ويوجهها نحو الأفضل.
وحين تم السماح للمرأة بالقيادة، بدأت أكتشف الحب الكبير لكل ما يتعلق بالسيارات، فشاركت في أول سباق نسائي في المملكة حيث كنّا حولى 30 شابة وفزت بالمركز الأول. حينها، وتحديداً قبل ست سنوات تقريباً، حصلت على شهرة كبيرة وتسلطت الأضواء علي، وبعدها شاركت أيضاً في سباق سرعة بين جدة والرياض، وفزت بالصدارة، وبهذه الطريقة دخلت عالم السباقات، ولا زلت مستمرة فيه حتى اليوم، إلى جانب تواجدي في مجال تصميم الأزياء.
هل تشعرين بثقل مسؤولية أن تكوني «الأولى» أو السبّاقة في مجال ما؟ في مجالات عملَت فيها ربما النساء قبل سنوات خارج المملكة، ولكنّها جديدة علي نساء بلدكِ؟
بسبب التغييرات السريعة الحاصلة ولا سيما في مجال تمكين المرأة، فإنّنا نسمع كل يوم عن شابة أولى، كأول قائدة طائرة، أو أول امرأة تطبخ بشكل مباشر، أو أول شابة في اتّحاد كرة القدم وغيرها، لذا بالنسبة لي لم تعنني كثيراً الألقاب التي حصلت عليها، فما يهمني فعلاً هو التأثير الذي أحدثه. ولعلّ سفري الكثير في السنوات السابقة، وعيشي لأوقات طويلة خارج المملكة ساعد في سرعة تقبّلي وتأقلمي مع التغيير، فواكبته بشكل أسرع ربما. واليوم بات من الطبيعي أن تكون المرأة ناجحة ومتواجدة في كل المجالات، فنحن قادرات أن نبرز مهنياً بالإضافة إلى دورنا في المنزل، بينما في السابق كانت كل شابة ترغب بالتغيير تقابَل بأسوأ الاتّهامات من أقرب الناس إلى أبعدهم عنها، وقد واجهتُ هذا الهجوم للأسف، ولكنني اليوم أحظى بدعم مملكتي وكل من فيها، وهذا الأمر يشجعني لتقديم المزيد.
هل ترصدين تغييراً فعلياً في العقليات وتقبلاً حقيقياً للحرية المعطاة للمرأة حالياً؟
للأسف، عشنا 40 سنة أنتجت جيلاً أو جيلين من النساء اللواتي واجهن الـ»لا» في كل شيء: سماع الأغاني، العمل المختلط، طلاء الأظافر... فمن أكبر الأمور إلى أصغرها كانت ممنوعة، وبالتالي فإنّ التغيير صعب على النساء والرجال معاً، ولكن يجب أن نبدأ من مكان ما، وهنا يأتي دوري، فأنا أسعى لمساعدة الشابات اللواتي لا يزلن عالقات في الماضي أو فلنقل يراوحن أماكنهنّ لعدم قدرتهنّ على التأقلم مع كل ما حصل ويحصل، لأحثهنّ من خلال تواجدي على وسائل التواصل، على الخروج ورؤية العالم واكتشاف الفرص المتاحة، من ممارسة الرياضة إلى اكتشاف أماكن التسلية أو المطاعم أو حتى الفنادق والمنتجعات.
هذا يعني أنّ وسائل التواصل تلعب دوراً كبيراً في حياتكِ، لأنّها وسيلتكِ لنشر التوعية وتشجيع من حولكِ على التأقلم مع عالمه، أخبرينا كيف تختارين محتواك؟
أختار المحتوى المفيد والذي يهم النساء والرجال والعائلات أيضاً. لا أنشر أي طاقة سلبية، فلكلٍ منّا مشاكله التي تكفيه، وما نريده من العالم الافتراضي هو فسحة راحة وبعض الإفادة، فأحثّ مثلاً على الالتزام الديني والصلاة، ولكن بأسلوب الترغيب، كما أشارك سفراتي وأقدّم نبذة عن الأماكن التي أزورها، وأعطي بعض النصائح حول أمور تعليمية أو رياضية أو ترفيهية، مستفيدةً من شبكة العلاقات العامة الكبيرة التي كوّنتها على مدى سنوات، فأتواصل مع متابعيني وأرد عليهم في التعليقات أو برسائل على الخاص، وأساعدهم قدر استطاعتي. كما أسعى إلى تقديم صورة عصريّة ولائقة عن المرأة السعودية، فبالدرجة الأولى هي صورة حقيقية عنّي، لأنني أنا كما ترونني لا أمثّل أو أقلّد أو أقدّم صورة مثالية مزيفة عن الحياة، فما يجب أن ندركه هو أنّ لا أحد مثالي، ولكلٍ منّا طلعاته ونزلاته، ولكننا نسعى أن نكون إيجابيين ونعكس إيجابيتنا على من حولنا.
هل تواجدكِ في أكثر من مجال، أي تصميم الأزياء وقيادة السيارات والمشاركة في سباقات وصناعة المحتوى، أفقدكِ تركيزكِ أم على العكس ساعدكِ في اكتشاف ذاتكِ ومكامن قوتكِ؟
أحياناً أشعر أنني مشتتة لذا أحاول تحديد مسار واحد لأركّز عليه، ولكن الحياة تعود وتأخذني في اتجاهات مختلفة. فأنا اليوم مصممة أزياء وصانعة محتوى فاعلة في مجال العلاقات العامة وناشطة في مجال السيارات ومسؤولة عن فريق قيادة دبابات للشابات، وأحب كل ما أقوم به وأمارسه بشغف وحماس، وسأستمر بتوسيع نشاطاتي طالما أشعر بالسعادة وأنّ هناك من يستفيد من خبراتي.
ما هي القيم التي تحبين نقلها للشابات السعوديات اللواتي واجهن هذه الفجوة الثقافية التي حصلت مؤخراً؟
انتقلنا بشكل سريع إلى عالم جديد مليء بالمغريات، لذا أطلب من الشابات المحافظة على صورة إيجابية عن الذات، صورة تشبهنا وتحاكي عاداتنا، والالتزام بالحشمة ولا سيما إذا كنّ قبليات، ولا سيما حين يتعلق الأمر بتواجدهن على السوشيل ميديا. أقول لهنّ: إن امتلكتنّ موهبة حقيقية، ثابرن على المحتوى الجاد والهادف، ولا تتوجهن نحو الشهرة السريعة لأنّ ثمنها كبير، وزوالها سيكون سريع أيضاً. لا تظننّ أنّ الطرحة تعني الحشمة فقط، بل حافظن على صورة راقية لأنفسكنّ، وانتقين الكلام الذي يناسب اسم أسرتكنّ وبلدكنّ. كنّ قدوة ولا ترضين بعرض محتوى سيشعركنّ بالخزي بعد سنوات. نحتاج إلى توعية حقيقية للشابات والشبان بعمر المراهقة، فهناك حالة ضياع كبيرة، لذا فإنّ التوجيه المناسب ضروري لأنّ الأهل لوحدهم للأسف غير قادرين على فهم كل التغييرات السريعة الحاصلة.
نراك بعيدة عن تصميم الأزياء، فهل تخططين لعودة قريبة وهل ترين تغييرات إيجابية في هذا المجال داخل المملكة؟
درست تصميم الأزياء وعملت في هذا المجال منذ تخرجي، وكنت أملك بوتيك خاص بي، وتقصدني السيدات السعوديات والعرائس للحصول على تصاميمي، ولكن بسبب ظروف شخصية ابتعدت، ولم تساعدني الأحوال في المملكة لكي أعود سريعاً، حيث لا نرى تنظيم لعروض أزياء مثلاً أو ورش عمل أو دورات، لذا فضلت التركيز على قطاع السيارات، ولكني اليوم أسعى للعودة فأنا لم أنسى أبداً شغفي الأول، خاصة أني أملك بصمة خاصة وموهبة كبيرة وأفكار جديدة، حالياً يوجد رعاية واحتضان لكل مصممي الأزياء السعوديين من قبل وزارة الثقافة وهيئة الأزياء. في المقابل فإن النجاح في هذا المجال صعب لكن سأحاول تقديم الأزياء الراقية بأسعار مقبولة، إذ أرغب بأن أرى المزيد من النساء المتألقات بأزياءهن من دون الاضطرار لدفع مبالغ ضخمة، كما أسعى لتشغيل يد عاملة سعودية والاستفادة من شبابنا والمساعدة نوعاً ما في التخفيف من نسب البطالة العالية.
هل ستركزين في الفترة المقبلة على الموضة أو السيارات أو محتواك على وسائل التواصل؟
كما قلت، لديّ مشروع ورؤية خاصة أسعى لتحقيقها في مجال الموضة، وسأزيد تواجدي في قطاع السيارات لأنّه حيوي كثيراً كما أنّه يستهويني بشكل كبير، وأركز أيضاً على عائلتي فهي تأخذ من وقتي وطاقتي الكثير من الوقت، وهي مصدر قوتي ورغبتي الدائمة بالتقدّم، فحين أكون ناجحة وفاعلة ومؤثرة في مجتمعي، سينعكس هذا إيجاباً على نفسيتي وسيكون مصدر فخر لأولادي وزوجي. وهنا فأنا أقدم نصيحة لكل الشابات، وهي أن يكنّ مستقلات مادياً ويحققن طموحاتهنّ الخاصة، لأنّ القوة تأتي من داخلهنّ. وصحيح أنّ الزوج يساعد في تمكينكِ وكذلك الأب وأحياناً الأصدقاء والأقارب، ولكن مصدر قوتكِ يجب أن يكون داخلياً لكي تحققي استقراركِ واستقلالكِ.
اقرئي المزيد: رهام أبو شعاله: اليوغا والكتابة ساعداني في اكتشاف ذاتي وخولاني أن أكون أقوى