رهام أبو شعاله: اليوغا والكتابة ساعداني في اكتشاف ذاتي وخولاني أن أكون أقوى
«حياتنا، هي الأساس... نفسنا تستحق كل الشكر على كل شيء تحمّلته من مختلف أنواع الأحداث التي واجهتها، وكل شيء تخطته، وكل شيء ستتمكن من تخطّيه في المستقبل». بهذه الكلمات تتوجه الشابة السعودية رهام أبو شعاله للآخر، في رسالة قوّة وتمكين من خلال صفحتها عبر إنستغرام: itsreham.a@، فكيف تمكّنت هذه الكاتبة ومدرّبة اليوغا في سن صغيرة من امتلاك هذا العمق في التفكير وما هي أساليبها في المحافظة على قوّتها وكيف تسعى لمساعدة غيرها في رحلتهم لاكتشاف الذات؟
كيف بدأت رحلتكِ في اكتشاف الذات لمعرفة نقاط ضعفكِ وقوتكِ؟
بدأت من عمر صغير، ولكن أعتقد بأنّ وعيي لذاتي ازداد حين بدأت بالعمل والتعامل مع أشخاص خارج دائرة الراحة الخاصة بي، أي غير عائلتي وأصدقائي. وأعطقد أنّه لأننا مخلوقات اجتماعية، نحن نتطوّر حين نتعامل مع الآخرين، فبدون الاحتكاك بالمجتمع العريض وخوض التجارب المختلفة لن يحصل التطور المطلوب في شخصيتنا.
ما الذي جذبكِ إلى اليوغا، وهل واجهتِ صعوبات مجتمعية في تقبّل دخولكِ إلى هذا العالم؟
كانت صدفة بحتة! رأيت إعلان لليوغا في النادي وكان اسم الصف في ذلك الحين «stretching». وحين دخلت وجرّبت أول حصة تحركت ثقتي بنفسي، وقررت أن أستمر لأتمكّن أكثر من الممارسة وأجيدها كي أثبت لنفسي أنني قادرة على الفوز بأي تحدٍ أدخله. وبعد فترة من ممارستي لليوغا توضّحت لي جوانب أخرى لها، وتقريباً أدمنت شعور الراحة الجسدية والنفسية الذي ينتج من بعد التمارين، وهذا الإحساس ساعدني لكي أتواصل مع نفسي أكثر، فصرت أجلس في صمت بكل سهولة، وأتواجه مع نفسي بكل هدوء بعد أن كان القيام بهذا الأمر مستغرباً أو بعيداً عن تفكيري في السابق.
لم أواجه صعوبات مجتمعية أبداً، فقط شكوك وتساؤلات حول قراري المصيري بتغيير توجهي من حياة العمل في شركات لكي أصبح مستقلّة بعملي وأبدأ في مجال جديد ومختلف.
كيف تغيّرت شخصيتكِ بعد اكتشاف ذاتكِ؟
الوعي الذاتي يساعد على معرفة الصفات اللتي أحتاج أن أحسّنها أو أطورها أو أغيّرها، فشخصيتي تغيّرت بالطريقة اللتي أنا وجّهت نفسي بها. أعتقد الآن أنني أصبحت أكثر وعياً بهذه الصفات وبإمكاني الإقرار بجميع خصالي، سواء كانت صفات جميلة أو أخرى قابلة للتحسين. وطبعاً هذا التغيير أخذ الكثير من السنوات وهو مستمر يوماً بعد يوم.
كيف يمكن لكل شابة أن تبدأ رحلتها الخاصة؟
كبداية، رحلة الوعي الذاتي لها جانبين، الأول هو طرح سؤال مهم: أين أريد أن أصل في تحقيق الذات، وهنا سنواجه تحديات وصعوبات وتطور داخلي وخارجي عظيم. والسؤال الثاني هو: ما هي الأنماط أو الأحداث التي تتكرر في حياتي وهي تضايقني وأحتاج إلى أن أغيرها، وهنا نستطيع بناء حدود لأنفسنا وتقبّل جميع الصفات التي لا نفتخر بإظهارها أمام الناس، لنبدأ رحلة تغيير السلوكيات، والدائرة الأقرب لنا هي التي يمكن أن تفيدنا وتساعدنا في هذه الناحية.
لماذا قرّرتِ مشاركة معرفتكِ في مجال اليوغا مع الجمهور؟
حين دخلت في هذا المجال، ولأنني أدركت أهميته وتأثيره عليّ، نشأت في داخلي مسؤولية لنشر هذا العلم بالطريقة الصحيحة حتى يستفيد منه أكبر عدد ممكن من الأشخاص. أردت أن أشرح بأفضل طريقة وبدقة متناهية وبالتفصيل، لكي أساعد من حولي على التطور في كلّ ما يحتاج إلى تطويره. ومن جهة ثانية، إن الجمهور هم أفضل معلّمين في العالم، فأحياناً يطرحون عليّ أسئلة تفتح عيوني على إجابات جديدة ومختلفة لم أفكر بها سابقاً، إذاً هي رحلة تعلّم متبادل.
كيف ترين تقبّل النساء لممارسة اليوغا ولجعلها جزء من حياتهنّ؟
أرى قبولاً كبيراً وواسعاً من السيدات في السعودية، وخاصةً أنّ اليوغا يساعد على الاسترخاء والهدوء والنوم العميق. وبما أنّ الحياة الآن تتطلب الكثير من الإنتاج والتركيز والحركة السريعة، فأسهل قرار يمكن أن تأخذه المرأة بعد تجربتها لليوغا هو أن تختاره ليكون جزءاً من الروتين الخاص بها.
حدّثينا عن استديو Koshas الذي أسّستهِ وعن الهدف منه؟
Koshas هو استوديو يوغا، وباللغة السانسكريتية Koshas تعني الطبقات الخمس لجسد الإنسان وهي: طبقة الجسد المادي، طبقة الجسد الأثيري، طبقة الأفكار والمشاعر، طبقة الحكمة، طبقة الجسد الروحي.
والفكرة هنا هي أننا نلامس هذه الطبقات الخمس المحيطة بالجسد قدر المستطاع من خلال جلسات اليوغا وجلسات تأمل مختلفة وورش كتابية للتفريغ المشاعري والفكري.
ما الذي يعنيه لكِ تفريغ أحاسيسكِ وأفكاركِ من خلال الكتابة؟
دفتري هو من يطبطب عليّ ويناقشني ويشجّعني، ويفهمني نقاط قوّتي وضعفي، ويعلّمني الكثير عن خبايا عقلي التي أسعى لاكتشافها. تفريغ الأفكار والمشاعر يجعلني أهدأ وأعتبره فلترة للأفكار والمشاعر لصياغتها بشكل أفضل سواء لنفسي أو للأشخاص من حولي. ومن وجهة نظري، فإن هذا التفريغ كان الداعم الأكبر لرحلة التطور والوعي الذاتي التي خضتها.
ما هي المواضيع التي تمسّكِ وتتطرقين إليها في كتاباتكِ؟
كتاباتي هي عبارة عن خليط من أحداث في حياتي الشخصية وحياتي الاجتماعية، مع الكثير من نظرتي الفلسفية الخاصة بي وحدي. أحب التطرق أيضاً إلى التحديات اليومية، أو لجُمل يعاد تكرارها في المجتمع، أو حتى لحديث الطاولة المجاورة لي خلال احتسائي القهوة في مكاني المفضل.
كيف ترين الانفتاح الحاصل اليوم في المملكة؟
أعيد تعريفه بأنّه تطوّر وقيادة مذهلة توجّهنا من نجاح إلى نجاح، وأرى أنّه خطوة قوية وناجحة وإيجابية،لأنّ شبابنا الآن لم يعد هناك حدود تقف في وجه أحلامه، وكأنّ كلمة المستحيل لم يعد لها تعريف في قاموس المملكة.
هل ترين نفسكِ شابة قوية؟ من أين تستمدين قوّتكِ؟
نعم! أرى أنني شابة قوية جداً. أستمد قوتي من أقرب إنسانة لي وهي أمي التي قامت بتحمّل مسؤولياتنا أنا وأختي بمفردها. ورغم جميع الصعاب المجتمعية حينها، إلّا أنّها أكملت دراستها الجامعية، وبدأت من أبسط وظيفة حتى وصلت لرئاسة قسم في أكبر شركات المملكة. أنا فخورة جداً بها، وأشكر الله على هذه الهدية العظيمة.
ما هي مشاريعكِ في الفترة المقبلة؟
حالياِ أعمل على تحويل Koshas من استوديو صغير لليوغا إلى صورة أكثر تطوّراً. أقوم أيضاً بكتابة الصفحات الأولى من كتابي الذي أريد نشره في السنوات القادمة. غير ذلك، أبقى منفتحة لجميع الفرص والأفكار العظيمة التي يضعها الله في طريقي. أنا مستعدة للتلقي وكلي رغبة بالمزيد من المعرفة والتطور.
بعد فترة من ممارستي لليوغا، توضّحت لي جوانب أخرى لها، وتقريباً أدمنت شعور الراحة الجسدية والنفسية الذي ينتج من بعد التمارين.
اقرئي المزيد: غادة شيري: أطمح أن أكون صوت الفن السعودي الجديد