أماني أسيبي في مقابلة حصرية عن كسر معايير الجمال وتعزيز الثقة بالنفس

يضع المجتمع من حولنا في كثير من الأحيان، إن لم نقل دائماً، معايير محدّدة تلزمنا باتّباعها. لكن، من قال إنّه لا يمكن تخطّي هذه المعايير؟ من أكّد أنّها صحيحة وملائمة للجميع؟ من حدّد معايير الجمال ومعايير مقاسات الجسم؟ فالأهم هو أن نكون على «حقيقتنا» وألّا نفقد ثقتنا بأنفسنا وسماتنا الطبيعية سعياً وراء تلبية المعايير. ولذلك، أجرينا هذه المقابلة المميزّة مع أماني أسيبي، الشابة التونسية المعروفة كأول عارضة أزياء ذات وزن زائد من منطقة الشرق الأوسط.

1. لا شكّ في أنّكِ مصدر إلهام كبير للكثيرات من الشابات والنساء في عالمنا العربي. عرّفينا أوّلاً من هي أماني أسيبي.

قد أعرّف عن نفسي بأنّني قيادية وقدوة يُحتذى بها، وكأنّني الشقيقة الكبرى لجميع الفتيات والشابات العربيات أو الكتف الذي قد يحتجن إلى الاتكاء عليه عند الشعور بعدم الأمان أو بثقة قليلة بالنفس أو بنظرة سلبية تجاه الجسم أو حتّى عند التعرّض للتنمّر. وبالتالي، أحاول أن أقدّم المساعدة قدر المستطاع لمواجهة أي مشكلة تؤثّر على الصحة النفسية للفتيات والنساء. وقد أقول شيئاً غريباً نوعاً ما، لكنّني أنا أيضاً أحتاج إلى «أماني أسيبي» في بعض الفترات من حياتي، المرأة القوية التي لا تخشى المواجهة.

2. أنتِ أوّل عارضة أزياء ممتلئة وصلت إلى أسابيع الموضة العالمية. كيف دخلتِ هذا المجال؟ وما هي التحديات التي واجهتها في البداية؟

أعيش في دبي منذ العام 2003، وقد واجهت تنمراً شديداً في المدرسة لأنّني لم أشبه الفتيات الأخريات لا من حيث الجسم أو لون البشرة. وفي ذلك العمر، لم أكن قوية كما أنا اليوم. وبما أنّني أحببت الموضة، أردت دخول هذا المجال إنّما أيضاً تغيير العالم، وكانت الطريقة الوحيدة للقيام بذلك كسر أبرز صورة نمطية على الإطلاق، صورة عارضة الأزياء. وقد لاحظت حتّى أنّ المنطقة العربية خرّجت عدداً كبيراً من الفنانات والممثّلات والمخرجات والمؤثرات، إنّما ليس من العارضات اللواتي يمثّلن فعلاً عالمنا. وهكذا، أردت تمثيل النساء الممتلئات اللواتي يحقّ لهنّ ارتداء ما يحلو لهنّ بدون ضغوطات المجتمع أو أحكامه. وكان الأمر صعباً للغاية في البداية، حيث واجهت معارضة شديدة.

3. ما كانت أصعب مرحلة في حياتكِ، وماذا تعلّمتِ منها؟

كانت طفولتي المرحلة الأصعب في حياتي، لكنّني أعتقد أنّ الحياة صعبة بشكل عام وأنّ كل سنة ترافقنا صعوبات وتحديات جديدة. لكن بالنسبة إلى طفولتي، فقد افتقرت إلى القوة وكنت معرّضة أكثر للانكسار. وبالإضافة إلى ضغوطات المجتمع واختلافي عن الجميع من حيث الشكل والتفكير، اضطررت إلى التعامل مع مرض والدتي في سنّ صغيرة أيضاً. لكن، لا بدّ لي أن أقول إنّني ممتنة لكل ما مررت به، لأنّني وصلت إلى ما أنا عليه بفضل ذلك، المرأة القوية والمستقلّة والمتفهّمة التي تحسن التعامل مع الآخرين وتهتمّ بحمايتهم.

4. ما كانت نقطة التحوّل في حياتكِ؟ ومتى قرّرتِ التحرّر من كلام الناس وعدم التفكير بما يقوله الآخرين؟

كانت نقطة التحوّل في حياتي في سنّ الـ17 عاماً، في مرحلة تخرّجي من المدرسة الثانوية وأيضاً تعاملي مع مرض السرطان الذي أصاب والدتي. فحينها، اكتسبت الحكمة والاستقلالية والقوة وأدركت أنّني لا أهتمّ قط بالآخرين وبما يقولونه. فتماماً كما نأتي إلى العالم بمفردنا ونغادره بمفردنا، حياتنا تعنينا نحن فقط ولا أحد سوانا. وبالتالي، لا يحقّ لأحد أن يوجّه لنا الأوامر حول ما يجب القيام به. لن نستطيع يوماً إسعاد الجميع، ولذلك يبقى سلامنا الداخلي هو الأهم. وفي الحالات جميعها، تشكّل الانتقادات جزءاً من النجاح.

5. ما الرسالة التي توجّهينها إلى النساء والفتيات اللواتي يعانين من التنمّر بسبب وزنهنّ الزائد؟ وما هي النصائح التي تقدّمينها لهنّ لتقبّل ذواتهنّ؟

لأي فتات تتعرّض للتنمّر في المدرسة أو لأي امرأة تواجه التنمرّ في عملها، عليها أن تعلم أنّ المتنمّر يواجه أيضاً التنمرّ بدوره من مصدر آخر أو يعاني من مشكلة داخلية أو شخصية، فيوجّه بالتالي غضبه نحو فرد آخر. ولذلك، من الضروري أن تحمي نفسكِ وألا تتأثّري بالتنمرّ بل تتأكّدي أنّ المتنمّر أمامكِ يحتاج إلى مساعدة وإلى أن يعالج نفسه.

6. ما الذي ساعدكِ على امتلاك هذه الثقة الكبيرة بنفسك؟ وهل تشعرين أحياناً بنوع من الضعف؟ وكيف تتخطّينه؟

لم يكن أمامي خيار آخر! ففي أصعب مرحلة من حياتي، اكتشفت أنّني لا أستطيع التمسّك سوى بنفسي. وهكذا، لأخرج من الدوامة السوداء التي كنت فيها، تعلّمت أن أحبّ نفسي وأحترمها وأقدّرها. وبما أنّني لم أمتلك الإمكانيات المادية للحصول على علاج متخصّص، حرصت على قراءة الكثير من الكتب ومشاهدة مقاطع تثقيفية لأتعلّم شفاء جرحي. وقد استغرقني كل ذلك سنوات طويلة. فالثقة بالنفس لا نكتسبها بين ليلة وضحاها، بل تحتاج رحلة طويلة نكتشف فيها جوانب جديدة من شخصيتنا ومخاوفنا ونقاط ضعفنا، إلى حين نصبح أقوى وأقوى بمرور الوقت. ولا شكّ في أنّني أشعر بالضعف من وقت إلى آخر، فأحاول تقبّل الواقع وأجد الحلول على الفور. 

اقرئي أيضاً: عبير سندر تكشف كيف تحرّرت من الانتقادات وفرضت تأثيرها في المجتمع

 
العلامات: نساء ملهمات
شارك