من الأزهار إلى العطور في حقول Chanel
في عالم العطور، يرمز عطر N°5 الأيقوني من Chanel إلى النصر. فقد تم ابتكار هذا العطر في جنوب فرنسا عام 1921، وأقنع العالم بتميّزه بفضل تركيبته الشهيرة التي ارتكزت فقط على مواد خام ممتازة، ومن بينها أحد مكوناته الرئيسة ألا وهي الأزهار المزروعة في مدينة Grasse.
إنه مكان عزيز تحوّل إلى منشأ لصناعة العطور الفرنسية، فقد استقطبت مدينة Grasse العطّارين من جميع أنحاء العالم وكانت موطناً لعائلة Mul، وهي عائلة من المزارعين الذين أصبحوا الآن جزءاً حيوياً في رحلة Chanel العطرية. وفي العام 1987 وقعت Chanel اتفاقية شراكة غير مسبوقة مع عائلة Mul، سمحت لهم بتأمين الكمية اللازمة من الأزهار العالية الجودة لصنع عطورها، مع المساعدة في الوقت نفسه في الحفاظ على إنتاج النباتات العطرية في Grasse.
وكشف Olivier Polge، رابع صانع للعطور لدى دار Chanel: “إن والدي، الذي كان يُعتبر “أنف” الدار قبل قدومي، هو من أتى بفكرة العمل مع عائلة Mul، في وقت لم تكن فيه فكرة الحفاظ على الارتباط الوثيق بالأزهار ولا حماية الأرض ولا دعم الزراعة المسؤولة أمراً رائجاً على الإطلاق. لم يكن أحد يفعل ذلك”.
وكنا نزرع الأزهار في البيت الزراعي Chanel Bastide،
حيث تزرع الدار حقول الورد والياسمين ومسك الروم لعطورها المميزة، وكنا محظوظين بالسفر إلى Grasse للمشاركة في حصاد وردة مايو، الزهرة الرائعة التي ترسّخ الرائحة المميزة لدى الدار.
ولدى وصولنا، كنا نرى مناظر لا مثيل لها لحقول الأزهار الطويلة التي كانت تعطّر الرياح بغنى أريج ورود سنتيفوليا centifolia roses. بخلفية مليئة بالمناظر الطبيعية الخلابة من المساحات الخضراء المورقة والجبال المهيبة. والتقينا بربّ العائلة Joseph Mul
وصهره Fabrice Bianchi اللذين أخذونا في نزهة بين الحقول واصفين تاريخ شراكتهم مع Chanel، وتنوّع الورد، وكيف يعمل الحصادة بانتظام وينتقلون من شجيرة إلى أخرى لقطف الورود المتفتّحة بالكامل. ومع امتداد موسم الحصاد لثلاثة أسابيع فقط، يجب جمع ما يكفي من الورود لعام واحد، فيقطف كل حصّاد حوالى 5 كيلوغرامات من الأزهار في الساعة (1 كلغ من الورود يوازي نحو 350 زهرة).
لقد تعلمنا كيفية قطف الورود بطريقة تقليدية ووضعها في أثواب القطاف التي كنا نلبسها أثناء عبورنا في أنحاء المقاطعة الخلابة. ثم نضع الورود في أكياس الخيش، ويتم نقلها إلى منشأة تقع بجوار حقول الأزهار التابعة لعائلة Mul. وهناك شهدنا على عملية قياس وزن الأزهار المقطوفة ومعالجتها وصبها في صوانٍ مكدّسة وتقليبها ورفع درجة حرارتها بحيث يُمتص مسيّل المكونات العطرية للأزهار. وتُطبّق هذه العملية في نفس يوم قطف الورود لضمان نضارتها.
فتحولت مستخلصات الورد إلى شمع عطري، يُعرف أيضاً باسم الخرسانة concrete، بحيث يتم تحويلها إلى سائل مطلق، وهو السائل المستخدم في تركيب مستخلص عطر N°5 من Chanel. ويتطلب ما يقارب 400 كلغ من الورود لإنتاج 1 كلغ من الخرسانة.
وهنا يأتي Polge حيث يمزج الخرسانة بالكحول عدة مرات في خلاطات قبل إتقان المستويات التي تدخل في الرائحة المميزة.
إنه لأمر رائع أن نشهد على عملية تحوّل الأزهار إلى عطر. فالمهارة والجهود والمعرفة الفائقة لدى عائلة Mul تؤخذ بعين الاعتبار لدى سكبها في كل زجاجة من عطر Chanel N°5 الأيقوني.
اقرئي أيضاً: Chanel تدخل عالم الجمال النظيف