الاستدامة في العطور من استخراج المواد إلى الزجاجة النهائية

على الرغم من أنّ الاستدامة أصبحت محط اهتمام عالمياً، لا سيّما في السنوات الأخيرة مع كل التغيّرات الحاصلة، لم يتم حتّى الآن تحديد تعريف رسمي لما هو "العطر المستدام". وبما أنّ صناعة الجمال وحدها تنتج حوالى 021 مليار عبوة أو وحدة تعبئة سنوياً، أصبح من الضروري التفكير في جوانب الاستدامة المختلفة. وفي تقريرنا الموجز هذا، سنركّز تحديداً على معاني الاستدامة في عالم العطور.

 

 

 

الاستدامة ليست صيحة أو اتّجاه مؤقت

لا تُعتبر «العطور المستدامة» صيحة أو اتّجاهاً مؤقتاً قد ينتهي وهجه بعد فترة وجيزة. فالعلامات التجارية في عالم العطور تبذل جهوداً كبيرة للتحوّل نحو الاستدامة والالتزام بمبادئها، سواء عند استخراج المواد أو التصنيع أو التعبئة والتغليف.

الاستدامة في استخراج المواد

يبدأ الالتزام بالاستدامة من مرحلة استخراج المواد وجمعها لتحضير التوليفات العطرية. ففي هذا الإطار، تحرص العلامات التجارية على اختيار المواد المستدامة أي المواد التي تترك أقل أثر بيئي ممكن أثناء إنتاجها ونقلها. ويتم التركيز أيضاً في هذه المرحلة على دعم تنمية المجتمعات المحلية وحماية البيئة قدر الإمكان. وتشير إحدى التقارير التي اطّلعنا عليها إلى أنّ شركات العطور تقوم بتطوير تكنولوجيات جديدة من شأنها استخراج الزيوت العطرية وابتكار بدائل صناعية أكثر أماناً ونظافة. فعلى سبيل المثال، Gaudivan هي واحدة من الشركات التي تطوّر مصادر مستدامة وغير خطرة للحصول على مكوّنات طبيعية.

الاستدامة في التصنيع

تطال الاستدامة أيضاً مرحلة تصنيع العطور، بحيث يجب أن تكون العلامات التجارية واعية بشأن الكمية التي يتم إنتاجها من كل إصدار، باعتبار أنّ الإنتاج المحدود يقلّل الأثر المحتمل على البيئة. فتماماً كما يُعتبر حصد المكوّنات أو استخراجها المستدام مهماً، من الضروري أن تفكّر العلامات في ممارسات صديقة للبيئة أثناء تصنيع منتجاتها، مثل الحفاظ على التنوّع البيئي أي حماية المواد الخام والمنظومات البيئية في موقع العمل، والتفكير في البيئة أثناء مختلف الأنشطة التصنيعية مثل الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، والحصول على مستلزمات التصنيع بشكل مستدام كما وتحمّل المسؤولية المجتمعية مثل تعزيز التنوّع وتحسين شروط العمل للعاملين ودعم المجتمعات. فعلى سبيل المثال، يشكّل عطر Lancôme Idôle جزءاً من برنامج Solidarity Sourcing الهادف إلى إحداث تغيير اجتماعي وبيئي. فبتلات الورد التركي المستخدمة في العطر تُقطف يدوياً، مع دعم العلامة للصناعة العائلية للحفاظ على ممارسات زراعية وظروف عمل أفضل.

الاستدامة في التعبئة والتغليف

نصل هنا إلى المرحلة الأهمّ، المرحلة التي تستطيع فيها العلامات التجارية تطبيق الاستدامة إلى أقصى الحدود. فعمليات التعبئة والتغليف تتطلّب استخدام كميات كبيرة من المواد المختلفة، مثل البلاستيك والزجاج والورق والكرتون والألومنيوم وغيرها... نبدأ أولاً من اختيار مواد مُعاد تدويرها لتقليل استنفاذ الموارد كما مواد قابلة لإعادة التدوير للحد من النفايات التي يمكن أن تلوّث البيئة. ومن المعلومات المثيرة للاهتمام التي قرأتها في هذا الإطار، يجب إخراج المغناطيس من غطاء زجاجة العطر حتى تكون قابلة لإعادة التدوير. ولذلك، تسعى بعض العلامات التجارية إلى إلغاء المغناطيس، إذ يقلّل هذا التفصيل الصغير الضرر على البيئة. ومن الممارسات المستدامة التي يمكن أيضاً التحدّث عنها، تقديم زجاجات عطرية قابلة لإعادة التعبئة، وهي خطوة تشرك المستهلكين والعملاء أيضاً في تحمّل المسؤولية البيئية. ونذكر بعض العطور القابلة لإعادة التعبئة على سبيل المثال، Sì Eau de Parfum Intense من Giorgio Armani وعطر Devotion Eau de Parfum من Dolce & Gabbana وغيرهما.

لم يعد تجاهل أثر صناعة الجمال أمراً مقبولاً في أيامنا هذه، ويجب بالفعل الانتباه إلى تعزيز الاستدامة أثناء ابتكار العطور، بدءاً من استخراج المواد وصولاً إلى التعبئة والتغليف. فالقطاع يدفع عجلة التغيير البيئي الإيجابي، ودورنا كمستهلكين وعملاء ضروري أيضاً. 

اقرئي أيضاً: الاستدامة في عالم الجمال: ما هي مبادئها؟

 
شارك