هل يكون الذكاء الاصطناعي بوصلة عالم الجمال نحو المستقبل؟

عالم الجمال اليوم ليس كما كان عليه أمس، وأمس لم يكن كما كان في اليوم السابق، وغداً سيكون أيضاً مختلفاً تماماً. فمع كل يوم يمضي، يواصل العالم تقدّمه في مختلف المجالات. وقد لاحظنا خلال السنوات الأخيرة سيطرة كبيرة لتقنيات الذكاء الاصطناعي التي أصبحت شائعة ومستخدمة على نطاق واسع ولأغراض كثيرة. ولا شكّ في أنّ العلامات التجارية استطاعت أن تسخّر إمكانات هذه التقنيات وتستفيد منها لتحقيق المزيد من الابتكار والوصول إلى شريحة أكبر من العملاء وتلبية المتطلبات المتغيّرة للمستهلكين العصريين.

كعميلة أو مستهلكة في عالم اليوم، تختبرين الكثير من التجارب الشخصية المدعومة بالذكاء الاصطناعي. فالتقنيات هذه استطاعت أن تحدث ثورةً في عالم الجمال بدءاً من التوصيات الفردية المقدّمة للعميلات وصولاً إلى المرايا الذكية والقادرة على تحليل البشرة ومشكلاتها. وفي هذا التقرير، سنكتشف اليوم أبرز استخدامات الذكاء الاصطناعي والتقنيات في القطاع الجمالي ودوره في الارتقاء بعمل العلامات التجارية وتجارب العملاء.

 

بداية الذكاء الاصطناعي في عالم الجمال

بحسب Lisa Lee، ، نائبة الرئيس في شركة Perfect Corp الرائدة في هذا المجال: "بدأت ماركات الجمال بدمج التعلّم الآلي (Machine Learning) في أعمالها في منتصف العقد 2010، حيث بدأت الشركات الرائدة مثل Perfect Corp بإدخال تجربة المنتجات الافتراضية المدعومة بالواقع المعزّز في العام 2015. وقد شكّل ذلك تحوّلاً كبيراً في القطاع، حيث أصبح بإمكان العملاء رؤية منتجات التجميل على وجوههم قبل شرائها. ومنذ ذلك الحين، بدأ الذكاء الاصطناعي ينمو ويتطوّر في مجال التجميل، حتّى بات يُستخدم حالياً في أكثر من جانب في تجربة التسوّق، سواء توصيات علاجات البشرة أو ألوان الشعر أو منتجات الجمال بناءً على تحليلات الميزات الفريدة لكل مستخدم... وبالنسبة إلى الشرق الأوسط على وجه الخصوص، فيشهد الذكاء الاصطناعي نمواً كبيراً في قطاع التجميل".

تجربة المنتجات افتراضياً أو Virtual Try-Ons

كانت تجربة العميل في الماضي تعتمد فقط على زيارة المتجر وشراء المنتجات اللازمة. لكن، بعد جائحة كورونا، أصبح التسوّق عبر الإنترنت نشاطاً اعتيادياً نمارسه للحصول على ما نريده. في البدء، كانت الخطوة هذه جديدة على العلامات التجارية لا سيّما أنّ عدداً كبيراً منّا لم يكن مستعداً بالكامل للانتقال إلى البيئة الرقمية، حتّى أنّ البعض منها لم تملك أي موقع إلكتروني يسمح بهذه التجربة الافتراضية. لكن، بمرور الوقت، سعت العلامات إلى البحث عن طرق تعزّز تجربة التسوّق الإلكتروني، ومن هنا برزت تجربة المنتجات افتراضياً. فبفضل الذكاء الاصطناعي وتحديداً تقنية الواقع المعزّز (أو Augmented Reality)، أي من خلال فتح الكاميرا الأمامية لهواتفها عبر موقع التسوّق، يمكن لأي منّا رؤية النتيجة النهائية التي تحصل عليها من أي منتج مكياج بدون أن تضطرّ إلى فتح العلبة أو حتّى زيارة المتجر. ومن مزايا هذه التجربة الافتراضية، منع انتقال العدوى بين العميلات اللواتي كنّ يجرّبن المنتجات نفسها في المتجر، وإمكانية تجربة التدرّجات والألوان بدون حدود، وسرعة تجربة المنتجات بدون الحاجة إلى تنظيف السحنة أو أي منطقة من الوجه بين منتج وآخر.

وبعد عودة الحياة إلى مجراها الطبيعي بعد كورونا، سعت بعض العلامات التجارية إلى نقل التجربة الافتراضية إلى مساحات متاجرها. فعلى سبيل المثال، قدّمت M.A.C المرآة الذكية التي تمكّن العميلات من تجربة منتجات أحمر الشفاه والآيشادو افتراضياً. كذلك، ابتكرت L’Oréal تطبيق Style My Hair الذي يسمح بتجربة مجموعة كبيرة من ألوان الصبغات وستايلات التسريحات، وحتّى متاجر سيفورا كشفت عن أداة Virtual Artist لتجربة آلاف المنتجات المتاحة لديها. وفي هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أنّه من المتوقّع أن يبلغ سوق الواقع المعزّز في قطاع الجمال 4 مليارات دولار أمريكي بحلول العام 2025.

 

تحسين عمليات ابتكار المنتجات وتطويرها

لا شكّ في أنّ الذكاء الاصطناعي هو قوة دافعة في عالم الجمال، إذ تعتمد عليه العلامات التجارية وتستفيد من إمكاناته لتحسين المنتجات التي تبتكرها. فمن جهة أولى، تساعد التقنية الماركات في جمع ملاحظات العملاء وتعليقاتهم وفي إجراء العديد من الاستبيانات والمراجعات، ما يمكّنها من فهم تفضيلاتهم والاتجاهات السائدة واكتشاف المكوّنات أو مجموعة المكوّنات الأكثر طلباً. ونتيجة لذلك، تستطيع العلامات ابتكار منتجات تلقى رواجاً لدى العملاء وترضي أذواقهم.

بالإضافة إلى ذلك، يُعرف الذكاء الاصطناعي التوليدي (Generative AI) بقدرته على طرح أفكار جديدة بالكامل ويُعتبر أداة واعدة للابتكار. فهذا النوع من الأنظمة يقترح على العلامات أفكاراً جديدة للمكوّنات والتركيبات وحتّى تصاميم التعبئة وغيرها.

تعزيز الالتزام بالاستدامة والحفاظ على البيئة

يؤدي الذكاء الاصطناعي دوراً في تعزيز التزام الماركات بالاستدامة والحفاظ على البيئة. فأدوات التحليل المدعومة بالذكاء الاصطناعي تستطيع جمع البيانات عبر سلسلة التوريد وتحليلها من أجل تحديد أوجه عدم الكفاءة والهدر. وبالتالي، يمكن للعلامات التجارية إدخال التحسينات اللازمة على إجراءات التخزين والنقل واستخدام الموارد وغيرها. وفي هذا السياق، أشارت Lisa Lee: "تساعد حلول الجمال القائمة على الذكاء الاصطناعي في تقليل الهدر والنفايات بفضل استبدال تجربة المنتجات الفعلية في المتاجر بالتجربة الافتراضية، بالإضافة إلى تعزيز رضا العملاء لأنّهم يرون النتيجة التي سيحصلون عليها قبل شراء أي منتج. وبالتالي، ينخفض معدل التعبئة والشحن المرتبط بإرجاع المنتجات، فيصبح القطاع بشكل عام أكثر صديقاً للبيئة".

 

أنظمة ذكية لتقديم توصيات شخصية

لو كنت من محبات الجمال وتحديداً العناية بالبشرة، لاحظت طبعاً التقدّم الذي وصلت إليه العيادات والمراكز التجميلية. ففي إطار التجربة الشخصية التي يعزّزها الذكاء الاصطناعي، تم ابتكار أنظمة ذكية تساعد الخبراء على تحليل البشرة وخصائصها بدءاً من اللون والنوع والمشكلات التي تعاني منها. فمن خلال مسح البشرة والتدقيق في تفاصيلها، تتحوّل التحليلات إلى تشخيصات فردية ومن بعدها إلى توصيات مخصّصة لكل حالة. وهكذا، يمكن للاختصاصيين تحقيق نتائج أفضل لعملائهم. وبفضل البيانات التي يحتفظ بها النظام، يصبح لكل عميل أو عميلة ملف خاص تتجمّع فيه المعلومات مع الوقت لمتابعة الاحتياجات والتفضيلات. وفي هذا السياق، أشار لنا خبراء العيادة الشهيرة SHA Wellness Clinic: "نستفيد بأنفسنا من الذكاء الاصطناعي لتحسين نتائج الصحة والعافية لعملائنا. فمن خلال دمج التقنية مع خبراتنا الاحترافية، نصمّم خططاً صحية شخصية بدءاً من الروتين الرياضي وصولاً إلى النظام الغذائي. ويسمح لنا ذلك لتعظيم الأثر الإيجابي لبرامجنا وتقليل أي آثار جانبية محتملة. فالذكاء الاصطناعي يساعد في التشخيص الدقيق وتحسين سلامة التدخّلات وتسريع العلاجات وتسهيل الاكتشاف المبكر لأي مشكلات وبالتالي تعزيز كفاءة الرعاية".

 

الاعتبارات الأخلاقية

فيما يسمح الذكاء الاصطناعي للعلامات التجارية بالاستفادة من البيانات الشخصية للعملاء لتحليلها وتحسين عملياتها بناءً عليها، من الضروري أن تنتبه الماركات إلى حماية خصوصية العملاء والمستهلكين وسلامتهم. كذلك، تُعتبر كل من السرية والشفافية أساسية لضمان استخدام التقنيات بشكل أخلاقي ومسؤول.

حقائق وأرقام

الذكاء الاصطناعي والعطور

الذكاء الاصطناعي ليس شائعاً في صناعة العطور، غير أنّه يملك إمكانات كبيرة وسيصل إلى مرحلة يتوقّع فيها التركيبات بناءً على أذواق كل عميل وستايله وغيرها من العوامل الهامة التي تساعد في التوصّل إلى التركيبة الأمثل.

+130%

نسبة زيادة الحركة على مواقع الويب الخاصة بالعلامات التجارية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي​​​​​​​

+320%

نسبة الزيادة في اكتساب العملاء للماركات التي تستفيد من إمكانات الذكاء الاصطناعي

+120%

نسبة الزيادة في رغبة العملاء في الشراء من الماركات المعتمدة على حلول مدعومة بتقنيات الذكاء الاصطناعي

مستقبل الذكاء الاصطناعي

تتوصّل التقنيات إلى مرحلة تصبح فيها قادرة على التوصية بنظام جمالي كامل بناءً على تاريخ شراء العميل والمواقع التي يتصفّحها والتطبيقات التي يستخدمها، بدلاً من التوصية بمنتج واحد فقط.

اقرئي أيضاً: هيا تتحقّق كيف يشكّل المكياج أداة للتجميل والتعبير عن الحرية

 
شارك