هل تُعتبر الجراحات التجميلية أداة لتمكين المرأة؟

لا شكّ في أنّ النظر إلى الإجراءات التجميلية الجراحية وغير الجراحية تبدّلت بمرور السنوات، وتحوّلت تدريجياً من الانتقادات والأحكام السلبية إلى منظور التقبّل الإيجابي. فكيف يمكن اعتبار هذه الإجراءات أداةً لتمكين المرأة وتعزيز قوتها؟ وما هو الدور الذي تؤدّيه في تعزيز ثقتها بذاتها وبحضورها بين الآخرين؟ من الضروري اللّجوء إلى أطبّاء محترفين من ذوي الخبرة للاطّلاع على الخيارات المتاحة التي ستعزّز ثقتنا بذاتنا ورضانا عن مظهرنا الخارجي بطريقة طبيعية ومقبولة مع الحفاظ على ملامحنا.

قوة تأثيرية كبيرة

لا شكّ في أنّ النجمات والشهيرات كنّ ولا يزلن من أبرز القوى المؤثرة التي تدفع إلى تجربة مختلف الإجراءات التجميلية. فمن زمن المجلّات وصور الحملات الإعلانية الورقية إلى زمن المواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، لطالما اهتمّت النساء بإطلالة المغنيات والممثّلات والعارضات وتساءلن عن السرّ وراء بشراتهنّ المثالية والمفعمة بالشباب والحيوية.

بين الماضي والحاضر

وفي الماضي، قليلٌ ما كانت النجمات يتحدّثن عن الإجراءات والعمليات التجميلية التي يخضعن لها وكانت هذه المواضيع تثير خشية عدد كبير منهنّ. ونتيجةً لذلك ربّما، لم تكن النساء يملكن ما يكفي من المعرفة والثقافة حول مختلف الخيارات وكنّ يعتمدن على إطلالة هذه النجمة أو تلك للتعبير عن النتائج النهائية التي يرغبن في الحصول عليها. حتّى أنّ الخبراء والمتخصّصين في السابق لم يحرصوا على نشر المعلومات الكافية والضرورية عن أي إجراء أو عملية. ولكن، بمرور السنوات، لاحظنا كيف أصبحت الشهيرات يتحدّثن بانفتاح أكبر عن كل ما خضعن له بدون تردّد أو خوف من التعليقات والانتقادات السلبية. وعلى الرغم من التأثير الكبير الذي يعكسنه على النساء اللواتي يتشجّعن للتغيير والقيام بأي إجراء أو عملية، لاحظنا أنّ العميلات بتن أكثر انتقائية ودقة في خياراتهنّ وأنّ الخبراء يحرصون كل الحرص على تزويد المرأة بجميع التفاصيل التي تحتاج إليها وعلى إقناعها بالخضوع لما يناسبها ويحافظ على جمال ملامحها وتناسقها مع بعضها.

انعكاس تامّ على المنظور الجمالي

وبالتالي، تغيّرت النظرة إلى الإجراءات والعمليات التجميلية وباتت هذه الأخيرة بالتالي أداةً تستخدمها النساء لتجميل مظهرهنّ الخارجي. ولا شكّ في أنّ التغيير الخارجي ينعكس إيجاباً على الداخل، إذ يعزّز ثقة المرأة بنفسها ويعزّز رضاها عن نفسها كما يجعلها تشعر بالمزيد من القوّة أينما تواجدت كي تثبت حضورها وتحقّق مبتغاها على مختلف الأصعدة. وإنّ جويل مردينيان من الشخصيات اللواتي نتابع دائماً أحاديثهنّ عن هذا الجانب الإيجابي من الإجراءات والعمليات التجميلية. وبما أنّها تأخذ على عاتقها أولاً وقبل كل شيء تمكين النساء في مجتمعاتنا، كان لنا معها لقاء موجز للتحدّث أكثر عن هذا الموضوع.

أنتِ من النساء القليلات اللواتي ينشرن عن الإجراءات والعمليات التجميلية التي يخضعن لها، وهذا أمر مميّز بالفعل. برأيكِ، كيف تساعد العمليات والإجراءات التجميلية في تعزيز المرأة بأنّها قوية وواثقة بنفسها وقادرة على كل شيء؟

أصبحت جراحات التجميل تواكب العصر من خلال تطوّر الطب والمعدات الطبية والتقدّم التكنولوجي في كل شيء، ما ساهم في انتشارها بشكل واضح إذ لا ضرر في مواكبة الموضة والخضوع لعمليات التجميل لأنّ ذلك يعطي جميع النساء الثقة بالنفس وحب الذات. فحين ننظر إلى المرآة، لا نرى فقط شكلنا الخارجي بل أيضاً مشاكلنا وعيوبنا. وبالتالي، يجب أن نرى دائماً المظهر الذي نحلم به كي نشعر بقوة تسمح لنا بمواجهة المشاكل وصعوبات الحياة اليومية. وفي الماضي، كانت النساء الناجحات يُصنَّفن إلى فئتين هما النساء القويات والنساء الجميلات. ولكنّ اليوم، لم يعد الأمر كذلك لأنّ القوّة اجتمعت بالجمال تماماً كما حرصتُ بنفسي على التألّق بمظهر أنثوي جميل وتحقيق الكثير من الإنجازات واكتساب ثقة الجمهور.

ما أهمية أن نتخلّى عن الأفكار السلبية حول العمليات والإجراءات التجميلية، لا سيّما أنّها تزيد أحياناً خوف النساء من التحدّث عن هذه الأمور بشفافية؟

لقد أصبح هدف النساء من الإقبال على عمليات التجميل وتحسين المظهر واضحاً، ألا وهو تجديد الجمال والعودة بالزمن إلى جمال الشباب الذي يتلاشى عند الجميع يوماً بعد يوم. وهذا أمر طبيعي لأنّ عمليات التجميل لم تعد فقط تركّز على تغيير الشكل وتحسينه، بل أصبحت عبارة عن علاج للكثير من الحالات النفسية التي كادت أن تحطّم حياة الكثير من النساء اللواتي لم يكنّ قادرات على أخذ قرار التجميل خوفاً من النتائج. وبما أنّني صريحة وأشدّد دائماً على حق الجمهور في معرفة سر جمال الشخصيات التي يتابعها على مواقع التواصل الاجتماعي بما أنّه الدافع وراء نجاحه، أنصح بعدم الخوف من عمليات التجميل، على أن يتم اختيار الأطباء المحترفين من ذوي الخبرة الذين سيقدّمون الخيارات المناسبة ويضمنون للمرأة الاطمئنان والراحة لتبديل شعورها من الخوف إلى الثقة بالنفس.

ما أهمية الدور الذي تؤدّيه المؤثرات على مواقع التواصل الاجتماعي من حيث تمكين المرأة ودفعها إلى القيام بما تعتقد أنّه الأفضل لها؟

لكل من يعرفني ويتابعني من السيدات والنساء اللواتي لا يشكّلن فقط جمهوري وحدي، بل جمهور عدد كبير من المؤثرات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أطلب منكنّ موازنة خيارتكنّ في كل شيء، ولا تدعن أي تأثير سلبي يطغى على حياتكنّ وافعلن ما بوسعكنّ لأخذ الرسائل الإيجابية من الحسابات التي تتابعنها. كوني قوية وعبّري عمّا في داخلكِ من دون خوف، وتألّقي بالإطلالات التي تحلو لك وافعلي كل ما بوسعك لمواكبة صيحات الجمال الجديدة ولا تبخلي على نفسك بأي شيء تحتاجين إليه.

وفي إطار الحديث عن الإجراءات والعمليات التجميلية ودورها الإيجابي في حياة النساء، اخترنا أن نقابل أيضاً د. بثينة الشنار، المؤسسة والمديرة التنفيذية لعيادة الشنار لجراحة التجميل في دبي، وهي أوّل جرّاحة تجميل إماراتية والطبيبة الوحيدة المعتمدة من المجلس الأميركي لجراحة التجميل في الإمارات.

أخبرينا أوّلاً عن شغفكِ بعالم الجراحة التجميلية وبالجمال بشكل عام.

لطالما أذهلني الفن والتجميل منذ طفولتي! وحين ارتدت الكلية الطبية، ألهمني عالم الجراحة بشكل عام غير أنّني انجذبت تماماً إلى الجراحة التجميلية تحديداً. وبالنسبة إليّ، وجدت أنّ الجراحة التجميلية تعكس المزيج المثالي بين الفن من جهة والعلم من جهة ثانية. وفي البداية، عملت بشكل أساسي على الجراحات الترميمية، وكانت رؤية المفاهيم التكنولوجية المبتكرة والدقيقة وهي تحسّن الأشكال والوظائف تجربة رائعة. وعندها، اكتشفت شغفي في الجراحة التجميلية ورغبتي في جعلها مهنتي المستقبلية، الجراحة التجميلية والجراحة الترميمية معاً.

كيف تصفين النظرة الحالية إلى الجراحات والعمليات التجميلية؟ هل لا زالت بعض الآراء السلبية تجتمع حولها؟

في ظلّ ثورة مواقع التواصل الاجتماعي، أصبحت الجراحات التجميلية برأيي أمراً عادياً. فقد أصبح الجميع على اطّلاع بمختلف الخيارات التجميلية، وهذا ما يجعلها مقبولة أكثر وأكثر. وفي الواقع، دائماً ما ألتقي في عيادتي عدداً كبيراً من العملاء والمرضى، من النساء والرجال على حد سواء، الذين يأتون مع أفراد من أسرهم أو أصدقاء لهم ويتحدّثون بشكل منفتح عن الجراحات التجميلية. وبالتالي، لم يعد الموضوع هذا محظوراً.

برأيكِ وبحسب تجربتكِ في هذا المجال، هل تساهم الإجراءات والعمليات التجميلية في تمكين المرأة؟

من الضروري تعريف كلمة “تمكين” بدقّة. فبالنسبة إليّ، تشمل العوامل التي تمكّن المرأة النمو الروحاني والنمو العاطفي والحصول على دعم الأسرة والأصدقاء والمجتمع بشكل عام. وفي نهاية المطاف، الثقة بالقدرات والشعور بالارتياح تجاه الذات هما ما يمكّنان المرأة. أمّا العمليات والإجراءات التجميلية، فتعزّز من جهتها الثقة بالنفس وقد تغيّر حتّى حياة الكثيرات. لنأخذ على سبيل المثال شابة أجرت جراحة تجميلية لأنفها. قبل العملية، كانت خجولة للغاية، تجلس في الزاوية الخلفية في الصف ولا تجمعها أي صداقة بأحد. في المقابل، بعد العملية، أصبحت من الأوائل في صفّها وأصبحت أكثر انفتاحاً وثقة بنفسها. هكذا تغيّر الجراحات التجميلية حياة البعض، وهذا ما أختبره طوال الوقت مع المرضى في عيادتي، حتّى أنّ هذه التجارب مع النساء تلهمني بالفعل!

ما الدور الذي تؤدينه بنفسكِ في تمكين النساء من خلال عملك؟

يسعدني تماماً أن أعمل في مجال شغفي! فبالنسبة إليّ، أؤدي دوراً في توجيه النساء حتّى يشعرن بسعادة ورضا أكبر عن أنفسهنّ وفي تحديد الخيارات المناسبة ضمن الحدود المقبولة. ولذلك، أعمل بجدّ وألتزم بالقيم التي آمل أن تنعكس في تمكين الأخريات. أمّا رسالتي إلى كل امرأة لا تثق بمظهرها الخارجي، فهي “من المهم أن نعمل على أنفسنا من الداخل والخارج. فتطوير الذات رحلة رائعة ويجب التركيز في خلالها على الجوانب كافة. حتّى أنّ تعزيز الثقة بالنفس يتوزّع على قنوات مختلفة، ولا يُعنى بالجمال وحسب. ولا شكّ في أنّنا نستطيع الاستفادة من قدرة الجراحات التجميلية على رفع الثقة بالنفس وتسريع ذلك”. 

اقرئي أيضاً:

 
شارك