كيف تبني العلامات الجمالية امبراطورياتها بناءً على عواطف العملاء وولائهم

تضع كل علامة تجارية منذ انطلاقها رؤية ورسالة تحاول تحقيقهما، سواء من خلال المنتجات التي تبتكرها أو الحملات التي تقودها أو الممارسات التي تتّبعها أو قاعدة العملاء التي توسّعها. وعلى مرّ السنوات، تبني لها امبراطوريات جمالية يصبح لها وقع على مستوى القطاع وفي حياة المستهلكين. فكيف تستفيد في ذلك من عواطف العملاء لتوفّر لهم تجارب مميّزة وفريدة من نوعها تعزّز مع الوقت ولاءهم ووفاءهم للعلامة؟

وضع هوية واضحة للعلامة التجارية

لكل فتاة أو امرأة منّا هوية خاصة بها، هوية تجعلها فريدة عن سواها. كذلك، يكون للعلامة التجارية هوية تميّزها عن العلامات التجارية الأخرى. وبالطبع، تحدّد هذه الهوية قبل كل شيء عناصر الاسم والشعار والألوان، على أن تكون جميعها متكاملة وتعكس رؤية العلامة ورسالتها. فعلى سبيل المثال، لو كانت العلامة التجارية تدعم الشمولية والتفرّد، قد تكون رسالتها «تمكين النساء من جميع ألوان البشرة والعرقيات للتعبير عن جمالهنّ الفريد». بالإضافة إلى ذلك، وبعد تحديد القيم الأساسية، من الضروري أن تكون العلامة التجارية واضحة من حيث شرائح الجمهور التي تستهدفها. فذلك يؤثر على الطريقة التي تبتكر فيها منتجاتها والمبادرات التي تقوم بها وحتّى الأساليب التسويقية التي تختارها. ومن الضروري أن تكون هوية العلامة واحدة ومتّسقة عبر جميع القنوات.

التركيز على التنوّع والشمولية

وفي هذا الإطار، من الضروري أن نشير إلى أنّ الشمولية هي من الجوانب التي تركّز عليها العلامات التجارية في عالم الجمال للتأثير على عواطف المستهلكين. فدائماً ما تتباهى الماركات بأنّها تقدّم مثلاً مجموعة كبيرة من التدرّجات لتناسب مختلف ألوان البشرة أو تشكيلة متنوّعة من التركيبات لتستطيع العميلات من مختلف المناطق استعمالها. وهذا طبعاً يؤثر على المستهلكات ويجعلهنّ وفيّات للعلامة.

بالإضافة إلى ذلك، لاحظنا خلال السنوات الأخيرة تجاوز المعايير السائدة في الحملات الإعلانية. فالعلامات التجارية لم تعد مثلاً تختار العارضات بمواصفات معيّنة، بل تعزّز التنوّع من هذه الناحية حيث تختار نساء وفتيات بوجوه ممتلئة وبألوان بشرة فاتحة وداكنة، وحتّى عارضات يعانين من مشكلات في البشرة مثل البهاق...

الاستفادة من قوة مواقع التواصل الاجتماعي

أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي في أيامنا هذه جزءاً لا يتجزأ من حياتنا، وبالتالي مصدر قوة تستفيد منه العلامات التجارية لتعزّز علاقتها بعملائها. فلو كانت الإعلانات التلفزيونية في الماضي وحتّى الدعايات على الطرق الوسيلة الوحيدة لإبلاغ العملاء بكل جديد، تعتمد العلاقات في عصرنا هذا على شبكة الإنترنت للترويج لمنتجاتها ومستحضراتها وكل جديد تقدّمه. وبالطبع، يعزّز ذلك ولاء العملاء تجاهها، حيث يستطيعون متابعة الأخبار عن كثب وحتّى دخول كواليس عمليات الإنتاج. فالمنشورات على المنصات الإلكترونية متنوّعة للغاية، وتوصل للعميل بالصوت والصورة الأحداث والأخبار. ولتكون العلاقة مع العملاء متكاملة، تحرص العلامات على أن يكون محتواها مفيداً وقيّماً لمن يصله. فعلى مواقعها الإلكترونية مثلاً، تحاول توفير أكبر قدر ممكن من المعلومات وبلغات مختلفة في ما يتعلّق بالمنتجات ومكوّناتها وكيفية استخدامها. وترفق أحياناً فيديوهات تعليمية، وتستفيد حتّى من أدوات الذكاء الاصطناعي لتساعد في اختيار المستحضرات الأنسب. وعلى سبيل المثال، النجمة نادين نجيم التي أطلقت مؤخراً علامتها Nadine Njeim Beauty، حرصت على أن تساعد عميلاتها على اختيار الألوان المناسبة لهنّ، بحيث يمكن فتح كاميرا السيلفي مباشرةً على الموقع وتجربة الألوان افتراضياً قبل الشراء. وهذا طبعاً يشعر العملاء ببعض الأهمية ويجعلهم يعودون أكثر وأكثر لشراء منتجات العلامة التجارية.

تقديم عروض حصرية وموسمية

لا يمكن للعلامات التجارية أن تستهدف ولاء العملاء بدون أن تولي أهمية لعواطفهم والجوانب الحياتية التي تعنيهم مباشرةً. ولذلك، من المهم للغاية أن تتابع كل علامة تقويم الأعياد والمناسبات الخاصة التي تعني منطقة معيّنة وأن تراعي التقاليد والعادات الخاصة التي ترافق كل مناسبة. فعلى سبيل المثال، تقدّم العلامات عروضاً خاصة وحصرية مع حلول الشهر الرمضاني من كل عام. حتّى أنّ بعض العلامات العالمية تخصّص حصّة للتعاون مع فنانين ومواهب من الشرق الأوسط لإضفاء طابع خاص على منتجاتها ومجموعاتها الرمضانية. ويمكن التحدث هنا مثلاً عن تعاون علامة L’Occitane En Provence مع الفنانة السعودية بيان ياسين، أو حتّى في سياق آخر علامة Kiehl’s التي قدّمت مجموعة من منتجاتها بعبوات خاصة بانعقاد معرض الإكسبو الدولي في دبي. ويمكن التحدث هنا أيضاً عن تعزيز العلاقة مع شريحة معيّنة من خلال منتجات حصرية لمنطقة بدون سواها، وهذه ظاهرة رأيناها كثيراً في السنوات الأخيرة حيث اختارت بعض الدور العالمية أن تخصّ منطقتنا بعطور حصرية مثل عطر Gemme Sahare Le من Bvlgari وعطر Iris Empire من Carolina Herrera وغيرهما...

الارتقاء بالعلاقة مع العملاء

من الضروري أن يشعر العملاء بخصوصية العلاقة أو الرابط بينهم وبين العلامة التجارية، أي من الضروري أن تشعرهم العلامة بأنّها تقدّر ولاءهم لها. فكيف يكون ذلك؟ تؤدي برامج الولاء دوراً أساسياً في تعزيز قدرة العلامة على الاحتفاظ بعملائها وجذب آخرين جدد. فمن خلال هذا النوع من البرامج، يستطيع العملاء جمع النقاط واستبدالها من خلال خصومات حصرية قد ترتفع مع ازدياد نسبة المشتريات، والانضمام إلى فعاليات حصرية مخصّصة لمجتمع العلامة، أو فرصة المشاركة في مسابقات خاصة وغيرها....

التركيز على التجربة وليس على المنتج

للتركيز على عواطف العملاء واستهدفات عواطفهم مباشرةً، تركّز العلامات التجارية على التجربة وليس على المنتج. ففي إطار جهود التسويق التي تبذلها العلامة، يجب أن تراعي رغبات العملاء وتفضيلاتهم لدمجها في الخيارات المطروحة. والهدف النهائي لا يجب أن يكون المنتج بحد ذاته، بل التجربة بأكملها بدءاً من كيفية المعرفة بالمنتج وكيفية شرائه والحصول عليه وتجربة استخدامه والنتائج ما بعد الشراء والعلاقة المتواصلة لاحقاً مع العلامة. وبذلك، يختبر العميل تجربة كاملة ومتّسقة مع العلامة، فيشعر أنّه محور الاهتمام. وهذه التجربة ترافقه بين المتجر والموقع الإلكتروني ومختلف حسابات العلامة التي تترابط من حيث الهوية والقيم المشتركة.

المشاعر والعواطف في التسويق الإلكتروني

لا شكّ في أنّ العواطف تؤدي دوراً كبيراً في التسويق الإلكتروني، ويتّضح ذلك بشكل خاص من خلال 4 جوانب:

1. التركيز على سرد القصص أو Storytelling: نلاحظ أنّ عبارة Storytelling تتردّد كثيراً، وتعني تركيز العلامات على سرد قصة معيّنة عند تقديم المنتج أو الابتكار. ويدعم ذلك بشكل كبير جهود التسويق، لأنّ العلاقة مع العميل تتجاوز مجرّد اختيار ما يلزمه من العلامة، فيصبح على صلة أكبر بتاريخ الماركة وقيمها وعالمها بشكل عام.

2. معالجة نقاط الضعف أو مجالات الاهتمام Pain Points على مستوى المستهلكين: لا يهتمّ العملاء فقط بالمنتجات التي تقدّمها العلامات، بل أيضاً بالممارسات التي تتّبعها. وهذا طبعاً ما تستفيد منه الماركات وتحاول الترويج له للتأثير أكثر بالمستهلكين. لنأخذ الاستدامة على سبيل المثال. نلاحظ كم أصبحت العلامات تروّج لمبادرات الاستدامة والحفاظ على البيئة وللجهود التي تبذلها في عمليات الإنتاج، سواء من حيث استخدام مواد قابلة لإعادة التدوير أو التقليل من كمية البلاستيك أو تقديم خيار إعادة التعبئة.

3. مشاركة قصص واقعية وشهادات المستهلكين: لإحداث أثر أكبر، يهمّ العلامات التجارية أن تشارك تجارب عملائها الحقيقية والنتائج التي حصلوا عليها عند استخدام منتجاتها، فهذا يعزّز الشفافية والموثوقية.

4. المحتوى الذي ينتجه المستخدمون (UGC): تميل العلامات التجارية نحو نشر محتوى خاص يعدّه المستخدمون على طريقتهم، فيتم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي. 

اقرئي أيضاً: هيا تتحقق عن الشراكات في عالم الجمال

 
شارك