كيف أصبحت الاستدامة جانباً قيّماً للجيل الجديد من المستهلكين

نتّفق جميعنا على أنّ المستهلكين يختلفون من جيل إلى جيل، سواء لناحية التفضيلات أو الخيارات أو حتّى المبادئ والقيم التي يركّزون عليها أثناء شراء مستلزماتهم. وقد أصبحت "الاستدامة" جانباً لا يكثر الحديث عنه، بل جوهر تتباهى به العلامات التجارية وتسعى باستمرار إلى تسليط الضوء على جهودها ذات الصلة. فما هي آخر الاتجاهات المتعلّقة بالاستدامة وكيف يتفاعل الجيل الجديد معها؟

 

 لا شكّ في أنّ الاستدامة لا تقتصر على قطاع محدّد، بل يمكن الالتزام بها في جميع المجالات، ومنها طبعاً عالم الجمال. والعلامات التجارية الجمالية على وجه الخصوص قطعت شوطاً كبيراً خلال السنوات الأخيرة، حيث أدخلت الكثير من التغييرات في الممارسات التي تتّبعها.

 

الاستدامة من خلال الحد من النفايات

تُعتبر الاستدامة وتحديداً مبدأ "الحد من النفايات" مستقبل عالم الجمال. فخلال السنوات الأخيرة، شهدنا تزايداً كبيراً في الوعي البيئي وبالتالي اندفاعاً واضحاً نحو البدائل المستدامة في الروتين الجمالي. ومن هنا، كثر الحديث عن الحد من النفايات والتقليل من إنتاجها. فماذا يعني ذلك تحديداً؟

هو تصميم المنتجات وتقديمها بطريقة تؤدي إلى أدنى حد ممكن من النفايات، سواء من خلال إزالة عناصر التغليف غير الضرورية مثل النايلون فوق العلب الكرتونية، أو استبدال العبوات البلاستيك المخصّصة للاستخدام لمرة واحدة ببدائل قابلة لإعادة التدوير أو قابلة للتحلّل، أو تقديم المنتجات بزجاجات وعبوات قابلة لإعادة التعبئة. فكلّ هذه الممارسات تساعد في تقليل النفايات، وتعزّز بالتالي الاستدامة والحفاظ على البيئة.

في الواقع، يأتي هذا الاتجاه رداً على أزمة النفايات العالمية التي يعاني منها الكوكب، حيث أنّ أطناناً من البلاستيك ينتهي بها المطاف في المحيطات أو المكبات، بما يحدث أثراً سلبياً كبيراً على البيئة. كذلك، التقليل من النفايات يعني أيضاً تقليل الإنفاق على الطاقة والمواد الخام واستهلاكها. وبالتالي، نتحدّث هنا عن المبدأ الدائري، حيث تعبر المنتجات حلقة مغلقة بدون الوصول إلى النفايات في نهاية دورة حياتها وبدون ترك مخلفات كيميائية تلوّث المياه والبيئة.

Whind وجهود كبيرة لتعزيز الاستدامة

في هذا السياق، أشارت لنا علامة Whind إلى أنّها ملتزمة بمبدأ "التغليف الإيجابي"، حيث تستخدم مواداً معاد تدويرها أو قابلة لإعادة التدوير بنسبة 100% لجميع منتجاتها، وحتّى العبوات الزجاجية ذات الطابع الحرفي قابلة لإعادة التدوير تماماً.

بالإضافة إلى ذلك، ولأنّ الاستدامة تعني أيضاً الحفاظ على البيئة ومواردها، تلتزم العلامة التجارية بالابتعاد عن التجارب على الحيوانات وباختيار مكوّنات نباتية حصراً.

وتتعاون Whind أيضاً مع Natural Capital Partners للحد من البصمة الكربونية التي تتركها منتجاتها، حتّى أنّها تقدّم مستلزمات الطاقة الشمسية والنظيفة للعائلات في غرب أفريقيا للتعويض عن كل كيلوغرام تنتجه من الكربون.

 

الأساليب المستدامة للتعبئة والتغليف

يتطلّب الاهتمام بالبيئة والاستدامة طبعاً اتخاذ إجراءات ملموسة، أي الفعل وليس القول. ويشير هذا إلى ضرورة أن تختار العلامات التجارية خيارات مستدامة للعبوات التي تقدّم فيها منتجاتها، وذلك ليس فقط من خلال المواد القابلة لإعادة التدوير، بل أيضاً الزجاجات والعبوات القابلة لإعادة التعبئة.

في الواقع، أصبحت العبوات القابلة لإعادة التعبئة شائعة إلى حد كبير في عالم الجمال وتنطبق على منتجات الماكياج والعناية بالبشرة والعناية بالشعر. فعلى سبيل المثال، أصبح بإمكاننا أن نحتفظ بزجاجة العطر نفسها ومع إعادة تعبئة التركيبة كلّما شارفت على الانتهاء. وهكذا، يكون لنا نحن أيضاً كمستهلكين دورٌ في تعزيز جهود الاستدامة. وتشمل قائمة العلامات التجارية التي تقدّم منتجات قابلة لإعادة التعبئة: Fenty Beauty وChloe وDior وChanel وGuerlain وValentino وغيرها....

 

مكوّنات وعمليات صديقة للبيئة

تؤدي العلامات التجارية دوراً في تعزيز الاستدامة من خلال اختيار مكوّنات واتباع عمليات صديقة للبيئة. ويعني هذا اختيار مكوّنات نباتية بدون إلحاق أي ضرر بالحيوانات، وأيضاً استخراج المواد بطريقة مستدامة تضمن تجدّدها وعدم التأثير سلباً على البيئة سواء لناحية التلوّث أو الضرر بالتربة أو غير ذلك.

وتندرج ضمن هذه الخانة ممارسات دعم المجتمع المحلي والإنتاج المحلي. فعلى سبيل المثال، دائماً ما تحرص الدار العالمية Guerlain على تسليط الضوء على جهودها المتعلّقة بتربية النحل والممارسات التي تتّبعها لاستخراج العسل واستخدامه في منتجاتها بطريقة مستدامة لا تحدث أي ضرر على البيئة. حتّى أنّها تطلق العديد من المبادرات التي تحمي مجتمع النحل والنحالين للحفاظ على استمراريته للسنوات القادمة.

وفي هذا الإطار أيضاً، كشفت لنا علامة Gisou عن جهودها للحفاظ على إرث تربية النحل منذ أكثر من 200 عام، لا سيّما أنّ منتجاتها ترتكز بشكل أساسي حول العسل المستخرج من حديقة مرصالحي، العائلة المؤسسة للعلامة التجارية. فعلى سبيل المثال، تتّخذ Gisou على عاتقها نشر الوعي بالبيئة وأهمية الحفاظ على الاستدامة، ولذلك ستفتتح العام المقبل حديقتين خاصتين كي تمكّن المجتمع من خلالها من التعرّف على تجربة النحل. ومن خلال هذه التجربة، سيتعرّف العملاء المهتمّين على إرث العلامة التجارية، وسيكتشفون أيضاً لماذا من المهم تربية النحل بطريقة مستدامة وحرفية قطف النحل واستخراج العسل بشكل يدوي.

كيف ينعكس ذلك على الجيل الجديد؟

إلى جانب كل المبادرات التي تقوم بها العلامات التجارية حول العالم، بدءاً من تنظيف الشواطئ والمحيطات مروراً بتقديم منتجات أقلّ ضرراً بالبيئة وصولاً إلى دعم المجتمعات المحلية والمنظومات البيئية، يبدو أنّ الجيل الجديد يتوجّه أيضاً نحو تبسيط الروتين الجمالي، بما له من انعكاسات على تقليل الاستهلاك المفرط. وبالتالي، يبحث المستهلكون الجدد عن علامات تجارية تلتزم بمبادئ إعادة التدوير وإعادة التعبئة وإعادة استخدام المواد نفسها لأغراض مختلفة.

اقرئي أيضاً: الاستدامة في عالم الجمال: ما هي مبادئها؟

 
شارك