
الأصالة في عالم الجمال وتغيّر المعايير بالنسبة إلى الجيل الجديد

الأصالة أو Authenticity... ماذا يعني لكِ هذا المفرد؟ هل توقّفت يوماً عنده وحاولتِ التفكير في معناه بشكل عام وفي عالم الجمال بشكل خاص؟ ماذا يعني أن يكون جمالكِ حقيقياً أو أصيلاً... كيف تغيّرت معايير الجمال... كيف تخلّى مجتمع اليوم عن الصور النمطية المثالية التي كانت تحدّد في الماضي مظهرنا الخارجي... وكيف تؤدّي المؤثرات دوراً في تعزيز هذا الجانب الجديد من الجمال...
واقع إيجابي جديد
لاحظنا في السنوات الأخيرة كيف أصبح الجميع يتحدّث أكثر وأكثر عن «حب الذات» و «تقبّل الذات» و «قبول الاختلاف» و «إلغاء المعايير» و «الابتعاد عن الصورة النمطية» و «التخلّي عن المثالية»... وجميع هذه العبارات تصبّ في اتّجاه واحد: الأصالة.
في الماضي، وتحديداً خلال هذه الفترة من العام، كنّا نتصفّح المجلّات – وبعض المواقع الإلكترونية – ونرى عناوين عريضة: «10 خطوات قومي بها لجسم نحيف قبل الصيف» أو «حوّلي إطلالتكِ قبل مناسبتكِ القادمة». والفخ؟ هو أنّنا بحاجة دائماً إلى تحسين أنفسنا. ولذلك، كنّا نسعى باستمرار وراء معايير «وهمية»يصعب في كثير من الأحيان بلوغها.
أمّا في أيامنا هذه، فالواقع تغيّر نحو الأفضل. لم نعد نعيش هذا «الوهم» وأصبح الجميع يركّز على العلاقة الإيجابية مع الذات، أي العلاقة التي تجعلنا راضيات عن أنفسنا والتركيز على مفهوم الجمال الطبيعي.
أهمية المعايير الجمالية الجديدة
كما قلنا، كانت المعايير الجمالية على مرّ عقود طويلة محدودة بتعريفات ضيّقة. وحتّى المجلّات ومواقع التواصل الاجتماعي والإعلانات اجتمعت معاً لتقديم نوع محدّد من الجمال. ولذلك، حان الوقت للتخلّي عن هذه الصورة الذاتية غير الصحية والحد من التأثير السلبي على الصحة النفسية.
- السعي للتّحسين لهدف مختلف: لا شكّ في أنّ كل منّا تسعى دائماً لتكون نسخة أفضل عن نفسها. لكن، بعيداً عن المعايير المحدودة، سيكون الهدف الوصول إلى ما هو أجمل أو أفضل في أعيننا بدون أن نضع صورة نهائية معيّنة ونمطية تشبه الآخرين.
- الحفاظ على الصحة النفسية: أشعر شخصياً أنّ وسائل التواصل الاجتماعي التي تُظهر لنا كل ما هو إيجابي والحياة السعيدة والثرية تُتعبني أحياناً وتؤثّر سلباً على أفكاري. ويحدث هذا معكِ أنتِ في بعض الأحيان، وهذا هو تماماً تأثير الصور «المثالية» على صحتنا النفسية. ولهذا تماماً، أصبح من الضروري أن يرسي عالمنا معايير جمالية جديدة.
- بناء علاقة أكثر صحية مع أنفسنا ومع أجسامنا: نتّفق جميعنا على أنّ لكل منّا مزاياها وعيوبها في المظهر الخارجي. فمنّا من ترى أنّ أنفها بحاجة إلى بعض التعديل أو أنّ الهالات السوداء ظاهرة تحت عيونها أو أنّ جبينها عريض للغاية أو أي مثال آخر. والنظرة الإيجابية إلى الذات لا تعني عدم تحسين العيوب بطريقة طبيعية لمزيد من الثقة بالذات، بل أنّنا بحاجة إلى تقبّل هذه العيوب واعتبارها جزءاً من شخصيتنا وهويتنا.
كيف يمكن تخطّي المعايير غير الواقعية
لتحافظي على صحتكِ النفسية وتقتنعي بفكرة «الجمال الأصيل» أو «الجمال الطبيعي»، من الضروري أن تواجهي الضغوطات الداخلية والخارجية التي قد تفرضها المعايير التقليدية. وبالتالي، تركّزين أكثر على ثقافة تقبّل الذات وحبّ الذات بدون أن تدعي نفسكِ تتأثرين بأي حملات إعلانية لا تدعم هذا النهج في التفكير. ولذلك، إليكِ بعض النصائح التي تستطيعين اتباعها:
- بناء الثقة في محيطكِ: تعلّمي أن تساعدي الآخرين من حولكِ على بناء الثقة في أنفسهم، وذلك من خلال تشجيعهم على تقدير إنجازاتهم ومهاراتهم والميزات التي يتمتّعون بها، من دون التركيز على المظهر الخارجي فحسب. فبهذه الطريقة، تعتادين على الموازنة بين الداخل والخارج حين تفكّرين بنفسكِ أو تنظرين إلى الآخرين.
- دعم الآخرين: حين تعيشين في مجتمع إيجابي، تتغيّر طريقة التفكير بشكل تلقائي. وهذا يعزّز التحرّر من المعايير التقليدية ويزيد تقبّل الجمال الطبيعي والملامح غير المبالغ بها.
- مارسي حب الذات: ابدئي يومكِ في كل صباح ببعض العبارات الإيجابية التي تتوجّهين بها لنفسكِ. مثلاً، قفي أمام المرآة وردّدي عبارات «أنا جميلة كما أنا»، «عيوبي تميّزني»، «أنا ناجحة»، «أنا قوية»... وبالتالي، تعزّزين حبكِ لنفسكِ من الداخل والخارج.
- انتبهي إلى الحسابات التي تتابعينها على مواقع التواصل الاجتماعي: تأكّدي من تنوّع الحسابات التي تتابعينها على مواقع التواصل الاجتماعي، كي لا تري صورة واحدة عن الجمال. تابعي مثلاً شخصيات ملهمة في مبادراتها الاجتماعية، تابعي النجمات اللواتي ينشرن صورهنّ بدون مكياج بين حين وآخر، تابعي العارضات الممتلئات، تابعي الخبراء الذين يتشاركون معكِ نصائح عملية وواقعية، تابعي المؤثرات اللواتي يشاركن باستمرار رسائل مؤثرة ولا يكتفين بالتحدث عن التفاصيل الحياتية التكميلية فحسب. وهكذا، لن تنرسم في ذهنكِ صورة نمطية «مثالية» إلى حد ما عن المظهر الخارجي والجمال.
- عبّري عن نفسكِ كما يحلو لكِ: لتكن الخيارات التي تتّخذينها في ما يتعلّق بمظهركِ الخارجي قائمة على تفضيلاتكِ الشخصية. أي اختاري ملابسكِ ولوكات مكياجكِ وتسريحات شعركِ بالأساليب والستايلات التي تحبّينها لتكوني راضية عن نفسكِ، بدون أن يكون هدفكِ إرضاء الآخرين. فبهذه الطريقة، تعبّرين عن شخصيتكِ.
دور مواقع التواصل الاجتماعي
تؤدّي مواقع التواصل الاجتماعي دوراً أساسياً في ترسيخ ثقافة «الجمال الأصيل» أو «الأصالة في عالم الجمال». وحين نتحدّث عن مواقع التواصل الاجتماعي، نتحدّث بشكل خاص عن الشخصيات المؤثرة التي تأخذ على عاتقها التحدث مع جمهورها عن العديد من المواضيع.
- التمكين من خلال تمثيل التنوّع: يُعتبر تسليط الضوء على التنوّع في مجتمعاتنا من الركائز الأساسية التي تمكّن كل واحدة منّا. ويعني التنوّع أشكال الجسم المختلفة وملامح الوجه المتعدّدة وألوان البشرة من الأفتح إلى الأغمق والميزات الأخرى المميّزة. وقد لاحظنا كيف أنّ العديد من الشخصيات العربيات اخترن الاحتفال بالتنوّع على طريقتهنّ، مثل العارضة المصرية لوجينا صلاح التي لم تخبّئ البهاق بل تحتفي به في كل فرصة من خلال صورها ومنشوراتها، أو العارضة أماني أسيبي، العارضة العربية التي وصلت إلى العالمية من خلال جسمها الممتلئ.
- التركيز على الجمال الطبيعي: بعد كثرة أنواع الفلتر على مواقع التواصل الاجتماعي والانحراف بشكل كبير عن الجمال الطبيعي، خرج الكثيرون عن صمتهم على مواقع التواصل وبدأت حملات التوعية بضرورة تقبّل الملامح الطبيعية وعدم وضع توقّعات غير منطقية. ولذلك، أصبحت بعض النجمات تنشر صوراً لهنّ بدون مكياج ليقلن أنّهنّ يتقبّلن ملامحهنّ الطبيعية كما هي ولا يخشين الظهور أمام الجميع بدون أي تغيير ولو بسيط. كذلك، أصبحت المؤثرات يتناولن الحديث عن بعض العيوب، أو بعض الاختلافات في مظهرهنّ الخارجي، وعن الخطوات التي اتّبعنها لتقبّل الاختلاف. مثلاً، كارن وازن التي تحدثت عن شكل عيناها وعن التنمّر الذي تعّرضت له بسببهما.
اقرئي أيضاً: تقرير يكشف كيف يرتبط عالم الجمال بالطعام وأهميته في الحملات الإعلانية