أحلام العجارمة: الفروسية شغفي والإعلام الاجتماعي غايتي المقبلة
في كنف أسرة تهتم بالخيول وتربيها في مزارعها، نشأت الشابة الأردنية أحلام العجارمة على عشق هذا الكائن وبات صديقها في مختلف مراحل حياتها، وحتى حين انطلقت في مسيرتها المهنية في مجال الإعلام المرئي، لم تتخلى عن هوايتها المفضلة وهي ركوب الخيل، بل عملت لفترة في تقديم برنامج مخصص عن الخيول، وهي اليوم من أشهر الإعلاميات والفارسات العربيات وقد حدثتنا عن العلاقة الخاصة التي تربطها بلفروسية وعن طموحاتها المقبلة.
كيف بدأ حبك للخيل ولماذا قررت أن تصيري فارسة متمرسة؟
قضيت طفولتي بين الخيل وبدأت بامتطاء صهوته منذ سن التاسعة، فقد تربيت في كنف أسرة تربي الخيول وتهتم بها، فنحن في الأردن قبائل من البدو، لذا يمتلك جدي وأعمام والدي مزارع كبيرة وقد اعتدنا على رؤية هذه الحيوانات الجميلة حولنا طوال الوقت، وكان من الطبيعي أن أتقرب منها وأقع في حبها، بعد ذلك وخلال فترة من حياتي عشت في دبي ووجدت أيضاً مجالاً كبيراً لممارسة هذه الهواية هناك، كما تسنى لي في عام 2014 أن أدمج بين العمل الإعلامي الذي أحبه وبين عشقي للفروسية، حين حصلت على فرصة تقديم أول برنامج عربي حول الخيول، وقد اختارتني إدارة روتانا لتقديمه نظراً لخبرتي ومعرفتي في المجالين، وكانت محطة أعتز بها في حياتي.
يتطلب ركوب الخيل الشجاعة والقوة الجسدية، فهل امتلكت هاتين الصفتين منذ صغرك أي بدايات ممارستك لهذه الهواية، أم العكس أي أن ركوب الخيل ساعدك لتكسبي صفات الشجاعة الإقدام والإصرار؟
في اللحظة التي تقررين فيها ركوب الخيل ستكونين شجاعة وجريئة، فأنت ستتعاملين مع كائن يبلغ وزنه حوالى 300 كيلوغرام، له هيبته وشخصيته وطباعه وجموحه، وهو يشعر بفارسه ويقرأ ما يجري في داخله، وبالتالي يجب أن يكون ممتطيه قوياً ومقداماً، بالتأكيد ازدادت شجاعتي مع ازدياد خبرتي في مجال الفروسية، صرت أكثر قوة وازداد حسي الإدراكي، بت لا أخاف أو أتوتر بسهولة، وتضاعفت قدرتي في فهم الفرس والسيطرة عليه.
هل يمكن لأي شخص تعلم ركوب الخيل أم يحتاج هذا النشاط إلى موهبة خاصة وحب قوي لهذا الحيوان؟
لا يمكن تعلّم ركوب الخيل كما لو كنا نتحدث عن مادة تعليمية مثلاً، بل يجب وجود شغف وعاطفة قوية تجاه هذا الحيوان لأن هذا النشاط صعب وقاس وبالتالي لن يستمر فيه من يمارسه دون حب. لديّ 5 خيول في دبي حالياً، أحبهم وأرعاهم وأهتم بهم كما لو كانوا أولادي، حتى أني قمت بتوليد إحداها وشعرت بأحاسيس لا توصف.
هل يوجد معايير جسدية معينة: وزن – تمارين رياضية.. يجب الالتزام بها لإتقان هذا النشاط؟
هذه الشروط والمعايير مطلوبة في المسابقات الرسمية ولاسيما للجوكرز الذين يتسابقون في الحلبات، ولكن بالنسبة لي كفارسة مستقلة وعاشقة للخيول، فأنا بطبعي رياضية بالتالي فإن وزني لا يزيد كثيراً بل أعتز بلياقتي واهتمامي الدائم بصحتي، بشكل عام فإن الرشاقة والمرونة عنصران مهمان لأننا نتعامل مع كائن ضخم، لذا يجب أن تكون حركتنا سريعة ولياقتنا عالية للسيطرة عليه.
متى تتوجهين نحو ركوب الخيل: هل في حالات الحزن أم الفرح؟
في الحقيقة يساعدني ركوب الخيل حين أكون حزينة ومحبطة، أحب الذهاب إلى الإسطبل في الصباح الباكر ومع شروق الشمس، حيث يكون الجو بارداً وهذا ما اعتدت عليه في دبي قبل انتقالي إلى اسطنبول، ولكن اليوم قلّت ممارستي لهذه الهواية واقتصرت على مرة في الأسبوع، مع العلم أن مشاعري خلال امتطائي للخيول تختلف باختلافها، فبالتأكيد شعوري يختلف اليوم لأنها ليست خيولي التي اعتدت عليها، فتلك تعرفني وتتفاعل معي بشكل مختلف.
هل يوجد مواصفات محددة لدى المرأة التي يمكن أن تمارس هذه الهواية؟
يحتاج ركوب الخيل في البداية إلى قوة جسدية وثبات نفسي، وهذا الأمر يتوفر لدى أعداد كبيرة من النساء، يتطلب أيضاً الشجاعة والصبر، والعنصر الأهم هو الحب الكبير للخيول، وأنا أعتبر ركوب الخيل أفضل رياضة يمكن للشابة أن تمارسها، فهي تؤثر عليها نفسياً وجسدياً، تعطيها الثقة والتمكن والحرية، كما تمنحها الإحساس بالسيطرة، حيث ستتعامل مع كائن عنيد وقوي وضخم، والإحساس بقدرتها على ترويضه لا يعادله شيء.. هذا الكائن يشعر بك ويتفاعل مع مشاعرك ويمكن أن يصير أقرب مخلوق إليك بالتالي فإن تطوير علاقة جيدة معه لهو أمر في غاية الجمال.
وقعت سابقاً عن الخيل، فهل تناقصت ثقتك بنفسك بعدها وكيف تغلبت على خوفك من الركوب مجدداً؟
أبداً لم ينتابني الشك بقدراتي أو بخيولي، فالوقوع أمر جائز ويكون حادثاً عرضياً قابلاً للحصول، ولكن يجب تخطي الخوف والألم سريعاً ومعاودة الركوب سريعاً لأني بطبعي أحب المواجهة ولا أسمح لمشاعري السلبية أن تسيطر عليّ، ومن هنا أكرر أن هذه الهواية تحسّن من صفاتنا الخاصة وقد فادتني كثيراً في تخطي أي نواقص في شخصيتي.
هل ترين أن هناك اهتماما كافيا عربياً بالفروسية وبدعم المرأة المتواجدة في هذا المجال؟
الفروسية جزء من العروبة ورمز لها، تعبر عن القوة والأصالة وتعكس التمسك بالجذور، لقد ارتبطت بهويتنا وتميزنا كعرب وقدرتنا على الترحال والاستكشاف، فحين نقول فارس نعني كل الصفات الحسنة التي لطالما ارتبطت بنا كعرب، وأنا أرى اهتماماً متزايداً من قبل النساء بهذا النشاط ولا سيما في دول الخليج حيث يتم إعطاء الدعم اللازم لكل موهبة تحتاج إلى فرص للظهور.
لنتحدث قليلاً عن عملك الإعلامي، فأنت اليوم بعيدة عن الدول العربية وتتواجدين في اسطنبول، كيف تمكنت من الحفاظ على شغفك بالتقديم؟
ابتعدت عن الدول العربية قبل سنوات لأني ارتبطت وكونت أسرة وانفصلت، وفي بداية حياتي الزوجية كان يجب أن أتواجد مع شريكي وهو تركي – عربي يعيش في اسطنبول، وقد وجدت عملاً في هذه المدينة وأكملت مسيرتي المهنية فيها، ولكني عشت 14 سنة في دبي وعلمت مع أهم المحطات المتلفزة وهي قناة العربية وروتانا وتلفزيون دبي، حيث اكتسبت خبرة كبيرة وصنعت اسماً ثابتاً في عالم الإعلام المرئي.
ما هي طموحاتك الإعلامية أو المجالات التي تسعين لخوضها مستقبلاً؟
ألاحظ التركيز الكبير على المواضيع الاجتماعية الحقيقية التي تمس حياة كل مواطن، لقد جربت تقديم الأخبار والبرامج الرياضية التي تتعلق بالخيول، كما خضت مجال السياسة هنا في تركيا، واليوم أسعى لإيجاد فكرة برنامج توك شو اجتماعي معاصر يعكس يوميات المرأة والطفل، ولا سيما "الأمهات العازبات"، فأنا بعد انفصالي عرفت كم المعاناة والمشاكل التي تواجه الشابة التي تربي طفلاً بمفردها، فالتجربة صعبة جداً على جميع الأصعدة: المادية والمعنوية، حيث تسعى المرأة لاكتشاف عالم مجهول وتحاول تعويض غياب الأب والقيام بدورين معاً، هنا تحتاج الشابة إلى المساعدة والتوجيه، وهي لا تجد للأسف هذا الدعم، بل على العكس يمكن أن ترصد ضغوطاً وانتقادات اجتماعية تصعب حياتها أكثر.
كيف تخوضين تجربة "الأم العازبة" وما هي نصيحتك للأمهات المطلقات اللواتي يواجهن الكثير من التحديات اليومية؟
لديّ وجهة نظر قد تكون جريئة للبعض، فأنا أحب ابني كثيراً وواجبي أن أحافظ عليه وأؤمن له حياة كريمة، ولكني أعرف جيداً أنه سيأتي اليوم الذي سيتركني فيه، في حال رغب بالسفر للدراسة أو بالزواج.. بالتالي سأكون وحيدة، لذا أرفض تكريس كل حياتي لإبني، بل أترك الأبواب مفتوحة أمامي لكي أعيش حياتي وأستفيد من الفرص الذي يمكن أن تحل أمامي في سنوات شبابي. هذا الأمر لا ينتقص من أمومتي أو يقلل منها، بل يسمح لي أن أكون طبيعية وأعيش عمري وأبحث عن سعادتي، فالطفل لا يحتاج إلى أم ضعيفة أو ناقصة أو كثيرة العقد، بل يرغب بنموذج عن سيدة قوية ومتعافية وسوية، تعيش الحياة التي تسعدها، لأن سعادتها ستنعكس عليه.
اقرئي المزيد: لطيفة بن حيدر: البدايات تكون مخيفة ولكن مع الخطوات الأولى سيتضح الطريق للنجاح