في متحف «باتيــــك فيليب» للساعــــات

الوقت يسبقني. دوم في جنيف الوقت يسبقني. لازم أشوف كثير حاجات في مدّة قصيرة. تقولين الوقت هنا مثل الشبح، في كل مكان في اللحظة نفسها. جنيف مدينة الوقت والساعات. كنت أشوف الصالون العالمي للساعات الراقية. هناك... تك، تك، تك... موسيقى وصمت وفخامة ووقت. لكل ساعة حكاية ومع كل حكاية قلبي كان يدقّ. كنت أريد أشتري كل حاجة. ودحين ألاحق الوقت في كل مكان. أقف قدّام متحف «باتيك فيليب» للساعات. تتعجّبين؟ أيوه الساعات هنا مو صناعة وبس. هيّ كمان تاريخ، ناس، حكايات، عائلات، مشاعر، فشل ونجاح. أنتظر عشان أدخل. البوابة ديّة حين تدخلين منها رايحة تنتقلين... مو من مكان لمكان... من عالم لعالم ثاني. أنتظر وفي المرّة ديّة أحسّ الوقت طويل. أتحمّس عشان أدخل. وعلى فكرة المتحف مو قديم. من 2001 بسّ.

اقرئي: ساعات نسائية تخطف الأنظار في SIHH 2018

مثل كتاب، موسوعة، تقدرين تقرئين فيها كل حاجة من الألف للياء... عن المنبّهات، ساعات اليد، الساعات الشمسيّة، ساعات الحائط... تقولين قصّة من قصص الخيال. فعلاً بيه حاجات تبرق، تلمع، تصاميم مرصّعة بالأحجار الكريمة. وبيه ساعات عمرها 1500 سنة وأكثر. مو معقول؟ لا، معقول. في المتحف ده كل حاجة معقولة. أنتظر والوقت ما يخلص. كثير ناس يريدون يزورون المتحف. البنت اللي قدّامي تتحمّس. أشوفها كأنّها تقفز في مكانها. تريد تدخل وما تقدر تنتظر. أخيراً، أدخل. أمشي والسباق مع الوقت يبتدي. أقول في نفسي ضروري أقدم ساعة في التاريخ تكون أوّل حاجة أشوفها. كانت مثل القلادة. ما أصدّق. كمان هنا تلاقين أقدم ساعة بيها عقرب دقائق، وأقدم ساعة بيها عقارب دقائق وثواني. كده قرأت حين سوّيت بحث عن المتحف.

اقرئي: تألّقي بالمجوهرات المصنوعة من الذهب الأصفر

أحسّ الوقت يهرب وأنا أقف في مكاني. حيرة مو عاديّة. من فين أبتدي؟ إيش رايحة أقول لصديقاتي حين يسألوني إيش شفتي في متحف «باتريك فيليب»؟! أريد أجمع حكاياتي. ثلاثة طوابق والساعات القديمة في الثاني والثالث. أروّح. كأنّي في عصر ثاني. في أوّل قاعة ساعات من كل الأزمان. تحسّين إنّك تشوفين في زجاج كل ساعة وجوه الناس اللي سوّونها، إيديهم، عيونهم اللي تعبت من السهر، أصابعهم اللي جمعت القطع الصغيرة الصغيرة، أنفاسهم العميقة في لحظات نجاحهم... وفي قاعة ثانية تصاميم صانع الساعات فيليب. كلّها مرصّعة وكان يقدّمها هدايا للأثرياء. أريد أبقى هنا، ما أريد أرجع للواقع. بس أقدر آخذ كل التاريخ ده لبلدي. التقاط الصور مسموح. وكده صديقاتي رايحين يسمعون ويشوفون. صوتي والصورة. ودحين أروّح فين؟ هنا زحمة. وهنا... أمشي وأمشي... لازم أفتح ملفّ جديد في ذاكرتي أسمّيه «باتيك فيليب». الوقت يسبقني. ضروري أرجع مرّة ثانية. ودحين أحتاج لفنجان قهوة في مقهى فوق البحيرة.

 

DRAWING BY FASHION ILLUSTRATOR ©SHAMEKH BLUWI

 
شارك