HAUTE COUTURE... حين تتكلّم الموضة بأرستقراطيّة

يولّد عالم الـHaute Couture متعة بصريّة بحدّ ذاته، لا سيّما أنّه يزخر بالتفاصيل الجميلة ويستمدّ إلهامه من روح الأساطير. فكل تصميم من الأزياء الراقية يستغرق أكثر من ألف ساعة عمل ويروي قصّة معيّنة وفريدة من نوعها. لذا، غوصي معنا في هذا العالم الراقي واكتشفي بداياته وتفاصيله الدقيقة.

MINIMALISM…تمرّد الموضة على الباروكيّة

الـHaute couture أو ما يُعرف في اللغة العربيّة  بالـ«الخياطة الراقية» هي عمليّة ابتكار الأزياء يدويّاً باستخدام أجود المواد، علماً أنّ صنع ثوب واحد منها قد يستغرق أكثر من ألف ساعة عمل وقد يكلّف الزبونة أضعاف سعر القطعة العاديّة. وفي هذا السياق، لا بدّ من الإشارة إلى أنّ باريس هي موطن تصميم الأزياء الراقية، ففي هذه المدينة يخضع عالم الكوتور لقواعد معيّنة وعلى ممارسيه تلبية مجموعة صارمة من المعايير.

يتمّ تصميم أزياء الـHaute couture بحسب طلب السيدة، وعادةً ما تكون القطعة مصنوعة من قماش عالي الجودة وخامات باهظة الثمن، على أن يتولّى حياكتها خيّاطون ماهرون مع اهتمام بالغ بالتفاصيل.

كيف انطلقت الـHaute Couture؟

يرجع الفضل في انطلاق الـHaute couture إلى الإنكليزي Charles Frederick Worth الذي بدأ في العام 1858 بتصنيع الأزياء الراقية في باريس، فابتكر قطعاً فريدة من نوعها لعملائه الأثرياء مثل الإمبراطورة Eugénie، كما وتمّ طلب تصاميمه في البلاط الملكي الفرنسي وفي قصور النبلاء. وبعد عشر سنوات وتحديداً في العام 1868، تمّ تأسيس La Chambre Syndicale de la Haute Couture لأوّل مرّة كضمان للأزياء الراقية. وقد طُلب من المصمّمين مواصفات محدّدة حينها كي يتمّ إطلاق تسمية الـHaute Couture على أزيائهم.

إطلاق رسمي

في العام 1908، تمّ إطلاق مفهوم الـHaute Couture للمرّة الأولى بشكل رسمي. وفي العام 1921، أنشأت الصحافة الفرنسيّة ما يسمّى بـPAIS، وهي رابطة حماية الصناعات الفنيّة الموسميّة، في محاولة منها لحماية الأزياء الراقية الفرديّة من القرصنة، وقد تمّ على الإثر التقاط صور للتصاميم على عارضات الأزياء من الجهة الأماميّة والخلفيّة والجانبيّة. أمّا في العام 1945، فقد أدخلت Chambre Syndicale de la Haute Couture مواصفات جديدة إلى عالم الموضة: أوّلاً، يجب أن تكون التصاميم معدّة بحسب الطلب للعملاء مع تجارب قياس خاصة. ثانياً، يجب أن تضمّ ورشة العمل في الدار 20 حرفيّاً على الأقلّ. ثالثاً، يجب أن تقدّم كل دار أزياء للصحافة الباريسيّة في كل موسم جديد مجموعة من 50 تصميماً على الأقلّ من الملابس النهاريّة والمسائيّة وأن تجري عروضاً مرّتين في السنّة، في شهري يناير ويوليو. وفي العام 1947، تمّ إحياء صناعة الأزياء الراقية في فرنسا بنجاح في زمن الحرب مع مجموعة New Look لـChristian Dior التي عكست بريقاً خاصاً في تصاميمها وشكلاً مميّزاً في قصّاتها حول الخصر وتنانيرها.

للتصميم بُعد إنساني مؤثّر

توسّع وانتشار

مع حلول بداية القرن العشرين، تمّ إنشاء دور أزياء مهمّة في فرنسا لا تزال متاجرها قابعة حتى اليوم في أكثر الشوارع الباريسيّة أناقة. ومن أبرز مشاغل الكوتور في العالم مشغل Chanel الذي يقع في 31Rue Cambon في باريس ومشغل Dior في 30Avenue Montaigne.

أمّا في العام 1966، فقد افتتح Yves Saint Laurent بوتيك Rive Gauche، أوّل بوتيك مستقلّ للأزياء الراقية، وسرعان ما حذا حذوه كل من Pierre Cardin وAndré Courrèges وTed Lapidus وEmanuel Ungaro فافتتحوا متاجرهم الخاصة. وفي نهاية الألفيّة الثانية، أطلقت دور جديدة خطّ الـHaute Couture مثل Thierry Mugler وChristian LaCroix وJean Paul Gaultier.

تراجع ملحوظ

في العام 1970، تقلّص عدد دور الأزياء الراقية إلى 19 بعدما وصل في العام 1946 إلى 106، وقد عزا عدد كبير من المصمّمين سبب هذا التقلّص إلى القواعد الصارمة التي فرضتها La Chambre Syndicale de La Haute Couture، خصوصاً أنّها كان تفرض مواصفات يصعب تحقيقها بعد الحرب.

أقمشة باهظة الثمن

من المعروف أنّ أقمشة الكوتور باهظة جدّاً وتشمل أفخر الأنسجة كالحرير والكشمير والتويد والشيفون وجلد الغزال والفرو وغيرها... فضلاً عن ذلك، لا يضمّ عالم الـHaute Couture تصميم الأزياء وحسب بل يشمل أيضاً الأكسسوارات إذ يتمّ التركيز على القبّعات والأحزمة والأزرار. وأبرز مثال على ذلك القبّعات التي تتعاون فيها دار Chanel مع Maison Michel والذي يتمّ تصميمها وفقاً لمعايير خاصة. هذا ولا يمكننا أن ننسى التطريزات والزخرفات التي تشملها هذه التصاميم الفاخرة.

أطلّي بأزياء منقّشة بطبعات حيوانيّة

نادٍ نخبوي

في ربيع العام 2016، ضمّ النادي النخبوي 13 عضواً، من بينهم مصمّمون شباب مثل Alexandre Vauthier وAlexis Mabille وBouchra Jarrar. وفي هذا العام أيضاً، وفي أحد أكثر لحظات الموضة التي لا تنسى في التاريخ الحديث، نظّم Karl Lagerfeld عرض Fendi لموسم خريف وشتاء 2016 في نافورة Trevi في روما، احتفالاً بالذكرى السنويّة التسعين للدار. وسارت كل من Kendall Jenner وBella Hadid على الماء لعرض هذه المجموعة التي عرفت بالأسطوريّة.

رؤية إبداعيّة وهويّة خاصة

في الوقت الحاضر، تُعتبر الملابس الجاهزة والأحذية والعطور مصادر الدخل الأساسيّة في دور الأزياء. فقد باتت خطوط الأزياء الراقية تعبّر بشكل أكبر عن رؤية إبداعيّة وهويّة خاصة بالعلامة التجاريّة. وبدل أن يتمّ ابتكارها لغرض بيعها وجني المال، باتت تُصمّم لتعزيز الترويج للعلامة ورفع مكانتها التجاريّة ودعم المشاريع الخاصة بها.

 
شارك