أتعلّم الكثير من هذه المرأة
كنت أشوف فيلم عن ناس يتسلّقون قمّة إفرست. تعرفينها طبعاً. يقودهم شخصين ويدفعون فلوس عشان الرحلة ديّة. وبيه ناس يتابعونهم من قاعدة الجبل ويقولون لهم لا يتأخّرون في النزول عشان العاصفة رايحة تهبّ. بس اثنين منهم يتأخّرون. قال يريدون يحقّقون حلمهم بالوصول لقمّة إفرست بأيّ ثمن. وتهبّ العاصفة وتبدأ المعاناة. وكده أتذكّر رها محرق السعوديّة اللي وصلت للقمّة ديّة. أصغر عربيّة تقوم بالمغامرة الصعبة. الفيلم يخلّيك تدرين إنّه إرادتها قويّة مرّة. تقولين سوّت حاجة عاديّة؟ لا، مو عاديّة. غيّرت، مثل كثير نساء، النظرة للمرأة.
اقرئي: في «بيير شيك» في دبي
المرأة تقدر حين تريد. تأكّدي... هوّ ده اللي أريد أقوله في المقالة اللي أكتبها دحين. أجلس في غرفتي وأعبّر عن أفكاري. بس تدرين؟ حين أقرأ قصّة إمرأة حقّقت إنجازات أفتخر. تنسين زها حديد المعماريّة العالميّة؟ البروفيسورة والجرّاحة السعوديّة غادة المطيري؟ طب أكيد قرأت عن عالمة الفيزياء Marie Curie وعن Coco Chanel وAngela Merkel وAngelina Jolie... كلهم سوّوا تغييرات في مجالاتهم وحتى في حياة الناس. أكتب: «لا يمكن أن يكتمل العالم من دون نصفه الثاني، نصفه الذي يتّسم بالتناقض الغريب بين النعومة والقوّة. فنساء كثيرات أصبحن إحدى رئتي هذا العالم الذي يشرف من دونهنّ على الاختناق. ومن سير نجاحهنّ استمدّت نساء أخريات الإرادة والعزيمة. لا، لم تعد المرأة والضعف صنوين...».
اقرئي: رحلة في جبال الألب
أروّح في نظراتي وأفكاري لمكان مو محدّد. فعلاً المرأة في كل مكان. أسمع صوت والدتي تقول: «هيا، العشاء». أقول لها: «ما أحسّ بالجوع». أفكّر: حتى أبسط النساء عندهم إنجازات وتقدرين تتعلّمين من سيرتهم. أكتب: «من النساء مَن بلغن سدّة القيادة ومنهن مَن شاركن في العمل الاجتماعي والإنساني ومنهن مَن حوّلن الدموع إلى حدائق من ابتسامات وهمسات الألم إلى ضحكات. لكن منهنّ أيضاً مَن لعبن وما زلن دور الأمومة الأكثر حلاوة رغم مرارته». أسمع أمّي تسأل: «ليه ما تحسّين بالجوع؟ ما أفهم!» وأنا أقول لها: «ما أدري يمّه بس ممكن أجوع بعد ساعة».
اقرئي: آكل أغلى آيس كريم في العالم
أشوف في قلبي قلبها يدمع حين أذكر الجوع. وأكتب: «نتعلّم الكثير من نساء رائدات لامسن الغيوم بطموحاتهنّ وغيّرن حياة أناس آخرين. لكنّنا نتعلم أكثر من أولئك اللواتي بذلن أنفسهنّ حبّاً لأبنائهنّ». أمّي دوم تقول لي: «مو رايحة تفهمين إيش يعني أمّ إلّا حين تصيرين أمّ». أكتب كمان: «لم يعد العالم يقفل أبوابه كل مساء إلّا بيد المرأة، اليد الحديديّة واللطيفة التي تقبض على زمام أمور كثيرة نهاراً وتُربّت على رأس طفلها ليلاً. أليست مدرسة بحدّ ذاتها؟ ألا تهزّ السرير بيمينها والعالم بيسارها فعلاً؟».
DRAWING BY FASHION ILLUSTRATOR ©SHAMEKH BLUWI