
بقيادة المبدعة الفنية CATHERINE MARTIN مجموعة Miu Miu Upcycled تتألق من جديد

عندما يلتقي عالم السينما بعالم الموضة، يولد سحرٌ فريد. هذا ما رأيناه في مجموعة Miu Miu Upcycled الجديدة التي قدّمتها الدار بالتعاون مع مصممة الأزياء والديكور الحائزة على أربع جوائز أوسكار، Catherine Martin. فقد شمل هذا التعاون فيلماً قصيراً بعنوان Grande Envie ليرافق المجموعة، تدور أحداثه في قصر فاخر مستوحى من فترة أواخر عشرينيات وأوائل ثلاثينيات القرن الماضي التي شهدت تصادمات أسلوبية. فتستحضر المجموعة التباين بين الطابع العملي وما هو ثمين، إذ تقدّم تنسيقات غير متوقعة تنبض بالإبداع. وقد أُطلقت سلسلة Miu Miu Upcycled لأول مرة في عام 2020، وهي تهدف إلى منح حياة جديدة للملابس الفينتدج بتحويلها إلى قطع معاصرة على يد أمهر الحرفيين، ما يعكس جوهر الدار الفاخرة. وفي مقابلة مع Catherine Martin، غصنا في عالمها الإبداعي لنتعرّف أكثر على مجموعة Miu Miu Upcycled لعام 2025.
كيف بدأت علاقتكِ مع Miu Miu وما الذي تعنيه لك؟
بدأت صداقتنا أنا وزوجي Baz مع المصممة Miuccia Prada وعلاقتنا مع علامتي Prada وMiu Miu منذ عملنا على فيلم Romeo and Juliet. فلقد عرّفتنا على العلامتين مصممة أزياء الأفلام Kim Barrett، التي كانت تعمل على الفيلم آنذاك، وقد اقترحت استخدام بدلة من Prada للممثل Leonardo DiCaprio في أول مشهد يظهر فيه وهو جالس تحت قوس سينما مهدّمة. ومنذ ذلك الحين، شكّل تعاوننا الذي امتد لثلاثين عامًا مع كل من Miu Miu وPrada جزءاً أساسياً في ابتكار بعض الإطلالات الأيقونية في أفلامنا، كفستان شخصيّة Daisy المرصّع بالكريستال في مشهد الحفل في فيلم The Great Gatsby، أو خزانة ملابس Priscilla مؤخراً في فيلم Elvis.
Miu Miu علامة تهتم كثيراً بإعادة التدوير للأفضل، كيف ترين أهمية هذا المفهوم؟
أنا من عشاق الموضة واقتناء القطع المميزة، لذا أدرك تماماً أننا ولأول مرة في التاريخ نواجه تهديدًا بيئيًا حقيقيًا نتيجة وتيرة إنتاج الملابس واستهلاك الأزياء. يكفي أن نلقي نظرة على صور الشواطئ الإفريقية التي غمرتها القمصان المهملة لنُدرك حجم المشكلة. وعلى الرغم من أنني لا أملك الحق في إلقاء اللوم، نظراً لعاداتي الشرائية، إلّا أنني أحاول بصدق أن أجد طريقة أكثر أخلاقية للتعامل مع هذا المجال. ومع تحوّل الملابس إلى منتجات سريعة الزوال، أجد في رؤية Miu Miu ما يُلهمني، إذ تعيد ابتكار قطع تملك تاريخًا وربما باتت منسية أو خالية من القيمة، وتمنحها حياة جديدة. فكرة منح هذه القطع حياة جديدة، من خلال مزج تيشيرتات قطنية عادية مع دانتيل فاخر فينتدج، هي فكرة تثير اهتمامي حقاً. هذا المزج يطرح تساؤلات حول ماهية الفخامة والقيمة، ويعيد تعريفهما ضمن سياق جديد ومعاصر.
"إعادة التدوير للأفضل تتيح للملابس القادمة من الماضي أن تُصبح جزءًا من حكاية أحدهم في المستقبل، حاملةً معها ذكريات جديدة."- Catherine Martin
كيف تصفين العلاقة بين السينما والموضة؟
السينما والموضة مترابطتان ارتباطًا عميقًا، فكل إنسان على وجه الأرض يشارك يوميًا، وبشكل واعٍ أو غير واعٍ، في فعل ارتداء الملابس. حتى أولئك الذين يرفضون الموضة، إنما يعبّرون عن موقفهم هذا من خلالها. الموضة هي الزيّ الأول للإنسان، وهي أول ما يلفت النظر عند دخول أي شخص إلى مكان ما، إذ تعكس من يكون، وما يشعر به في تلك اللحظة. وكما تقول ميوتشا برادا: "الموضة لغة سرّية". وبصفتي مصممة أزياء سينمائية، أحرص دائمًا على أن تحمل ملابس الشخصيات دلالات ومعانٍ صامتة، تساعد المشاهد على فهم أعمق لماهية الشخص الذي يراه على الشاشة، من دون أن تنطق بكلمة.
في كل يوم، يتزيّن الإنسان بزيٍّ يواجه به العالم."- Catherine Martin
من أين نشأ حبكِ للموضة، وكيف تعكس Miu Miu هذا الحب؟
منذ طفولتي، كنت مهووسة بالموضة. وأذكر جيداً أنني رفضت ارتداء أي لون من الأحذية غير الأحمر حتى بلغت السادسة من عمري. أؤمن بأن الموضة هي تعبير إنساني غريزي وأصيل، فهي أول إيماءة فنية عرفتها البشرية، فقبل أن نرسم على جدران الكهوف، كنا نضفّر شعرنا، نضع القلائد، نرسم الوشوم... كنا نزيّن أنفسنا. الموضة شيء نتشاركه جميعاً، سواء اعتبرناها أمراً تافهاً أو جوهرياً، فهي عنصر أساسي في تشكيل الهوية الإنسانية. وما أحبه في لغة Miu Miu هو أنها مرحة وتهكّميّة، أنثوية وذكورية، جميلة وقبيحة في آنٍ معاً. هذا التوتر الديناميكي بين المنفعيّ والقبح والجمال، يخلق قطعاً عصرية بامتياز، وتبدو مناسبة تماماً للعالم المتغيّر الذي نعيشه فيه اليوم.
كمخرجة تمتلك رؤية محددة، ما هو العنصر الأساسي الذي ركّزتِ عليه في هذا الفيلم القصير؟
ركّزت على تقاطع الماضي والمستقبل، تماماً كما في تصاميم المجموعة. أردت أن أعبّر عن الحب والحنين للماضي، مع نظرة نحو المستقبل.
كيف تعتقدين أنّ هذا الفيلم سيؤثر على جيل الشباب من عملاء Miu Miu، خاصة الجيل زد؟
من الصعب التنبؤ بردود فعل الجمهور، لكنني آمل أن يتصلوا بالرومانسية والحنين الموجودين في هذا الفيلم القصير. ربما يجدون فيه صدى لتجاربهم ومشاعرهم.
في عالم يتغير بسرعة، ما هو برأيكِ مفتاح النجاح في ظل الحاجة المستمرة للابتكار والإبداع؟
أعتقد أن في هذا العالم المتغير، حيث يمكن للذكاء الاصطناعي جمع المعلومات وتحليلها من مصادر موجودة مسبقاً، يصبح الإبداع البشري أكثر قيمة. اللحظات الإبداعية غير المتوقعة والعشوائية هي ما يميز الإنسان، وستظل دائماً لها مكانتها ولن تحل الأول محلّها.
ما هو رأيكِ الشخصي حول مفهوم إعادة التدوير للأفضل والاستدامة، وكيف تصفين دور Miu Miu في هذا المجال؟
لستُ خبيرة في مجال الاستدامة، بل إنني أعتبر نفسي مستهلكة شغوفة—بل ومذنبة أحياناً—في حبّي للموضة. أعشق الملابس الجميلة، لكنني في الوقت نفسه أُدرك، من خلال تفاعلي مع الواقع من حولي، أننا نمرّ بمرحلة حرجة في تاريخ البشرية، حيث تبلغ رغبتنا الطبيعية في الاستهلاك ذروتها. وهنا تصبح الحاجة إلى التغيير أكثر إلحاحاً. وما يثير اهتمامي حقاً هو الطريقة التي تساهم بها Miu Miu في إثارة النقاش حول إعادة الاختراع وإعادة استخدام الأشياء الموجودة مسبقاً، ومنحها حياة جديدة وفرصة لكتابة تاريخ جديد. فتحتفي بتاريخ القطعة، لكنها تدفع بها نحو المستقبل. في مجموعة Upcycled، على سبيل المثال، نعيد ابتكار قطع يمكن أن تُعدّ قابلة للتخلّص منها، ونمنحها قيمة غير متوعة من خلال دمج خامات بسيطة مثل القمصان القطنية مع الدانتيل الفاخر. النتيجة هي قطع تحمل في طيّاتها معاني جديدة غير متوقعة.
اقرئي المزيد : الكثير من المشاعر والإبداع والشغف في عالم غادة الفردان وابنتها عائشة الصايغ