
الكثير من المشاعر والإبداع والشغف في عالم غادة الفردان وابنتها عائشة الصايغ

في عالم الأعمال والإبداع والتجارة والنفوذ والقوة، تعتبر غادة الفردان من أهم وأبرز سيدات الأعمال العربيات اللواتي وصلن بإنجازاتهن وطموحاتهن إلى المحافل العالمية، أما في البيت فهي أم وزوجة ومربية لأولاد، استطاعوا من خلال توجيهها أن يقرروا أهدافهم الحياتية وينطلقوا لتحقيقها.
وعائشة الصايغ هي الابنة التي أحبت أن تسير على خطى والدتها، فتلتحق بالشركة العائلية وتبدأ بخطوات ثابتة ومدروسة في إدارة وتطوير جزء جديد من أعمال دار المجوهرات العربية المعروفة بأعلى معايير الجودة والتميّز والأصالة.
اليوم نأخذك إلى عالم الأم والابنة، فنتعرف عليهما عن قرب ونكتشف علاقتهما الجميلة والقوية والمبنية على الحب والاحترام والثقة.
نشأت غادة الفردان في منزل خبير المجوهرات واللؤلؤ المشهور والمتميّز عربيا وعالمياً، السيد حسين الفردان، وعاشت ذكريات جميلة معه في طفولتها، فتشربت علاقته بالمجوهرات وانتقل هذا الإعجاب وكأنه إرث مميز، تقول غادة "ذاكرتي بوالدي تعيدني إلى أب حنون مهتم بأبنائه ودائم التواجد حولهم، يتابع دراستهم، ولا يبخل عليهم بالنصيحة أو بالتدخل حين يشعر أنهم بحاجة إلى التوجيه.. لا أنسى أبداً حين كان يجتمع بتجار اللؤلؤ وكنت أقترب منه وأجلس معه وأتابع بدهشة وإعجاب وانبهار كيفية مساومته على الأسعار، فأظل مترقبة لما سينتهي عنه المجلس مع خبراء اللؤلؤ وكيف يتمكن ببراعة من تحقيق الأنسب لعمله، من هنا وجدت في نفسي الحب ذاته لهذا المجال ولا سيما للؤلؤظلأ وانتقل لي شغفه وحبه مع قدراته العجيبة على المفاوضة والوصول إلى نتائج مرضية".
حين وصل الأمر لاختيار المهنة التي تريدها لمستقبلها، تقول الرئيس التنفيذي لمجوهرات الفردان "شعرت أني سأحقق ذاتي بشكل أكبر في شركة العائلة، فأنا أحببت هذا المجال الحيوي وأدركت أني قادرة على العطاء بشكل أكبر حين أكون محاطة بأشخاص داعمين ومتفهمين لي، فهم في النهاية والدي وإخوتي أعزّ ما أملك، والأكثر قدرة على فهمي وتوجيهي والانسجام مع أفكاري وتطلعاتي المهنية".
ولأن رحلتها لم تكن قصيرة أو سهلة كما قد يضن البعض، فقد شهدت شخصيتها الكثير من التغيرات حتى اكتمال النضوج والرؤية المهنية لديها، لتصل إلى موقعها الحالي كالرئيس التنفيذي ونائبة رئيس مجلس الإدارة لمجوهرات الفردان، وعن هذه التحولات تقول "صرت أكثر صبرا وهدوءاً، لا أنفعل بسرعة كما كنت في السابق، بل أواجه أي عراقيل أو مشاكل بثبات ورغبة بإيجاد حلول مناسبة وغير متسرعة أو آنية، كما أني تفهمت أكثر شخصيات الموظفين وبت قادرة على التعامل مع مختلف الظروف واعتماد الإيجابية للتعامل مع أي مستجدات غير محسوبة، ففي النهاية لا يمكن للخطط أن تسير دائماً كما هو متوقع، وعلينا التحلي بالحكمة للتعامل مع الأزمات في حال حصولها".
تعتبر غادة أن سبب تميّز علامة الفردان واختلافها عن باقي علامات المجوهرات الراقية هو "جذورها الراسخة التي تمتد على مدى أجيال فقد عاصرت مطبات كثيرة وبالرغم من ذلك صمدت واستمرت وتطورت مع التطور الحضاري والانفتاح الثقافي في المنطقة الخليجية والعربية".
أدخلت غادة تغييرات على عالم المجوهرات من خلال قيادتها لمجموعة الفردان، وقد حدثتنا عن أسرار النجاح في قيادة شركة كبيرة ومتشعبة الأفرع وذات طابع إبداعي وتصميمي كالحلي والساعات والمجوهرات، وقالت "الأساس في نجاح أي عمل كبير هو امتلاك روح الفريق المتماسك والمنسجم، فنحن نعمل كفريق قوي ومتقارب وقد قمت بتغييرات جذرية مع فريق عملي، أهمها التركيز على منصات التواصل الاجتماعي لكي يكون الوسيلة الأولى للوصول لعملائنا، إدراكاً منا لدورها الكبير في التأثير على المستهلك والوصول لشرائح كبيرة من مختلف فئاته. كما أن "الأمانة" هي السر الذي يميّزنا، فالعميل عندما يشتري قطعه ثمينة من الفردان يكون واثقاً من جودتها، وهذا ما حافظنا عليه طوال سنوات طويلة".
استطاعت غادة أن تكسب ثقة وتقبل مجتمع الأعمال الخليجي والذي يسيطر فيه الرجل بشكل كبير، فكيف حققت هذه المعادلة؟ تقول "واجهت صعوبات كثيرة في البدايات فلم يتم أخذي على محمل الجد لأني لا أملك الخبرة الكافية، لكنّ إصراري وحماسي وحبي للعمل والاستمرار، كلها أمور أثبتت جدارتي ومكنتني من الوصول لما أنا عليه اليوم".
استفادت غادة من وجود زوج داعم ومحب إلى جانبها، لكي توفق بين دورها كأم، وأعمالها ومسؤولياتها، تقول "الذي يحركني هو دعم عائلتي أولاً وأولادي ثم دعم المجتمع حولي وكلمات التشجيع التي أتلقاها عبر منصات التواصل الاجتماعي، فهذا يعني أن مشاريعنا تلقى أصداء إيجابية، لذلك نحن مستمرون في التوسع أكثر وفي تقديم كل جديد ومميز يكمل خطنا ويحافظ عليه".
تقدم غادة نصيحة لابنتها التي تخوض مجال عملها، تتلخص حول مفهوم واحد وهو الصبر، فتؤكد أن الوصول إلى النجاح لا يتم بين ليلة وضحاها، بل يحتاج إلى تراكم التجارب والخبرات، والتعامل مع الكثير من المشاكل وتجاوزها، كما يتطلب البحث عن المعرفة والتعلم باستمرار.
فماذا تخربنا الآن الابنة: عائشة، عما اكتسبته من والدتها كسيدة أعمال متألقة في مجالها وكأم بارعة في الاهتمام بأولادها وتقسيم وقتها بشكل يسمح لها بعدم التقصير باتجاه طرف لناحية الطرف الآخر؟
تطلعنا عائشة عن سبب دخولها إلى شركة العائلة، فهل كان حبها الحقيقي للمجوهرات ورغبتها بأن تكون جزءاً من هذه الصناعة الراقية والمميزة، أم تأثرها بشخصية ونجاح والدتها؟ تقول "الصراحة، الاثنين مع بعض! الوالدة كانت دائماً قدوتي في كل شيء، وحين باتت CEO لمجوهرات الفردان في الإمارات، رأيت بعيني كيف استطاعت أن تبرع في كونها ربة بيت وتكون أيضاً امرأة عاملة وناجحة جداً، تحقق إنجازات كبيرة في وقت قصير. هذا الشيء ألهمني ودفعني إلى الحلم والرغبة بأن أكون معها، ليس فقط لأني أحب المجوهرات وأراها كجزء من هويتي، بل لكي أساهم في إرث العائلة وأكمل المسيرة بطريقتي الخاصة".
تكمل "أذكر كثيراً في صغري مدى ثقتها بنفسها وقوتها وهي تدخل عالم الأعمال، وتواجه الصعوبات بصلابة وثبات، وكنت أقول في نفسي: إذا استطاعت هي أن تقوم بهذا كله، فأنا بعد سأقدر وسأكون بجانبها أساعدها وأتعلم منها. كنت أتابع كيف تعمل وتتخطى التحديات، ورغبت بأن أكون عنصر داعم لها وللعائلة.. هالشي خلاني أعرف إنه مكاني الطبيعي في هذا المجال، وإنه عندي شغف مو بس بالمجوهرات، لكن بعد بإدارة العلامة التجارية وتنميتها الخاصة بنا وتنميتها".
كطفلة صغيرة رأت والدتها ناجحة في عملها، وقادرة على إدارة شؤون بيتها والتواجد مع أولادها حين يحتاجونها، فقد تعلمت عائشة الكثير من القيم التي تخبرنا عنها "أكثر شي تعلمته من الوالدة هو التوازن. رأيت كيف كانت دائماً تعطينا من وقتها واهتمامها، وفي نفس الوقت تعمل بكل احترافية وتحقق أهدافها. تعلمت منها قوة الالتزام، وأن النجاح المهني لا يعني أبداً أن تهملي حياتك الخاصة، كما أن الزواج وتأسيس عائلة لا يعني التخلي عن أحلامك العملية، بل السر في النجاح هو في إيجاد التوازن، وأهم ما تعلمته أيضاً كيفية التواصل الصحّي وأهميته في أي علاقة، سواء في البيت أو العمل".
اليوم تتولى عائشة منصب مديرة العلامة التجارية الجديدة لمجوهرات الفردان، "ليدي الفردان"، وتقول عنها "أنا فخورة جداً بهذا المشروع الجديد، لأنه يمثل لمسة عصرية لكن بجذور أصيلة. زهور وأمنية بنات خالي عمر هما المصممتان اللتان تبتكران التصاميم الجديدة، وأنا أشتغل كمديرة العلامة التجارية بهدف تطويرها وإيصالها للجمهور الذي يقدّر الفخامة ويبحث عن الجودةوالأصالة.. الفكرة أن نقدم منتج فريد، يعكس جمال التراث لكن بأسلوب حديث يناسب الجيل الجديد".
تركز عائشة حالياً على علامة "ليدي الفردان"، ولديها خطط مستقبلية للتوسع، سواء من ناحية التصميمات أو الأسواق التي تستهدفها. تقول "أحب التفكير في طرق جديدة للابتكار، وهدفي أن تصير العلامة من الأسماء البارزة في عالم المجوهرات الفاخرة، ليس فقط في الخليج، ولكن على مستوى عالمي أبعد وأوسع"، وتسعى أيضاً لوضع خطط إدارية وقيادية وتسويقية لتمييز العلامة وجعلها تحاكي الجيل الجديد من الشباب العربي، مؤكدة أن العامل الأهم بالنسبة إليها هو أن تكون "العلامة قريبة من الناس وتواكب تطلعات الجيل الجديد، لذا نركز على التسويق الرقمي بشكل كبير، لأن كل شيء يتحول نحو الأونلاين، ونعمل على بناء هوية مميزة للعلامة لكي تكون مرغوبة عالمياً، من خلال تشجيع التعاونات مع شخصيات مؤثرة تناسب روح العلامة، لنخلق تجارب فريدة لعملائنا وجديدة لعملائنا".
وعن النصائح التي تلقتها من والدتها واستفادت منها في حياتها المهنية، ذكرت "الوالدة دائماً تقول لي: "اسمعي لكل الناس، لكن دعي قرارك النهائي ينبع من عقلك فقط". تعلمت منها أن يكون عندي رؤية واضحة ولا أتأثر بسهولة بأي تحديات أو آراء سلبية. نصحتني أيضاً أن أكون مرنة، لأن النجاح في الأعمال يحتاج سرعة التكيّف والتعامل مع كافة العراقيل أو النجاحات بذكاء ووعي دائم".
تكمل "أنا والوالدة نتشابه في حبنا للعائلة، وفي طريقة تعاملنا مع الناس، دائماً نحب أن نسمع ونتفاوض قبل أن نأخذ أي قرار مهم. نحن الاثنتان لدينا حب وشغف كبير للعمل ولتطوير أنفسنا. أما من ناحية الاختلاف، فهي لديها أسلوب أكثر كلاسيكية في الإدارة، وأنا أميل أكثر للطرق الحديثة والابتكار في التسويق والتواصل مع الجيل الجديد".
بالتأكيد تأثرت شخصية عائشة، بعلاقات وصفات أمها ولكنها تنوي أن تحدث بصمتها الخاصة دون المساس بإرث الوالدة والجد الكبيرين، وحول هذا الأمر تقول النجاح الذي حققته الوالدة جعلني أؤمن أن المرأة قادرة على تحقيق أي شيء تبغيه حين تملك العزيمة والإصرار. والدتي أثرت بي بشكل كبير من ناحية قوة الشخصية، وتحمل المسؤولية، وجعلتني أقتنع أن النجاح لا يأتي من منصب أو لقب، لكنه ينتج عن رحلة مستمرة من العمل والسعي. واليوم أحاول أن أكوّن بصمتي الخاصة من خلال تطوير "ليدي الفردان" بأسلوبي، مع الحفاظ على هوية العائلة وإرثها العريق، ومحاكاة الجيل الشاب الذي أنتمي إليه وأعرف أفكاره وتطلعاته".
اقرئي المزيد: أريج فارح: آمل أن تشجع رحلتي النساء على دخول ملعب البادل