أخبار

التدخّل بين الزوجين… مسموح أم ممنوع؟

 يجمع الزواج بين اثنين وافقا على اقتسام حلو الحياة ومرّها، وأدركا جيداً حين أقدما على هذه الخطوة أنّهما سيواجهان المشاكل وسيختلفان وسيشعران في مرحلة ما بأنّ استمرارهما معاً مستحيل، لكنّهما رغم ذلك يقرّران المضي قدماً في مشروع العمر. في هذه المرحلة، يرفض الشريكان مجرّد التفكير بإمكان تدخّل أحد في علاقتهما، فهما يكونان على ثقة بأنّ الحب والانسجام اللذين بدآ به علاقتهما سيستمر إلى الأبد. لكن مع تراكم المسؤوليات وتزايد الضغوط الحياتيّة والمعيشيّة، يتسلّل الكثير من الأشخاص إلى العلاقة برغبة الزوجين أو أحياناً من دون أن يتقصّدا ذلك. فمتى يكون التدخّل بين الزوجين ضرورة لإنقاذ علاقتهما وما هي حدود هذا التدخّل؟

توتّر وتراكمات

يقول علماء الاجتماع إنّ سبب غالبيّة الخلافات الكبيرة التي تقع بين الزوجين يرجع إلى أمور صغيرة تتحوّل وتكبر مثل كرة الثلج بسبب التوتّر الزائد الذي يطبع العصر الحالي والتراكمات التي يحملها الطرفان لأنّهما لا يناقشان ما يزعجهما، وأيضاً بسبب التدخّلات الخارجيّة ولا سيما من قِبل الأهل. في هذا السياق، تقول وفاء (36 عاماً): «كدت أخسر زواجي بسبب تدخّل الآخرين. في السنة الأولى من الزواج، واجهنا الكثير من المشاكل، وأنا اعتدت إخبار والدتي وصديقتي الحميمة بكل ما يزعجني واستمررت على هذا المنوال بعد الزواج، وهما لكثرة حبّهما لي كانتا، من دون أن تتقصّدا ذلك، تحرّضانني على زوجي وتؤجّجان خلافاتنا».

موقف يجب أن يُتّخذ

تكمل السيدة وفاء: «والدته أيضاً لم تقصّر، فقد كانت تعتبرني مخطئة من دون أن تعرف سبب الخلاف وتنتقدني على كل ما أفعله، تتدخّل في طريقة اهتمامي بمنزلي وباختياري لملابسي وبمصاريفنا. بقينا في هذه الدوامة ثلاث سنوات، وكنت أحسّ بأنّ زواجنا يسير نحو الهاوية، وكأنّنا نتحوّل إلى أعداء بعدما بتنا في جبهتين، كل واحد يتحيّن الخطأ للآخر. ما أنقذنا هو موقف اتّخذناه بألا نتحدّث عن خلافاتنا أمام أحد وألا نسمح لأحد بأن يتدخّل في شؤوننا».

التدخّل حاجة ملحّة

في بعض الأحيان، يكون تدخّل الأهل حاجة لإعادة الأمور إلى مجاريها بين الشريكين. تقول هناء (27 عاماً): «واجهت الكثير من المشاكل مع خطيبي في بداية علاقتنا، وكانت والدته هي التي تعيد المياه إلى مجاريها بيننا لأنّها تعرف طباعه أكثر منّي، فكانت تنبّهني إلى ما يزعجه وتشرح لي ردود أفعاله، لكنّها أمامه تؤازرني وتطلب منه أن يعتذر ويراضيني». تضيف هناء: «قدّرت مواقفها كثيراً، فقد ساعدتني في التعرّف على شخصيّة خطيبي الذي بات زوجي وأعيش معه اليوم حياة مستقرّة، لذلك لا أمانع تدخّلها في حياتنا شرط ألا يكون في قراراتنا المهمّة، لكنّني لا أرضى أن يعرف أحد غير والدته أو والدتي بمشاكلنا، إذ إنّ الاستماع إلى هذا وذاك سيزيد الطين بلّة».

حالات استثنائيّة

يطلب الزوجان في حالات معيّنة تدخّل الآخرين في حياتهما، لا سيما إذا واجها مشاكل ماديّة. في هذا السياق، تتحدّث لمى (43 عاماً) عن وقوف أهل  زوجها إلى جانبهما حين فقد زوجها عمله: «لم يرغب زوجي في أن يخبر أهله بمشكلته، لكنّني أصررت عليه أن يطلب مساعدة والده، فهو مقتدر الحال ولن يرضى بأن تواجه أسرة ابنه ضائقة، والحمد لله أنّه لم يخيّب ظنّنا، فقد أعطى زوجي مبلغاً كبيراً وساعده في شراء متجر نعتاش منه حالياًَ».

يستمر دور الأهل في حياة أولادهم بعد الزواج في المجتمع الشرقي أكثر منه في المجتمعات الغربيّة، وهذا أمر إيجابي ومفيد، فقد يحتاج الزوجان إلى مساعدة الأهل في تربية الأولاد وفي الاعتناء بهم في حال كانت المرأة عاملة، كما أنّ خبرة الأهل الواسعة قد تفيد المتزوّجين حديثاً والصغار في السن وتوجّههم  بالاتجاه الصحيح.

مساعدة في تربية الأطفال

حول هذا الأمر، تقول ندى (25 عاماً): «ساعدتنا أسرتانا في كلّ ما يتعلّق بزواجنا، ابتداءً من اختيار أثاث البيت، مكان العرس وحتى ثوب زفافي. بعد ذلك، استفدت من طبخات والدتي وحماتي لأنّني كنت جاهلة بأمور الطبخ، كما أنّهما ساعدتاني في تربية ابني لأنّني كنت خائفة جداً بعد حملي الأول وإنجابي، وهما علّمتاني كل ما أحتاج إلى معرفته».

إذا كان تدخّل الأهل مبرّراً ومطلوباً في بعض الحالات، فإنّ تدخّل الأصدقاء والمعارف والجيران تكون له في العادة تداعيات سلبيّة على علاقة الزوجين.

تقول سهى (29 عاماً): «اعتدت أخذ رأي صديقتي في كل شؤوني وبعد زواجي لم أغيّر عادتي، لكنّني لاحظت أنّها تحرّضني دائماً عليه وتنتقده وكنت أتأثّر برأيها وأحياناً يحصل خلاف بيننا بسببها. بعد فترة، صرت أتجنّب إخبارها عن أمورنا ولاحظت أنّ علاقتي تحسّنت كثيراً مع زوجي».

أذى غير مقصود

تضيف سهى: «حين صارحتها، أكّدت لي أنّها لا تتقصّد ذلك ولكنّها تشعر بأنّ انشغالي بحياتي الزوجيّة سرقني منها لا سيما أنّها غير متزوّجة، ولعلّها من دون وعي كرهت زوجي لأنّه بات يأخذ جزءاً كبيراً من اهتمامي. تفهّمت وجهة نظرها ولم تتغيّر علاقتي بها، لكنّني صرت أتحاشى الحديث أمامها عمّا يحصل في زواجي».

حدود الفضفضة

ترتاح المرأة حين تفضفض بما يزعجها لصديقاتها، وهذا الأمر ليس سيّئاً طوال الوقت، إذ يمكن للصديقات تقديم اقتراحات قد تكون غفلت عنها لمعالجة ما يزعجها، لكنّ هذا لا يعني أن تمسح المرأة شخصيّتها وتنفّذ ما يقلنه لها، فيتوجّب عليها وضع حدود لهنّ والإبقاء على النواحي الحميميّة والشخصيّة في حياتها الزوجيّة قيد الكتمان.

خطر المقارنة

تلجأ بعض النساء إلى المبالغة عند الحديث عن الحياة التي يعشنها مع أزواجهن، وحين تستمعين إليهنّ أو تقارنين وضعك بوضع صديقاتك الأكثر ثراءً أو اللواتي يتغنّين بصفات الشريك وتصرّفاته سواء كنّ صادقات أم كاذبات، تسبّبين لنفسك مشاكل أنتِ في غنى عنها، لذلك لا تصدّقي دائماً ما تسمعينه وقوّي علاقتك بزوجك كي تكونا معاً أقوى من أيّ عوامل أو تدخّلات خارجيّة قد تزعزع أركان عائلتكما.

المزيد من النصائح: هل تعيشين زواجاً صحيّاً وبنّاءً؟ ، ما يستحق وما لا يستــحق أن تختلفي مع زوجك لأجله ، الزوج شريكك فـي تربيـة الأطفال أيضاً

قد يهمك أيضاً

اشترك في صحيفتنا الإخبارية