الزوج شريكك فـي تربيـة الأطفال أيضاً

تهتم المرأة أكثر من الرجل بالأولاد، ففي داخلها غريزة الأمومة التي تخوّلها حين تتزوّج وتنجب أن تصير مسؤولة عن كل ما يتعلق بصغارها. أما الرجل، فنراه بعيداً عن عالم الأطفال ولذلك يشعر بعد أن يصير أباً بأنّه دخل إلى عالم غريب لا يعرف عنه شيئاً.

المفهوم السائد أنّ المرأة مسؤولة عن إدارة منزلها وتربية أطفالها بينما الرجل يتحمّل الأعباء الماديّة للعائلة، ليس صحيحاً أو صحياً على الإطلاق، فالمرأة تحتاج إلى شريك يعاونها في كل ما تمر به والرجل أيضاً يجب أن يشعر بأنّه مؤثر وفاعل في حياة أولاده وفي القرارات التي تتعلق ببيته.

إقرئي أيضاً: حين يعكس شكل أظافري شخصيتي ، كثّفي شعرك الخفيف! ، 9 معلومات عن الكونسيلر

عدم المعرفة

يتحجّج رجال كثيرون بعد أن يأتي الطفل الأول بأنّهم لا يعرفون شيئاً عن أصول العناية بالأولاد، بعضهم لا يعرف كيف يحمل الصغير أو كيف يطعمه أو يغيّر له الحفاض، لذلك يتركون هذه المهام للأم التي بدورها في أغلب الأحيان تكون جاهلة بمعظم هذه الأمور ولكنّها تتعلم سريعاً وتتكيّف مع التغييرات التي تحصل في حياتها.

صورة وهميّة

يستسهل الآباء الابتعاد ويصبح هذا الأمر عادة بالنسبة إليهم، وحين يكبر الأبناء يصبح الوالد مجرّد صورة موجودة بالجسم وليس بالفعل، بمعنى أنّ تأثيره في حياتهم وتربيتهم يكون شبه معدوم. هو لا يعرف كيف تنمو شخصياتهم أو ما الذي يستهويهم من مواد تعليميّة مثلاً أو نشاطات حياتيّة وهوايات. يسمع بعض الأحاديث أثناء تواجده في المنزل ولكنّه، ولقلّة الوقت الذي يقضيه معهم، لا يتدخّل كثيراً.

صرخة الأم

هنا تعلو صرخة الأم وتبدأ الاحتجاجات، فالمسؤوليات ضخمة على عاتقها، كما أنّها تواجه صعوبات في تربية الأولاد الذين يحتاجون في مختلف مراحل حياتهم إلى وجود الوالد، فهو السلطة الأعلى في البيت، يجب أن يشعر كل من يعيش تحت كنفه بوجوده وتأثيره وأهميّة آرائه. فكيف يمكن للأم أن تشرك زوجها في تربية الأولاد، من دون أن يبدو هذا الأمر عبئاً إضافياً على كاهله؟

خلال الحمل

البداية تكون بتعزيز العاطفة ورابط الأبوة قبل ولادة الأطفال، وبالتحديد خلال حمل المرأة. فحين تقوم الأم باختيار أغراض الطفل وملابسه وألعابه، عليها أن تشرك الأب في كل هذه الأمور، وتطلب منه أن يذهب معها إلى عيادة الطبيبة النسائيّة كي يسمع صوت نبض الطفل ويراه عبر السونار. وفي يوم الولادة، من الأفضل أن يدخل معها إلى غرفة العمليات ويتابع العمليّة ويتشارك معها لحظة احتضان الصغير للمرة الأولى.

رعاية مشتركة

خلال الأشهر الأولى من عمر الطفل، يجب على الأم أن تتقاسم مسؤوليات رعايته مع زوجها، فليستيقظ مثلاً في يوم عطلته ليلاً لكي يغيّر له الحفاض أو يطعمه ويعيده إلى النوم، وليرعاه حين تضطر إلى الخروج من المنزل.

مساعدة وتوجيه

لا ضــــــــــــير من توجـــــــــــــيه الرجــــل حــــــــــول التصـــــــــرّفات المثــــــــــــــلى وعدم لومــــــــــــه في حال أخطأ في أمــــــر مــــــــــا، فهو يدخل إلى عالم غريب ومخيف بالنـــــسبة إلـــــــــيه.

في هذا السياق، تقول السيدة هبة (26 عاماً) «أنجبت طفلي الأول قبل أقل من سنة، وأعاني الأمرّين كي أقرّب زوجي منه، فهو يخاف حتى من أن يحمله في غيابي».

خوف من إحداث ضرر

تضيف هبة «خوفه يعود إلى أنّه أذاه من دون قصد قبل أن يبلغ شهره الثاني، إذ تركته معه لانشغالي بتحضير العشاء، فبدأ الصغير بالبكاء ولكي يسلّيه قام بإجلاسه على الكنبة وإشعال الولّاعة أمامه، ووقع الحادث حين تحرك الصغير فجأة، فلامست النيران رموشه واحترقت».

حادثة لا تُنسى

تستطرد السيدة الشابة «مرّ الأمر على خير، لكنّ الحادثة علقت في ذهن زوجي ولم تفارقه، ولذلك يخشى الاقتراب من الصغير».

من الطبيعي أن تحصـــــل الحــــــــوادث مــــــــع الأطفــــــال ســــــــواء تواجـــــــــدوا مع الأم أم الأب، وهذا ما يجــــــــب أن يفـــــــــهمه الشريكان، فلا يمكن وضع العوائق بين الأب وأولاده مــــــــهما كانت الأسباب، بل عليه التقرّب منــــــهم وفهم احتياجاتهم وعدم تفويت اللحظات المميّزة معهم، مثل خطواتهم الأولى واللحظة التي يتكلمون فيها وغيرها من الأحداث الهامة التي تزيد التعلّق وتضاعف العاطفة.

نشاطات أيام العطل

من الطرق الفعّالة لإشراك الزوج في تربية الأولاد، القيام بنشاطات مشتركة أيام الإجازات، فهذا الوقت هو الأمثل لزيادة التواصل والتقارب، فيفهم الأب حياة أولاده ويعرف المزيد عن شخصياتهم وما يجري معهم. هنا عليكِ أن تفتحي مواضيع تعرفين أنّها تهمّهما معاً.

بعيداً عن السلبيات

من الضروري ألا تحدّثي الأب دائماً عن المشاكل السلوكيّة التي يواجهها أبناؤه، فهذا الأمر قد يدفعه إلى توبيخهم بقسوة، فيسود التوتّر في العلاقة وتنعدم إمكانيّة التقارب.

خطأ وارد

في هذا الإطار، تقول السيدة عفاف (34 عاماً) «اعتدت لوم زوجي بسبب عدم اهتمامه بأولادنا، وكنت أخبره عن المشاكل التي يواجهونها كي يشعر بالذنب ويهتم أكثر، لكنّ ردة فعله كانت عكسيّة إذ صار يزيد من توبيخه لهم وانتقادهم وازدادت علاقته بهم سوءاً».

تغيير الاستراتيجيّة

تضيف السيدة «استدركت الأمر سريعاً وغيّرت في استراتيجيّتي، فصرت أركّز على التحدّث عن ذكائهم وتفوّقهم في بعض المواد التعليميّة، وأطلب منه أن يساعدهم في المواد التي يواجهون صعوبات فيها، وقد تعاون معي وازداد قربه منهم خلال فترة قصيرة من الزمن».

دور الأولاد

حاولي إشعار زوجك بأهميّته لدى أولاده، ادفعيهم لأن يحضّروا له المفاجآت أو يشتروا له هديّة أو يأتون إليه حين يعود مساءً لكي يخبروه ولو خلال بضع دقائق عن مجريات يومهم، فعاطفتهم القويّة والصادقة تجاهه ستحرّك عاطفته الراكدة تحت زحمة الحياة ومسؤولياتها وانشغالاتها، وسيتغيّر جو البيت وتزداد المحبة والألفة والمشاعر الإيجابيّة.

 
شارك