اختارت أن تتعدّى لوحاتها المعنى الذي نراه أمام أعيننا، فذهبت بفنّها نحو أبعاد إنسانيّة وخيريّة ملهمة. إنّها الرسّامة اللبنانيّة الشابّة رشا حمزة التي قرّرت التبرّع بالأموال التي جمعتها من بيع لوحات معرضها الأوّل للجمعيّات الخيريّة. التقيناها وكان لنا معها حديث عن أسلوبها الراقي في التعبير عن نفسها من خلال الريشة والألوان.
كيف بدأ اهتمامك بالفنّ؟ هل تذكرين حدثاً معيّناً في طفولتك وجّهك أكثر نحو الرسم؟
كل من يعرفني يدرك أنّني شخص عاطفي جدّاً. كثيراً ما يعبّر الناس عن مشاعرهم من خلال هوايتاتهم الخاصّة كالرياضة أو كتابة الشعر أو غيرها، أمّا أنا فاخترت الفنّ، وقد بدأ انجذابي نحو هذا المجال منذ أن كنت في المدرسة وتحديداً خلال حصّة الفنّ مع السيّد جوزيف، إذ كنت أنتقل إلى حالة من التأمّل خلال هذه الحصّة وأترجم كل مكنونات قلبي على الورقة. وقد لفت ذلك انتباهه فكان أوّل شخص شجّعني على متابعة الرسم وتطوير مهاراتي. وقد دعمتني لاحقاً الفنّانة Amal Jibril، ما جعلني أثق بنفسي أكثر فأطوّر مهاراتي في الرسم.
والدتك فنانة، فإلى أيّ مدى تأثّرت بها وبجوّ المنزل الذي نشأت فيه؟
لطالما تمتّعت والدتي بإبداع مميّز وقد انعكس ذلك على منزلنا، بدءاً من التصميم الداخلي وصولاً إلى باقات الأزهار وتزيين الطعام وأسلوبها الرائع في الموضة. وقد نقلت إليّ إبداعها وبدأت أعبّر عنه بطريقة مختلفة فاخترت الرسم والتلوين. وبما أنّها تتميّز بأسلوب استثنائي وموهبة رائعة وذوق رفيع، فهي أهمّ ناقدة لأعمالي إذ تساعدني وتعطيني رأيها بكل مصداقيّة.
اقرئي: كيف تصيرين مدوّنة ناجحة في «السوشيال ميديا»؟
ما الذي تضيفه الدراسة إلى الموهبة؟ هل هي ضروريّة أم يمكن الاستغناء عنها؟
درست التصميم الغرافيكي وقد ساعدني ذلك على تعلّم أسس الرسم والتلوين واستخدام الألوان. بالطبع، تساهم الدراسة في تعزيز تقنيّات الشخص وأسلوبه إلّا أنّ الموهبة هي التي تؤدّي الدور الأهمّ لا سيّما لدى الفنّان.
أقيم مؤخّراً معرضك الأوّل الذي حمل بعداً إنسانيّاً مميّزاً. أخبرينا المزيد عنه وعن أصدائه. لماذا فكّرت بدمج الفنّ بالعمل الإنساني؟ وهل ستستمرّين في هذا الخطّ مستقبلاً؟
إلى جانب الفنّ، أعمل أيضاً في المجال الإعلامي لدى Optimum Media Direction التابعة لـOmnicom Media Group. تنظّم الشركة كل عام مبادرة تتعلّق بالمسؤوليّة الاجتماعيّة للشركات وتهدف إلى جمع التبرّعات للجمعيّات الخيريّة وهي تتميّز دائماً بالتحدّيات الجسديّة. فقد أقيمت مثلاً على مرّ السنين رحلة لتسلّق جبل كليمنجارو ورحلات على الدرّاجة من كمبوديا إلى فيتنام. أمّا تحدّي هذا العام فكان تسلّق جبل إفرست. وقد توجّب علينا جمع مبلغ 20 ألف درهم للمفوضيّة السامية للأمم المتّحدة لشؤون اللاجئين من أجل التكاليف الطبيّة للّاجئين السوريّين في لبنان ولـMission Himalaya Children’s Eco Farm لتأمين المأوى والتعليم لليتامى في نيبال ولدعم ضحايا الزلزال الذي وقع في العام 2015. وأردت أن أقدّم أرباح معرضي الأوّل لخدمة هذه القضيّة إلّا أنّني استطعت جمع المبلغ المنشود بفضل مساعدات قدّمها أصدقاء لي قبل افتتاح المعرض حتى في 25 يوليو في فندق Media One. فرحت كثيراً بالنتيجة وبالدعم والتقدير اللذين حصلت عليهما في المعرض، ما شجّعني على التخطيط للمعرض الثاني.
برأيك، لماذا لا يحذو فنانون ورسامون آخرون حذوك فيقومون بهذه المبادرات؟
لا أظنّ أنّ الكثير من الفنّانين يدركون مدى الفقر الموجود في عالمنا الحالي. أنا محظوظة لأنّني أعمل في شركة تعرّفنا دائماً على المشاكل التي يعاني منها العالم وتقدّم لنا طرقاً مختلفة لنساعد هؤلاء المحتاجين. وعندما يعطي المرء مجتمعه ويختبر هذه التجربة الاستثنائيّة، سيرغب دائماً في تكرارها وأنا أشجّع الجميع على مساعدة المحتاجين. فنحن محظوظون بما لدينا وأقلّ ما يمكننا فعله هو خدمة مجتمعنا. وأظنّ أنّ الكثير من الأشخاص سيرغبون حتماً في المساعدة إذا ما أتيحت لهم الفرصة. فخلال معرضي مثلاً تطوّع المصوّر محمد وهبة ومنسّق الأسطوانات رامي شامي للمساعدة فوراً عندما طلبت منهما الدعم.
ما هي الأشكال التي تغريك كي ترسميها؟
في الحقيقة، أحبّ الرسم التجريدي لأنّ لا حدود له ولا معايير يجب اتّباعها، فهو يمنح الفنّان حريّة الإبداع ويبقيه متشوّقاً لأنّه لا يدري ما ستكون النتيجة النهائيّة. كل ما عليّ فعله هو وضع الموسيقى المناسبة وإطلاق العنان لمخيّلتي، وأتفاجأ دائماً بالنتيجة التي أحصل عليها.
شاهدي: كايلا استاينس في مهرجان اللياقة البدنية
حين ترسمين الوجوه، علام تركّزين؟
أكثر ما أركّز عليه هو العينين فهما نافذة الروح كما يُقال، كما أنّهما تخبّئان مشاعر وأحاسيس كثيرة، وقد لاحظت أنّ الكثير من الأشخاص يرون ذلك في رسوماتي.
من هم الفنانون الذين أثروا مخزونك الثقافي وساهموا في تكوين نظرتك للرسم؟
إلى جانب مدرّسيّ السيّد جوزيف وAmal، تعجبني أعمال Christoph Niemann المبدعة وفنّ الشوارع الذي يقدّمه Mikael Brandrup. ومن بين فنّاني المنطقة، أحبّ أعمال السوري عبدالله العمري بالإضافة إلى التونسي El Seed الذي يشتهر بأسلوبه الرائع.
أين تطمحين بالوصول بلوحاتك؟
أعمل دائماً على تحدّي نفسي من خلال استخدام تقنيّات جديدة في كل مرّة واستكشاف أساليب مختلفة. أمّا التحدّي المقبل بالنسبة إليّ فهو مزج الرسم الذي أقدّمه عادة مع نوع آخر من أنواع الفنّ، وسيكون ذلك العمل فريداً إذ لم يسبق لأحد أن قام بأمر مماثل. أظنّ أنّ عدد الفنّانين البارعين في المنطقة كبير لذا يجب أن نقدّم دائماً شيئاً جديداً ومبدعاً.
اقرئي: لهذا السبب لا تطلي دوقة كامبريدج كيت ميدلتون أظافرها
ما هي رسالتك من خلال العمل في مجال الفنّ؟
كنت محظوظة جدّاً بكل الدعم الذي تلقّيته، وأنا سأقدّم دائماً من خلال عملي الفنّي مساعدة للجمعيّات الخيريّة. لهذا السبب أيضاً اخترت Altruistique اسماً لصفحتي على Instagram وهي مشتقّة من كلمة Altruist أي «الشخص الذي يهتمّ بالغير وليس بذاته». كما أنّني أطمح من خلال العمل الذي أقدّمه لخدمة المجتمع.
كيف يمكن الحصول على لوحاتك؟
أعمل على إنشاء موقع إلكتروني أعرض من خلاله كل أعمالي السابقة وأعلن فيه عن الفعاليّات التي أحضّر لها، ولكن حاليّاً يمكن للراغبين تفقّد صفحتَيّ على Facebook وInstagram ورؤية لوحاتي.