كيف نحمي صحتنا النفسيّة من الأخبار المغلوطة عبر السوشيل ميديا؟
بقدر ما تحمل لنا وسائل التواصل الاجتماعي الكثير من الأخبار التي نحتاج إليها لنبقى على علم بما يحصل من مستجدات في ما يتعلق بانتشار فيروس كورونا وغيرها من المواضيع، بقدر ما نشعر أحياناً أنّنا سنختنق من كمّ الحقائق الصادمة وتلك المغلوطة أحياناً التي نصادفها من كل حدب وصوب. فنتمنّى لو نتمكن من إغلاق هذه المواقع وعدم معرفة أي جديد والاعتماد على نشرات الأخبار المسائية فحسب، وذلك لننسى قليلاً ونعيش بضع ساعات طبيعيّة وخالية من التوتر. ومن الطبيعيّ مواجهة بعض الاضطرابات النفسيّة في ظلّ ما نعيشه خلال هذه الفترة، فما هو دور وسائل التواصل في تعزيزها وكيف يمكن أن نحدّ من تأثيرها السلبي على صحتنا النفسيّة لنستفيد من نواحيها الإيجابيّة فحسب؟ تجيبنا عن هذا السؤال Aamnah Husain المرشدة النفسيّة والمساهمة المتخصّصة لدى Re:Set.
سألناها: «ما هي المشاكل النفسيّة التي يمكن مواجهتها في حال المبالغة في الاعتماد على وسائل التواصل والتأثّر الشديد بها؟ فقالت: صحيح أنّه ما من دراسة علميّة تؤكّد وجود تأثير مباشر لوسائل التواصل على الحالة النفسيّة للمتلقّين في ظلّ هذه الظروف الصعبة، إنّما ما نلاحظه من الأوقات السابقة أنّ اللجوء المفرط إليها يؤدّي إلى ازدياد مشاعر الحزن والتعاسة والقلق والتأثّر المفرط والانفعال. وهذا الأمر ينطبق أيضاً على الأمور المسلية التي يمكن مصادفتها فحين نركّز كثيراً على ما نراه أمامنا على الشاشة نفقد الإحساس بالواقع، ونخسر الوقت والجهد في أمور لا تعود علينا بأية فائدة. كما أنّنا نفقد التواصل مع من حولنا، في وقت نحن بأشدّ الحاجة إليها إلى تقوية علاقاتنا الإنسانيّة والاستفادة من الوقت لتحسين علاقاتنا بأهلنا وإخوتنا وأولادنا وأي قريب في الدائرة الصغيرة التي نعيش ضمنها».
وتكمل المرشدة النفسيّة: «التركيز على متابعة الأخبار لاسيّما السيّئة منها، يمكن أن يثير ذكريات الماضي التي نرغب بنسيانها بسبب قسوتها أو تأثيرها السلبي علينا. ورؤية كمّ هائل من الصور والأحداث المسجّلة أو المباشرة بشكل متواصل سيبدّل مزاجنا الآني، وسنشعر بالإنزعاج والغضب والحزن حتى بعد أن نبتعد عن الهاتف. إلّا أنّ التراكمات التي في داخلنا ستثير غضبنا فنفتعل المشاكل بقصد أو عن غير قصد ونقضي على إمكانيّة عيش بعض اللحظات الهادئة مع من نحب. لأنّ مزاجنا في هذه الأوقات شديد الحساسيّة وبالتالي أيّ تفصيل حتّى ولو كان بسيطاً سيؤثر عليه».
تمييز الحقيقة من الأخبار المغلوطة
وحول كيفيّة التمييز بين المعلومات الحقيقيّة وتلك المزيّفة، تقول المرشدة: «يجب تتبّع المصدر ومعرفة ما يمكن وما لا يمكن الوثوق به، بشكل عام فإنّ ما ننشره على وسائل التواصل يعبّر عن شخصيّتنا وكيف نرى أنفسنا، فلننشر إذاً الإيجابيّة بعيداً عمّا يُنشر لمجرد جذب الانتباه أو الحصول على عدد أكبر من الإعجاب أو التعليق. للأسف هذا ما نراه يحصل في الكثير من الأوقات ولذلك تغيب المصداقيّة. هنا أودّ أن ألفت أيضاً إلى أنّ وسائل التواصل جعلتنا نرغب أن نظهر على الدوام بأبهى صورة، ببساطة لأنّنا نتأثّر بالأشخاص الذين يبدون على هذا الشكل. في الحقيقة لا وجود للكمال، ومن نتأثر به وبنمط حياته، يعاني مشاكل كثيرة ربّما أكثر منّا ولكنّه لا يظهر إلّا الجانب المشرق، فنتأثر به ونرغب بأن نكون مثله وأحياناً نلجأ إلى الكذب على أنفسنا وعلى الآخرين كي نصل إلى الصورة المثاليّة التي تذكرنا به».
وتشدّد على ضرورة التذكر دائماً أنّ: «عالم مواقع التواصل إفتراضي. فمهما بلغت درجة اعتمادنا عليه، ما نراه غير ثابت أو مؤكّد. الحياة الحقيقيّة تدور في الخارج وعلينا السعي والعمل لتحقيق الإنجازات التي تعنينا بدلاً من مقارنة حياتنا بحياة غيرنا أو أن يكون الهدف من عملنا هو التفاخر عبر وسائل التواصل. لذا يجب أن نبحث عن راحتنا الحقيقيّة والداخليّة وليس عمّا يظنّه الغير».
وعن السبل المطلوبة للاستفادة من وسائل التواصل من دون السماح لها بالتأثير على استقرارنا النفسي، تقول: «يجب التخفيف قدر الإمكان من متابعة الأشخاص غير المفيدين أو المعروفين بنشر أمور غير مهمّة، والتخلّص أيضاً من السلبيّين الذين خرجوا من حياتك ولم يعد لهم تأثير على حاضرك ومستقبلك. بهذه الطريقة تحمين طاقتك من تأثيرهم. كما عليك تحديد وقت لتصفح هذه الوسائل والالتزام به وسؤال نفسك ما يلي: لماذا أفتح هذه الوسائل؟ للتسلية أم المعرفة أو تضييع الوقت أم غيرها من الأسباب؟ حدّدي أسبابك جيّداً وستجدين بعد فترة أنّ سلوكك تجاه هذه الوسائل تغيّر بشكل كبير».
اقرئي أيضاً: استفيدي من شهر الصوم لتقوية علاقاتك الاجتماعية