
فاطمة شهدور: البادل ساهمت في زيادة ثقتي بنفسي وتحسين نواح كثيرة في شخصيتي

تعتبر رياضة البادل من الرياضات الجديدة على المجتمع العربي، ولكنها تلقى الانتشار في الفترة الماضية، بسبب إقبال الشباب على تعلمها وممارستها. البادل هي رياضة من رياضات المضرب، تختلف عن التنس الأرضي المعروفة لأنها تُلعب بشكل زوجي في ملعب مُغلق وأصغر من حجم ملعب التنس. اليوم ندخل عالم البادل، من خلال تحقيق موسع يلقي الضوء على 9 لاعبات متمرسات في هذه الرياضة، نتعرف على قصصهن، ونكتشف المزيد عن المجتمع الذي يجمعهن وعن القيم التي بنين عليها مسيرتهن الرياضية الطموحة.
بدأت لعبة البادل كهواية حين كنت في الجامعة، احتجت إلى رياضة مسلية تساعدني على الخروج قليلاً من جو الدروس وضغوطاتها، ومع الوقت أحببت اللعب كثيراً وتعلقت به، واستمريت فيه بعكس باقي الفتيات اللواتي بدأن معي، ووصلت إلى المنتخب وصرت محترفة. أنتمي إلى عائلة رياضية ووالدي لطالما شجعني على ركوب الخيل، وقد تشاركت مع إخوتي بهذا الشغف، ولكن حين كبرنا قليلاً في السن، انشغل إخوتي بالأعمال والمسؤوليات، بينما ظلّ شغف البادل معي، واستمريت بالتمرن واللعب.
أنا فاطمة شهدور لاعبة المنتخب الإماراتي للبادل، احترفت هذا المجال لأنه متاح وسهل للفتيات، فهو لا يتطلب التزاماً صارماً بالتمرين، وأوقاتاً طويلة، ما يعني أنه يمكّنني أن أكمل في وظيفة وأستمر باللعب، ما بدأ كهواية تحوّل خلال 6 شهور إلى احتراف، فانضممت إلى الفريق الوطني بشكل مفاجئ، كنت جديدة وخبرتي قليلة بينما كل من حولي لديهن خبرة بالتنس أو الاسكواش أو رياضات أخرى، وقد أحببت تواجدي معهم واستفدت من علاقتنا، وتأكدت أنّي أريد الاستمرار لكي أمثّل بلدي بأفضل شكل ممكن، في البداية كنت خجولة ومنغلقة على ذاتي ولكن مع الوقت صرت صديقة مقربة من الشابات الزميلات، وبتنا فريقاً متقارباً ومتكاملاً ومنسجماً سواء بالخبرة أو الأداء أو الإرادة والحماس للعطاء.
بعض الفتيات في محيطي يخشين من الرياضة بشكل عام فهي تغيّر شكل الجسم وتحتاج إلى الكثير من الالتزام ولكن البادل مختلفة كثيراً، لذا أحس أن مهمتي الحالية هو تشجيع الشابات الإماراتيات على تجربتها، فهي لا تتطلب التواجد المباشر مع الرجال، فالتمرين يتم في ملعب خاص والفرق مكونة من شابات، ما يحتجنه هو فقط اللياقة البدنية العالية والسرعة في ردود الفعل والقوة في التحمل لأن بعض المباريات تستمر لأكثر من ساعة. أما ذهنياً فهي تحتاج إلى ذكاء اجتماعي وقدرة على التصرف بشكل سريع وفطري، كما تحتاج إلى التفكير السريع لاتخاذ القرار الصحيح في الملعب. أحياناً أكون متحكمة بالمباريات، ولكن إذا لعبت مع أشخاص أكثر قوة مني، فأنا هنا يجب أن أكون في قمة حضوري الفكري والنفسي لمواجهة كل ضربة بتيقظ تام والرد عليها بالشكل الأصح.
سمحت لي هذه الرياضة بالانفتاح على العالم الواسع، ففي حوالي 4 سنين تعرفت على شابات قويات وذكيات وجريئات، بتن مثل أسرتي الثانية، وساهمت في زيادة ثقتي بنفسي وتحسين نواح كثيرة في شخصيتي، كما أني استمتع بشعور الانتماء إلى فريق، هذا الشعور الرائع بأننا معاً نفرح لبعضنا ونتعاون لكي نقدم أفضل أداء، كما أننا نسافر سوياً ونتعرف على أشخاص كثر من خارج بيئتنا وثقافتنا، وهذا بحد ذاته يجعلنا نتعلم الكثير عن اللعبة والعالم.
مجتمع البادل يقوم على الكثير من القيم والصفات المشتركة، أهمها الحب الكبير لهذه الرياضة، والالتزام بالتطور فيها، وتقديم أفضل ما لدينا مع كل مباريات، كما أننا بتنا أكثر قوة وغبة بالتأثير محلياً وعربياً من خلال أدائنا.
ما نستفيد منه بشكل كبير هو الدعم المجتمعي المتزايد، وتضاعف أعداد الأندية المخصصة للنساء للّعب والتدريب على البادل، فأنا أعرف الكثير من الشابات الإماراتيات المتحفظات اللواتي يتشجعن اليوم لتجربة البادل، أولاً بدافع الحشرية ولأنها اليوم تشبه الترند التي تحاكي الجيل الجديد، ولكن حين يجربنها فإن كثر منهن يستمرين بممارستها ويرغبن بتعلم المزيد عنها. برأيي مجتمع البادل يتقدم بشكل كبير وثابت وهذا يعني أن اللعبة ستستمر وتتطور في الإمارات ولن تكون مجرد صيحة عابرة، ستزول في المستقبل القريب.
اليوم يتم تنظيم بطولات خاصة بالنساء الإماراتيات، وهي تشهد ازدياداً كبيراً بالمشاركة العددية، حيث تزداد ثقة الشابات بأنفسهن ويسعين للتعلم والتحسن، مستفيدين من دعم القيادات لنا وتشجيعهن للمواهب النسائية الرياضية.
مستقبلاً، أهدف إلى زيادة لياقتي وقوتي في الملعب، وأسعى للمشاركة في بطولات خارجية أكبر، كما أريد أن أشجع البنات والنساء على اللعب، على الأقل كهواية، فهي مفيدة جداً على المستوى الجسدي والنفسي، وستغيّر الكثير من سماتهن الشخصية بنحو أفضل، يناسب ظروفنا وحياتنا العصرية.
اقرئي المزيد: نوف عمر: يجمعنا كلاعبات شابات الطموح و المثابرة والجد والرغبة بالإنجاز والتميّز