سرطان الثدي: بالتوعية نتغلّب عليه
يعتبر سرطان الثدي أحد أكثر أنواع السرطانات التي تصيب النساء، إلا أنّه يمكننا الانتصار عليه من خلال الكشف المبكر. فمن مجتمعنا وواقعنا، تخبرنا نساء عن التجارب التي خضنها في طريق الشفاء التام كما وعن ألم فراق أعزّ الناس لديهنّ، ويشدّدن على أهميّة التوعية من مرض سرطان الثدي وذلك من خلال الخضوع للفحوصات اللازمة الكفيلة بكشفه والقضاء عليه وهو في مراحله الأولى.
ماغي بو غصن: احمي عائلتك ومن تحبّين ولا تهملي صحتك
العامل الوراثي
«انقلبت حياة أسرتي رأساً على عقب فور اكتشافي إصابتي بمرض سرطان الثدي، فأنا المسؤولة عن تأمين كل متطلّبات زوجي وأولادي الأربعة الذين تتراوح أعمارهم بين السنتين والـ9 سنوات»، هذا ما صرّحت به السيّدة زينة (ربّة منزل) حول اكتشافها إصابتها بالمرض.
وتجدر الإشارة إلى أنّ السيّدة الثلاثينيّة تحرص على الخضوع للفحوصات السنويّة والتصوير الشعاعي Mammography مذ كانت في الـ30 من عمرها، وذلك بعد أن نصحها طبيبها بعدم إهمال القيام بالفحوصات الدوريّة نظراً إلى العامل الوراثي في عائلة والدتها.
الاكتشاف المبكر
تكمل السيّدة زينة: «لحسن حظّي، اكتشفنا المرض في مراحله الأولى، فخضعت لعمليّة استئصال جزء من الثدي المصاب، أكملتها بجلسات علاج شعاعي امتدّت على فترة شهرين. لا أنكر أنّ فترة العلاج كانت صعبة فقد مررت بمراحل عدّة أثّرت عليّ وعلى المقرّبين منّي، خصوصاً أنّني كنت أستعين بوالدتي وقريباتي للاهتمام بأفراد أسرتي، إلّا أنّني تغلّبت على المرض بقوّة إرادتي وحبّي للحياة، فلم أستسلم يوماً ولم أسمح له بأن يقضي على أحلامي، لا سيّما بوجود زوجي وأقربائي إلى جانبي ومساندتهم لي. وها أنا اليوم، وبعد مرور 5 سنوات على تناولي دواء وقائيّاً، انتصرت عليه. ولم يكن كل ذلك ليحدث لو لم أقم بكل ما يلزم من فحوصات سنويّة».
حملات توعية
حاليّاً، تقوم زينة بحملات توعية عن طريق سرد قصّتها مع المرض ومراحل العلاج كي تشجّع النساء على عدم إهمال أنفسهنّ وتأجيل الخضوع للفحوصات اللازمة بحجّة انشغالهنّ الدائم بالأمور الحياتيّة والمسؤوليّات الملقاة على عاتقهنّ.
إهمال وتهاون
لطالما ارتبط مرض السرطان بشتّى أنواعه بفكرة الموت، فهو يتسلّل إلى حياتنا من دون استئذان فيهاجمنا بكل قوّته واثقاً من أنّه سيتغلّب علينا ويسلب منّا أحبّاءنا.
هذا ما اختبرته الآنسة هناء (موظّفة في شركة)، فهي عاشت تجربة أليمة مع والدتها التي أصيبت بسرطان الثدي وهي في الأربعين من عمرها. تقول هناء: «سمعت بهذا المرض من صديقاتي في الجامعة اللواتي كنّ يخبرن عن إصابة إحدى قريباتهنّ به، ولم أكن أهتمّ للأمر بل اعتبرته بعيداً عن عائلتي. وقد كنت مخطئة في تقديري للأمور لأنّه يمكن أن يطال أيّ شخص في أيّ وقت كان. وهذا ما حصل فعلاً فقد اكتشفنا أنا وإخوتي إصابة أمي بسرطان الثدي في مراحل متقدّمة، إذ كان منتشراً في أعضاء أخرى من جسمها».
احمي نفسك من سرطان الثدي بهذه الخطوات
حزن... غضب... لوم
تكمل الشابّة: «عندما علمت بالأمر، انتابتني مشاعر متناقضة: ألمي وحزني العميق امتزجا بغضبي ولومي لأنّها لم تكن تهتمّ بصحّتها يوماً ولم تكن تقصد الطبيب إلّا في حال شعورها بتوعّك يحول دون قيامها بمهامها اليوميّة، فكل همّها كان الاعتناء بنا وتأمين كل ما نحتاج إليه. ولسوء الحظ، لم تدم فترة العلاج طويلاً، ففي أقلّ من سنة خسرت والدتي».
الفحص السنوي
منذ ذلك الوقت، أصبحت هناء تواظب على إجراء الفحوصات العامة والتصوير الشعاعي مرّة في السنة، وهي تنصح كل النساء بعدم إهمال أنفسهنّ لا سيّما في حال وجود إصابة في الأسرة، قد تكون الأم أو الجدّة أو الأخت أو الخالة. وختمت الشابّة: «علينا ألّا ننتظر خسارة أحد أحبّائنا لنعي أهميّة الاعتناء بأنفسنا، وأنصح كل شابة بأن تلحّ على والدتها في حال أهملت الاعتناء بصحّتها أو أجّلت استشارة طبيبها سنويّاً متذرّعة بأيّ سبب، لأنّ التصوير الشعاعي يمكن أن ينقذ حياتها في حال وجود أيّ تغيير في جسمها، أو على الأقلّ يسمح لها بأن تطمئنّ على صحّتها وسلامتها».
الفحص الذاتي أنقذني
يُجمع الأطبّاء على ضرورة القيام بالفحص الذاتي، فهو هام وسهل في الوقت نفسه، تجريه المرأة في المنزل ويمنحها إشارات يجب عدم التغاضي عنها. فحين تلاحظ وجود كتلة لم تكن موجودة سابقاً أو أيّ تغييرات، عليها مراجعة الطبيب المختصّ.
اكتشفت السيّدة سلمى (مدرّسة لغة عربيّة) التي تحرص على القيام بالفحص الذاتي للثدي كل فترة وجود كتلة في صدرها، فراجعت طبيبها الذي شخّص حالتها بعد إخضاعها لعدد من الفحوصات بإصابتها بمرض سرطان الثدي. تقول سلمى: «كان عملي يأخذ حيّزاً كبيراً من حياتي، كنت أعمل لساعات طويلة، ولكن عندما عرفت بإصابتي علمت أنّ الدنيا بسيطة جدّاً ولا تستحقّ كل هذا العناء».
خضعت سلمى لعمليّة استئصال للثدي، تبعتها جلسات علاج كيميائي وأدوية وقائيّة، انتهت بالتغلّب على المرض والشفاء التام منه.
هل مزاجك سيّئ؟ تناولي هذه الأطعمة
عدم الاستسلام
عن تجربتها، تقول: «مررت بأوقات صعبة، لا سيّما خلال مراحل العلاج الكيميائي ونتائجه ونظرة المجتمع إليّ وكيفيّة مواجهة عامل الشفقة، شعرت أحياناً كثيرة بالخوف والاستسلام واعتبرت أنّ كل ما بنيته قد تلاشى، غير أنّ وجود أقربائي وصديقاتي إلى جانبي ومساندتهم لي في كل الظروف قوّياني وزادا أملي في الشفاء. فالاستسلام والضعف النفسي لا يؤدّيان إلّا إلى مزيد من الألم، ولكنّ التحلّي بالقوّة والتفكير الإيجابي عنصران محفّزان على الشفاء».
التوعية أساسيّة
تسدي سلمى نصيحة لكل امرأة بأن تكتشف نفسها وتقوم بالفحص الذاتي للثدي وبكل ما يلزم للحفاظ على سلامتها، فـ«انشغالات الحياة تضعنا في دوّامة لا تنتهي وقد تسلبنا الوقت للاعتناء بأنفسنا. وأدعو كل امرأة لنشر الوعي في محيطها حول أهمّية الكشف المبكر الكفيل بهزم المرض والقضاء عليه».