Nat Bowen: أعمالي الفنّيّة تستند إلى علم نفس الألوان وأثق بقدرتها على التأثير بالمشاعر
لوحاتها مزيج من ألوان صاخبة تعكس روحها الحرة وحبها الكبير لكل ما هو بارز وصارخ. إنها الفنانة البريطانية الشابة Nat Bowen التي حطت رحالها قبل فترة في دبي من خلال معرض حمل عنوانThe Queen of Colour وهو اللقب الذي تحمله منذ فترة. ومع خلفية في عالم تصميم بحيث أنها حاصلة على إجازة من London College of Fashion، اختارت Nat أن تكمل طريقها في مجال الفن والرسم لتصير من أهم الأسماء على الساحة العالمية. فما الذي يميّز لوحاتها وكيف بدأ لديها هذا الشغف الكبير بالألوان؟ نتعرف عليها أكثر من خلال هذا اللقاء.
لماذا اخترت عنوان The Queen of Colour لأول معرض لك في دبي؟
لقد منحني أحد جامعي أعمالي لقب Queen of Colour أو "ملكة الألوان"، وهو أسطورة الفورمولا وان Eddie Jordan ونُسب الاسم لي منذ ذلك الحين. لذلك قررت استخدامه كعنوان لأول معرض منفرد لي في الإمارات العربية المتحدة. يروق لي أن كلمة "ملكة" تشير إلى امرأة في مركز القوة، وهي إشارة أعتبرها مديحاً لي كامرأة تشق طريقها في عالم الفن. ويرتبط الاسم بجذوري البريطانية إذ إن ملكة ترأس الدولة.
وأُقيم معرض Queen of Colour في فندق ME Dubai الذي صممته الراحلة السيدة زها حديد التي اشتهرت بلقب Queen of the Curve أو "ملكة المنحنيات". لذلك، جمع هذا المعرض بين ملكة الألوان وملكة المنحنيات.
ما هي الرؤية التي تعتمدينها في أعمالك الفنية؟
يستند عملي إلى علم الكرومولوجيا (Chromology)، وهو علم نفس الألوان، والطريقة التي يتلقى الدماغ فيها اللون والتأثير العاطفي لذلك على الجسم والعقل. وأستخدم الألوان والأشكال كوسيلة للتعبير عن مشاعري على الرغم من أن الاستجابة الجسدية والعاطفية لمن يرى عملي قد تختلف بين شخص وآخر بحسب الانطباعات والتجارب الشخصية. وتتمتع الألوان بالقدرة على تغيير مزاج الأفراد ويمكن استخدامها لإحداث تحولات في الطاقة داخل الإنسان. وندرك جميعنا التأثير الإيجابي لأشعة الشمس على صحتنا ويمكن أن يكون للألوان التأثير نفسه. ويمكن للألوان أن تغيّر مشاعرالإنسان كما تفعل مقطوعة موسيقية جميلة.
وبالنسبة إلي، يتعلق الأمر أيضاً بالتواصل البشري كما لو كنت أتحدث مع المشاهد، فالعمل الفني هو وسيلة لإيصال الرسالة. وكوني الفنانة، أعبر بشكل ملموس عن إحساس ما من خلال فني، وتجاوب المتفرّج مع ذلك يكون بمثابة الرد. وأعتبر أن تعليقات المتفرّجين هي ما يكمّل العمل الفني.
لماذا انتقلت من مجال تصميم الأزياء إلى الفن؟ وكيف يلهمك مجال الموضة؟
حدث الانتقال من تصميم الأزياء إلى الفن بشكل طبيعي تماماً وذلك بفضل فهمي للألوان والتركيبات والملمس الذي يعود إلى الأيام التي أمضيتها كمصممة أزياء، إذ كنت أُجري التجارب بالملابس وأثني مختلف الأقمشة الملونة على تمثال عرض الأزياء. وتعلّمت الفن بمفردي إلا أنه يمكنني أن ألاحظ كيف أثرت خلفيتي في تصميم الأزياء على ممارستي الفنية والطريقة التي طورت بها علامتي التجارية.
ما هي مصادر إلهامك وبمن تأثرت في هذا المجال الواسع؟
تتمحور أعمالي حول الألوان فهي أينما كان لذا يمكنني الاستلهام من أي مكان. ولعب السفر دوراً كبيراً في ذلك وأعتقد أنه لأمر مذهل كيف تُستخدم الألوان في مختلف الثقافات. وكيف تظهر وتتغير مع اختلاف أنواع الضوء وفق موقعنا في العالم.
وبالنسبة إلى الفنانين الذين أحبهم، فلدي تقدير كبير لفن Bridget Riley البصري وكيف تستخدم الألوان والأشكال الهندسية لتوليد الحركة في لوحاتها. فقد برهنت Riley عن باع طويل في عالم الفن بالنسبة إلى امرأة فنانة في جعبتها مسيرة مهنية امتدت على مدى أكثر من 70 عاماً ولاتزال تعرض أعمالها حتى يومنا هذا وهي في سن التسعين... كم هي طموحة!
كما تأثرت أيضاً بحركة Colour Field Movement التي برزت في خمسينات وستينات القرن الماضي مع فنانين مثل Mark Rothko وEllsworth Kelly في الطليعة، رسموا مساحات كبيرة من الألوان بأشكال مجرّدة.
تتميز أعمالك بلمسة مختلفة بفضل اعتماد تقنيات متطورة. هل وجدت صعوبة في الوصول إلى الجمهور الكبير بفكر فني جديد؟
أرسم بالراتنج بطريقة تقليدية عبر استخدام فرشاة للرسم، وهذه الطريقة ليست عادةً معتمدة لدى استخدام الراتنج. ويمكنك رؤية ضربات الفرشاة في مختلف الطبقات، الأمر الذي يمنح العمل ملمساً ظاهراً ويُظهر أن الفنان قد رسمه يدوياً وليس بواسطة آلة. فالمادة نفسها المستعملة تتمتع بمظهر معاصر شبيه بالزجاج، وهي لافتة للغاية وتملك ملمساً يشجّع الناس على لمس سطح اللوحات. ونظراً إلى أن التقنية التي أعتمدها والطريقة التي أستخدم فيها المادّة فريدة نوعاً ما، يلتفت الكثير من الناس إلى العمل لأنهم لم يروا مثله من قبل. كما يضفي الراتنج الحيوية إلى الألوان بطريقة لا تفعلها أي مادة أخرى. وأستخدم الألوان كوسيلة للتواصل غير الشفهي لأن الألوان هي لغة عالمية، لذلك يخاطب عملي الكثير من الناس. وهناك الكثير من جامعي الأعمال في جميع أنحاء العالم الذين يكتشفون أعمالي لأول مرة عبر إنستغرام. إنه وسيلة إلكترونيّة رائعة تتيح الوصول إلى جمهور واسع كما أنها منصة مثالية لأي شخص في مجال الأعمال، لا سيما أولئك الذين يعملون في مجال إبداعي كونه بصري بمعظمه.
إلى أي جمهور تتوجّهين بأعمالك؟
لا أميل إلى التوجّه إلى جمهور معيّن. فكون فنّي يستند إلى الألوان التي تمثّل لغة عالمية، يتفاعل الأشخاص مع أعمالي، على غرار جامعي الأعمال الفنية من جميع أنحاء العالم، رجالاً ونساءً من جميع الأعمار والخلفيات. وتستقطب أعمالي الأطفال أيضاً، ويتفاعلون بشكل إيجابي مع الألوان والأشكال. وأحب أن أشاهد كيف يتفاعلون مع الأعمال الفنية في المعارض. إنه لأمرساحر.
كيف ترين التحول في المشهد الفني في العالم العربي؟
يتزايد التركيز على الفنون والمشهد الثقافي في الشرق الأوسط بشكل كبير، لذا فهو لأمر شيّق أن أشارك فيه كفنانة. ويتزايد رواج المعارض الفنية في المنطقة مثل Art Dubai، وهناك دعم حكومي كبير للفنانين واستثمارات واسعة النطاق لإنشاء مؤسسات ومتاحف مثل متحف Louvre في أبوظبي. وتحدث الكثير من الأمور في عالم الفن في المملكة العربية السعودية حالياً لكن لم أختبرهابعد. وأتطلع إلى زيارة هذا البلد قريباً لمشاهدة معرض Desert X AlUla.
ما هي القطعة الفنية المفضلة لديك؟
هناك قطعة فنية بعنوان SUMMER76رسمتها واحتفظت بها في مجموعتي الشخصية لأنها ذات قيمة معنوية بالنسبة إليّ. فقد تزوج والداي في صيف 1976، وعُرف كونه صيفاً حاراً في المملكة المتحدة في السبعينات، ويتذكره الكثير من الأشخاص من جيلهم. لذلك رسمتها باستخدام طبقات من اللون الزهري الساطع والبرتقالي والأحمر والأصفر لتعكس اللوحة الشعور بالحرارة العالية في ذلك الوقت والحب الذي يتشاركه والداي. وهناك قطعة أخرى من أعمالي وهي BLACK PEARL التي أهديتها لزوجي، وستبقى معنا إلى الأبد.
ولو أردت اختيار القطعة المفضلة لدي بتوقيع فنان آخر، فسأختار The Snail، عام 1953 بتوقيع Henri Matisse. فقد قدمها خلال فترة استعمال القصاصات في أواخر حياته حيث نحت أشكالاً تجريدية جريئة من الورق المطلي باستخدام المقص. ورأيت هذه القطعة شخصياً في Tate Modern في لندن وأدهشني مستوى العمل الفني. ولدى النظر عن كثب، يمكن رؤية العلامات التي خلّفتها الدبابيس حيث تم تغيير موقع القطع الورقية بشكل يُظهر اختيار Matisseالدقيق للأشكال ووضعيتها والتفكير الدقيق في تكوين القطعة.
ما هي مشاريعك المستقبلية؟
في الوقت الحالي، أعمل على أحد أكبر مشاريعي حتى الآن في جزيرة The Palm في دبي. المشروع سري للغاية، لذا تابعوا أخبار هذا المكان.