نداء شرارة: المرأة قضيّتي الأولى وأعمالي تنشر رسائل مهمّة ومشاعر قويّة
تستحق المرأة أن يتمّ الاحتفاء بها في كلّ دقيقة وكلّ ساعة من اليوم، فهي مصدر القوّة والحياة. ولأنّ شهر مارس مخصّص للنساء وفيه يوم المرأة العالمي ويوم الأمّ، اخترنا تسليط الضوء على موهبة عربيّة مميّزة أسعدت بغنائها ومواهبها المتعدّدة الملايين. ولكن ما لا يعرفه كثيرون عنها أنّ لها مواقف إنسانيّة بارزة، إذ عملت لخدمة النساء وتحسين واقعهنّ في بلدها الأردن وفي العالم العربي ككلّ. التقينا الفنّانة المبدعة نداء شرارة لنكتشف جوانب جديدة من شخصيّتها.
هل ما حصل في العالم بعد كورونا أجّل تحقيق أحلامك والاستمرار في مشاريعك؟
لم أتأثّر بما حصل في هذا العام على الصعيد المهني بل أمشي بثقة وثبات، وقد قدّمت أغانٍ نجحت وحقّقت أعلى نسب استماع على يوتيوب. فالإنسان الذي يريد أن يتقدّم وينجح سيجد طريقاً وستتوضّح أمامه كلّ السبل. في الحقيقة خسرت أخي في الفترة السابقة وهذه الخسارة كانت أكبر من تأثير كورونا، إنّما لا شك أنّه كان عاماً صعباً على جميع الناس وأتمنّى من قلبي أن تنتهي هذه الفترة بأقلّ خسائر ممكنة لنعود إلى الحياة الطبيعيّة.
حقّقت بواسطة الحجاب نجاحاً في عالم الفنّ ولم تسمحي لأحد أو شيء الحدّ من أحلامك للوصول إلى الشهرة. فما هو سرّك؟
موهبتي الكبيرة كانت المفتاح لكلّ الأبواب أمامي والحمدلله تمكّنت من الاستفادة من الفرص الذي سنحت لي لأظهرها بشكل راقٍ يرضيني ويرضي محيطي. لقد آمنت بنفسي منذ بداية الطريق ولم ألتفت للمحبطين، وهم كثر. فحتّى المقرّبين يتوقّعون لنا الفشل، والناس باتت كسولة لا ترغب في العمل. حتّى أنّهم يخافون ويفرّون من كلّ شخص مختلف يضع خططاً ويرغب في التطوّر والتغيير. هذه الفكرة ترعب الآخرين، فيسعون إلى وضع العراقيل في درب الناجحين وللأسف نرى أولئك يصبحون أوّل المهنّئين بعد تحقيق النجاح. من هنا، على الشابّة أن تكون واعية لتميّز بين من يفكّر بمصلحتها حقاً ومن لا يضيف أيّ قيمة إلى حياتها ويسلبها طاقتها الإيجابيّة ويؤثّر سلباً على إصرارها وأحلامها.
ما هي الصفة التي تميّز السيّدة الناجحة؟
عليها أن تصدّق حلمها وتثق بنفسها وتتحلّى بالقوّة وتخفّف من العاطفة قليلاً لئلا تضعف أو تتراجع بعد تعرّضها للانتقاد، بل تدافع عن أفكارها. المرأة قويّة جداً وهي مكرّمة لدى ربّ العالمين، إنّما عليها أن تثق بقدراتها وتسعى إلى تطويرها بالقراءة أو بحضور جلسات تثقيف وتعزيز ثقتها بنفسها. أمّا العنصر الأهم للنجاح، فهو برأيي عدم الالتفات إلى الوراء لأنّ أيّ تراجع سيعني الوقوع وسيشكّل بداية للفشل وهو غير مسموح في قاموسي.
ما لا يعرفه كثر عنك أنّك عانيت مرضاً مزعجاً طوال سنوات طفولتك. فكيف تعاملت مع هذه الفترة من حياتك وما الذي تعلّمته منها؟
لا أحبّ التّحدث كثيراً عن هذا الموضوع لأنّني أفضّل التكلّم عن الأمور الإيجابيّة فالناس تعبت من حديث المرض والوجع ولا سيّما مع ما عشناه في السنة الفائتة. إنّما بالفعل عشت تجربة قاسية تطلّبت 10 سنوات علاج ودخول مستشفى بشكل دوري لتلقّى العلاج المطلوب، لكن بإرادتي الصلبة تغلّبت على المرض. إذ منذ صغري أرفض فكرة الضعف ولا أحبّ أن أستعطف العالم أو أستسلم لأيّ أمر من شأنه أن يؤخّرني. أؤمن أنّه علينا أن نكون أقوياء لنعيش بسعادة ولا تُسلب حقوقنا، فالزمن الحالي يحتاج للأقوياء. أرفض الضعف تماماً وألوم صديقاتي أحياناً لضعفهنّ أمام الرجل أو أيّ شخص يمكن أن يسلبهنّ حقوقهنّ. فما من أحد قادر على مساعدتك لتحقيق ما تسعين إليه إلّا نفسك، وبالتالي لا تتركي المجال لأحد أن يقلل من قيمتك.
عملت مع أشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصّة فماذا تعلّمت منهم وفي المقابل ماذا قدّمت لهم؟
في ذلك الوقت كنت أمر بظروف شخصية صعبّة جداً، إنّما وجدت النور مع هؤلاء الأشخاص إذ إنّهم مصدر البراءة والصفاء في عالم مليء بالقسوة والظلم. أعطيتهم من قلبي وتلقّيت في الممقابل حبّاً حقيقيّاً، فأكبر هموهم تتجلّى في رؤية ابتسامة صادقة مع القليل من الحنان والحبّ. من الصعب الوصول إليهم وإعطائهم الإحساس بالأمان، إنّما بمجرّد أن يثقوا بك، يصبح التعامل معهم ممتعاً ومبهجاً إلى أبعد حدّ. مدّتني هذه الفترة بالكثير من الرحمة، فصرت امرأة أكثر رأفة وهذا ما زادني قوّةً. أؤمن أنّ الفنّ وحده لم يعطني قيمتي المميّزة بين الناس، بل عملي السابق وتجاربي الحياتيّة مع أشخاص كانوا بحاجة إليّ واستطعت مساعدتهم. الله سبحانه وتعالى سخّرني لهم في ذلك الوقت وقد خدمتهم وخدموني بنفس درجة الحبّ والتفاني.
شهر مارس مخصّص للاحتفاء بالنساء فما هي أكثر قضية تهمّ المراة وتعينك شخصيّاً؟
في الحقيقة، لطالما استفزّني العنف ضدّ المرأة بمختلف أشكاله حتّى لو كان تنعيفاً لفظيّاً، فكل كلمة قاسية تتلقّاها المرأة تؤثّر فيها. السيّدة تذهب أحياناً إلى بيت أهلها وتخبرهم أنّها لم تعد تتحمّل العيش مع زوجها فيبادرون إلى سؤالها: هل يضربك؟ لأنّ العنف في ذهنهم مرتبط مباشرة بالضرب ولكن الرجل يمكن أن يسيء إلى زوجته ويدمر نفسيّتها من خلال كلمات قاسية هي أحياناً أصعب من العنف الجسدي. من المهمّ أن تتعلّم المرأة الدفاع عن نفسها ولا تنتظره من أحد، فتحصّن نفسها في وجه الانتقادات وتقوّي ثقتها بنفسها ولا تسمح لأحد أن يقلل من شأنها وتطلب الدعم من الجمعيّات المخصّصة لذلك أو حتّى تشارك قضيتها على السوشيل ميديا لتلقى الدعم المجتمعي الذي تزايد بشكل جميل في وقتنا.
شاركت مؤخّراً في حملة للاتّحاد الأوروبي للتوعية بهذه القضية. حدّثينا عن هذا التعاون.
سعدت كثيراً بهذه المشاركة لأنّها ساهمت في زيادة الوعي بهذه القضية، فكتبت ولحنت أغنية مخصّصة لهؤلاء السيّدات أهمّ ما جاء فيها أنّه على المرأة ألّا تخفي وجعها وتكون السند لنفسها. فمجتمعنا غالباً ما يبحث عن الحلقة الأضعف ليتنمّر عليك أو يقلّل من شأنك، لذا لا تكوني هذه الحلقة. الله أعطاكِ قدرات هائلة، إذ تكفي قدرتك على إعطاء الحياة والعمل في البيت وخارجه فاستغليها. ما يستفزّني أيضاً، وللأسف سأتّحدث عنه مرغمة، هو العنف الممارس من قبل المرأة على المرأة: أحياناً الأمّ تكون مصدر العنف ضدّ ابنتها من دون أن تقصد فتحثّ أخوتها الشباب على ضربها لتأديبها وتتسبّب لها بأذى نفسي وجسدي كبيرين. والمديرة أحياناً تشكّل مصدر عنف على موظّفاتها، رغبة منها ألّا يتطوّرنَ وينافسنَها. أقول للمرأة: ادعمي زميلتك أو أيّ شابة موهوبة في محيطك وساهمي في رفع معنويّاتها لأنّك حين تفعلين ذلك تخدمين نفسك بالدرجة الأولى وتساهمين في بناء مجتمع صحيّ وسليم ومعافى.
كيف يمكن تشجيع الفتاة على الخروج من دائرة الأمان لإيصال رسالتها إلى العالم؟
يجب الدخول إلى عقول الشابّات بطريقة إيجابيّة ووضعهنَ على الطريق الصحيح للانطلاق في رحلة الإنجاز. فلا يكفي مثلاً في حال خسرت الوزن الزائد أن تتباهي أمام محيطك بالنتيجة النهائيّة لمجهود دام عدّة أشهر، إنّما عليك أن تمشي مع من تقصدك لمساعدتها على تنفيذ الخطوات اللازمة ودعمها وتشجيعها. أعطيت مثالاً بسيطاً لكنّه ينطبق على الكثير من المواضيع الحياتيّة.
برعت في عدّة مجالات أوّلها الغناء وبعدها التقليد والكتابة وحتّى التمثيل فهل أنت راضية عمّا حقّقته وما هو المجال الأقرب إليك؟
خلال 4 سنوات حقّقت الكثير من أحلامي وأنا راضية عمّا وصلت إليه. فخطواتي مدروسة لأنّني أنافس نفسي فحسب وأسعى إلى التجديد ولا أنظر إلى ما يقدّمه غيري بل أفعل ما أقتنع به. أحبّ التركيز على الغناء لأنّه مجالي الأوّل كما أطمح إلى نشر كتاب خاصّ بي، وقد تأجّل هذا المشروع بسبب ما مررنا به في عام 2020 من أحداث. إنّما أخطّط لتحقيق هذا الحلم في العام الحالي وسيكون عبارة عن مجموعة قصصية بعنوان «غفوة شتاء» ولن أتسرّع بإطلاقه إلّا حين يصير الوقت مناسباً.
في الحقيقة تلقّيت عروض تمثيل لكنّني أجّلت المشروع لأحصل على المزيد من الدورات التدريبيّة لأتقن التمثيل أكثر ، إنّما أرى أنّ مجالي التلحين والتأليف يخدمان مشروعي الأوّل وهو الغناء. كما أنّ تأليف الكتب لا يتعارض مع مجال الغناء، لذلك أركّز أيضاً على الكتابة وأطمح للتوسّع فيها مستقبلاً.
أين أنت من عالم السوشيل ميديا والتواصل مع الجمهور من خلالها؟
لست مدمنة على مواقع التواصل لكنّني لا أنكر دورها في وقتنا الحالي. أتصفّح أخبار رفيقاتي والأشخاص المقرّبين منّي، إنّما ليست لدي الحشريّة لأتابع الفاشينستا أو المغنّيات. فلا أحبّ التطفل كثيراً بل أفضّل الانشغال بأعمالي وتقديم الجديد للجمهور لكي يتحدّث عنّي ويتأثّر بفنّي... صراحة بات الفسبوك عبارة عن ورقة نعوة متنقّلة وهذا الأمر يؤلمني لذلك أبتعد عنه لأتناسى الصعوبات وأحاول أن أُفرح نفسي ومن حولي.
ما رأيك بإنجازات النساء العربيّات في السنوات الأخيرة ولا سيّما بعد الدور الذي لعبته المرأة في إطلاق مسبار الأمل في الإمارات وغيرها من الإنجازات الواعدة؟
لطالما كانت المرأة العربيّة سبّاقة ورائدة في مختلف المجالات وأنا سعيدة جداً بازدياد إلقاء الضوء على دورها عبر مواقع السوشيل ميديا، التي برأيي خدمتها كثيراً وساعدتها في التحدّث عن القضايا التي تعنيها. فاليوم المرأة قادرة على التعبير عن نفسها وإيصال مشروعها مهما كان بسيطاً. إنّ نجاح كلّ امرأة في مجالها يعطيني فرحاً وأملاً بأنّ الغد أفضل، وكما قلت سابقاً إنّ نجاح بنات بلدي هو نجاحي أيضاً لأنّ المرأة نصف المجتمع ووجودها الفاعل في مختلف مجالاته يخدم مصلحة الجميع.
ما الذي يريحك من ضغوط العمل؟
أحبّ النوم كثيراً ولا سيّما أنّني تعرّضت للكثير من الضغوط النفسيّة في العام الفائت وبات النوم أكثر ما يريحني.وأحبّ القراءة لأنّها تنقلني إلى عالم مختلف عن عالمي.
ما هي أجدد مشاريعك الفنّيّة؟
أطلقت قبل أيّام أغنية جديدة باللهجة المصرية بعنوان «قالهالي» وأحببت أن أطل بعمل مفرح ورومانسي وقد بدأت بتلقّي أصداء رائعة عنها من الجمهور وأتمنّى أن أستمرّ في نشر البهجة والمشاعر الجميلة من خلال صوتي وأعمالي.
اقرئي أيضاً: في يوم المرأة العالمي...نساء قرّرن الانشغال بالعمل وإحداث تغيير