عهد العمودي: كل عمل فني أقدمه هو رحلة بديعة من التطور والتواصل

كنت محاطة في سنوات طفولتي وخلال نشأتي بالفن، فوالدتي كانت فنانة وجدي كان شاعراً وجدتي كانت طاهية ماهرة، وهو ما أعتبره نوعاً من الفنون أيضاً. هكذا نشأت، وكأنني أملك لغة خاصة أعبر فيها عن نفسي... اعتدت على طرح الكثير من الأسئلة عن مجتمعي وعن التغييرات السريعة التي تحصل فيه، وكانت طريقتي لأرشفة كل الأحداث المهمة التي أشهدها. وحين كبرت زاد اهتمامي بالشؤون الاجتماعية والسياسية في بلدي، فصرت أخلق حوارات وأغوص في عوالم جديدة تزيد ثقافتي من خلال الفن.

أعتبر الفن ملعبي وعالمي الخاص الذي يشعرني بالسعادة، أحب نشر البهجة والاختلاف، وكأنني ألعب وألهو وأقضي وقتاً ممتعاً، وفي الوقت نفسه أوصل رسالة لها وقع خاص وتأثير لدى الجمهور، وقد ساعدتي دراستي للتواصل البصري في فهم ما أريد إيصاله لكي يفهمه الآخر ويتواصل معه. أحب الوصول لمختلف الفئات العمرية وجميع الأجيال، ويعنيني أكثر الأشخاص الشباب والمغامرين الذين يخوضون تجارب متعددة في حياتهم، تشبه ما أعيشه.

يبدأ عملي بإيجاد الفكرة. أحياناً أكون بالسيارة وأرى أمراً يلفت نظري، أو أتصفح وسائل التواصل فيأتي الإلهام، وبعد أن أملك الفكرة، أبدأ ببناء هيكل العمل، سواء سيكون فيديو أو عمل مطبوع على مادة معينة كالقماش أو غيره، أو سيضم التصوير الفوتوغرافي. ومؤخراً صرت أعمل على Theme محدد، وأبني حوله فكرتي وأتعلم الكثير أثناء اكتماله وتبلوره، فأنا أتعاون مع أشخاص لديهم خبرة مع الكاميرا والإضاءة والخياطة، وهذا التفاعل يسعدني ويضيف إلى معارفي.

كل عمل أنفّذه هو رحلة بديعة من التعلم والتطور والتواصل. هناك أعمال يستمر تنفيذها لأكثر من عام وتعيش معي شهوراً طويلة، لذا فإن فني لا ينفصل عن حياتي، وأحياناً أشعر أنني مسكونة بفكرة ما، ولا يمكنني التخلص منها إلا حين تصير واقعاً ملموساً أمامي.

اليوم يساعدني الفن الرقمي في ضمان مشاركة أكبر لأعمالي مع الجمهور، وهو أمر محمّس للمستقبل، فأنا أحب التطور وأستفيد منه لإيصال رسائلي. ومؤخراً، قمت بعمل وجدته إضافة رائعة لمسيرتي، وهو Ghost of Today and Tomorrow وذلك ضمن فنون الرياض، حيث تخطيت الأرض والحدود المادية، ولم يعد المشروع عبارة عن فيديو فني، بل أداء مباشر يجب أن تتم مشاهدته في الخارج والاستمتاع بالإحساس الخاص الذي يخلقه لدى المتلقّي.. كان الإحساس قوياً وغامراً إذ كان لكل شيء في المحيط تأثيره وحضوره.

أحب كل أعمالي وألجأ إلى رموز معروفة لدى الناس، لذا قدمت عملاً عن الفنانة أحلام، فأنا آخذ المعلومات المنتشرة وأضعها في سياق جديد، لأبني حكاية مختلفة برؤيتي الخاصة. واليوم بدأت بدخول عالم NFT وقدمت عرضاً منفرداً مع غاليري يدعى Bawa وكانت تجربة ممتعة بالنسبة لي، فأنا أسعى خلف كل شيء جديد وأطمح لمستقبل مختلف، وأرحّب بردود فعل الجمهور العربي والسعودي تجاه هذه التطورات السريعة التي تطرأ في حياتنا، فنحن بتنا نستفيد من وسائل التواصل لاكتساب معارف جديدة وطرح أعمالنا وأفكارنا، وليس فقط لمشاركة تجاربنا وحياتنا الشخصية.

حالياً أعيش بين عالمين، فأتواجد في بريطانيا حيث أكمل شهادة PHD، وفي بلدي السعودية حيث أقدم فني، وهذا الأمر يسمح لي بخوض تجارب مختلفة تثري أفكاري. أتطلع بكل ثقة للمستقبل، وأرغب بأن تصل رسائلي لأعداد أكبر من الجماهير، وأرحب بالتغيّرات السريعة في مجال الفنون وأدعو الناس إلى تقبلها والنظر إليها على أنها نمط فني جديد، مثل التصوير والطباعة والرسم التقليدي.

أرى نفسي أكثر نجاحاً في المستقبل، فأنا دائمة التفكير بتقديم كل جديد، ورسالتي لنفسي هي: كوني متفرّدة بأفكاركِ لكي تحققي التواصل الحقيقي مع الآخرين.

وللجمهور، رسالة حب مني ورغبة بأن يتابعوا أعمالي ويتعرفوا إلى أفكاري علّها تلهمهم بعض التغيير من خلال صفحتي عبر إنستغرام: ahaadalamoudi.

عهد العمودي

اقرئي المزيد: ياسمين صبري: احضني أحلامك وطارديها بذكاء لتصلي إلى ما تبغين

 
شارك