ريان الرئيسي: مجال الفضاء واعد في الإمارات وأفتخر أنني أول صانعة محتوى تبسّط المعلومات حوله
كل واحدة منهنّ في مجالها، تسعى 4 شابات إماراتيات إلى إحداث تأثير إيجابي في المجتمع الذي يتواجدن فيه، وهنّ غير معترفات بالصعوبات أو القيود الاجتماعية التي تمكنت في السابق من حصرهنّ في مجالات معينة. اليوم، ينجحن في مجالات متنوعة مثل الفضاء والطيران والرياضة وريادة الأعمال والكتابة والإبداع، فكيف يصفن رحلاتهنّ، وأين يرين شابات جيلهنّ مستقبلاً؟
تخوض الشابة الإماراتية ريان الرئيسي في مجال جديد ومختلف عما يثير عادةً اهتمام الشابات، فهي طالبة فيزياء الفضاء في الجامعة الأميركية بالشارقة، ومخترعة وصانعة روبوتات وباحثة، وتسعى لتقديم محتوى رقمي يوصل الكثير من المعلومات بطريقة مبسّطة للجمهور العربي عن هذا المجال الحيوي. فلماذا اختارت هذا المسار لحياتها المهنية وكيف ترى مستقبل بلدها في هذا القطاع؟
كيف نشأ لديكِ حب الاستكشاف الذي دفعكِ لدراسة فيزياء الفضاء؟
القصة بدأت بزيارتي لأكاديمية الشارقة للفضاء والفلك الموجودة في المدينة الجامعية في الشارقة، وكان يوجد عرض يرينا أين يقع مكاننا نحن البشر في هذا الكون العظيم. كان مكان العرض مظلماً جداً وشعرنا أننا نخرج من الكرة الأرضية ومن مجرة درب التبانة لنصير في هذا العالم الواسع وندرك كم هو صغير حجمنا في الحقيقة. في تلك اللحظة بالذات بدأت بالتفكير بموضوع الفضاء جدياً وكنت حينها في الثانوية العامة، محتارة بين اختصاصين وهما هندسة فضاء الطيران المتعلق بالصواريخ والأقمار الاصطناعية، أو فيزياء الفضاء، وكان أن اخترت المجال الثاني لأنّ ميولي وجهتني أكثر نحو الأبحاث العلمية والقراءة والاستكشاف ورصد الظواهر الفلكية المختلفة.
مادة الفيزياء ليست سهلة أبداً ولا سيما في مجال الفضاء، فهل واجهتِ صعوبات أكاديمية أم تفوقتِ في المواد التعليمية؟
أنا متخرجة من مدرسة إماراتية حكومية، والمتعارف عليه أنّ مستوى اللغة الإنكليزية في هذه المدارس جيد ومقبول، ولكن حين دخلت إلى الجامعة الأميركية للتخصص واجهت صعوبة في التأقلم مع المصطلحات العلمية باللغة الإنكليزية فهي صعبة ومعقدة، ولكن حين تخطيت هذه العثرة، وجدت أنّ الناحية التطبيقية ممتعة جداً وجميلة لأنني ببساطة أحب ما نقوم به، فنحن نرصد الظواهر الفلكية والنجوم والكواكب وحركتها، ونكتب تقاريراً وأبحاثاً عن الحقائق والمعلومات التي نرصدها، ولا أزال مستمتعة كثيراً بالدراسة وأسعى بكل الطرق لزيادة تركيزي واستيعابي كي أتقن كل ما أتعلم.
تقدّمين محتوى مفيد ومبسّط عبر وسائل التواصل حول الفضاء، لماذا اخترتِ مشاركة شغفكِ بهذا المجال مع الجمهور؟
صناعة المحتوى في بالي منذ 3 سنوات ولكنني تأخرت لأنني أردت التعمق أكثر في مجال فيزياء الفضاء حتى أقدّم مادة قوية ومترابطة ومهمة، وقد شجعني والديّ كثيراً لأنهما أحبا كثيراً الطريقة التي كنت أشارك بها معلوماتي معهما. ومن هنا تشجعت وبدأت بتبسيط مفهوم علوم الفضاء ونقل الصورة الحقيقية والواقعية لها مع الجمهور العربي، كما أنني أرغب بالتعريف بكل ما وصلت إليه دولتي الإمارات في هذا المجال، وأنقل الأحداث الوطنية التي ترعاها من ناحية الاستدامة والتكنولوجيا والإنجازات التي تحققها في هذه القطاعات الحيوية.
هل تتابعين التعليقات وتشرحين بعض النقاط الغامضة للجمهور الذي يتفاعل مع محتواكِ؟
أحب أن أرى التعليقات لأعرف أكثر عن الفئات والعقليات التي تتابعني، كما آخذ فكرة عن التساؤلات التي يطرحها الجمهور وما هي الأمور التي تهمه ويرغب بمعرفة المزيد عنها، وتقريباً كل التعليقات التي أتلقاها إيجابية ومليئة بالتشجيع والدعم والفخر بي وبما أحققه.
كيف ترين الاهتمام الذي توليه دولة الإمارات لمجال الفضاء؟
دولة الإمارات تصرف ميزانيات كبيرة على مشاريع تتعلق بالفضاء، وهذا يعني أنّ المستقبل هو لهذا القطاع، وأنّ على الشباب التوجه بشكل أكبر نحو هذه الاختصاصات، فنحتاج إلى المزيد من المهندسين والتقنيين والمتخصصين. وبالنسبة لي أنا أدرس هذا المجال وأنا كلي قناعة أنني اخترت ما فيه خير لي ولبلدي، وقد تلقيت دعماً كبيراً طوال السنوات الفائتة، وحصلت على فرص ومشاركات مميزة لا تتاح لكل الناس من حولي، وقد استفدت من كل ما اختبرته، ولاسيما أحدث مشاركة خضتها الصيف الفائت حيث تأهلت مع 9 طلاب غيري لكتابة بحث علمي كامل بخصوص المريخ مع بروفيسور يتابعنا ويوجهنا، وقد عملت مع فريق محمد بن راشد لمسبار الأمل، فكنّا نأخذ البيانات التي تصلنا ونحللها ونقوم بأبحاث علمية على ضوء نتائجها.
ما هو التأثير الذي ترغبين بإحداثه في مجتمعكِ ومن هي الفئة التي تستهدفينها أكثر من غيرها في محتواكِ؟
أستهدف فئة الشباب، فهم القادرون على صنع المستقبل، وأريد أن أبيّن لهم أنّ عالمنا الكبير هذا ما هو إلا إعجاز رائع من الخالق سبحانه وتعالى... وحين بدأت بصناعة المحتوى، كنت أركّز على المصطلحات العلمية والأفكار البحثية البحتة، ولكن بعد فترة، قرأت كتاب هو «قصص من القرآن»، وحينها صرت أستشعر عظمة الأشياء الموجودة في الفضاء وهي كلها من صنع الخالق العظيم، فصرت أصنع محتوى مختلف بعض الشيء، أبين من خلاله للناس دقة وروعة وقوة الله سبحانه وتعالى في تكوين هذه الأشياء. فالجاذبية مثلاً لو اختلفت بدرجة 1% لكانت الأرض انفجرت، وبالتالي أرغب بأن يشعر الناس بعظمة الخالق في تسوية هذا الكون الكبير. رغبت أن أربط بين الدين وبين الاكتشافات التي نتوصّل إليها والتي يوجد عليها دلائل في الكتب
السماوية والقرآن.
هل تشجعين الفتيات على دراسة علوم الفضاء ولا سيما أنّ معظم الفتيات يبحثن عن مجالات عمل أكثر سهولة من حيث الدوام الثابت والراتب الشهري؟
بالتأكيد أشجع بنات بلدي على دراسة هذه المجالات، فنحن أبناء الجيل الجديد قادرون على استقبال المعلومات وتطوير أنفسنا، كما أنّ فرص العمل موجودة وبكثرة، فلا يجب أن نحصر أنفسنا في المجالات التقليدية، بل علينا أن نغامر ونبحث عن كل جديد يرضي طموحنا، سواء في مجال فيزياء الفضاء أم هندسة الفضاء أو الأبحاث وغيرها. ويوجد الكثير من النساء العربيات والخيليجيات يعملن في مختبرات ويحققن إنجازات كثيرة ولكن لا تسلَّط الكثير من الأضواء عليهنّ، وبالتالي الشابة قادرة على خوض كل المجالات التي ترغب بها، وإثبات ذاتها لنفسها ولمحيطها ولمجتمعها وللعالم بأسره.
ما هي الصورة التي تحاولين أن تعكسيها عن الشابة الإماراتية العصرية؟
المظهر مهم جداً في وقتنا الحالي، وأنا أوليه اهتماماً كبيراً فأمثل هويتي الإماراتية اللبقة والراقية بأبهى صورة. فالشكل يلعب دوراً كبيراً في التأثير على الآخر، وأنا حين اخترت أن أقدّم محتوى بات عليّ واجبات معينة تجاه من يراني، فهو يجب أن يرى صورة لامرأة جميلة وواثقة بنفسها وقوية، ولكن المظهر لا يكفي بمفرده، بل علينا أن نهتم بثقافتنا وتطوير أنفسنا والعمل على زيادة مهاراتنا.
ما هي مشاريعكِ المستقبلية وفي أي اتجاه مهني ستسيرين؟
أطمح أن أداوم في أحد مختبرات فيزياء الفضاء لدينا وهي 3: مركز محمد بن راشد للفضاء، وكالة الإمارات للفضاء، أكاديمية الشارقة للفضاء والفلك، وأرغب أن أبدأ كمساعدة باحثة ثم أصير باحثة، لأستمر برصد الظواهر الفلكية والقيام بالأبحاث. وللمستقبل البعيد أفكّر أيضاً بأن أكمّل دراسة الماجسير والدكتوراه وأصير أستاذة جامعية للطلاب في الجامعات الإماراتية. أما حلمي الأبعد فهو أن أصير رائدة فضاء وأصل إلى الأعلى لأرى كوكبنا من فوق وألمس عن قرب ما قرأت ودرست عنه لسنوات.
كيف ترين مستقبل قطاع الفضاء في الإمارات؟
يوجد تسابق بين الدول الكبرى لتحقيق الإنجازات في هذا القطاع، والسبب هو أنّه قطاع اقتصادي واعد يمكن في المستقبل أن يكون مصدراً للكثير من الثروات التي تعود بفوائد ربحية ضخمة، وبالتالي فإنّ اهتمام دولتنا بهذا المجال وبالأبحاث والإنجازات التي يحققها شبابنا فيه ضروري جداً، وهي تقوم بكل ما يلزم لكي تشجّع المزيد منّا على دراسته والتوظف فيه. الحكومات تطمح بالحصول على عينات ومواد من القمر لدراستها والاستفادة منها، وفي الإمارات لا زلنا جدد في مجال اكتشاف الفضاء، ولكننا اليوم نكتشف وغداً سننتقل لمرحلة الانتفاع مما اكتشفناه.
اثرئي المزيد: شما البستكي: هدفي نشر النقاش الثقافي بمختلف أنواع الكتابات والإبداع مع جيلنا وليستمر مع أجيال المستقبل