زواج سريع طلاق أسرع؟

دينا زيدن الدين-بيروت
صحيح أنّ الحب يمكن أن يكسو القلوب من النظرة الأولى، لكن هل يكون دخول القفص الذهبي سهلاً وسريعاً كالوقوع في الحب؟ وهل تنجح الزيجات السريعة التي نرى مثلها حولنا وقد ازدادت مؤخّراً بسبب تأخّر سنّ زواج الفتيات في المجتمعات العربيّة، ما يدفعهنّ حين يأتي العريس إلى الزواج سريعاً ومن دون تأخير كي يزدن فرص الإنجاب وتكوين عائلة قبل فوات الأوان؟

1 لا مجال للتراجع
تعتبر فترة الخطوبة بمثابة تجربة مصغّرة عن الزواج، يستطيع خلالها الشريكان أن يتعرّفا إلى بعضهما أكثر ويختبرا قدرتهما على مواجهة مشاكل الحياة معاً وعلى تحمّل الصفات المزعجة في الشريك التي تتكشّف شيئاً فشيئاً، فإذا استمرّ الحب والانسجام والتوافق يحصل الزواج، وإذا لم يستمر ينفصلان من دون وقوع أضرار عاطفيّة واجتماعيّة كثيرة، لكن في حال تمّ الزواج سريعاً، فإنّ هذا يعني أنّ لا تراجع، أو على الأقل أنّ طريق التراجع سيكون مؤلماً ومليئاً بالأشواك، لأنّه يعني الطلاق مع ما يحمله من أزمات ومشاكل للطرفين، وللأولاد في حال دام الزواج لسنوات.
في هذا الإطار، تقول هبة (34 عاماً): «زواجي كان سريعاً إلى درجة أنّ العديد من صديقاتي لم يعرفن به وصدمن كثيراً من قراري المتسرّع، فأنا تزوّجت بالطريقة التقليديّة، لم أكن أعرفه والتقينا بالصدفة في أحد المقاهي، اقترب منّي وقال لي إنّني أعجبته وهو يبحث عن عروس، وإنّه موجود في البلد لمدة شهر واحد ويرغب في أن نتزوّج بسرعة حتى أتمكّن من السفر معه».

2 خطوبة وزواج خلال شهر
تضيف هبة: «جاء إلى منزلنا وأعجب به أهلي كثيراً وقد شجّعتني والدتي لأنّني كنت قد تجاوزت الثلاثين وليست هناك علاقة جديّة في حياتي، فاقتنعت بكلامها ولا سيما أنّه بدا مثاليّاً خلال الأيام الأولى من تعارفنا، وشعرت بأنّني أحبّه ربما لأنّني كنت أعاني من الفراغ العاطفي وأحتاج إلى رجل ليملأه، فتزوّجنا وسافرت، وهناك اكتشفت فداحة الخطأ الذي ارتكبته».

3 ندم بعد فوات الأوان
بحسب هبة، فإنّ الزواج لم يدم أكثر من ثلاثة أشهر، والسبب أنّها صدمت بالاختلافات الكبيرة في طريقة تفكيرهما، لا سيما أنّه أمضى عشرين عاماً من حياته بعيداً عن بلده. تقول: «وكأنّه تحوّل إلى شخص مختلف حين صرنا في أوروبا، رجل لا أعرف عنه شيئاً، لديه الكثير من العلاقات النسائيّة السابقة التي لم تنته بشكل كامل. حاولت أن أستوعب هذه الاختلافات، لكنّ الأمر فاق قدرتي على التحمّل، فقرّرت ألا أكمل هذه العلاقة الفاشلة وأخاطر بإنجاب الأطفال منه، وما كان مني إلا أن عدت إلى بلدي بلقب مطلّقة».

4 الخروج من الصدمة
اضطرّت السيدة الثلاثينيّة أن تتزوّج سريعاً بسبب ظروف زوجها الاستثنائيّة، لكن في أحيان أخرى يحصل هذا الأمر رغبة في هرب أحد طرفي العلاقة من تجربة فاشلة سابقة.
حول هذا الأمر، تقول سلمى (28 عاماً): «تزوّجت بعد ثلاثة أشهر من انفصالي عن خطيبي، من رجل ساعدني على تخطّي أزمتي، فوجدت فيه برّ الأمان الذي أبحث عنه، وقد نجح زواجنا على الرغم من أنّ كثيرين راهنوا على فشله، والسبب ببساطة أنّنا رغبنا في إنجاحه وقدّمنا تنازلات كي نتّفق ونلتقي، لأنّنا لم نرد أن يكثر الشمّات من حولنا، وهذا أمر مطلوب من كلّ شخصين قرّرا الزواج حتى لو استمرّت خطوبتهما لسنوات قبل ذلك، فوجود اثنين في منزل واحد هو ما يكشف كلّ شيء عن الآخر».

5 التضحيات المطلوبة
ترى السيدة العشرينيّة أنّ النجاح في أيّ علاقة يتطلّب من الطرفين أن يكونا راغبين في الاستمرار معاً وتقديم تضحيات لحصول ذلك، فإذا توفّر هذان العنصران سينجحان بكلّ تأكيد. تستطرد: «المهم أن تكون أهدافهما في الحياة واحدة وأن تكون طباعهما متقاربة ويحصل بينهما انسجام عاطفي وجسدي، وهذا ما اختبرته في علاقتي وما ساهم في نجاحها. هذا لا يعني أنّني أشجّع الزواج السريع، فمن المهم جداً أن يتعرّف الاثنان على بعضهما جيداً، فهما سيقضيان حياتهما معاً بحلوها ومرّها، لكن في حال إيجاد الشخص المناسب، فلتغامري لأنّ الحياة والسعادة تحتاجان أحياناً إلى القوّة والجرأة والإقدام».
تنجح الزيجات السريعة أحياناً بسبب وجود الأولاد، فالزوجان يعيدان التفكير بقرار الانفصال لأنّهما لا يرغبان في أن يضيع الأولاد ويقرّران المحاولة مجدّداً لإنجاح العلاقة.

6 الشكر للأولاد
في هذا الإطار، تقول السيدة أحلام (30 عاماً): «أشكر ابني لأنّه كان السبب في استمرار زواجي الذي حصل بشكل سريع جداً، فنحن تزوّجنا في سنّ صغيرة بعدما أعمانا الحب. وما حصل، هو أنّنا بعد الزواج، اكتشفنا تباعداً كبيراً في طباعنا، لكنّ وجود ابننا الصغير دفعنا إلى المحاولة. ومع الوقت، صرنا أكثر نضجاً وقدرة على تقبّل اختلافاتنا والتعايش معها، واليوم نحبّ بعضنا كثيراً».

7 في التأنّي السلامة
ليس من السهل أبداً اتخاذ قرار الزواج، لأنّه يؤدي إلى تغييرات جذريّة في حياتك، لذلك فإنّ التأنّي والتفكير الجدي مطلوبان، إذ من الصعب جداً اكتشاف حقيقة الشريك مهما بلغت درجة افتتانك به، لذلك، خذي وقتك للتعرّف إليه واختبريه وادخلي معه في نقاشات حول مواضيع متنوّعة، تعرّفي إلى أهله وأصدقائه وعمله وادرسي كلّ الاحتمالات قبل أن تجيبي: «موافقة» على طلبه للزواج منك، ولا تنبهري بالمظاهر أو يعميك امتلاكه للمال، بل ابحثي عن الأخلاق والخصال الحميدة قبل كلّ شيء.

 
شارك