كيف غيّر الجيل الجديد مفهوم الفخامة في عالم الجمال
تعتقد البعض منّا أنّ التوتّرات الاقتصادية التي يعيشها العالم خلال السنوات الأخيرة انعكست سلباً على المشتريات الفاخرة. لكنّ الواقع يثبت العكس تماماً! فحتّى الجيل الجديد من المستهلكين يظهر رغبة في شراء منتجات فاخرة تتماشى مع قيمه، سواء من حيث الوعي أو الاستدامة أو الأصالة أو غيرها. غير أنّ السؤال الذي يطرح نفسه، هل تعريف الفخامة ما زال هو نفسه بعد كل هذه السنوات؟ ولاكتشاف الإجابة، ما عليك سوء قراءة تقريرنا.
فيما ما زال الجيد زد وغيره من الأجيال الجديد يظهر اهتماماً تجاه السلع والمنتجات والتجارب الفاخرة، يدفع هؤلاء المستهلكون الجدد العلامات التجارية إلى التفكير في أكثر من مجرّد تحقيق مكاسب سريعة وتقديم عروض قيمة تعكس الأخلاقيات وغيرها من القواعد الراسخة. فقطاع الجمال بشكل عام، بما فيه العافية والعناية الذاتية، يشهد تحوّلًا في تعريف "الفخامة" ويأخذ معنى هذا المفهوم إلى آفاق جديدة أكثر شمولية.
وفي هذا التقرير، سنتحدّث عن الركائز التي تقوم عليها "الفخامة المعاصرة"، ألا وهي:
- الانتشار الواسع على منصات التواصل الاجتماعي
- العناية الجمالية المدعومة بالتقنيات
- الجمال القائم على مكوّنات آمنة
- استباق احتياجات البشرة المستقبلية
- الفن للارتقاء بالجمال
سيناريو جمالي جديد
لا شكّ في أنّ المعنى الفعلي لكلمة "الفخامة" لم يتغيّر، غير أنّ تفسير المفهوم تبدّل في ظلّ تطوّر احتياجات الأجيال الجديدة من المستهلكين ومتطلباتها. فهذا جزءٌ من الجهود التي تبذلها العلامات التجارية للتكيّف مع التغيّرات والاتجاهات الحاصلة، تماماً كما تركّز مساعيها في المجالات العصرية ذات الأولوية مثل الاستدامة والأصالة والرفاهية الشاملة. لذلك، من الضروري أن تتمسّك العلامات بركائز الفخامة الجديدة كي تكسب ولاء العملاء وتحقّق أثراً عالياً في عالم الجمال.
الانتشار الواسع والحضور القوي على منصات التواصل الاجتماعي
أحدث انتشار وسائل التواصل الاجتماعي خلال السنوات الخمسة عشرة الماضية تأثيراً كبيراً على المعايير الثقافية في مختلف أنحاء العالم، لا سيّما على مستوى الأجيال الجديدة التي فتحت أعينها على هذه المساحات الرقمية الشاسعة التي تشكّل جزءاً لا يتجزأ من الحياة. ولذلك، لم يعد بإمكان العلامات التجارية فصل هويتها عن الحضور القوي على هذه المنصات التي تساعدها على عرض المنتجات التي تبتكرها وتعزيز الشفافية بشأن التركيبات والمكوّنات التي تقدّمها وأيضاً مشاركة النصائح والتوصيات لكيفية استخدامها. لكنّ أهمية هذه المنصات الافتراضية لا تتوقّف عند هذا الحد، وهذا ما أدركته العلامات التطلّعية التي استفادت من هذه المواقع لرقمنة تجاربها.
فمنصات التواصل الاجتماعي تقدّم للعلامات التجارية فرصة بناء مجتمع متماسك مع عملائها، حيث تقوّي الروابط معهم وتعزّز ولاءهم تجاهها. ومن خلال هذا المجتمع، يشعر العملاء بحسّ الانتماء إلى العلامة، فيزداد تفاعلهم مع منشوراتها كما ويهتموّن أكثر بالمشاركة بأي أنشطة رقمية ومبادرات تطلقها.
العناية الجمالية المدعومة بالتقنيات
أصبحت التكنولوجيا جزءاً أساسياً من الفخامة بمفهومها الحديث، لا سيّما أنّها تمكّن العلامات التجارية من تقديم منتجات وخدمات حصرية ومخصّصة ومبتكرة ترتقي بتجارب العملاء. وهذا تماماً ما أكّدته Alice H. Chang، المؤسسة والرئيسة التنفيذية لشركة Perfect Corp المتخصّصة في تقنيات الذكاء الاصطناعي في عالم الجمال. فقد أوضحت تقنيات الذكاء الاصطناعي وغيرها من التقنيات المتقدّمة تسمح للعلامة التجارية بتصميم تجارب شخصية تلبّي تحديداً الاحتياجات والتفضيلات الخاصة بكل عميلة. وتُعتبر هذه القدرة على التخصيص من العوامل التي تميّز بعض العلامات عن سواها، لأنّ تجاربها تكون حصرية بالفعل. كذلك، يمكن للأدوات المدعومة بالذكاء الاصطناعي أن تبسّط عملية التسوّق، بدءاً من التوصيات المخصّصة وإمكانية تجربة المنتجات الافتراضية وصولاً إلى تقنيات تحليل البشرة ومشكلاتها، ما يعزّز الراحة باعتبارها سمة من سمات الفخامة والرفاه.
كذلك، لا بدّ من التحدث أيضاً عن فخامة التجارب التكنولوجية التي أصبحنا نختبرها بأنفسنا في المنزل بدون أن نضطرّ إلى زيادة العيادات والمراكز التجميلية. فهناك العديد من العلامات التجارية التي تقدّم أجهزة تقنية تعزّز "فخامة" الروتين الجمالي في المنزل، ومن أبرز الأمثلة الأقنعة العاملة بتقنية LED.
الجمال القائم على مكوّنات آمنة
في عصرنا هذا، لم تعد الفخامة تعني التركيبات الأغلى ثمناً أي التي ندفع مبالغ باهظة مقابل الحصول عليها، بل أصبحت ترتبط بالتركيبات الآمنة والفعّالة في آن. ولذلك، تتردّد على مسامعنا العديد من العبارات مثل "الجمال النظيف" (Clean Beauty" و"نباتي" (Vegan) و"الجمال الصالح للأكل" (Edible Beauty). من جهة أولى، الفخامة الجمالية تعكس اتباع نهج شامل لا يركّز فقط على استخدام الكريمات والسيرومات والعلاجات الموضعية، بل يشمل أيضاً تغذية البشرة من الداخل أي تناول الأطعمة المفيدة. ومن أبرز الأمثلة في هذا الإطار، وصفة السموثي بالفراولة المعزّز لنضارة البشرة التي تشاركتها النجمة Hailey Bieber أو حتّى مسحوق الكولاجين البحري، ما يشكّل مثالاً رائعاً على الجمع ما بين الجمال والرفاهية.
من جهة ثانية، يشكّل "الجمال النظيف" بدون شكّ جانباً أساسياً في هذا السياق. ولذلك، أجرينا مقابلة مع Phoebe Song، مؤسسة علامة Snow Fox المعروفة بمنتجاتها الجمالية النظيفة.
- كيف تصفين العلاقة بين الفخامة والجمال؟
أجد أنّ الفخامة هي مرادف للفعالية. ففي عالم العناية بالبشرة، لا يُقاس الأمر بإنفاق مبالغ كبيرة، بل بمدى تأثير المنتج إيجاباً على البشرة.
- ماذا تقولين عن الجمال النظيف كجانب من جوانب الفخامة العصرية؟
يُسعدني اهتمام الأجيال الجديدة بمستحضرات التجميل النظيفة. وقد انطلقت Snox Fox في هذه الرحلة منذ 10 سنوات تقريباً، حيث تبنّينا هذا المفهوم انطلاقاً من قناعة راسخة وليس مواكبةً لاتجاه سائد. ويمكن وصف نهجنا بأنّه "نظيفٌ وعلاجي" لأنّنا نقدّم منتجات ذات جودة علاجية، ونعمل جنباً إلى جنب مع أطباء مختصّين، كما أن منتجاتنا تحمل شهادات مُصادق عليها من قبل أطباء الجلد.
- حدّثينا عن فرشاة غواشا المطلية بالذهب وعن اختيار المكوّن الفاخر.
من المثير للاهتمام أنّ أوّل ما يلفت انتباه الناس في فرشاة غواشا هو الذهب عيار 24 قيراطاً. صحيح أنّها تبدو فاخرة وجميلة، لكن الأمر يتجاوز بكثيرٍ مجرد المظهر. لم نختر الذهب بدافع التباهي، بل لأنّه مكوّن طبي عريق في الثقافة الصينية. وقد صُمّمت هذه الفرشاة لتدليك فروة الرأس، مما ينبّه نقاط العلاج بالضغط على طول خطوط الطاقة. ففي شرق آسيا، نؤمن بوجود نقاط طاقة في فروة الرأس، تُسمّى خطوط الطول وتؤثّر على تدفّق الطاقة الحيوية.
استباق احتياجات البشرة المستقبلية
كان العناية الجمالية في الماضي تركّز على تحسين مظهر البشرة. أمّا في أيامنا هذه، فتسعى المستهلكات للحصول على منتجات تحافظ عل صحة البشرة على المدى الطويل، حيث ينظرن إلى الجمال كانعكاس خارجي للعافية الداخلية وينخذن إلى الشركات أو العلامات التجارية التي تتبنّى المفهوم ذاته. فعلى سبيل المثال، تهتمّ العميلات بكلّ ما يتعلّق بحماية البشرة من التعديات البيئية الخارجية، مثل التلوّث والأشعة فوق البنفسجية والضوء الأزرق المنبعث من الشاشات، ناهيك عن قيم الاستدامة والشفافية.
الفن للارتقاء بالجمال
يُعتبر الفن من أبرز جوانب الفخامة التي تسمح بالارتقاء بعالم الجمال إلى مستويات عالية من الرقي والتميّز. ولذلك، تخصّص بعض العلامات التجارية جزءاً من جهودها للتعاون مع فنانين من المجتمعات المحلية التي تنتشر فيها من أجل إضفاء لمسات خاصة إلى مجموعات محدّدة من توقيعها أو الاحتفال بمناسبات بارزة تهمّ العملاء أو بكلّ بساطة تقديم إصدارات أكثر فخامة من منتجات معيّنة. وعند التحدث عن التعاون مع الفنانين، نفكّر مباشرةً بدار Guerlain العالمية التي تشتهر بشراكاتها المتكرّرة مع العديد من الفنانين المحليين والعالميين، مثل الفنانة شروق رحيم لمجموعة الاحتفالات 2024. وكانت علامة المكياج السعودية Asteri قد تعاونت مؤخراً مع الفنانة سارة النملة لمجموعة خاصة بمناسبة اليوم الوطني السعودي. ولذلك، تحدّثنا أكثر عن الفن والجمال مع مؤسسة العلامة سارة الراشد.
- ما النقاط المشتركة بين الفن والجمال؟ وكيف يكمّل هذان العالمان الواحد الآخر؟
يترابط الفن والجمال بشكل عميق، حيث يركّز كل منهما على التعبير عن الذات والعاطفة والإبداع. فتماماً كما يستخدم الرسام لوحة قماشية لتوضيح رؤيته، يستخدم عشاق الجمال المكياج للتعبير عن التفرّد وتعزيز الملامح الطبيعية. وبالتالي، توفّر المنتجات الجمالية خيارات لا تُحصى لإطلالات ناعمة أو جرئية، تماماً كما الأنماط والتقنيات المتنوّعة المستخدمة في الفن. حتّى أنّ الألوان والقوامات والتقنيات المستخدمة في تطبيق المكياج تعكس البراعة الفنية. وعليه، يحتفل كل من الفن والجمال بالتحوّل، حيث يمكّناننا من سرد قصص فريدة والكشف عن جوانب جديدة من شخصياتنا.
- كيف يعكس الفن الفخامة؟ وما أهمية الشراكات الفنية في عالم الجمال؟
يعكس الفن الفخامة في الطريقة التي يجسّد فيها الحرفية والحصرية والصدى الثقافي العميق. وفي قطاع الجمال، ترفع الشراكات مع الفنانين من قيمة المنتجات وتحوّلها إلى قطع ذات طابع شخصي وجاذبية تدفعنا إلى جمعها واقتنائها. وتسمح هذه الشراكات أيضاً بسرد قصص غنية من خلال المنتجات والفن، فيحصل العملاء على تجارب حصرية وذات معنى.
فعلى سبيل المثال، تعاونّا مؤخراً مع الفنانة السعودية سارة النملة بمناسبة اليوم الوطني السعودي، حيث أضافت لمساتها الجمالية وإلهامها المستوحى من المناظر الطبيعية السعودية عمقاً ثقافياً فريداً إلى مجموعة Asteri. ويتجاوز هذا التعاون حدود المنتجات بحد ذاتها، إذ يمنح العملاء فرصة الحصول على قطعة فنية بطابع سعودي، قطعة يشعرون بفخر اقتنائها وعرضها. وبالتالي، نستطيع من خلال هذه الشراكات أن نجمع ما بين الجمال والفنون بطريقة تتوافق مع مجتمعنا وتقدّم تجربة غنية بصرياً وثقافياً.
اقرئي أيضاً: New Luxury صيحة جديدة تشهد ازدهار العلامات التجارية المعاصرة