نور أردكاني: الموسيقى صديقتي المقرّبة في رحلة الحياة
جميلة وموهوبة وطبيعية بشكل كبير، وبهذه الصفات استطاعت أن تصل إلى فريق Now United العالمي، فتكون قصتها شبيهة إلى حد ما بما حدث مع ساندريلا، حيث تغيّرت حياتها في وقت سريع، ولكنّ الشابة اللبنانية نور أردكاني امتلكت الذكاء والوعي والثقافة والثبات لكي تحافظ على عفويتها وتواضعها، فتعمل بجهد لكي تستمر في تطوير نفسها لكي تصل بصوتها وموسيقاها وروحها الفريدة إلى أعداد أكبر من الجماهير. ولأننا في عدد أكتوبر نحتفي بالموسيقى، فقد اخترنا نور لتكون نجمتنا، فتعرفي عليها أكثر في هذا اللقاء، واكتشفي صورها المميزة وهي متألقة بأزياء من علامة Miu Miu الشهيرة.
تصوير: Greg Adamski لدى MMG Artists، رئيسة التحرير: Sima Maalouf ، إضاءة: Jeffrey Zamora، تنسيق: Daniel Negron لدى MMG Artists، مساعدة في التنسيق: Rachel O'Mahony ، شعر ومكياج: Ivan Kuz، إنتاج: Kristine Dolor
بصفتكِ شابة عربية حققت شهرة عالمية بمواهبها في الموسيقى والفن والأداء، هل تعتبرين هذا النجاح مسألة حظ، أم نتيجة للعمل الجاد واغتنام الفرص المناسبة في الوقت المناسب؟
أعتقد أنّ النجاح هو مزيج من الاثنين. عندما نشأت في لبنان، كنت أحلم بالقيام بما أفعله الآن، وكنت أعمل باستمرار لتحقيق هذا الهدف، حتى قبل أن أدرك أنّ الوصول إليه ممكناً. وقد يكون الحظ قد لعب دوره، إلا أنّ المثابرة والعمل بجهد هما ما ساعدني على الاستمرار والنجاح عندما أتيحت لي الفرص.
لقد اكتشفتِ موهبتكِ الفنية في سن مبكرة. هل يمكنكِ مشاركة بعض ذكرياتكِ المفضلة من ذلك الوقت وكيف طورتِ مهاراتكِ في الغناء والرقص والعزف على الآلات الموسيقية؟
إحدى أقدم ذكرياتي هي مع أغنية "نسّم علينا الهوى" لفيروز عندما كنت أغنّيها على الميكروفون في غرفتي وصادف وصول رجل توصيل البقالة الذي بقي قليلاً على الباب ليستمع لغنائي حتى بعد أن دفعت له أمي الفاتورة!
أما بالنسبة للرقص، فقد كان جزءاً من حياتي منذ طفولتي. بدأت الباليه في سن السابعة، ثم انتقلت إلى الجمباز الإيقاعي، والتحقت بمدرسة كركلا للرقص. لكن ذكرياتي الأولى عن الرقص هي عندما كنت أرى الفرح والشغف في عينّي أمي عندما كانت ترقص على أنغام الموسيقى الشرقية في المنزل ما غرس فيّ حب الرقص. كما بدأت العزف على البيانو في سن الثامنة، ومنذ ذلك الحين أصبح البيانو رفيقي الدائم.
ما هي الأغاني أو الأنواع الموسيقية التي استمتعتِ بها أثناء نشأتكِ، وأي منها كان له تأثير دائم عليكِ؟
خلال نشأتي في لبنان، كنت أستمع إلى أنواع موسيقية مختلفة، وهذا ما شكل حقًا حبي الكبير لتنوع الأنماط الموسيقية، من موسيقى الـ R&B، والبوب الغربي، والموسيقى الكلاسيكية، إلى الموسيقى الشرقية العربية التي كنّا نستمع إليها في رحلاتنا مع العائلة. كانت الموسيقى الفرنسية أيضاً جزءاً مهماً من هذا المزيج. هذا التنوع شكّل شخصيتي الفنية الحالية وكان له تأثير كبير على ما أقوم به اليوم.
كيف حافظتِ على تركيزكِ ومثابرتكِ لدخول عالم الموسيقى شديد التنافسية والمليء بالمواهب؟
في الحقيقة، الأمر يتلخّص في مدى رغبتك الحقيقية في تحقيق هدفكِ، ودوافعكِ للاستمرار في مواجهة التحديات. كما أنّه يتطلب تذكيراً دائماً بأنّ فنّكِ يستحق أن يراه العالم، بغض النظر عن المرحلة التي تمرين بها، طالما كان حقيقياً وأصيلاً ويعكس ما تريدين تقديمه لجمهوركِ.
بالتأمل في أيامكِ الأولى من الشهرة قبل خمس سنوات، كيف تطور منظوركِ لمسيرتكِ المهنية منذ ذلك الحين؟
عندما بدأت، لم أكن أعلم حجم الطاقة الجسدية والمجهود الذهني والنفسي الذي تتطلبه هذه المسيرة الفنية. الانتقال من حياة فتاة عادية في لبنان إلى فتاة تقوم بجولات فنية حول العالم، وبتصوير مقاطع فيديو موسيقية في أماكن خيالية، وتلتزم بالتدريب المكثف... كان أمراً مرهقاً في البداية. واليوم، أصبحت أكثر واقعية وأفهم ما يتطلبه الأمر لأكون جزءاً من هذا العالم. ورغم أنّ الرحلة لم تكن سهلة دائماً، إلا أنني ممتنة، فلو رأتني نور الصغيرة الآن، لكانت فخورة بأنّ أحلامها أصبحت حقيقة.
بصفتكِ العضو السادس عشر في “Now United” وأول فتاة عربية تنضم إلى هذه المجموعة العالمية، كيف شعرتِ عندما تلقيت الخبر؟ هل تتذكرين المشاعر التي غمرتكِ في تلك اللحظة؟
بصفتي العضو السادس عشر في “Now United” وأول فتاة عربية تنضم إلى هذه المجموعة، استغرق مني بعض الوقت لأستوعب تماماً ما كان يحدث. فكرة التدريب كفنانة وتحقيق حلم طالما سعيت إليه كانت مذهلى. أن أكون تحت إدارة أيقونة في صناعة الموسيقى مثل سيمون فولر، وأن أمثل الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كأول عضو عربي، كانت مسؤولية كبيرة شعرت بها منذ البداية.
لن أنسى أبداً اللحظة التي شاركت فيها الخبر مع والديّ. كونهما عرب، لم يكن الأمر سهلاً. لقد كانا داعمين لي وفخورين جداً بي، ولكن أيضاً قلقين من دخولي إلى هذا العالم في سن الثامنة عشرة فقط، عالم بعيد عن المسار التقليدي لأي فتاة في عمري.
عندما تنظرين إلى الوراء في رحلتكِ، ما الذي تعتقدين أنّه يميزكِ عن الآخرين؟ وكيف تخططين لمواصلة التميّز بطريقتكِ الفريدة في المستقبل؟
كوني نشأت في لبنان، حيث لم يكن هناك مسار واضح لما أفعله الآن، أي أنني كنت بحاجة إلى شق طريقي بنفسي. فنّي ينبع من تجاربي الشخصية، ومن حلم طفلة صغيرة أرادت أن تترك بصمتها في العالم. للمستقبل، أخطط أن أبقى صادقة مع ذاتي وقصتي وخلفيتي، وتجاربي هي ما يميزني. أعتقد أنّ البقاء على طبيعتي هو أفضل طريقة للتميز... قصتي وخلفيتي وتجاربي ومصادر إلهامي هي أدواتي الوحيدة للنجاح.
كيف ترين رد فعل الجمهور العربي على موسيقاكِ وكلماتكِ التي تختارينها؟
كان الجمهور العربي داعماً لي منذ اليوم الأول. فتجمعنا علاقة أعمق من مجرد الموسيقى، نتشارك قصصاً وأحلاماً وتجارب متشابهة. كان من الرائع رؤية مدى احتضانهم لي، وأنا ممتنة دائماً لحبهم وتشجيعهم المستمر.
كيف تصفين مشاعركِ عند الأداء على المسرح؟ هل هو الخوف، الحماس، الفرح، أم مزيج من كل ذلك؟
الأداء على المسرح هو واحد من أكثر الأشياء التي أحبها. فبعد التدريبات والبروفات، عندما أصعد إلى المسرح، أشعر باندفاع الأدرينالين. والتواصل مع الجمهور، والنظر في أعينهم، ومشاركة حبي للاستعراض، كل ذلك يشعل في داخلي طاقة وحماساً لا يمكن وصفهما.
ما هي المشاعر التي تنتابكِ عند الاستماع إلى الموسيقى؟ هل تغير الموسيقى مزاجكِ من الحزن إلى الأمل والسعادة أو العكس؟
الموسيقى دائماً كانت وسيلتي للتعبير عن نفسي، وعادةً أختار الموسيقى التي تعكس حالتي العاطفية في تلك اللحظة. والأغاني التي أستمع إليها غالباً ما ترتبط بحالتي المزاجية، وتجعل الموسيقى تشعرني وكأنها رفيق دائم، مثل صديق مقرّب يرافقني في رحلة الحياة.
الكثير من الأغاني والألبومات التي أستمع إليها مرتبطة بلحظات محددة في حياتي، وتستحضر ذكريات وعواطف يتردد صداها بعمق داخلي. سواء كنت أبدأ يومي على أنغام فيروز أو أستمع إلى إيقاعات إفريقية مفعمة بالطاقة، أو أستمتع بألبومات الـR&B في طريقي إلى التدريب، فإنّ الموسيقى جزء لا يتجزأ من روتيني اليومي. وحتى عندما أحتاج إلى التركيز، أو الاسترخاء مع موسيقى الجاز الهادئة في نهاية يومي، الموسيقى دائماً حاضرة.
ما هو تأثير الموسيقى العربية، وخصوصاً اللبنانية، عليكِ؟ من هم فنانيكِ المفضلين أو ما هي أغنيتكِ اللبنانية المفضلة؟ وإذا كنتِ ستعبّرين عن الوضع الحالي في لبنان من خلال أغنية، كيف ستكون؟
الموسيقى العربية كان لها تأثير كبير في تكويني الفني. في البداية، لم أكن أدرك مدى عمق تأثيرها، لكن مع مرور الوقت، أصبحت أقدّر جمالها وقوتها. كانت فيروز دائماً حاضرة في حياتي، صوتها كان يملأ السيارة في الصباح في طريقنا إلى المدرسة. موسيقاها، وموسيقى غيرها من فنانين عرب، تربطني بجذوري وتبقيني على اتصال بثقافتي.
وإذا كنت سأعبّر عن الوضع الحالي في لبنان من خلال أغنية، يجب أن تجمع بين الصمود والألم. أغنية مثل “Zombies” لفرقة The Cranberries قد تكون الأقرب للتعبير ، فهي تتحدث عن الصراع والبقاء، وهذا يتماشى إلى حد كبير مع ما يمر به لبنان اليوم. الأغنية تحمل ثقلاً عاطفياً عميقاً، مع الحفاظ على بصيص أمل للمستقبل.
كيف تختارين الموضوعات والقصص التي تنقلينها في أغانيكِ؟ هل يجب أن تعكس تجاربكِ الشخصية، أم أنّكِ قادرة على التواصل بعمق مع السرد وأدائه بنفس الشغف؟ ما هي المواضيع التي ترغبين في استكشافها في عملكِ المستقبلي؟
عندما أكتب الأغاني، غالباً ما أكتب عن تجاربي الشخصية. الأغاني عادةً تكون انعكاساً لما أشعر به في تلك اللحظة، أو ما شعرت به في مرحلة ما. أعتقد أنه عندما أكتب من هذا المنظور، فأنا تلقائياً أتصل بسرد الأغنية. أحياناً أكتب أغنية حزينة وهادئة، وفي أحيان أخرى أكتب أغنية مليئة بالطاقة والإيقاع .
ما هي التحديات الخفية وراء العمل في صناعة الموسيقى والأداء؟
الناس يرون فقط النتيجة النهائية للعمل، لكنهم لا يرون الساعات الطويلة من التدريب والبروفات، ولا يرون التحديات المرتبطة بالحفاظ على صحتكِ الجسدية والعقلية. يجب أن يكون لديكِ دافع قوي لمواصلة التقدّم في جميع هذه الجوانب، لأنّ هذه هي العناصر التي تدفعكِ للاستمرار في الإبداع والتطور كفنانة.
تلعب وسائل التواصل الاجتماعي الآن دوراً كبيراً في كيفية إدراك العمل الفني. أخبرينا عن وجودكِ من خلالها. ما الصورة التي تريدين إبرازها، وكيف تقومين بتنسيق المحتوى الخاص بكِ؟
أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي جزءاً محورياً من مسيرة الفنان، فهي بمثابة سيرة ذاتية رقمية. بالنسبة لي، الأمر كله يدور حول الصدق مع جمهوري. أهدف إلى إبراز صورة تعكس حقيقتي، ومشاركة شغفي الذي يتمحور حول الموسيقى والأزياء والتصوير. أقوم بإنشاء محتوى يعكس جمال وطني لبنان، ويمثّل ثقافتي في الصور التي أنشرها، والأغاني التي أؤديها، والرسائل التي أشاركها. من المهم لي أن أتواصل مع جمهوري على مستوى شخصي وأشاركهم الأشياء التي تلهمني.
هل تتابعين ردود أفعال معجبيكِ على عملكِ وظهوركِ؟ كيف تتعاملين مع الملاحظات والتعليقات؟
أتلقى كل الحب والدعم من جمهوري، وإنّ تشجيعهم لي يشكّل دافعاً كبيراً للبقاء حاضرة على وسائل التواصل الاجتماعي والحفاظ على التواصل معهم. أنا ممتنة جداً لكلّ الملاحظات الإيجابية التي أتلقاها، وهي تفوق بكثير أي تعليقات سلبية. المهم بالنسبة لي هو أنني محاطة بهذا الكَم من الحب والتقدير، وأنا أستخدم تلك الطاقة للنمو والتطور.
هل يمكنكِ وصف أسلوبكِ الشخصي عندما يتعلق الأمر بالموضة؟
أصف أسلوبي الشخصي بأنّه مزيج من الأنيق والعابر للزمن، مع لمسة خفيفة من أسلوب أوائل الألفية، وأدمج قطعاً تحمل طابعاً ذكورياً. أحب التوازن بين الأسلوب الكلاسيكي والجريء، مع الحفاظ على كوني أصيلة وحقيقية، وأهتم بأن أشعر بالراحة في كل ما أرتديه.
ما هو أكبر حلم فني لديكِ وتصرين على تحقيقه؟
أكبر حلم فني لديّ هو أن أقوم بتقديم عروض فنية على مسارح ضخمة في مختلف دول العالم وأن يكون لديّ تأثير عميق ودائم على الجمهور من خلال الموسيقى التي أقدّمها، وأن أنقل الصورة الحقيقية الجميلة للمنطقة العربية التي أنتمي إليها.