ندى النهدي: اسمحي للمغامرة والسفر أن يغيّرا حياتكِ وشخصيتكِ

هل هناك ما هو أجمل من العيش مع حرية التنقل واكتشاف العالم والعودة إلى الأرض والطبيعة واحتضان أصلنا وجذورنا، ولدى اكتشاف روعة كل هذه التفاصيل، تشجيع باقي الشابات من الجيل الجديد على كسر كل حواجز الخوف للانطلاق في هذه الرحلة الممتعة؟ هذا ما اختبرته الشابة ندى النهدي فقررت أن تشارك مشاعرها وشغفها الكبير بالأرض وبكل ما عليها من كنوز طبيعية مع الجماهير عبر حسابها على إنستغرام: nadaalnahdi@. فماذا تقول عن المغامرات التي تخوضها؟ اكتشفي المزيد عنها في هذا اللقاء.

"لم أسافر طوال سنوات طفولتي ومراهقتي، وكان السفر بعيداً جداً عن تفكيري، بمثابة الترف الذي يصعب تحقيقه، بسبب العوائق المادية أو الاجتماعية، حيث لا يحبّذ سفر الشابات بمفردهنّ للسياحة والاستكشاف. وبعد ذلك أخبرتني، صديقة لي أنّها تسافر بمفردها مع حقيبة صغيرة على ظهرها، فصدمتني وفاجأتني بقوّتها وجرأتها وشجاعتها، واستفسرت كثيراً منها حول الأمر، وأكدت لي أنه آمن ويوفّر شعوراً رائعاً بالاستقلالية والراحة، فتشجعت وبدأت بالسفر معها، وأُغرمت بالشعور بالحرية والسعادة، واكتشفت أنه بوسعنا السفر بميزانية محدودة وعيش تجارب بسيطة إنّما جديدة ورائعة، وأنّ السفر لا يعني فقط الإقامة بفنادق 5 نجوم ودفع مبالغ طائلة، وقد أردت مشاركة هذه المعرفة مع الجمهور ومن هنا كانت بدايتي".

مراعاة معايير السلامة خلال السفر

بهذه الطريقة كشفت ندى عن بدء مسيرتها كمدونة سفر ورحّالة ومؤسسة لمبادرة Qairavan التي تهدف إلى تشجيع السفر واكتشاف مختلف أنحاء السعودية. أمّا حول الشجاعة التي حصلت عليها لكي تخوض تجارب السفر بمفردها، فتقول "تركتني صديقتي في السفر بمفردي 3 أيام في المغرب وكنت أخشى أن لا أتمكن من تدبر أموري، ولكنني وعلى العكس اختبرت إحساساً رائعاً بالقوة والتمكّن والحرية، وهكذا تكررت رحلاتي، وبدأت أشارك مع العالم جمال السفر Solo وبميزانية محددة".

وتحدثت ندى عن الأمور التي يجب على كل فتاة مراعاتها قبل الذهاب في رحلة فردية، وذلك كي تحفظ أمانها ولا تواجه أي حوادث مؤسفة، فقالت "يوجد قواعد أتبعها وأوّلها التعرّف على أشخاص من الدولة التي سأقصدها، وسؤالهم عن كل المعلومات الضرورية قبل السفر، سواء وسائل النقل أو الإقامة أو الأماكن السياحية وأفضل الطرق للحجز والوصول إليها، وما يجب تجنّبه ليلاً، وكيف ينبغي علينا التعامل مع الغرباء أو أهل البلد ذو اللغة الغريبة، وحتى لو اضطرت للخروج ليلاً، كيف عليها التعامل مع أي موقف طارئ تتعرض له".

الشعوب تحمل لغة مشتركة

وتضيف "بالنسبة لي كشخص يخشى الظلام في الأيام العادية، فأنا أتحرر من كل مخاوفي خلال السفر، ولا أخشى أبداً الغرباء من عامة الشعب، بل لديّ مطلق الثقة بالإنسانية، وحين يصادفني أناس يستغربون من سفري إلى بلدان بعيدة وغير مستحب أن تسافر الفتيات إليها، مثل باكستان والهند وأفغانستان، أقول لهم إنّ الشعوب قريبة من بعضها البعض، وجميعنا لدينا لغة مشتركة يمكن أن نتواصل بها".

كما أسست ندى مبادرة Qairavan التي تحثّ الشباب على التعرّف على الأماكن السياحية في المملكة، وقد شرحت لنا عملها فيها "بدأت باكتشاف السعودية من خلال رحلات المشي سيراً على الأقدام في عدة محافظات، كما كنت أذهب للتخييم مع مجموعات، وتفاجأت بكثرة المناطق الطبيعية الخلّابة والتي لا يعرف عنها أبناء البلد أنفسهم. وساعدني بدء المرأة بالقيادة، فهذا الأمر سهّل لها الانطلاق بمفردها والتعرّف على بلدها بشكل تفصيلي، ومن دون الحاجة لوجود الرجل معها، لذا أطلقت Qairavan حيث نكتشف المناطق سوياً ونخوض مغامرات جميلة جداً ومدروسة وآمنة يمكن للشابات أن يجرّبنها ويختبرن أروع المشاعر".

تعريف بمناطق السعودية السياحية

وتكمل ندى الشرح "يوجد في السعودية كل ما يرضي كل السياح، فالباحث مثلاً عن النواحي التراثية واكتشاف العادات والتقاليد الجميلة عليه أن يزور مناطق الجنوب، والباحث عن وجهة أثرية رائعة عليه أن يقصد العلا، لذا نساعد كل المحبين للاكتشاف أن يقصدونا ويتعرّفوا معنا على المناطق المخبئة في السعودية. والفكرة جاءت حين كنت أصوّر المناطق السياحية وأنشر صوري، فيبدأ الجميع بالتساؤل عن مكان الوجهة وكيفية الوصول لها، ولكن معظم الشابات لا يجرؤن على الذهاب بأنفسهنّ أو بمفردهنّ، لذا أردت مساعدتهنّ على القيام بهذه الخطوة، وبتّ أنظّم رحلات للمجموعات، وتقديم برنامج مريح وسلس يرضي الجميع ويثير حماسهنّ للتجول والاستكشاف. واليوم يلاقي المشروع الكثير من المتابعة والاهتمام لدى الشابات، حتى أنّ كثيرات منهنّ بتن يقمن برحلات فردية، فقد احتجن فقط للخطوة الأولى وللتشجيع، وحين اختبرن روعة المناطق السعودية ازدادت لديهنّ الحشرية لاكتشاف المزيد، من دون الحاجة إلى السفر إلى دول بعيدة، أو القيام بتخطيط كبير وتخصيص ميزانية ضخمة للذهاب لبضعة أيام بعيداً عن المسؤوليات والروتين".

حاملة شعار السفر المستدام

حملت الشابة المغامرة شعار السياحة المستدامة في رحلاتها، وتخبرنا عن هذا التوجّه "البيئة والأرض ملك للجميع وعلينا العمل للمحافظة عليها. أريد أن أتجوّل في الطبيعة ولا أرى الأضرار التي يحدثها الإنسان فيها، لذا بدأت أركّز على الوجهات المحمية، وصرت أستعين بأدوات صديقة للبيئة. فبدل أن أشتري زجاجات المياه البلاستيكية، صرت أحضر معي زجاجتي الخاصة، وبدل الأكياس البلاستيكية التي ترمى بعد استخدامها، صرت أستخدم أكياس متكررة الاستخدام، واستعضت عن الفنادق الضخمة في المدن بالبيوت الصغيرة في القرى، وأحببت اكتشاف الأسواق الشعبية البسيطة ودعم أصحاب المحال الصغيرة والتي تعكس روح البلد الحقيقية، عوضاً عن الذهاب إلى المراكز التجارية الكبيرة. برأيي بهذه الطريقة نكتشف خصوصية كل منطقة، ونعرف بالتفصيل كيف يعيش أهلها وما هي ميزاتهم، وقيمهم والتقاليد التي يحافظون عليها ويتناقلونها من الآباء للأبناء".

عودة قريبة للرحلات الفردية

وأخبرتنا النهدي عن الوجهات التي تنوي أن تزورها مستقبلاً "قبل كوفيد كنت أسافر تقريباً كل شهر بمفردي، ولكنني توقفت لبعض الوقت خلال فترة انتشار الفيروس، وبعد انتهائه سافرت إلى سريلانكا مع مجموعة أصدقاء، ومنذ ذلك الحين لم أسافر بمفردي مرة ثانية، وقد استمتعت بهذه الرحلات، وتعلمت كيف أتأقلم مع الجميع، وأتعرف على أشخاص جدد، وألتزم بالبرنامج الذي وضعوه ويريدون تنفيذه، لكنني اليوم أريد أن أسترجع متعة السفر بمفردي، بكل الحرية التي يمنحها لي هذا الخيار، والقوة والثقة الكبيرة بالذات، والحماس لاكتشاف المجهول. وما يؤخّرني هو انشغالي بمجال جديد ومثير للاهتمام كثيراً بالنسبة لي وهو تنظيم وإدارة الفعاليات الرياضية، فأنا محبة للرياضة وسعيدة بالتركيز الكبير الذي تتلقاه من الجهات الرسمية في السعودية، لذا أواكب مستجدات هذا القطاع الحيوي وأشارك في أجدد وأهم ما يجري فيه، ولكنني لن أنسى أبداً حبي الكبير للسفر وسأغادر قريباً في رحلة فردية جديدة".

غامري واكتشفي ذاتكِ الحقيقية

تشجّع ندى كل الشابات على السفر واختبار الأحاسيس التي يحرّكها في الإنسان والدروس الحياتية التي يخولّه اكتسابها، وتقول "أجمل شعور لديّ هو توضيب حقيبتي والذهاب إلى المطار للانطلاق في رحلة جديدة نحو المجهول. هذه الرحلات هي التي تبني ذكرياتنا الجميلة، وتخلّصنا من أي حدود تكبّلنا، وتقوّي شخصيتنا وتعرّفنا على العالم الواسع، فاذهبي وغامري ولا تحزني في حال فشل تنظيمكِ أو مخططكِ لرحلة ما، بل كوني مرنة ومستعدة لكل ما تحمله الرحلة من حسنات وعقبات... لا تفكّري بالجدول الذي وضعته، أو بشراء الهدايا لكل الأقارب والأصدقاء، بل فكّري فقط بما يريحكِ ويسعدكِ ويسهّل يومكِ ويزيد نشاطكِ، وستفاجئين بكم الفرح والراحة والمفاجآت الجميلة التي ستجدينها في طريقكِ".

اقرئي المزيد: نهى بحر: أفكاري في ابتكار الرسوم المتحركة تعكس مواقف حياتية أشهدها

 
شارك