ميرنا طراد حداد: الرفاهية هي تحقيق ما نحلم به لينعكس راحة لنا ولِمن حولنا

مثل كلماتها الراقية والمنتقاة بعناية وكأنها تنسج ثوباً بديعاً لترتديه أجمل النساء، تبدو الشابة المتألقة ميرنا طراد حداد في الحقيقة، مليئة بالرقي والأنوثة والذكاء والأفكار الجديدة، متسلحة بالعلم والمعرفة والسعي نحو التطور، تخوض في المجال الأدبي والجمالي والريادي بكلّ ثبات، لتحقق كل أحلامها وهي كثيرة، ولتلهم الشابات العربيات معاني الطموح والإصرار حتى تحقيق النجاح. هي التي تعيش مظاهر متنوعة من الرفاهية، تؤكد أن معاني الرفاه الحقيقية تكمن في "البساطة والقناعة والقليل من الـمال"، تعرفي أكثر عليها في هذا اللقاء.

كيف استطعت أن تصلي بأفكارك إلى الآخر، هل تعتبرينه حظّاً أم اجتهادًا وسعياً مستمراً ومخططاً له؟

الحظّ هو لغز يَجب توضيحه. إنّه الفرص الـمتاحة، وكيفية قراءة الفرص والاستفادة منها قبل فوات الأوان. لأنّ الفرصة تومض ومضًا، وعلينا بسرعة مطلقة اقتناص وميضها وتَخزينه في العقل، والعمل على تَحقيق هذه الفرصة. واقتناص الفرصة يعتمد على الذكاء والشجاعة والاجتهاد في آن، لأنّ الفرصة التي تأتي للانسان غير الـمستعدّ، تَهرب منه إذا لم يَمتلك من الذكاء ما يَجعله يقرأها ويفكّ شيفرتَها. كما أنّ اقتناص الفرصة يلزمه شجاعة، لأننا أحيانًا نَحتاج للمغامرة، والـمغامرة لا يقوم بِها إلاّ الشجعان. وأمّا الذكاء والشجاعة، فهما القطار الذي يلزمه العجلات لينطلق، والاجتهاد هو تلك العجلات.

كيف كان شعوركِ حين بدأتِ العمل في سنّ مبكرة، وكيف اختلف إحساسكِ الداخلي بِما قدّمتِهِ حتى هذه اللحظة؟

قيمة الإنسان في أنه يولد بأحلام، تكون هي الدافع لِمسيرته في الحياة. في طفولتي كنتُ أسبحُ في فضاء الأحلام الصعبة الـمنال، وكانت مُجرّد أحلام. لكنّني داعبتُها وربّيتُها حتى غطّى الريش أجنحتها. وهكذا نَما إحساسي بالشغف نَحو تَحقيق هذه الأحلام. فتمتّعتُ بِها في طفولتي كونـها أحلامًا، واليوم أنا أتَمتّع بِها كونـها أصبحت حقيقة. إنّها مسيرة الأحلام والأمل والنجاح.

ما هي الخبرات والـمعرفة التي اكتسبتِها من دخول سوق العمل؟ وساعدتكِ في مجال ريادة الأعمال مستقبلاً؟

لم أوفّر جهدًا في اكتساب الـمعرفة، من العلم إلى خبرة الحياة، إلى اكتشاف العالم من خلال أسفاري، إلى التجارب الدائمة لتكوين فكرةٍ وافية عن سوق العمل. والخبرة والطموح معًا وضعاني على السكة الصحيحة في مجال ريادة الأعمال.

هل يوجد صفات محددة تساعد في نجاح المرأة في مجال ريادة الأعمال؟

في البداية، يَجب أن تولد الفكرة، وثانيًا أن نَجعل الفكرة كطفلنا، فهو يَحتاج إلى الرعاية والاحتضان والتعلّم والتثقيف والخبرة وحتى الـمعرفة. وعندما يَمتلك الإنسان كل هذه الـمهارات، ينطلق إلى وضع حجر الأساس، وهو الـمشروع، فيوظّف لِمشروعه كل تلك الـمهارات، ويُحقق النجاح.

هل ترين اختلافًا في وجهة نظر الـمجتمع العربي والخليجي نَحو سيدات الأعمال؟

الـمجتمع العربي يجيد التغنّي بالجمالات والابتكارات، فنرى القصور العربية مزيّنة بأجمل تُحف العالم. وفي الآونة الأخيرة، يتعزّز دور الـمرأة في مراكز القرار العربية. وأستطيع أن أقول أنني بوجودي في دولة عربية راقية، اختبرتُ احترام الـمرأة والإيـمان بأفكارها، حتى ولو كانت هناك حالات قليلة ما زالت تستغرب دور الـمرأة. وأريد أن أوضح، أنّ جمال أفكاري وابتكاراتي كان له الدور الأكبر من جمال الـمظهر.

لماذا اخترتِ الانطلاق في علامة جمالية؟ وما الذي أردتِ تقديـمه ويَختلف عمّا هو موجود في السوق حاليّاً؟

اختياري للعلامة الجماليّة هو من منطلق إيـماني، انّ جَمال الـمرأة هو هديّة للرجل الراقي، الذي يُحسنُ اختيارها والـمحافظة عليها. فهي زينةُ الحياة وموطن السعادة لَها ولعائلتها ومُحيطها. أمّا اختياري الذي يَختلف عمّا هو موجود في السوق حاليّاً، فهو الابتكار بِحدّ ذاته. ما معنى أن نقلّد الآخرين، وماذا نضيف إلى البشرية إنْ كنّا نسخةً طبق الأصل عمّا هو في السوق؟ إذا أردنا أن ننجح في أعمالنا، يَجب أن نقدّم ما لم يقدّمه أحد في السابق.

أنتِ امرأة جَميلة، استطاعت الحفاظ على ملامح طبيعية جذّابة. كيف تَهتمّين بِجمالك الخارجي وأيضًا الداخلي؟

الجمال هو نعمة من الله. فالجمال الخارجي، من السهل أن نراه ونَحكم عليه. والجمال الداخلي، من الصعب أن نراه إلاّ بعد أن نتعرّف إليه. وفي الحالتين، علينا الاعتناء بالجمالين، لنحتلَّ مكانةً في قلوب الآخرين. للجمال الخارجي أهمية في النظرة الأولى، فهو عنوان القصة. لذلك أنا أعتني بِجمالي الخارجي بِمستحضرات طبيعية من تَحضيري، مع مواد أوّلية أوروبية من اختياري، كي لا أتطرّف إلى التصنُّع. فالبساطة التي تؤدّي دورها تَخدم الجمال الطبيعي. أمّا الجمال الداخلي، فهو ينمو منذ الطفولة، بالتربية الصحيحة على الـمبادئ والقيم والأخلاق، ورحابة الصدر، وحسن التعامل مع الناس، والخدمة للآخرين. وهذا ما اكتسبتُهُ من تربية أهلي ووطني، حتى أصبح برعايتي الدائـمة، موضوع اهتمامي اليومي في جَميع الـمناسبات.

ترين أنّ العناية بالذات أساسية في حياة كل امرأة مرفهة. كيف يُمكن للشابة أن تضع نفسها ومصلحتها وصحتها أوّلاً ولا تضعف أمام الضغوطات؟

الـمرأة الـمسؤولة والمرفهة، هي امرأة فوق العادة، ومسؤولياتُها فوق العادة. لذلك، عليها أن توازن ما بين صحتها وجَمالها ونفسيّها وبين الـمسؤوليات الـملقاة على عاتِقِها. عليها أن تؤمنَ أنّ دورها دور ريادي، وعليها أن تتحمّل الـمسؤوليات بفرح ومثابرة، من دون أن تتخلّى عن صحّتها وجَمالها، لأنّهما هويّتهاُ وجواز عبورها إلى القلوب والعقول. فلا يَجوز أن تنمو صفةٌ على حساب صفة أُخرى، لأنه من غير الـممكن أن نُجزّئ الإنسان، فهو وحدةٌ متكاملة تصنع الإبداع.

كيف يُمكن للمرأة اكتشاف مكامن قوّتِها، وبأيّ طرق تسعَينَ لِمساعدتِها في تَحقيق ذلك؟

تربيةُ الـمرأة هي الأساس، فعندما نربّي الطفلة على أنّها إنسان مبدع كامل الصفات وله القدرة على الخيار واتّخاذ القرار، ويَحقّ لَها أن تَحلم وتُحقق أحلامَها، عند ذلك، نكون قد زرعنا في هذه الطفلة طموح امرأة تستطيع في الـمستقبل أن تكتشف مكامن قوّتِها. أمّا عندما نربّي الطفلة على أنّها إنسان تابع ومُلحق، وليس لَها الحق في أن تَحلم وتُحقق أحلامَها، فنكون بذلك قد قتلنا الطموح الذي في داخلها قبل أن يصبحَ صاحبَ القرار. الحمد لله، كانت لتربيتي أهميّة كبرى في تنمية قوّتي التي لا تتضارب مع قوّة الرجل. فبناء الحياة يعتمد على الأعمدة والسقف، وإذا كان الرجل عمود البيت، فالـمرأة هي سقفه، ومعها يرتفع البنيان، وتكون قوّة الـمرأة في خدمة بنيان بيتها وعائلتها ومُجتمعِها ووطنِها.

بصفتك ناجحة وتَحت الأضواء وتعيشين حياة مرفّهة ومريحة بشكل جديد يتناسب مع عصرنا الحالي، برأيك كيف يعيد جيلك والجيل الجديد تعريف مفهوم الرفاهية اليوم؟

إذا كنتُ تَحت الأضواء وأعيش باكتفاء معيشي، فأنا لا أرى أنّ الرفاهية هي بالـمال والأضواء. إنّما الرفاهية، هي بأن أستطيع أن أحقق ما أحلم به، وينعكس ما حققتُهُ راحةً لي ولِمَن حولي.

نعم، في جيلنا، البعض يعرّفون الرفاهية بالفائض الـمادي لشراء كل ما يَحتاجون إليه. ولكن يَجب ألاّ نتخلّى عن إنسانيتنا. فَما قيمة أن آكل حتى التخمة أمام جائع يفترش الطريق، وأن ألبس أفضل الـملابس أمام عارٍ يفترش الرصيف؟! البساطة والقناعة والقليل من الـمال، تؤمّن الرفاهية الحقيقية، التي نساهم بأن يشاركنا بِها مَن هم حولنا.

النجاح في الـمجال الأدبي ليس أمرًا سهلاً. لِماذا اخترتِ التعبير عن نفسك من خلال الكتابة والكلمات؟

الـمجتمع الذي لا يقرأ، لا يذكره التاريخ، وهو يكرّر أخطاءه لأنه لم يقرأ التاريخ. الـمجال الأدبي هو وسيلة التعبير التي تَجعل الآخرين يتعرّفون إلينا بواسطتها. قيمة الإنسان ليست بِما يَملك من بيوت، بل بِما يَملك من قلوب مُحبّيه، والـمجال الأدبي مفتاح القلوب.

لِماذا نرى غياب الأسـماء النسائية العربية عن المجالات الأدبية؟ هل يُمكن أن يكون السبب ضعف الاهتمام بالقراءة مثلاً؟

هناك أسـماء نساء عربيات كثيرة في الـمجالات الأدبية، مثل: مي زياد ونوال السعداوي وآسيا جبار، وغادة السمان وأحلام مستغانمي. كان ذلك في الماضي القريب، بالرغم من سطوة الـمجتمع والرجل في الأزمنة السابقة، فكيف اليوم وقد بدا أنّ النهضة أعطت للمرأة دورًا فكريّاً. وما نلاحظه على الشاشات العربية من مثقفات، يدلّ على أننا نسير نَحو الأفضل. ولكن مقارنةً مع الرجل، لا يَخفى على أحد أنّ الرجل على مَرّ التاريخ، كان الـمقرّر الوحيد. لذلك نرى أنّ أسـماء الرجال الـمفكرين تفوق عدد أسـماء النساء الـمفكّرات.

هل تعملين على مشروع كتاب جديد، وأيّ الـمواضيع التي ترغبين بطرحها وتَخصّ قضايا النساء في كتاباتك مستقبلاً؟

لقد أصدرتُ كتابًا في السابق بعنوان: (بعد منتصف الليل)، واليوم قيد التحضير كتاب آخر. أمّا الـمواضيع التي أتطرّق إليها في الكتابين، فهي قضايا النساء، وتَحفيزهنّ على روح الـمبادرة بالرغم من الـمعاناة والتجارب. أنا أكتب بدافع الرسالة والقضية، لأنني أتوقُ إلى مُجتمع يتساوى فيه الـجميع على وجه الأرض. وبتساوي الـمرأة والرجل، يعلو البنيان كما قلتُ سابقًا.

 

كيف تختارين محتواك لوسائل التواصل الاجتماعي؟

ما أشاركه على مواقع التواصل ليس ما يعنيني بشكل ضيّق، إنّما ما يَجعلني مثالاً للأخريات. إنْ ظهرتُ عبر وسائل التواصل أنيقةً، فهذا لتحفيزهنّ على ميزة الأناقة. وإنْ ظهرتُ أجوب عواصم العالـم ومعالم الحضارة، فيكون ذلك لتحفيزهنّ على ثقافة السياحة والـمعرفة. إنّ مُجمل ما أنشره هو في خدمة الـمجتمع. ولكن طبعًا لا أنشر خصوصياتي التي لن تفيد أحدًا. الناس دائمًا ينتظرون من الـمشاهير عادات ليقلّدوهم، وأنا لا أريد أن يقلّدني العالم في دموعي وأوجاعي، بل في ضحكتي وفرحي ونَجاحي.

 

كيف تثري مشاركاتك العالـمية معارفك وثقافتك، وما هي رسالتك من خلال هذه المشاركات؟

شاركتُ في العديد من الـمهرجانات والندوات والـمؤتَمرات العالـمية، بالدرجة الأولى لأزيد ثقافتي ومعرفتي ورفاهيتي. وبالدرجة الثانية لأقول للعالم، انّ الشابة العربية قادرة أن تكون في كل مكان، وأن تثبت مقدرتَها وتَحتلّ مكانةً لَها أينما حلّت في العالـم، وهي ليست أقلّ درجةً من أيّ شابة في العالم. يَجب أن نَخطوَ خطوات واثقة وأن نؤمن بقدراتنا، لنُثبت للعالـم أننا رائدات أينما حللنا.

هل يوجد لديك مشاريع جديدة في المجال الأدبي؟

أعمل على إنْهاء كتابي الثاني، وإقامة حفل توقيع للكتابين معًا، ليقرأني الجميع فأصل إلى القلوب، وتصل كتاباتي إلى العقول. وهذا ما يَجب أن يتحقق في القريب بإذن الله، لأنّ الإنسان يرحل، أمّا كتاباته فتبقى لأجيال وأجيال.

أمّا في القريب، أي بعد أيام، فسأقوم بافتتاح صالون لي في قطر، يَهتمّ بالـمرأة العربية بألوان فرنسية، لتظهر مضاهيةً سيدات العالم، وهي تستحق. لذلك استقدمتُ خبرتي ومشروعي لخدمتهنّ... كل ما أحلم به، هو أن أجعل الـمرأة العربية رائدة في الذوق والجمال.

اقرئي المزيد: ماري نزال البطاينة تتحدث عن معايير تميّز الفنادق في صناعة الضيافة الفاخرة

 
شارك