لنتذكّر الأسطورة Karl Lagerfeld

ممّا لا شكّ فيه أنّ اسم Karl Lagerfeld سيبقى راسخاً في عالم الموضة حتى بعد رحيله. فقد اشتهر السيّد Lagerfeld بصراحته وبحياته الحافلة بالأحداث، ومن المؤكّد أنّ اسمه سيُخلَّد في تاريخ الدور العريقة التي عمل معها، كونه ترك بصمته الاستثنائيّة فيها. 

وُلد Karl في عائلة ألمانيّة وانتقل للعيش في باريس حيث بدأ مشواره المهني في عالم الموضة كمساعد للسيّد Pierre Balmain، ثمّ عمل لاحقاً مع Jean Patou، فكانت انطلاقته في عالم الأزياء الراقية. 

برز اسم السيّد Lagerfeld بشكل خاص عندما انضمّ إلى أسرة دار Chanel التي شغل فيها منصب المدير الإبداعي منذ العام 1983 وحتى آخر يوم في حياته، لكنّ حياته لم تقتصر على عمله في هذه الدار، فقد برزت التأثيرات الثقافيّة والتاريخيّة في أسلوب Lagerfeld وكان مسؤولاً عن تصميم مجموعات Chanel للملابس الجاهزة وللأزياء الراقية معاً، كما وعمل مع دار Fendi سابقاً لابتكار مجموعات الملابس الجاهزة والتصاميم المصنوعة من الفرو وأسّس أيضاً علامته التجاريّة الخاصّة التي تحمل اسمه. 

بدأ Lagerfeld العمل مع دار Fendi في العام 1965 وتميّز بابتكار التصاميم غير الاعتياديّة التي تضمّنت تقنيّات جديدة وفريدة من نوعها في صناعة الفرو. وقد غيّر Karl مفهوم الفرو الذي كان مخصّصاً للمناسبات الخاصّة سابقاً فاستخدمه في التصاميم التي ترتديها المرأة كلّ يوم. ولطالما اشتهر هذا المبدع بعروض الأزياء الاستثنائيّة التي قدّمها، ومن بين أبرز عروض دار Fendi للأزياء الراقية كان العرض الذي أقيم في نافورة Trevi في روما حيث مشت العارضات على منصّة زجاجيّة فوق النافورة وبدين وكأنّهنّ يمشين على المياه. 

وقبل انضمامه إلى أسرة دار Chanel وإعادة إحياء إحدى أبرز دور الأزياء، عمل السيّد Lagerfeld مع دار Chloé وقدّم في تلك الفترة الإطلالة البوهيميّة الرومانسيّة من خلال استخدام الطبعات الجريئة والفساتين الفضفاضة التي جسّدت أسلوب الدار المرح بالإضافة إلى الثقة والتحرّر، وما زالت هذه الخصائص محفورة في تاريخ الدار وفي تصاميمها حتّى اليوم.

وعندما تولّى Karl Lagerfeld منصب المدير الإبداعي لدار Chanel في العام 1983، أذهل الجمهور وسرق انتباههم فتساءل الجميع إلى أين سيأخذ هذه الدار بعدما كانت في حالة سبات لبضعة أعوام. أمّا إنجازه الأبرز طوال الـ36 عاماً في دار Chanel، فتجسّد في قدرته على المحافظة على هويّة الدار وأساسها معتمداً أسلوباً معاصراً ومميّزاً في الوقت نفسه، فرأينا مثلاً بدلة Chanel الشهيرة المصنوعة من التويد تتّخذ طابعاً جديداً فتخلّلها الجلد والدنيم لمنحها لمسة من الكلاسيكيّة المعاصرة.

وهكذا، أصبحت عروض دار Chanel المميّزة والفريدة من نوعها منتظرة جدّاً فكان الجميع يترقّب بفضول ما ستقدّمه الدار في كلّ موسم. 

ومن بين العروض الاستثنائيّة التي قدّمها السيّد Karl Lagerfeld نذكر العرض الذي أقيم في متحف Metropolitan للفنون قرب معلم مصري قديم والعرض المستقبلي الذي تميّز بإطلالات مستوحاة من الرجل الآلي، فضلاً عن العرض الذي جسّد متجراً لدار Chanel مليئاً بمنتجات الدار وذلك المستوحى من الفضاء الخارجي وأخيراً عرض ربيع وصيف 2019 حيث أعيد ابتكار فيلا Chanel الشهيرة داخل الـGrand Palais. 

وفي العام 2014، نقل السيّد Lagerfeld عرض Cruise إلى دبي، فعُرضت المجموعة في واحة مليئة بأشجار النخيل والخيم والوسادات والسجّادات بالأسلوب البدوي وواجهات الزجاج الذهبي العريق. وقد انتقل الحضور خلال ذلك العرض إلى عالم Chanel الذي أضيفت إليه لمسات من التقاليد والحضارة العربيّة. ولم تكن هذه المرّة الأولى التي تختار فيها دار Chanel دبي وجهةً لها إذ أقامت فيها الدار أيضاً معرض الصور The Little Black Jacket في وسط مدينة دبي قبل عام من عرض مجموعة Cruise 2015 - 2014.

وخلال مسيرته المهنيّة في أهمّ دور الأزياء العالميّة، قدّم Lagerfeld نظرة جديدة إلى الموضة في كلّ مرّة. ففي العام 2004، شهد العالم على أوّل تعاون يجمع دار أزياء راقية مع متجر تجزئة مثل H&M بحيث قدّما مجموعة كبسوليّة بيعت بأكملها فور إصدارها في غضون ساعات قليلة. وبعد هذا النجاح الهائل تبعت Chanel دور أزياء أخرى في مثل هذا التعاون مثل Stella McCartney وViktor & Rolf وRoberto Cavalli وJimmy Choo وLanvin وKenzo وBalmain وVersace وMoschino.

ولطالما لبّى Karl Lagerfeld طلب المرأة المعاصرة وتفهّم خياراتها المتغيّرة، وهذا ما ساهم في نجاح هذه الأيقونة العظيمة. ويُعدّ السيّد Lagerfeld من أبرز الشخصيّات المؤثّرة في عالم الموضة وقد ترك بصمته في كلّ المجالات سواء في عالم الملابس الجاهزة أو الأزياء الراقية أو الأكسسوارات أو العطور أو التصوير. وستبقى إطلالته الشهيرة بالبدلة وربطة العنق مع تسريحة ذيل الحصان والنظّارات السوداء مطبوعة في تاريخ عالم الموضة وفي أذهان الجميع.

 
شارك