أكثر من 160 عاماً من المجوهرات المتقنة لدار Boucheron

على مدار أكثر من 160 عاماً، أتقنت دار Boucheron الأسلوب والسمعة والحرفيّة التي لا تشوبها شائبة، لتعكس جوهر المجوهرات الفرنسيّة الحقيقيّة بكلّ ما للكلمة من معنى. وباعتبارها أول صائغ مجوهرات يفتتح متجراً في ساحة Place Vendôme المرموقة في العام 1893، فقد نجحت العلامة التجاريّة منذ نشأتها في تحقيق التوازن المثالي بين الموهبة الفنيّة والإبداع الموجود في كلّ ابتكار يجسّد مفهومها الثابت بأن تبعث كلّ قطعة إحساساً قويّاً بالفخامة، وبأن يتم تعريفها على أنّها علامة تجاريّة حرّرت تصميم المجوهرات والنساء اللواتي يتزينّ بها. وبالفعل، لم يتردد Frédéric Boucheron الذي ولد في العام 1831، في كسر تقاليد أسرته التي تصمّم الملابس الجاهزة ليفتح متجر المجوهرات الخاص به في سنّ مبكرة. وبما أنّه نشأ في عائلة تتعامل مع المنسوجات الفاخرة، تعلّم الكثير عن استخدام المواد الراقية ودمجها في تصاميمه الجميلة؛ ممّا جعل عمله بالذهب رشيقاً بقدر عمل عائلته بالدانتيل والأنسجة.

إذاً ارتبطت دار Boucheron بالمعنى الحقيقي للفخامة الحقيقيّة والأناقة منذ البداية؛ فجذبت أبرز الشخصيّات من جميع أنحاء العالم من بينهم أفراد العائلات المالكة والنخبة. وتعود التصاميم الأولى لمجوهرات Serpent التي تجسّد الثعبان في أرشيف الدار إلى العام 1878، ولكنّها لا تزال تعدّ حتّى يومنا هذا جانباً قويّاً وأساسيّاً للعلامة. ومن التصاميم التي ميّزت الدار في بداياتها، لا بدّ من أن نذكر حجر الياقوت المركزيّ عيار 159 قيراطاً الذي ابتكرته العلامة للسيّدة الإجتماعيّة الأمريكيّة Marie-Louise MacKay ليعكس اللون الكثيف في عينيها الزرقاوين. وبفضل هذه القطعة، نالت الدار جائزتها الأولى لإبداعاتها في معرض باريس العالمي؛ لتتبعها الكثير من الجوائز الأخرى بعدها. وبذلك نرى كيف أنّ Boucheron أدركت منذ ولادتها أنّ الجمال الموجود في جوهرة أو حجر ثمين هو أحد الجوانب الأساسيّة لأيّ تصميم؛ لأن هذا الحجر الكريم هو الذي يعزّز إشراق المرأة ويلقي الضوء عليه.

وهكذا نرى أنّ الدار حدّدت مكانتها في عالم المجوهرات على أعلى مستوى ممكن منذ ولادتها. فمنذ العام 1860، ولمدّة أربعين عاماً تقريباً، أصبحت العائلة الإمبراطوريّة الروسيّة واحدة من أبرز زبائن الدار. حيث أنّ النبلاء أمثل Alexander III والدوق الأكبر Alexei والدوقة الكبرى Maria Nikolaevna من الأسماء البارزة التي لم تفوّت زيارة بوشرون كلّما تواجدت في باريس؛ ممّا عزّز سمعة الدار على المستوى العالمي بين أفراد النخبة في المجتمع. غير أنّ العام 1928 شهد أكثر الطلبات الاستثنائيّة التي وصلت إلى المتجر الواقع في Place Vendôme،عندما قدّم مهراجا Patiala طلباً يتألّف من 149 قطعة مجوهرات ثمينة مزيّنة بآلاف الماسات والياقوت والزمرّد المستمدّة من كنزه الشخصي. وقد استمرّت سمعة الدار في النمو على الصعيد العالمي مع قيام شخصيّات مرموقة وأفراد من العائلة المالكة من جميع أنحاء العالم بتكليفها صنع القطع الأكثر تميّزاً لهم. حتّى أنّ الكنز الإمبراطوري لإيران الذي يعتبر أحد أروع كنوز العالم، فوّضه الشاه للعلامة في العام 1930، وهو يضمّ عرشاً من الذهب الخالص مرصّعاً بالكامل بالأحجار الكريمة بالإضافة إلى كرة أرضيّة تتألّف من أكثر من 51000 حجر؛ فبذلك، باتت الدار هي القيّمة الرسميّة والوصيّة على الكنز الإيراني الذي لا يزال اليوم في طهران.

وعلى مرّ السنين، ازداد نجاح Boucheron ونموّها. ففي العام 1887، حصل Frédéric على ماسات التاج الفرنسي الذي مهّد الطريق لإبداعات من القطع الجميلة المستوحاة من مجوهرات التاج. ثم تبع ذلك مجموعات ومصادر إلهام جديدة، أثمرت في قطع أيقونيّة تمثّل الخبرة الواسعة للدار وتصاميمها المثاليّة على مدار أكثر من 160 عاماً. ويمكن لمس تاريخ هذه العلامة التجاريّة وإرثها العريق في كلّ إبداع، مع القطع الأيقونيّة التي أعيد تخيّلها وتفسيرها بجماليّات حديثة، إلّا أنّها تظل مع ذلك تمثّل الهويّة الأساسيّة للعلامة التجاريّة.

CONTEMPLATION

نظراً إلى وجود الطبيعة في صميم العلامة التجاريّة، وباعتبارها رمزاً للارتباط القويّ الذي تتمتّع به الدار بكلّ ما هو طبيعي، تمّ ابتكار المجموعات الأيقونيّة بشكل جميل لتولّد خطوطاً مستوحاة من الروعة الموجودة في الطبيعة. ومؤخراً، أبحرت Claire Choisne، المديرة الإبداعيّة لدار Boucheron في رحلة لإحياء الجمال الموجود في العالم الطبيعيّ. فقدّمت لنا سبعة وستين قطعة من المجوهرات الراقية، حيث نرى الطبيعة تنبض بالحياة مع ولادة مجموعة Contemplation.

وعلى وجد التحديد، نتأمّل عقد Fenêtre sur Ciel الجميل من التيتانيوم الشبكي المزيّن وكأنّه قطعة قماش ثمينة. ونظراً إلى أنّ هذا العقد مصنوع من الذهب الأبيض والتيتانيوم وعرق اللؤلؤ والماس والزبرجد والكريستال الصخري؛ فإنّ جمال هذه القطعة السلسة يعكس روعة السماء والغيوم.

ومن ضمن هذه المجموعة أيضاً قلادة Goutte de Ciel التي فيها الكثير من الإبداع الفني والجمال الأخّاذ، بحيث أنّها مصنوعة من الذهب الأبيض والكريستال الصخري والماس ومادّة غامضة تتألّف من الهواء والسيليكا المستخدمة في الفضاء من قبل ناسا لجمع غبار النجوم، في سعي إلى تجسيد السماء بصورة صافية ومثاليّة. ومجدداً، ندرك أنّ الإبداع اللامحدود والاستخدام الذي لا تشوبه شائبة للمواد مع أعلى مستويات الحرفيّة أدّيا إلى ولادة تحفة فنيّة أخرى للدار. "مع هذه القلادة، أردت التقاط ما لا يمكن التقاطه – ألا وهي قطعة من السماء يمكن ارتداؤها حول العنق" - Claire Choisne.

وعلاوةً على ذلك، يأسرنا عقد السحابة الاستثنائيّ Nuage en Apesanteur المصنوع من أكثر من 9000 خيط تيتانيوم تنتشر عليها أكثر من 5000 حبّة من الماس والخرز الزجاجي لتحاكي قطرات الماء. وبالفعل، يزيّن هذا العقد الجميل والمبدع من الناحية الفنّيّة عنق المرأة تماماً مثل السحابة فيكاد يبدو عديم الوزن إلى حدّ ما. ولكن لا يسعنا التعجّب أمام هذه التحفة الفنّيّة التي تطلّبت أكثر من عامين من التطوير، لا سيّما وأنّ تصميمها والمواد المستخدمة فيها تصوّر الإبداع غير المحدود للدار واستخدامها المواد الثمينة لإحياء الطبيعة، الأمر الذي تشتهر به.

ANIMALS

وفي إطار عالم الطبيعة نفسه، تعتبر الحيوانات أحد أقوى مصادر الإلهام للدار خصوصاً لجهة قوّتها الهائلة والإيجابيّة. ومع مرور السنوات، وواصلت العلامة التجاريّة إضافة قطع ثمينة جميلة وجديدة إلى مجموعة الحيوانات الأيقونيّة A Collection of Animals، التي يعتبر الثعبان والببّغاء والطائر الطنّان والقنفذ من أبرز رموزها المذهلة. هذا وزُيّن كلّ حيوان منحوت بالذهب أو مرصع بالماس، بأحجار الياقوت الأزرق والزمرد والياقوت. ولكن فضلاً عن تجسيد هذه المخلوقات على شكل مجوهرات، فإنّ كلّ حيوان منها يمثّل جانباً موجوداً في الطبيعة، وهو مصنوع بدقّة في مشغل الدار ليبدو نابضاً بالحياة. ومع تقديم مختلف الحيوانات في كلّ مجموعة، تتحرّر النساء مرّة أخرى من خلال مجوهرات الدار التي تترك لها حريّة اختيار حيوان يمثّلها على أفضل وجه، للتأكيد على الأسلوب الشخصي للمرأة وتفرّدها.

ولكن الواقع أنّ تميّز مجموعة الحيوانات لا يقتصر على ارتباطها القويّ بالطبيعة فحسب، بل إنّ المجموعة الآسرة التي تزيّن الأذنين أو الأصابع أو العنق أو المعصم؛ تبعث أيضاً شعوراً بالأناقة والأنوثة ينعكس من خلال الجمال الموجود في الطبيعة والحيوانات. ومع السنوات، أصبحت مجموعة الحيوانات خطاً أيقونياً قوياً للعلامة التجاريّة، ويمكن التعرّف عليه بسهولة بفضل أناقته ورقيّه الأنثوي. وعلى سبيل المثال لا الحصر، نذكر من المجموعة طائر القرقف Chickadee الغني عن التعريف لأنّه يشتهر بلونه ويرمز إلى النضارة والوفاء والحريّة والعفويّة. أمّا الطائر الطنان Hummingbird، المعروف بأنّه أصغر طائر في العالم، فيُشكِّل خطًا حيث يتم ترصيع كلّ قطعة بالماس والأحجار الكريمة التي تجسّد الأناقة والرقي. وختاماً، نصل إلى الحيوانات الأكثر شراسة مثل القط النمري Leopard Cat الذي يعكس الشجاعة والحرية، في حين أنّ الثعبان Python الذي يحمل تاريخياً معنى قويّاً في تمثيل الحظ والحب الأبدي فمرتبط بالدار منذ فترة طويلة.

PLUME DE PAON

ومن العناصر البارزة الأخرى للعلامة التجاريّة ريشة الطاووس التي ظهرت للمرة الأولى في العام 1866، ومنذ ذلك الحين أصبحت رمزاً أيقونيّاً للدار. إذ انجذب Frédéric Boucheron على الفور إلى بنيتها الرسوميّة ورقيّها القويّ؛ وهكذا ألهمته الريشة على ابتكار عقد Point d'Interrogation الشهير، الذي يحاكي شكل علامة الاستفهام. وبابتكاره هذا، كانت المرة الأولى التي يتطلّب فيها ارتداء عقد بشكل غير متماثل وبدون قفل، إنّما يبقى تصميماً يدور بشكل جميل حول العنق. ومنذ ذلك الحين بات هذا العقد رمزاً يعاد تفسيره في مجموعات المجوهرات الفاخرة لهذه العلامة في الكثير من الإصدارات على مرّ السنين. إلّا أنّه ظلّ يكشف عن جمال الطبيعة وكيفيّة إعادة ترجمته بإبداع على شكل مجوهرات أزليّة ترمز إلى الحياة والخفّة. وتشمل المجموعة الأيقونيّة اليوم الخواتم ومجوهرات الأذن والعقود والقلادات. ومن أحدث ما قدّمته الدار من هذا الخط، عقد Perles de Plume الجميل المبتكر من الذهب الأبيض المزين باللؤلؤ والماس، الذي ينبعث منه إحساساً قويّاً بالأنوثة العصريّة.

SERPENT BOHÈME

في السياق نفسه، تعتبر مجموعة Serpent Bohème رمزاً وخطاً كلاسيكيّاً للدار منذ طرحها في العام 1968. وبفضل روحها التي لم تتغيّر على الرغم من التعديلات الطفيفة التي طرأت عليها مع الزمن، لا زالت ترمز إلى الخلود والحماية. أمّا الذهب المنحوت والمصقول بدقّة فيعزّز لمعان كلّ ماسة ثمينة ويزيد من تألّقها. وصحيح أنّه تمّ تقديم الكثير من الأشكال المختلفة للمجموعة من القلادات والأساور والخواتم ومجوهرات الأذن والساعات وعصابات الرأس، إلّا أنّ جوهرها ورمزيّتها القويّة تتجلّى في كلّ قطعة.

باختصار، لطالما تواجدت دار Boucheron في الطليعة، وارتبطت بالتراث والتاريخ بينما سعت باستمرار إلى الحداثة من خلال تقديم مجموعات جميلة من المجوهرات الأزليّة التي تحبس الأنفاس. وعلى مدار أكثر من 160 عاماً، نجحت الدار المعروفة بتقديمها المجوهرات للمرأة الحرّة والمستقلّة، في تحقيف توازن مثالي يشمل الفنّ والموهبة اللامحدودة والسمعة التي لا تشوبها شائبة والإتقان الحرفي، لتزوّدنا بمجوهرات فرنسيّة تبدو أشبه بإبداعات أنيقة وجريئة ومتحرّرة.

 
العلامات: Boucheron
شارك