حكايــة الزمرّد من داخل منجم Gemfields في أفريقيا

جيسيكا بنّي

للزمرّد حكاية رائعة اكتشفناها خلال زيارة لنا إلى منجم Gemfields في أفريقيا حيث ينعكس بريق هذه الشركة العالميّة الرائدة في مجال التعدين المستدام من خلال أحجار الزمرّد وتقنيّة التعدين واستراتيجيّات العمل المبتكرة والممارسات التجاريّة وصولاً إلى التسويق. زعم أرسطو أنّ الزمرّد من شأنه أن يجعل من المرء بليغاً، في حين أنّ المصريّين القدماء استعملوه لتعزيز الرؤية. إنّما الحقيقة أنّ هذا الحجر الكريم يخفي الآلاف من القصص المجهولة التي رأيناها بأمّ العين في أفريقيا، وتحديداً في وسط Kagem، أكبر منجم زمرّد في العالم والذي تمتلك Gemfields منه حصّة نسبتها 75% في شراكة نموذجيّة مع حكومة زامبيا. وفي هذا العدد، لن نبخل عليك بتفاصيل المغامرة الفريدة التي عشناها طوال الـ48 ساعة التي قضيناها في هذه البقعة، لا بل نحن على وشك أن نخبرك بكلّ ما رأت عيوننا هناك.

في البداية، وجدنا أنفسنا أمام منجم مفتوح يصل طوله إلى 130 متراً وعمقه إلى 1.5 كلم وعرضه إلى حوالى 750 متراً، وهو يقع في الجزء الأوسط من منطقة ندولا الريفيّة الزمرديّة Ndola Rural Emerald Area في مقاطعة حزام النحاس في زامبيا. استهلّينا رحلتنا باعتمار الخوذة وارتداء السترة وانتعال الأحذية الخاصّة وقد رافقنا فريق كامل من شركة Gemfields العالميّة الرائدة في مجال استخراج الأحجار الكريمة الملوّنة ذات المصادر المسؤولة والتي طوّرت نظاماً للتصنيف ومزاداً رائداً ومنصّة تجاريّة لتوفير هذا النوع من الأحجار، علماً أنّ الدور العالميّة الفاخرة تستخدم هذه الأحجار الكريمة لابتكار مجوهرات رائعة. بمعنى آخر، توفّر Gemfields بين 25 و30% من الطلب العالمي على الزمرّد من حيث القيمة والحجم، ويتراوح معدّل إنتاجها السنوي بين 30 و36 مليون قيراط من الزمرّد والبيريل. وتؤمن شركة Gemfields بأنّ الأحجار الكريمة الملوّنة يجب أن تستخرج وتسوّق مع مراعاة ثلاث قيم رئيسيّة هي الشرعيّة والشفافيّة والنزاهة، وإليك كيف جعلتنا زيارتنا للمنجم نشهد ذلك بالفعل...

التعدين من مصادر مسؤولة
تمتلك Gemfields أكبر مجموعة معدّات وآلات لاستخراج الأحجار الكريمة مقارنةً مع غيرها من شركات التعدين، ولحسن حظّنا سنحت لنا الفرصة لنهيم بين تلك الحفّارات العشرين وشاحنات التفريغ الخمسين الضخمة والمعدّات التي تتجاوز السبعين. وتعتبر هذه الآليّات والمعدّات كلّها جوهريّة لإجراء العمليّات اللازمة لاستخراج الزمرّد والتي تشمل التعدين والغسيل والفرز. وفي هذا السياق، لا بدّ لنا من ذكر الدراسات البيئيّة التي تجريها Gemfields بهدف توجيه عمليّة الاستخراج الشاملة من خلال إدارة المواقع بطريقة تستوفي المتطلّبات الوطنيّة والدوليّة وتتجاوزها حتّى. لذلك، وقبل التنقيب في منطقة معيّنة ورؤية الزمرّد يتلألأ أمام أعيننا، يتمّ جمع بذور النباتات والأشجار المحليّة المنزوعة بهدف التعدين وتحويلها إلى بنك البذور، فيتمّ حفظها قبل نقلها إلى الحضانة لإعادة زرعها بمجرّد اكتمال التعدين. ولا بدّ من الإشارة أيضاً إلى أنّ العمليّات لا تستخدم المواد الكيميائيّة الملوّثة أو التي تشكّل خطراً على الصحّة وكذلك يتمّ تفريغ زيوت الماكينات بعناية، ويتولّى فريق من الشركة صيانة الآلات والمركبات.

وبعد التعدين، يجري فحص دقيق للصخور الزائدة في «مصنع الغسيل» للتأكّد من عدم وجود أيّ من أحجار الزمرّد الثمينة. وفي مبنى الفرز، تتمّ عمليّة إزالة الحصى لنزع كلّ الأحجار الزائدة الملتصقة بالزمرّد، وتؤدّي هذه الخطوة دوراً كبيراً في تتبّع الأحجار الكريمة من المنجم إلى السوق. والواقع أنّه ثمّة أكثر من 200 صنف من الزمرّد من مختلف الأحجام والألوان، لذا طوّرت Gemfields نظام تصنيف على مرّ السنين بغية وضع معيار لها تبعاً للتفاعل الملحوظ مع الزبائن. فضلاً عن ذلك، لا تصبو الشركة في عملها إلى احترام القوانين الدوليّة وحسب، بل تتحدّى القطاع وتضع معايير جديدة تتعلّق بالاستدامة. ويشمل ذلك توفير معدّات مناسبة للحماية الشخصيّة ومراعاة أحوال الموظّفين وتوفير التدريب الرائد والتطوّر في هذا القطاع والاستثمار في المشاريع التي تعود بأكبر فائدة ممكنة بغية توفير سبل عيش مستدامة لأفراد المجتمع من حيث التعليم والصحّة والزراعة. وكي تحقّق ذلك، استثمرت الشركة مليوني دولار في المجتمع الزامبي وأنشأت ثلاث مدارس وجمعيّتين للزراعة وتولّت تحديث المركز الصحّي ليصبح جاهزاً لخدمة السكان المحليّين البالغ عددهم 10 آلاف شخص واهتمّت بالبنية التحتيّة ومدّت المنطقة بخطوط الكهرباء وعبّدت الطرقات وكذلك ساهمت في الحفاظ على الحياة البريّة في زامبيا.

تتبّع رائد للأحجار الكريمة من المنجم إلى السوق
هذا الشهر، أعلنت Gemfields أنّ إيراداتها سجّلت 79 مليون دولار في العام 2019، وذلك بعد المزادات الأخيرة التي أقامتها في سنغافورة. ويعدّ هذا الإنجاز ثاني أفضل أداء سنوي لها منذ طرح نظام المزادات مع 48 شركة، ويعدّ أيضاً رقماً قياسيّاً لأيّ مزاد نظّمته حتّى الساعة، إذ تمّ تحصيل إيرادات إجماليّة قدرها 27.2 مليون دولار بمتوسّط إجمالي يبلغ 85.26 دولاراً للقيراط الواحد. ولم يشكّل ذلك مفاجأة لنا لأنّ Gemfields باتت رائدة في المبادرات من خلال سلسلة التوريد الخاصّة بها وهي تعمل مع أطراف مختلفة لتبني ممارسات شفّافة ملتزمة بتضمين إجراءات تشغيليّة ملموسة من أجل دعم بيع منتجاتها وتسويقها. وبالعودة إلى هذه المناجم الآسرة حيث نحن، وبعدما أتيحت لنا الفرصة لمقابلة عالمة المجوهرات والمؤلّفة Joanna Hardy، نصحتنا بمراعاة اللون وأسلوب القطع عند شراء الزمرّد، إذ من شأن هذين المعيارين أن يجعلا الأحجار الكريمة تنبض حياةً، فالندرة تشير إلى القيمة وكلّما بدا الحجر ولونه أكثر وضوحاً كلّما ازدادت قيمته. وأضافت: «إذا أردت شراء حجر قيّم، لا بدّ أن تعلمي بكلّ العمليّات التي خضع لها. لذا، يكون مصحوباً بشهادة من مختبر أحجار كريمة مستقلّ ومعترف به».


ولا يشكّل ذلك أيّ مشكلة بالنسبة إلى Gemfields، فبفضل نظام التصنيف الخاصّ بها، توفّر لشركائها تقييماً موثوقاً يعلن عن طريقة العلاج. فقد أقامت Gemfields شراكة مع Gubelin Gem Lab لإجراء اختبار يسمح بإثبات مصدر كلّ حجر، وكذلك يعكس رحلة الأحجار الكريمة من المنجم وصولاً إلى الزبون. هذا ويمكن استكمال سجلّ المختبر بتفاصيل حول الملكيّة، ما يزوّد الزبائن بالشفافيّة الكاملة المتعلّقة بالزمرّد، وذلك بناءً على جزيئات فريدة من الحمض النووي للحجر تبقى ضمن شقوق الزمرّد وتساعد على تحديد أصل كلّ حجر. وتزوّد هذه التقنيّة كلّ الأحجار الكريمة ببيانات خاصّة يتمّ إدخالها على شبكة رقميّة موزّعة، مع اقتصار إمكانيّة الوصول إلى هذه المعلومات على مالك الحجر الحالي، غير أنّه يتمّ نسخ البيانات احتياطيّاً لمنع تغييرها أو حذفها أو تحريفها، ما يسمح بتتبّع الأحجار الكريمة وتوفير راحة البال للزبائن ولأيّ شخص مهتمّ بهذا المجال.

 

 
شارك