كنزي الدفراوي: أسست أول أكاديمية لتعليم الاسكواش في الإمارات لأنّه لا مستحيل في قاموسي

بعد أن وضعت كل طاقتها في مسيرتها الرياضية كلاعبة اسكواش محترفة ووصلت إلى مراحل متقدمة جداً، واجهت إصابة كبيرة منعتها من الاستمرار في اللعب، فهل استسلمت؟ بالتأكيد لا، فهي شابة لا تعترف بكلمة مستحيل. هي كنزي الدفراوي التي حوّلت تركيزها نحو ريادة الأعمال لتنجح بتأسيس أول أكاديمية لتعليم الاسكواش في الإمارات وهي The Flying Daf، فكيف تغلّبت على الصعوبات التي واجهتها، وما هي رسالتها لرائدات الأعمال الشابات؟

كيف بدأتِ رحلتكِ مع رياضة الاسكواش، ولماذا قررتِ الانتقال إلى الإمارات لتأسيس أكاديمية لتعليمها؟

ترعرعت في مصر وبدأت بلعب الاسكواش بعمر الـ7 سنوات وأحببتها كثيراً منذ تلك السن الصغيرة، وأخذت التمرينات على محمل الجد، وشاركت في العديد من المباريات ومثلت بلدي في المرافق الدولية ولعبت مع الفريق الوطني وحققت إنجازات كبيرة وبت معروفة على الصعيد المحلي والدولي. حين بلغت سن الـ18، حصلت على منحة دراسية وسافرت إلى أميركا لأكمّل تعليمي وأستمر باللعب، وكانت خطوة كبيرة جداً بالنسبة لي لأنني كنت صغيرة جداً، ولكنني تمكّنت من التأقلم واستمريت باللعب فكنت اللاعبة رقم واحد في جامعتي وبين طلاب جامعات الولايات المتحدة، كما بدأت باللعب الاحترافي، وإثر تخرّجي من الجامعة، عرفت أنني سأستمر في هذه اللعبة كمحترفة، وكان هدفي واضحاً وهو أن أصير اللاعبة رقم واحد في العالم. وبعد حوالى عام ونصف انتقلت من المركز 30 إلى المركز 20، ولكن حينها تعرّضت لإصابة خطيرة في ظهري، كانت السبب في توقفي عن اللعب.

انقلبت حياتي كلها رأساً على عقب، شعرت أنّ عالمي انهار، أضعت هدفي ومعه هويتي، إذ كنت أتمرّن لأكثر من ست ساعات يومياً ولمدة 20 عاماً، وكان تركيزي بالكامل على هذه الرياضة. كان التوقف صعب جداً فلا زلت صغيرة ولم أحقق طموحاتي، وفي تلك المرحلة كان عليّ إيجاد طريق آخر، لأنني سأبدأ من الصفر. اخترت الانتقال إلى الإمارات حيث لا أحد يعرفني، لكي أفكّر بمفردي بخطوتي التالية، ولكنني كنت أعرف جيداً نقاط قوتي، فأنا مثابرة وملتزمة وتنافسية وأعمل بجهد وقوة لكي أصل لما أرغب به، ولم أرغب بالعمل داخل مكتب أو أن أكون موظفة مع دوام ثابت. حينها عملت في كل المجالات لمدة عام لأفهم ما الذي أريده بحق، فنظمت فعاليات وعملت في مجال وسائل التواصل والإعلان والتسويق، وبعد ذلك حلّت مرحلة كوفيد، وحينها عرفت جيداً أنني لن أضيّع المزيد من الوقت، فأنا أريد شيئاً كبيراً وغير اعتيادي، لأنني أعرف ذاتي جيداً، فأنا ببساطة إنسانة غير عادية.

ركّزت في خلال فترة كوفيد على القيام بالأبحاث وأدركت حينها أنّه لا وجود لرياضة الاسكواش في الإمارات، لا أكاديميات أو اتحاد أو لاعبين أو مدربين، وأردت أن أعرف ما هو السبب وراء هذا الأمر، وكانت الخطوة التالية التي قمت بها هي التفكير بأن أفتتح أول أكاديمية للاسكواش في الدولة. ضاعفت أبحاثي وكنت أعمل لحوالى 16 ساعة في اليوم، أردت أكاديمية جديدة ومختلفة بكل المعايير، مع موقع مميز وقدرة على استقطاب الجمهور، هكذا وحين انتهى الحجر كانت خطتي جاهزة وتحتاج إلى التطبيق على أرض الواقع.

اليوم وبعد حوالى 3 سنوات، أعرف أنّ مجهودي لم يذهب سدى، فقد أسست أول أكاديمية لتعليم الاسكواش، مع 8 مواقع حيوية ومهمة، وأهم المدربين المحليين والعالميين، وفريق كامل لمواقع التواصل، مع تعاون مع أكبر النوادي في مصر وهو نادي وادي دجلة، وبهذه الطريقة استفدت من مسيرتي الرياضية ومن حبي لهذه الرياضة، لكي أنشرها وأزيد الإقبال عليها في الإمارات.

ما هي الصعوبات التي واجهتِها على الأرض قبل إطلاق الأكاديمية وفي خلال مرحلة التأسيس؟

يمكنني أن أقول حرفياً إنّ لا أحد آمن بي أو صدقني أو حتى ساعدني. في كل مرة كنت أرسل طلباً لحجز موقع أو للتعامل مع مدرّب، كنت أواجَه بالرفض، وبالنصائح بأن أتخلى عن الفكرة لأنّ كثر حاولوا قبلي ولم ينجحوا في ذلك، ولكنني لم أتراجع واستمريت في المحاولة، فلا مستحيل في قاموسي. كان عليّ الحصول على ترخيص من الحكومة لأنّه لا وجود لفئة الاسكواش بين الرياضات الرسمية في الدولة. كنت كمن يدخل في حرب ويجب أن ينتصر، واستمريت في المحاولة، وكانت الخطوة التالية هي إيجاد الموقع المثالي للأكاديمية، وأردتها أن تكون في فندق جميرا بيتش. لم أرغب بأقل من ذلك، لأنّ الموقع مهم جداً في جذب الناس نحو هذه اللعبة، ولم أتنازل عن هذا الهدف حتى وصلت إليه، وظللت أحاول لمدة عام ونصف حتى نجحت. إنّه مثال صغير عن الصعوبات التي واجهتها، ولكنني عرفت أنني بعدها حين أذهب إلى أي موقع جديد سيكون من السهل عليّ إقناعهم، وهكذا بدأ التوسّع وافتتاح المزيد من الفروع.

ألم تشعري بالرغبة في التراجع عن هذه المغامرة الكبيرة ولا سيما أنّكِ شابة مع شهادات عليا، ويمكن أن تمارسي عملاً مريحاً وعوائده أكبر؟

لم أرغب أبداً بالتراجع، مع أنني تلقيت الكثير من العبارات المحبطة. فالجميع اعتبر أنني شابة متهورة وسأتراجع قريباً، ولكنني لم أيأس ولو للحظة، وما شجعّني هو التفاعل الإيجابي الذي تلقيته من المجتمع الرياضي في الإمارات، فبات هناك اتحاد للاسكواش، وازداد الدعم الحكومي لي، وتوسعت في فروع أكاديمية THE FLYING DAF SQUASH ACADEMY، وحالياً أخطط لأن أدخل إلى السعودية وبعدها المزيد من الدول العربية، لأصل إلى العالمية.

لماذا برأيكِ لا تقبل الكثير من الشابات على رياضة الاسكواش؟

الاسكواش ليست رياضة أولمبية حالياً، وستتواجد مستقبلاً في أولمبياد 2028، بالتالي فهي ليست معروفة كثيراً إلا في بضعة دول وهي باكستان والولايات المتحدة وبريطانيا ومصر، كما أنّ لها قواعد صعبة ومعقّدة لن يفهمها إلا من يتمرّس في لعبها، كما أنّ الجمهور لن يدرك قواعدها بسهولة ولذلك فهو يبتعد عنها، ولكن اليوم ازدادت الثقافة حولها، ومن هنا أسعى دائماً إلى تعزيز الثقافة حول مختلف الرياضات، ولذلك أرى أنّه يجب على المدارس والمعاهد الرياضية أن تزيد من الدورات التعريفية حول مختلف الرياضات ومن ضمنها الاسكواش. ومجدداً، أشجع الشابات ومنذ سن صغيرة على التعمق أكثر بها لأنّها رياضة جميلة جداً ومفيدة للصحة الجسدية والنفسية.

هل تحرصون في الأكاديمية على نشر الوعي برياضة الاسكواش وتعليم أهم مبادئها؟

هدفنا في الأكاديمية هو إعداد جيل جديد من الشبان والشابات الذين يلعبون الاسكواش حيث نركّز على الفئة العمرية الصغيرة أكثر من غيرها، ونسعى لزرع حب هذه اللعبة فيهم وتشجيعهم على التمرس فيها مستقبلاً مع فهم قواعدها وشروطها.

هدفي الأكبر هو تشجيع الناس سواء نساء أم رجال أم أطفال على أن يكونوا أكثر اهتماماً بصحتهم والتركيز على الرياضة، فأنا لم أكن لأحصل على منحة في أميركا لو لم أكن بطلة رياضية، وبالتالي يجب على الأهل أن يعوا أهمية حث أطفالهم على إيجاد نشاط يستهويهم، لأنّ تأثير ذلك سينعكس بالتأكيد على كل نواحي حياتهم.

تمتلئ صفحتكِ عبر إنستغرام برسائل التمكين والطاقة الإيجابية. إلى أي مدى لعبت الرياضة دوراً في تقوية شخصيتكِ؟

الرياضة بالتأكيد غيّرت حياتي وجعلتني أعيش تجارب لا تعيشها كل الشابات في سني، جعلتني أعتمد على نفسي وأعرف أهدافي، وأثابر لكي أحققها، كما مدتني بالثبات النفسي والقوة الجسدية، لذا أنصح كل الشابات بأن يتجهن نحو أي هواية رياضية، وسيلاحظن مع الوقت كيف ستتغير نواحٍ كثيرة من حياتهنّ بشكل إيجابي.

اقرئي المزيد: أسيل عواد: المغامرة خوّلتني تخطّي مخاوفي واختبار معاني الحياة الحقيقية

 

 
شارك