Peter Marino فنان يرسم المحال الراقية
The interview Feed - ترجمة: أرليت صليبا
لا يمكن تشبيه تصاميم المنازل ومتاجر الأزياء الكبرى التي يبتكرها Peter Marino سوى بالتحف الفنيّة، فهذا المهندس الذي ولدت أفكاره في عالم الرسم والنحت ودراسة تاريخ الفنون يختصر في أعماله ذلك المزيج الخيالي بين الإبداع الذي لا حدود له والهندسة محدودة المعايير. هذا ما عرفه عملاؤه من أصحاب بيوت الأزياء الذين لم يتوانوا عن أن يطلبوا منه تصميم متاجرهم من Chanel إلى Christian Dior وLouis Vuitton وغيرها فضلاً عن80 مشروعاً في السنة وأن يقول إنّه عمل حتى اللحظة لأكثر من 100 ألف ساعة على إبداع التصاميم.
تشغل مكاتب Peter Marino الطابقين 35 و36 من أحد المباني الرئيسة في وسط مدينة Manhattan، تلفّها نوافذ ضخمة لأنّ Marino يؤمن بأهمّيّة تمتّع الجميع بالضوء الطبيعيّ. وبالرغم من روعة المنظر الذي تطلّ عليه هذه المكاتب، لا يسع من يزورها أن يشيح بنظره عن الجدران، فقبل أن يصبح Marino مهندساً، أراد أن يكون فنّاناً، ما دفعه إلى تجميع اللوحات والتحف الفنّيّة. لذا، نرى في كافّة أنحاء المكاتب لوحات لـWarhol وCy Twombly وRichard Prince، إضافة إلى عدد من المنحوتات، كما نرى لوحة كبيرة صوّر فيها Francesco Clemente المهندس بأزيائه الجلديّة المميّزة.
خلال جولتنا في المكاتب، لاحظت أنّ قطعاً فنّيّة من الطراز العالمي تكسو الجدران والأرض والمكاتب إلى جانب نماذج من الأقمشة والرخام والمعادن والزجاج المغزول والسجّاد وأعترف بأنّني قبل هذه المقابلة، لطالما اعتبرت أنّ Marino مهندس ديكور بنى سمعته على تصميم ديكور غنيّ للمتاجر الرائدة الخاصّة بالعلامات التجاريّة الفاخرة. إلا أنّ ذلك نشأ عن تمرّنه على بناء منازل أصحاب الثروات، بمن فيهم رؤساء تلك العلامات التجاريّة. تصطفّ على أحد جدران مكتبه صور لعدد من مشاريعه الحاليّة المذهلة. فمن لبنان، صورة لمنزل على شكل مكعّبات ومن البرازيل منزل يرتدي حلّة طبيعيّة بالألوان الأبيض والرماديّ والفحميّ. وكونه لا يستطيع أن يفصح عن أسماء زبائنه، يكتفي المهندس بالقول إنّ أحدهم رئيس مصرف خاصّ بارز. ويضيف قائلاً: «تشكّل المتاجر 40 في المئة فقط من أعمالنا. تتألّف الشركة من 180 موظّفاً من بينهم أكثر من 100 مهندس معماريّ و40 مهندس ديكور. في الواقع، تحظى المتاجر بدعاية ضخمة، لكنّ المنازل تخصّ أشخاصاً فائقي الثراء ولا يرغبون بعرضها على الملأ. من هنا، لا يتمّ نشر معظم أفضل أعمالنا».
لا تشبه منازل Marino بعضها لأنّه يصمّمها تبعاً لمتطلّبات الزبون والموقع وهو يصمّم كلّ متجر بحيث يعكس هويّة العلامة التجاريّة التي يعود إليها لكن تجمع بين أعماله كلّها بعض المبادئ الأساسيّة وهو يقول في ذلك: «الجودة والفاعليّة وإحساس عالٍ بالإضاءة وما أسمّيه الحقيبة الغنيّة بالتنوّع الثقافي. في الواقع، خضت مجال الهندسة بعد سنوات من الرسم والنحت ودراسة تاريخ الفنون، لذا لا أنظر إلى عملي من منطلق الهندسة وأعتبر أنّني كنت محظوظاً في الحصول على شهادة في الهندسة لأنّ نظام التعليم مشوّه ويميل إلى استبعاد الأشخاص الذين يشبهونني».
وعلى سبيل المزاح، عبّرت لـ Marino عن رغبتي في أن يبني لي منزلاً بميزانيّة تبلغ حوالى 200 ألف جنيه فضحك وأخبرني أنّه تلقّى مؤخّراً رسالة من صديقة قديمة تسأله فيها أن يصمّم لها منزلاً صغيراً على قطعة أرض ورثتها مؤخّراً وتابع قائلاً: «ليس الأمر أنّني لا أستطيع أن أصمّم لها منزلاً، لكنّه قد يكلّف حوالى مليون دولار. فعندما تصبح أعمالك كلّها ضخمة ومكلفة، يصعب عليك العمل على مشاريع صغيرة»، مضيفاً أنّ أصغر مشروع قد ينفّذه يتخطّى كلفة 3 ملايين جنيه، وقد تصل كلفة مشاريع كثيرة إلى عدّة مئات من الملايين.
يمتلك Marino كوخاً للتزلّج في منتجع فخم في Aspen، بالإضافة إلى منزل في Hamptons وآخر في Manhattanعلى مقربة من مكتبه ويمكننا أن نتخيّل مساحة شقّته في نيويورك بمجرّد التفكير في المسرح الذي يتوسّط غرفة الجلوس حيث ينظّم Marino وزوجته مصمّمة الأزياء Jane Trapnell كلّ عام حفل أوبرا بمناسبة ذكرى زواجهما، فهو يدرك تماماً قيمة هذا النوع من المسارح. أذكّر بأنّ Marino هو صاخب ضحكة مميّزة تبعث فيك روحاً إيجابيّة إلا أنّه لا يتردّد في البكاء حين يتأثّر أو ينفعل. أذكّر أيضاً بأنّه منذ أعاد اكتشاف حبّه للدرّاجات الناريّة في العام 1980، بدأ يرتدي أزياء من الجلد الأسود من رأسه حتّى أخمص قدميه، كما أنّه بات يعتمد مؤخّراً تسريحة موهوك. ولا شكّ في أنّ ما من أحد يتوقّع هذه الإطلالة من رجل يبلغ من العمر 62 عاماً ويرد اسمه بانتظام في قوائم أكثر المهندسين نفوذاً في العالم.
وعلى الرغم من ذلك، Marino رجل واقعيّ، كما أنّه لطيف وحسّاس بشكل مفاجئ. ففي حين أنّ الصحف غالباً ما تعيد السبب في مشيته الغريبة إلى سراويله الجلديّة الضيّقة وتشير إلى تلعثمه أثناء التكلّم من دون فهم السبب، لا بدّ لنا من توضيح أنّ الحالتين نتجتا عن مرض نادر يصيب النخاع الشوكيّ كان قد دمّر طفولة الرجل. فهو لم يتمكن من المشي حتّى بلغ السابعة من عمره كما أنّ قضاءه معظم أيّامه معزولاً في المستشفى أثّر سلباً على نطقه. لكنّه كعادته يجد نقاطاً إيجابيّة حتّى في تلك المرحلة إذ يرى أنّها صقلت قدرته على الملاحظة والتخيّل.
لم يبلغ Marino القمّة بسهولة، فبعد تخرّجه من جامعة Cornell، عمل مدّة 12 عاماً لصالح شركات راقية قبل أن يبدأ العمل بمفرده من شقّته الصغيرة. وببطء، راح يصمّم منازل لعائلات بارزة كعائلتي Rothschild وAgnelli (أصحاب إمبراطوريّة Fiat). وفي العام 1985، طلب منه ابتكار متاجر فرديّة لعدد من المصمّمين داخل مركز التسوّق Barneys في نيويورك. وبذلك كوّن Marino علاقات مع بعض أبرز الأسماء في عالم الموضة الذين بدؤوا يقصدونه لكي يصمّم متاجرهم. ومن بين هذه الأسماء Calvin Klein وDonna Karan وArmani وChanel وLouis Vuitton وFendi وZegna وLoewe.
والمثير للدهشة هو أنّ Marino يعمل مع دور أزياء متنافسة، ففي شارع Bond وحده مثلاً، صمّم متجر Louis Vuitton المدهش ومتجر Chanel الجديد ومتجراً صغيراً لشركة الساعات السويسريّة Hublot، كما أنّه يحضّر متجراً كبيراً لـ Zegna، وبدأ يحضر اجتماعات لدراسة تصميم متجر جديد رائد لدار Dior ومن المقرّر أن ينتهي من تصميم 61 متجراً فاخراً خلال العام 2013.