شوغ إيان: تعاوني مع هيا في منحني فرصة استكشاف تقاطع الفن مع تمكين المرأة

"الرسم يمنحني السلام ويسمح لي بالتأمل في جمال وغموض الوجود وتقدير نعمة العيش فيه"، بهذه الكلمات تعبّر الفنانة اللبنانية – الأرمنية Shogh Ian عن شغفها الكبير بهذا المجال الحيوي، ما دفعها للتخصص في الفن والتصميم الداخلي وتأسيس معرض داتشاق عام 2019 في بيروت، وقد شاركت بأعمالها في العديد من المعارض الجماعية بما في ذلك الحدث الفني السنوي لبورصة نيويورك في أكتوبر 2019. اخترنا التعاون مع Shogh في عدد نوفمبر الذي يتمحور حول مفهوم الرفاهية، لنكتشف رؤيتها الخاصة بها من خلال لوحات تشاركنا إياها على صفحات المجلة، فتعرفي أكثر على أفكارها من خلال هذا اللقاء.

كيف كانت بداياتك الفنية ومتى عرفت أن لديك الخيال الخصب الضروري لتقديم الأفكار الجديدة والمبتكرة؟

لطالما كنت من النوع الذي يراقب كل شيء من حوله، مثل محقق صغير في الحياة. عندما كنت طفلة، كنت فضولية وأحاول معرفة كيفية عمل الأشياء... وفي اللحظة التي توقفت عن فرض الأشياء على نفسي والاستسلام لذاتي الحقيقية، بدأت ألاحظ علامات في كل مكان، وكأن الكون يترك لي فتات خبز صغيرة للانتباه لموهبتي. الآن، أعتقد حقًا أن هناك شيئًا أكبر يرشدنا ويشكل عالمنا الداخلي. لذا، أعتقد أن خيالي ليس ملكي وحدي، بل يدل إلى انسجامي مع شيء أكبر بكثير، وعليّ فقط أن أتبع تدفقه! الآن، عندما أبدع، أشعر وكأنني أقل إجبارًا للأشياء بأن تحصل وكأنني أسمح لشيء ما بالتدفق من خلالي. أعتقد أنه كلما توقفتِ عن التفكير الزائد وكنتِ فقط، كلما جاءت الأفكار بشكل طبيعي إليك. إنه مثل الرقص بيني وبين الكون، حيث أثق في أن الأشياء سوف تتكشف في وقتها الخاص. أحب تحدي نفسي إبداعيًا، لكنني تعلمت أنه في بعض الأحيان تأتي أفضل الأفكار عندما أتركها وأنتبه للإشارات من حولي. "يبدو الأمر وكأن الكون يعطيني تلميحات، وأنا فقط أتبع المسار!"

أخبرينا عن تعاونك مع مجلة هيا في عدد خاص حول معاني الرفاهية؟

تعاوني مع مجلة هيا في عددهم الخاص حول الرفاهية هو فرصة مفيدة لاستكشاف تقاطع الفن وتمكين المرأة. بالنسبة لي، لا يتعلق موضوع الرفاهية بالممتلكات المادية فحسب، بل يتعلق باحتضان القوة الداخلية، وخاصة لنا كنساء. من خلال فني، أهدف إلى التعبير عن قوة ومرونة المرأة، وقد سمح لي العدد بتسليط الضوء على موضوع هو: كيف تأتي الرفاهية الحقيقية من خلال التعبير عن الذات والثقة والحرية في الإبداع. أعتبر أن العمل مع مجلة هيا هو تجربة ملهمة، حيث يوفر لي منصة للاحتفال بأصوات النساء وتمكينهن من خلال لغة الفن، مما يدل على أن الفخامة والرفاهية تكمن في الأصالة والقوة الداخلية.

كيف اخترت الأفكار والألوان والأشكال التي تعبرين من خلالها عن الفخامة؟

عندما أفكر في الفخامة والرفاهية، لا أفكر في الذهب أو الماس، أفكر في العمق والعاطفة والأصالة. بالنسبة لي، الفخامة تتعلق بشيء يبدو غنيًا وذو معنى على مستوى أعمق. عند اختيار الأفكار والألوان والأشكال، ركزت على ما يتردد صداه مع هذا الثراء الداخلي. اخترت ألوانًا عميقة وجريئة مثل الأسود والذهبي وألوان الأرض الغنية، لأنها تثير شعورًا بالرقي والقوة... تعكس هذه الألوان صفات القوة والأناقة التي أربطها بالفخامة.

باعتبارك فنانة ناجحة تعيش حياة مريحة تناسب عصرنا الحالي، كيف تعتقدين أن جيلك من الفنانين والجيل الجديد يعيدون تعريف مفهوم الرفاهية اليوم؟

لا تتعلق الرفاهية بالثروة المادية؛ بل بالعيش بأصالة والحصول على الحرية في الإبداع دون حدود. يعمل جيلي والجيل الجديد من الفنانين على إعادة تعريف الرفاهية من خلال التركيز على التعبير عن الذات، وتمكين المرأة، ونشر التجارب الشخصية بدلاً من الرموز التقليدية للثروة. تتعلق الرفاهية اليوم باحتضان من نحن عليه حقًا، وتحدي المعايير القديمة، وخلق فن يعكس أصواتنا الفريدة. يتعلق الأمر بالعيش في اللحظة، والتواصل مع أنفسنا والآخرين، وإيجاد الرضا في التجارب ذات المغزى، وليس مجرد اقتناء الأشياء.

كان الفن دائمًا مرادفًا للجمهور الميسور، أو فلنقل الأثرياء القادرين على دفع مبالغ ضخمة من المال مقابل الحصول عليه، كيف تغيرت هذه الفكرة اليوم؟

تاريخيًا، كان يُنظر إلى الفن غالبًا على أنه شيء حصري للأثرياء، حيث كانت الأسعار المرتفعة تحد من الوصول إليه فيحُتفظ به للمعارض والجامعين. لكن اليوم، تتغير هذه الفكرة. لقد فتحت ديمقراطية الفن من خلال وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية وأسواق الفن الحديثة فرصًا جديدة لكل من الفنانين والجمهور، بحيث يمكن للأشخاص من جميع الخلفيات تقدير الفن والتفاعل معه وحتى خلقه، بغض النظر عن قدراتهم المالية. لم تعد قيمة الفن تحددها سعره، بل قدرتها على إلهام جمهور أوسع والتواصل والتفاعل معه. اليوم يتم استبدال فكرة الفن كسلعة للنخبة بنهج أكثر شمولاً يؤكد على قوة الفن في إثارة الفكر وفتح المحادثات الجديدة.

إلى أي مدى يهتم الجيل الجديد بمراقبة معاني العمل الفني والسعي إلى امتلاكه وشرائه؟

الجيل الجديد أقل تركيزًا على امتلاك الفن لقيمته المادية وأكثر اهتمامًا بالمعنى الكامن وراءه. مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية، ينجذب الناس اليوم إلى القصص والعواطف التي ينقلها الفن. في حين لا يزال البعض يقدرون امتلاك الفن، فإن الكثيرين مهتمون أكثر بكيفية تفسير معاني اللوحات وتأثيرها عليهم، بدلاً من مجرد الحصول عليها. هذا التحول في العقلية هو السبب في أنني شاركت في تأسيس معرض "داتشاق" مع صديقي الذي هو أيضًا فنان وسائط مختلطة، في بيروت. هدفنا هو خلق مساحة حيث يمكن للناس التواصل مع الفن الذي يتحدث إليهم، مما يجعله في متناول الجميع، بغض النظر عن خلفيتهم أو وضعهم المالي.. يتعلق الأمر بتعزيز ارتباط أعمق بالفن، بدلاً من التركيز فقط على الملكية.

ما الذي تسعين لتحقيقه مستقبلاً من خلال عملك في الفن؟

لا أحب التفكير كثيرًا في المستقبل، ولكني أعتبر أن فني يتحدث لغته العالمية الخاصة، وأريد أن يكون معروفًا بشكل أكبر حتى يتمكن الناس من التعرف عليه، حتى بدون توقيعي. الأمر لا يتعلق بالتخطيط المسبق أو فرض الأشياء، فأنا أعتقد أن الفرص المناسبة ستأتي بشكل طبيعي عندما يحين الوقت المناسب، وسأكون مستعدة لها.

اقرئي المزيد: عليا مورو: نريد في مجتمع "زولا" أن يكون لدى الشابات قدوات يشبهونهن

 
شارك