الفنانة Cho Sung He: ورق التوت الكوري يميّز أعمالي الفنية

قدمت الفنانة الكورية المعروفة Cho Sung He أجدد أعمالها في Opera Gallery في دبي، من خلال معرض My Treasured Garden، وقد التقيناها لنتعرف أكثر على تقنيتها الجديدة في ابتكار مشاريعها الفنية ومصادر إلهامها وأعمالها المقبلة.

حدثينا عن الأعمال التي تم عرضها في Opera Gallery من خلال معرض My Treasured Garden؟

إن الكثير من أعمالي التي عرضت في My Treasured Gardenهي مختلفة تماماً عن مجموعاتي السابقة. فعلى الرغم من أنني أستخدم المواد نفسها وأعتمد طريقة التجميع والتلصيق نفسها، ابتعدت عن اعتماد السطح المتجانس وبدأت باختبار الأشكال الهندسية. وبالنسبة إلي، كان ذلك جديداً وشيّقاً. وأردت مشاركة هذه المجموعة في مكان لم أعرض فيه أعمالي من قبل، لأحصل على ردود فعل جديدة وربما مصدر إلهام جديد لأعمالي المستقبلية. لقد ناقشت هذا الأمر مع Gilles، رئيس Opera Gallery، وخلصنا إلى أن دبي كانت المكان المناسب. وعندما زرت دبي لحضور الافتتاح، كانت تجربة مبهجة ومفيدة. وكانت مشاهدة دبي من أعلى برج خليفة أشبه بالسير في سراب. وبعد تجارب ومحادثات رائعة وملهمة مع أشخاص من أنحاء مختلفة تماماً في العالم عما كنت معتادة عليه، أدركت أنه القرار الأمثل.

اختبر الحاضرون تجربة جديدة تنعكس في الاستمتاع برائحة الزهور العطرة أثناء تجولهم في المعرض. كيف نقلت الزهور إلى المعرض؟

في الواقع، اعتقدنا أن ذلك سيضيف لمسة لطيفة لتعزيز التجربة بمحفز عطري أثناء التجول في المعرض. وتم تحقيق ذلك من خلال وضع موزعات العطور الصناعية بشكل استراتيجي في جميع أنحاء المكان. وعرض الطابق العلوي في الغالب لوحات حمراء، ولهذا السبب قررنا اختيار رائحة الكركديه الأحمر لتكمّل الأعمال الفنية. فالكركديه هي الزهرة الوطنية في كوريا، ما يضيف لمسة لطيفة إلى الموضوع الرئيس لهذا العرض. وعندما يدخل الضيوف وهواة الجمع الطابق السفلي، يرون لوحات بيضاء مصحوبة برائحة أزهار الكرز، وأعمالاً فنية تتميز بتدرّجات اللون الأخضر مع العشب المقطوف حديثاً. فتكون النتيجة غامرة للحواس.

أخبرينا عن مصادر إلهامك وراء الأعمال الفنية الـ 27 التي تقدّمينها في المعرض؟

أستمد معظم إلهامي من ذكريات طفولتي عندما كنت أعيش مع والدي في منزل كوري تقليدي يسمى Hanok. كان عمري حوالى 6 سنوات في ذلك الوقت. وكانت هناك بركة صغيرة حيث قام والدي بتربية الكثير من الأسماك الذهبية بألوان جميلة. وكانت تحيط بالبركة حديقة مليئة بالأشجار الجميلة والزهور. وكانت شجرته المفضلة هي شجرة الأزالية التي تفتح أزهارها البيضاء والوردية والحمراء. وكان يربط الكثير من الأغصان ويعيد توجيهها نحو الأرض للحصول على أفضل جمالية فيها، تقريباً مثل ميل أشجار البونساي ولكن على مستوى أكبر. وفي الشتاء، كان والدي يلف الأشجار بالقش كي لا تتجمد. لقد عادت ذكريات الاعتناء بالحديقة هذه مع والدي في طفولتي إلي منذ أن بدأت العمل بالـhanji(ورق التوت الكوري) في العام 2008. وهذا هو السبب في أن الموضوع الرئيس الذي اخترته هو "تفتّح الأزهار".

تعتمدين تقنية الـ collage، فهل كان من الصعب عليك الوصول إلى جمهور واسع بفكر فني جديد؟ ما هي الصعوبات؟

من واقع خبرتي، تعامل الجمهور أولاً مع عملي بفضول. فرغم أن الـ hanji كان يُستعمل على نطاق واسع في آسيا لأكثر من ألف عام، إلا أنه لم يُستخدم كوسيط في الفن المعاصر إلا مؤخراً. لقد استمتع الجمهور الواسع فعلاً بأسلوبي في استخدام الـ hanjiكوسيط معاصر. وما زلت أتذكر في العام 2015 عندما تم عرض عملين صغيرين في معرض ميلانو العالميMilan World Expo: Today’s Art of Korea. وكان هناك عشرات الأشخاص المتجمعين حول عملي، ويتحركون من جانب إلى آخر لرؤية العمل من مختلف الزوايا. وكانت إحدى أكثر لحظات السعادة في حياتي. وإن كانت هناك من صعوبة واحدة، فهي إقناع الجمهور بمتانة عملي، نظراً إلى أن ورق التوت رقيق وهش بطبيعته، فإن الكثير من الأشخاص يشككون في معظم الأحيان بالجودة الهيكلية لعملي. لقد قمت بشحن عملي إلى جميع أنحاء العالم على مدى أكثر من 12 عاماً ولم يقع جذع أو بتلة واحدة من أعمالي.

ماذا يعني الرسم والإبداع الفني بالنسبة إليك؟

أقوم برسومات لا تُحصى في رأسي. ثم تنتقل الأشكال من ذاكرتي إلى اللوحة القماشية. وعندما تنتقل، فإن التغيير في اللون بين الرسم الذهني والرسم الفعلي مهم للغاية. ومن المهم جداً إعادة ابتكار حيوية اللون في ذاكرتي على كيان مادي.

وأعتقد أن الإبداع يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالتنفيذ. وعندما أنهي سلسلة من الأعمال، غالباً ما تقود رسوماتي الذهنية باتجاه لم أفكر فيه من قبل. غير أنه إذا لم تتم ترجمة الأعمال فعلياً، يصبح خيالي راكداً. فكلما ابتكرت المزيد، كلما ازداد إلهامي الإبداعي.

تعتبرين الرسم وسيلة للوصول إلى أساس الجمال المتجسد في عناصر الطبيعة. هل تعتقدين أن الابتعاد عن الطبيعة هو سبب الكثير من مشاكلنا الحالية؟

من الصعب حصر المشاكل المجتمعية الحالية بالابتعاد عن الطبيعة. فالمجتمع كيان معقد للغاية ومتعدد الأوجه. لكن أعتقد أن رغبة البشرية في السيطرة على الطبيعة هي جزء كبير من المشكلة. وبغض النظر عن مدى محاولتنا إملاء ما نريده على الطبيعة، فقد أثبتت لنا الطبيعة مراراً وتكراراً أنها تحكمنا. وأعتقد أن الحل الأفضل يمكن أن يبدأ بالتعايش مع الطبيعة والحفاظ على الانسجام معها.

من هو الجمهور الذي تتوجهين إليه بعملك؟

أعتقد أن الجمهور يختارني بدلاً من اختياري للجمهور. فهدفي هو إيصال السعادة والأمل للناس من خلال عملي. لذا، أرحب بأي شخص يرغب في الاستراحة أمام عملي والتشافي، بغض النظر عن جنسه ومكانته الاجتماعية ولون بشرته.

كيف ترين التحول في المشهد الفني في العالم العربي؟

أتذكر رؤية معرض في متحف Seoul Museum of Art في العام 2019 بعنوان Middle East Arab Modern Art : ‘Home’. وتتألف أعماله من الفيديوهات والتصوير والأداء والرسم. وفي العرض، قدم كل فنان أعمالاً تفاعلية عن التقاليد الإسلامية الفارسية، وعن جنون البطولة، وعن الأداء الشعائري. لقد كانت لحظة مفيدة للغاية للتعرف على القضايا المعاصرة التي تحدث في الشرق الأوسط. وأتطلع إلى رؤية المزيد من الفنانين العرب المعاصرين يقدمون أعمالاً تعكس تاريخهم الغني وكيف ينعكس على تحوّلات المنظار الثقافي من خلال الفن.

ما هي القطعة الفنية المفضلة لديك؟

إن عملي المفضل في العرض هو Light White Garden. إذ يحتوي هذا العمل تحديداً على الكثير من العناصر التي أود أن أدخلها في أعمالي المستقبلية. ومن خلال دمج الأشكال الهندسية، تقدم هذه القطعة تفسيراً بصرياً مختلفاً عن أعمالي السابقة. ومن خلال عدم تغطية السطح بالكامل بالبتلات، تعزز المساحة الفارغة الأشكال الهندسية وتزيد تسليط الضوء عليها. ويزيدذلك أيضاًمن انكشاف قاعدة اللوحة بحيث يمكن للجمهور التحقق من علامات أصابعي وتتبّع اللون الزهري الناعم الذي يغطي كل سطح قاعدة اللوحة. كما أنه من خلال كشف أطراف الجذوع، أصبحت العلاقة بين البتلات والجذوع أكثر تجلّياً وسمحت بتصور قاعدة اللوحة بشكل أكبر.

ما هي مشاريعك المستقبلية؟

إن مشروعي المستقبلي هو توسيع نطاق رسوماتي لتدخل عالم النحت. فلطالما كنت أطمح إلى النحت وربما لهذا السبب باتت طبيعة عملي نحتية. وأؤمن بأن الرسم هو نحت والنحت هو رسم. لذلك، أعمل على جعل الرسم والنحت يتعايشان في قطعة واحدة.

اقرئي المزيد: من هو أول إماراتي يحصل على عضوية أكاديمية جوائز غرامي؟

 
شارك