
مواقع التواصل الاجتماعي كما تعاملني أعاملك

نيكولا عازار-بيروت
كان الحمام الزاجل سيد الموقف في الأزمنة الغابرة لأنّه كان صاحب الباع الطويلة في ما يتعلّق بالتواصل بين المجتمعات والدول، فهو الرابط الوحيد الذي استطاع من خلاله ملوك تلك الحقبة معرفة ما يجري داخل ممالكهم وخارجها. ومع انتشار الخيول والجمال كوسائط للنقل، بما فيها نقل البريد، لم يعد التراسل حكراً على الطبقة المخملية بل أصبح متاحاً للجميع، لكنّ الرسالة كانت تحتاج إلى أشهر كي تصل إلى أقرب نقطة بين دولة وأخرى أو مدينة وأخرى. وجاء القطار البخاري فعرفت الرسالة عصرها الذهبي، إذ باتت تصل بسرعة أكبر من السابق بما لا يقاس.
أما اليوم فكلّ تلك الوسائل أكل الدهر عليها وشرب، خصوصاً أنّ النساء والرجال، المشاهير والسياسيين، الأغنياء والفقراء أصبحوا يلجأون إلى الانترنت للتواصل وتحديداً إلى مواقع التواصل الاجتماعي التي باتت في الفترة الأخيرة الشغل الشاغل لهم، فمن خلالها يعبرون عن مشاعرهم ويروّجون لأعمالهم وينشرون صورهم... وقد يفعلون أشياء كثيرة أخرى. لكنّ بعضهم نسي أهمية تلك الوسائل، إذ أصبحت تعليقاته التي يطلقها من خلالها مخيبة للآمال وفارغة من أيّ محتوى والمستغرب أنّ آلاف الناس يسارعون إلى إبداء إعجابهم بما نُشر. هذه الحالة تنطبق على الكثير من النجوم والمشاهير الذين وقعوا ضحية تلك الوسائل، ربّما لأنّهم يفتقدون إلى الخبرة، أو ربّما إلى الثقافة أو حتى إلى المحتوى الجيد.
تغرّد على هواها
تستخدم النجمات مواقع التواصل الاجتماعي للتعبير عن آرائهن ومشاعرهن وما يدور في أذهانهن ّفي لحظة ما، الأمر الذي يجده المتابعون مزعجاً، فالنجمات يقمن يومياً، بل قل كلّ بضع ساعات، بتغيير الحالة وكتابة مقتطفات من مشاعرهن ورغباتهن كتلك النجمة التي تستيقظ في الصباح وتغرّد عبر Twitter كاتبةً أنها استيقظت الآن وتشرب القهوة أو تلك المغنية التي قررت أن تغرّد على هواها قائلة: «سأتناول اليوم طبق أرز من صنع والدتي» أو تلك الممثلة التي قررت أن تشاركنا زكامها... فما الذي تعنيه تلك التغريدات وما مدى أهميّتها بالنسبة إلينا؟ أما النجوم، فيعتمدون على الشبكات الاجتماعية ليظهروا أنّهم مثقفون وذلك عن طريق التعليق على المقالات الهامة سواء كانت سياسية أو اجتماعية كما يستعملونها ليظهروا مواهبهم وما يفضلونه من السيارات، الدراجات أو عارضات الأزياء.
مواقع التواصل في خدمتهم
لا شكّ في أنّ نجوماً ونجمات كثراً استفادوا من تلك المواقع ووضعوها في خدمتهم واستخدموها للتعبير عن آرائهم الخاصة أو لنقل مشاعرهم وأفراحهم، مثلما فعلت الفنانة السورية أصالة التي أعلنت مؤخراً احتفالها بعيد زواجها من المخرج طارق العريان وغرّدت على Twitter بالقول: «سبع سنين هي عمري كلّه واليوم أحبّك عدد السموات السبع وأكثر ممّا مضى وجذور حبّي لك وصلت إلى طبقة الأرض السابعة». أو حين نشرت الفنانة اللبنانية نانسي عجرم صوراً لها برفقة زوجها وهما يقومان برحلة استجمام في ألمانيا، لتنشر لاحقاً صورة لابنتيها إيلا وميلا اللتين تركتهما بعهدة والدتها معبرةً عن اشتياقها الشديد لهما ومتمنيّةً لو أنّهما كانتا برفقتها أو حين فاجأت الفنانة اللبنانية إليسا الجميع بنشرها صورة لغرفة الجلوس في منزلها عبر Instagram مرفقة إياها بتغريدة عبر Twitter قالت فيها «عشّ رائع لعشاء حميم مع أناس مميزين» وهي كانت غرّدت في وقت سابق: «أمضيت ليلة ساحرة مع رجلي الغامض ومستعدّة للأحلام الجميلة، خصوصاً أنَّ القمر مكتمل اليوم».
تغريدات صادمة
بعض التغريدات أحدث صدمة لدى المعجبين ونذكر منها حين قامت النجمة الكويتية شجون الهاجري بإعلان انفصالها عن خطيبها قائلة: «مصدومة، الخبر إلي كنت بقوله لكم: أحمد الحين ماله شغل فيني وحالي حالكم، اليوم دريت إنه متزوج وحتى شغلي ما راح يمسكه شلون أثق فيه بعد». تلك الكلمات أثارت جدلاً واسعاً بين محبّي الفنانة الشابة لا سيّما أنها لم تعاود التغريد ولم ترد على تساؤلاتهم حول تفاصيل الانفصال لتعود وتكتب في تغريدة مقتضبة يشوبها الغموض: «وربي ما حد يرد روحي وفرحتي غيركم الله لا يحرمني منكم». صدمة أخرى هزّت الوسط الفني في الفترة الأخيرة حين قامت النجمة المصرية غادة عبد الرازق بنشر تغريدة عبر Twitter قائلة «يا جماعة أنا دلوقت مع جوزي هتبعتولنا عشاء إيه؟» ثم أتبعتها بتغريدة أخرى مع صورة تجمعها وطليقها الأول الإعلامي محمد فودة وكتبت عليها تعليق «غادة، محمد، إبعتولنا عشاء، شكلي وحش قدامه» ونشرت صورة أخرى كاتبة «محمد بيسلم عليكم». غادة لم تصرح حينها لأيّ جهة إعلامية بخبر زواجها، لكن تغريداتها أثبتت أنها عادت إلى طليقها محمد فودة الذي كانت انفصلت عنه بعد أشهر من عقد قرانهما.
ساحات محاكم
نقّاد ومتخصّصون في المجال الفني يؤكدون أنّ مواقع التواصل الاجتماعي ساهمت في ترويج الكثير من أخبار زيجات النجوم وانفصالهم وحفلات زفافهم الأسطورية خصوصاً بعد أن كان طلاق أهل الفن يتمّ في الماضي بصمت ويحتاج إلى مدّة زمنية غير قصيرة حتى تخرج أخباره إلى العلن.
كذلك أدّى نشر الأخبار عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى احتكام عدد من الفنانين إلى القضاء بسبب فتح صفحات تحمل أسماءهم ونشر أخبار كاذبة عنهم أدت إلى نشوب أزمات مع زملائهم في الوسط الفني، حيث تقدّمت الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز ببلاغ إلى النائب العام ضدّ «مجهولة» انتحلت شخصيّتها على Facebook وأدلت على لسانها بتصريحات أحدثت خلافات بينها وبين زميلاتها وبعض السياسيين، ومن ذلك التعدي بالشتم على الفنانة اللبنانية هيفاء وهبي تعليقاً على الحلقة الخاصّة بها في برنامج المقالب «رامز عنخ آمون». أما الفنان المصري محمد صبحي، فتقدم ببلاغ مماثل يتهم فيه عدداً من الأشخاص بتصميم صفحة على Facebook باسمه يهاجمون فيها الجيش المصري، بينما نفت الفنانة المصرية ليلى علوي صحّة ما تردّد على صفحات التواصل الاجتماعي بشأن خبر طلاقها من زوجها منصور الجمال وإعلان الأخير التوجه إلى المحاكم لمقاضاة مطلقي هذه الشائعة عبر الانترنت.
وساحات حرب...
الأمر لم يعد يقتصر على ساحات المحاكم، بل تحول كلّ من Twitter وFacebook إلى ساحة حرب أبطالها النجوم أنفسهم حيث اشتعلت خلافات النجمين راغب علامة وأحلام عبر Twitter بعدما كتبت الفنانة الإماراتية في تغريدة لها: «لقد وصلني لقاء لراغب علامة أضحكني يقول فيه أنا رئيس لجنة Arab Idol؟؟؟ بس حبيت أوضح له شي مهم، لا يوجد رئيس في لجنة Arab Idol إلا بأحلامك ههههه». من ناحيته نفى علامة أن تكون بينه وبين أحلام حالة حرب عبر Twitter وأكد أنّ الاختلاف بينهما يقتصر على وجهات النظر بشأن مواهب المشاركين في البرنامج وقال إنّ الاختلاف لا يعني الخلاف. أحلام انتقدت أيضاً زميلتها في الغناء، الفنانة السورية أصالة، بعد أن صرّحت الأخيرة أنّ أحلام تبالغ بعرض مجوهراتها وخاصة خلال برنامج Arab Idol، فما كان من الأخيرة إلا أن نشرت تغريدة قالت فيها: «الست أم كلثوم كانت في كلّ حفلة تلبس مجوهرات ما كان حد يقدر يلبس مثلها بعدها تبرعت بمجوهراتها للجيش المصري. مستغربة من كلامك يا أصالة نصري. شكراً». إلا أنّ أصالة ربما استدركت خطأها ونشرت عقب مشاهدة أحلام في برنامج «قصر الكلام»، كلاماً جميلاً عنها، مادحة إياها بأجمل الصفات.
نهج جديد
تلك الخلافات تبعها خلاف من نوع آخر، وذلك حين نهجت أحلام نهجاً جديداً في التصدي لمنتقديها عبر Twitter من خلال إيقاف حسابات معارضيها، إذ أطلقت حملة عنوانها «يلا روح نام» متضمنة صوراً من الحسابات المغلقة.
وسطعت الشمس!
بالرغم من كلّ هذه الغيوم السوداء، فإنّ شمس تلك المواقع تسطع بين الحين والآخر ولا سيّما حين يقوم المشاهير بنشر صور لحفلاتهم أو رحلاتهم أو أزيائهم وتعتبر الفنانة اللبنانية هيفاء وهبي أكثر من ينشر صوراً من هذا النوع، حيث تقوم بعرض أحذيتها وفساتينها عبر Twitter كما تحرص على نشر صور التقطت لها أثناء زياراتها مختلف البلدان تماماً مثل زميلتها الفنانة اللبنانية إليسا التي شاركت محبيها الفرح الذي عاشته خلال وجودها في أميركا حيث غرّدت قائلة: «أتناول العشاء في مطعم Nobu في نيويورك وهو أفضل ما يمكن أن أقوم به خصوصاً أنّني برفقة كارول سماحة». أما الفنانة اللبنانية ميريام فارس، فقد أصبح Twitter الخاص بها منبراً لعرض ما تقتنيه من ملابس وأحذية وأكسسوارات.
من يتحكم بتلك المواقع؟
كلّ هذه الأمور تدفعنا إلى التساؤل: هل أصبح مجتمعنا مدمناً على المواقع الاجتماعية خصوصاً أنّ المشاهير أصبحوا أكثر تفاعلاً مع معجبيهم من خلال هذه المواقع؟ هل تساهم تلك المواقع في خدمة النجوم، أم أنّها ترصد تحرّكاتهم بطريقة غير مباشرة؟ ومن يتحكم بها؟ هل هي أدواتها التي توفر لنا سهولة التواصل والتي قد تسبّب لنا أيضاً مشاكل نحن بغنى عنها؟ ثمّة إجابات متباينة على هذه التساؤلات ولكن ما يمكن قوله في الختام هو التالي: صحيح أنّ ملايين الناس مدمنون على هذه الوسائل الرقمية وأنّها تهدد اليوم خصوصياتنا، إلا أنّها تبقى الموضة الرائجة اليوم ولكلّ موضة وقتها، فلنستمتع بها ولنسخرها لخدمة مصالحنا المهنية والشخصية.