للأم العاملة: تحكمي بالمحتوى الرقمي الذي يتلقاه ابنك

باتت التكنولوجيا جزءاً من حياتنا فنحن لا نترك الهاتف من يدنا، بل ننجز من خلاله الكثير من مهامنا المهنيّة، كما أنّه وسيلتنا للترفيه والتواصل مع العالم. وأطفالنا أيضاً تأثّروا بهذه الثورة وباتت رؤيتهم وهم يحملون هاتفاً أو آي باد أمراً طبيعيّاً. ولكن، يبقى التساؤل الذي يؤرق بال الأمّهات: هل ما أقوم به كافياً لمراقبة صغيري ومعرفة المحتوى الذي يتعرّض له؟ ماذا عليّ أن أفعل لأضبط ما يتلقّاه؟ وكيف تؤثّر هذه المواد المرئيّة والمسموعة على مختلف نواحي حياته النفسيّة والذهنيّة وحتى الصحيّة؟

دراسات كثيرة تطرّقت إلى هذا الموضوع، بعضها يؤكّد التأثير الإيجابي لهذه المواد على الطفل، وبعضها الآخر يرى فيها سبباً للعديد من المشاكل، فكيف نحرص نحن الأمّهات العاملات على أن يستفيد أطفالنا من الوقت الذي يقضونه أمام الشاشات وأن يتلقّوا محتوى هادفاً ومطوّراً يساهم في بناء شخصيّتهم المستقبليّة؟

تجيبنا عن هذا السؤال خلود عيسى، الحاصلة على ماجستير في الدراسات الاجتماعيّة، فتقول: "من سنّ العامين وربّما أقلّ يبدأ الطفل بمشاهدة التلفزيون وحتى الأغاني عبر YouTube من خلال الهاتف، بعض الأمّهات يعتبرنها طريقة لإلهاء الصغير حتى يقمن بمهامهنّ، ولكن مع الوقت تزداد الفترة التي يقضيها الطفل أمام الشاشة ليصل إلى سنّ الخامسة أو السادسة ونراه يقضي أكثر من 4 أو 5 ساعات في اليوم، وهنا يجب التدخّل فوراً لأنّ الصغير بات مدمناً وهذا الأمر يولّد مشاكل مخيفة نحاول تفاديها مثل تقلّص انسجامه مع محيطه الاجتماعي وابتعاده عن الأطفال في سنّه وتفضيله العالم الافتراضي على العالم الحقيقي".

وتكمل عيسى: "علينا مراقبة أنفسنا وتصرّفاتنا أمام صغارنا، فلا عجب من أن يحذو الطفل حذو والدته التي لا يغيب الهاتف عن يدها، وبالتالي يجب أن نخفّف من عادة تفقّد بريدنا الإلكتروني في المنزل وكذلك Facebook وInstagram إلى أن ينام الطفل أو يتواجد خارج المنزل. من جهة ثانية، علينا البحث عن نشاطات يحبّها الطفل وحثّه على القيام بها، ولا ضير من مرافقته في عطلة نهاية الأسبوع إلى دروس الموسيقى أو كرة السلّة أو مرافقة الفتاة لحضور صفوف الباليه أو الرقص. فهذا التواجد في حياة الصغير يجعله يشعر بالأمان العاطفي ويبعده عن التلفزيون والهاتف، كما أنّه يشعره بأهميّة النشاط الذي يقوم به، فبهذه الطريقة نشجّعه نحن الأهل على البحث عن هواياته ونقول له إنّنا فخورون به وسنكون دائماً معه وإلى جانبه حين يقوم بأيّ إنجاز يتطلّب مجهوداً جسديّاً وفكريّاً حتى ولو كان بسيطاً".

سألنا عيسى: كيف يمكن الاستفادة من المحتوى التعليمي لبعض المواقع فنوجّه الأطفال نحوها ونلهيهم عن تلك التي تقدّم فيديوهات فارغة من المحتوى المهمّ، فأجابت: "علينا البحث بالدرجة الأولى عن هذه المواقع أو حتّى التطبيقات واكتشاف محتواها وتوجيه الطفل نحوها، على ألّا تزيد فترة استخدام الصغير ما دون الخمس سنوات للهاتف عن ساعتين، أمّا التلفزيون، فبإمكانه متابعته لساعتين أيضاً ويفضّل أن يكون مع العائلة أو أيّ شخص ناضج كي لا يقع على محتوى لا يناسب عمره وكي يجد من يجيب عن تساؤلاته في حال وقع على موضوع معقّد وغير مفهوم".

تضيف عيسى: "من الضروري أن نجيب عن تساؤلات الطفل ولا نهمل ما يقوله لنا وأن نتقرّب منه حتّى نعرف ماذا يشاهد ومتى، وفي هذا الإطار بات هناك الكثير من أدوات الإشراف العائلي التي قدّمتها شركات تكنولوجيّة كبيرة لمساعدة الأهل".

وهنا نذكر ما قدّمته شركة Apple من أدوات الإشراف العائلي في هاتف iPhone للمرّة الأولى في العام 2008، وقد عملت الشركة بحرص على مرّ السنوات لإضافة ميزات تساعد أولياء الأمور على التحكّم في المحتوى الذي يشاهده أبناؤهم، لذا قامت بتطوير هذه الأدوات من خلال تقديم ميزة Screen Time بنظام iOS 12 التي تتيح للآباء التعرّف على الوقت الذي يقضيه أبناؤهم في استخدام التطبيقات ومواقع الويب، وتوفّر هذه الميزة إمكانيّة إنشاء تقارير مفصّلة بالنشاط الذي يقوم به الأولاد على أجهزتهم بشكل يومي وأسبوعي لتعرض إجمالي الوقت الذي يقضونه في كلّ التطبيقات التي يستخدمونها وعدد الإشعارات التي يتلقّونها وعدد المرّات التي يطالعون فيها iPhone أو iPad.

ومن خلال فهم طريقة تفاعلهم مع أجهزة iOS، يستطيع الآباء التحكّم في الوقت الذي يقضيه أبناؤهم في استخدام تطبيق أو موقع معيّن أو فئة من التطبيقات، إذ تسمح ميزة حدود التطبيقات App Limits بتحديد وقت معيّن لاستخدام تطبيق، وسيظهر إشعار للطفل عندما يوشك على الوصول إلى ذلك الحدّ الزمني. كذلك، بإمكان الوالدين استخدام ميزة "دقيقة أخرى" ليحظى الطفل بالوقت الكافي لحفظ عمله أو تسجيل الخروج من اللعبة بسرعة.

وتوفّر ميزة Screen Time للمستخدم إمكانيّة فهم طريقة استخدامه للأجهزة والتحكّم فيها، وفائدتها كبيرة للأطفال والعائلات تحديداً، إذ يستطيع أولياء الأمور الوصول إلى تقارير الأنشطة الخاصّة بأبنائهم من أجهزة iOS التي يستخدمونها مباشرة كي يفهموا ما يقضي أبناؤهم الوقت في فعله ويتحكّموا في حدود التطبيقات التي يستخدمونها. كما وبإمكان أولياء الأمور استخدام ميزة "مدّة استخدام الجهاز" لإدارة جهات الاتّصال التي تظهر على أجهزة أطفالهم والتحكّم في الأشخاص الذين بإمكانهم التواصل معهم.

وتسمح ميزة Screen Time لأولياء الأمور أيضاً بتحديد فترة زمنيّة معيّنة لا يمكن لأبنائهم استخدام أجهزة iOS فيها، كوقت النوم مثلاً. وخلال فترة التعطيل هذه Downtime، لن تُعرض الإشعارات من التطبيقات وسيظهر شعار على التطبيقات يشير إلى أنّه لا يمكن استخدامها. 

 
شارك