ولاء الشحّي: المخاطرة مطلوبة لتحقيق النجاح

من يقول إنّ تحقيق النجاح يتطلّب التركيز على مجال واحد لم يتعرّف إلى المهندسة والكاتبة الإماراتيّة ولاء الشحّي. فالشابّة الناجحة استطاعت أن توفّق بين مختلف نواحي حياتها فبرعت في وظيفتها ونجحت في عالم الكتابة وطرقت بابي علم الطاقة والماكياج، كما أنّها أمّ صالحة تعيش مع أطفالها أجمل اللحظات. فكيف تحقّق التوازن وتجد الراحة وتستمرّ بتحدّي ذاتها لتقديم المزيد؟ التقيناها واكتشفنا شخصيّة شغوفة وموهوبة ومحبّة للحياة.

غالباً ما نرى الشابّات يملن نحو المجالات الأدبيّة. لمَ اخترت تخصّص الهندسة؟
بالنسبة إليّ، الهندسة هي مجال الشغف والتحدّيات ومجال التجدّد والاستمرار، هي اختصاص فريد من نوعه يميّز صاحبه، وقد رأيت نفسي كمهندسة. عندما كنت طفلة، أردت أن أكون طبيبة وسعيت من خلال تفوّقي في المدرسة لتحقيق هذا الحلم، ولكن عندما ذهبت لتقديم أوراقي في الجامعة خالجني إحساس غريب، وقد تبعت حدسي الذي قادني نحو الهندسة التي أعتبرها الداعم والمكوّن الرئيس لكلّ العلوم. ولأنّني أعشق المغامرات، اخترت الهندسة الكهربائيّة وعلى وجه الخصوص مسار الاتّصالات ودرسته بحبّ وشغف.

هل أنتِ مع ضرورة الحصول على الشهادة الجامعيّة لتحقيق النجاح المهني أم تعتبرين أنّ الخبرة يمكن أن تحلّ محلّ الدراسة؟
الشهادة الجامعيّة بمثابة البذرة الأولى لمحصول كبير ومتجدّد أمامه درب طويل، هي خطوة في طريق يقود في النهاية إلى التميّز والنجاح. إنّها تحديد للرغبة الأولى التي تشعر بها المرأة وتقودها نحو ما تحبّه في الحياة وأساس قوي للانطلاقة الصحيحة، أمّا الطريق المهني، فقد يختلف تماماً عن التخصّص الجامعي. ولا يعني ذلك أن نقلّل من أهميّة الشهادة، فأنا من المشجّعات على متابعة التعلّم الأكاديمي بكل تحدّياته، فالثقافة والمعرفة في أيّ مجال مهمّان جدّاً ولهما دور في تكوين الشخصيّة وتقويتها.

أنتِ مهندس عمليّات أوّل لدى هيئة تنظيم الاتّصالات في دبي. كيف وصلت إلى هذا المنصب، لا سيّما أنّ مجال الاتّصالات بعيد عن اهتمامات معظم النساء؟
كلّي فخر وامتنان لأنّني أعمل لدى هيئة تنظيم الاتّصالات، فهذا الأمر هو بحدّ ذاته امتياز لي. وصولي إلى هذا المنصب كان نتيجة اجتهادي في العمل، نحن نعيش جوّ الفريق الواحد والعائلة الواحدة وهذا ما يميّزنا، ونسعد بالدعم المستمرّ من القيادات التي وثقت بنا وحمّلتنا مسؤوليّة كبيرة نتمنّى أن نكون على قدرها. والمرأة الإماراتيّة أثبتت جدارتها في كل المجالات التي عملت فيها، لذلك رأينا أنّ ثقة القيادة بها تضاعفت فباتت مسؤوليّاتها أكبر وأوسع.

وصولك إلى منصب مهمّ يخوّلك تقديم الدعم لنساء بلدك، فكيف تقومين بذلك؟ 
ببساطة، أحذو حذو قيادتنا التي توفّر كل التسهيلات للنساء كي يبرزن في مناصبهنّ ويتمكنّ من التركيز على مهامهنّ وأدائها ببراعة، فحين تشعر المرأة بأنّها مرتاحة وغير مضغوطة تظهر طاقاتها وتتمكّن من استشراف المستقبل كي تصل إلى أهدافها.

ما هي الأدوات الضروريّة كي تكون المرأة سيّدة أعمال ناجحة؟
لا بدّ أن تؤمن أوّلاً المرأة بذاتها وبقدراتها وأن تتصالح مع نفسها، ومن الضروري أيضاً أن تعرف ماذا تريد وأين تبغي الوصول والهدف من ذلك، والأهمّ أن تدرك أين هي الآن من كل هذا.. يجب أن تكون مرنة وتتقبّل الآخرين، فترحّب بالتحدّيات ولا تخشاها كي تتعامل معها بالشكل الصحيح وتتخطّاها. كذلك، يجب أن تتعلّم من الأخطاء وتصنع من تجاربها نجاحات متتالية وتنهض بعد الوقوع وتستمرّ، فالاستمراريّة تعني أنّها ستقف وتلتقط أنفاسها، قد تغيّر مسارها، تسرع أو تبطئ، وقد ترجع بضع خطوات، إلّا أنّها تعود وتنطلق كالسهم من جديد لتصيب الهدف.
على المرأة أن تحبّ عملها حتى ولو لم تكن سعيدة للغاية، فلتعمل بحبّ وتجمع خبرات إلى أن يأتي الوقت المناسب فتترك هذا المركز وتجد مكانها الصحيح. من ناحية ثانية، فإنّ القليل من المخاطرة لا يؤذي، بل هو ضروري كي نعيش تجارب جديدة ونختبر قدراتنا ونتحدّى مخاوفنا. 
وأخيراً، أقول لبنات جيلي: لا تعتمدن نظام «غداً سأفعل» بل ابدئن اليوم، فالحياة قصيرة جدّاً لنضيّعها بالتسويف، استمتعن باللحظة بكل ما فيها فما يذهب لا يعود والمستقبل آتٍ لا محالة لكنكنّ هنا الآن، فلا تضيّعن الوقت في شيء لا تملكنه واستفدن ممّا هو متاح أمامكنّ الآن.

أنت معالجة مرخّصة بتقنيّة «ريكي». هلّا تحدّثينا عن هذه التقنيّة وعن السبب الذي دفعك إلى التوجّه إلى هذا المجال؟
العلاج بالطاقة أو علم «ريكي» هو علم ذو أصول صينيّة وقد تمّ تطويره على يد العالم الياباني oakiM iusU. تتألّف كلمة ريكي من كلمتين : «ري» وتعني الطاقة الكونيّة و«كي» وتعني الطاقة الشخصيّة. ويقوم مبدأ هذا العلم على تحقيق التوازن بين عنصري الـniY والـgnaY عن طريق توازن الطاقة الداخليّة لجسم الإنسان. ويتمّ ذلك عن طريق مراكز الطاقة (الشاكرات) وهي سبعة مراكز في الجسم متّصلة بمسارات الطاقة الداخليّة والتي توصل بدورها الطاقة إلى كلّ أجزاء الجسم، وعند انسداد هذه المسارات أو المراكز تنشأ الأمراض النفسيّة والجسديّة، والمعالج أو الممارس لهذا النوع من العلاج يستطيع، بتعلّم حركات بسيطة، الاستفادة من حقل الطاقة المحيط بجسم الإنسان فيساعده على تحقيق الشفاء الجسدي والعاطفي.

من هو أكثر شخص أثّر في حياتك ودفعك إلى السعي لتحقيق طموحك؟
والدتي التي أراها المربّية والطموحة والمدبّرة والحكيمة والمغامرة والزوجة الوفيّة والصديقة والمدرّسة والناصحة والقلب الكبير الذي ينبض حناناً والعطف الذي لا حدود له والنجاح الذي يعلو كل القمم، هي أمّي التي أراها في كل كلمة أكتبها، وفي كل نجاح أصل إليه، أراها في عيون أبنائي، وفي كل وجبة طعام أحضّرها بحبّ، وفي كل مغامرة وتحدٍّ، أراها في كل عالمي، وأحمد الله في كل نفس أتنفّسه لأنّها أمّي.

ما هي صفات القياديّة الناجحة؟
القياديّة الناجحة هي من تعرف هدفها فهو كنبراس النور في نهاية الطريق وهذا لا يعني أنّ الوصول إليه هو النهاية بل بداية تحدٍّ وطريق جديد. الفريق الواحد والعائلة الواحدة أسباب نجاح القائدة فهي لن تصل إلّا بفريق مميّز. القائدة هي من تخطّط وتضع أهدافاً منطقيّة ومرنة ومن تسعى دائماً إلى الابتكار، تتعلّم من غيرها وتنصت إليهم، كما أنّها صبورة ومتعاونة إلى أقصى حدّ.

من منطلق تجاربك الحياتيّة، ما هي النصيحة التي تقدّمينها للشابّات الراغبات في النجاح؟
أقول لهنّ: أنتنّ شابّات في مقتبل العمر كالإسفنجة تمتصّ الكثير، فتعلّمن واستفدن من خبرات من حولكنّ، لأنّكنّ بذلك تبنين قاعدة قويّة لمستقبلكنّ.    

هل من هواية خفيّة تطلعيننا عليها؟
أحبّ المطالعة، فالكتاب يأخذني إلى عوالم مختلفة ويجعلني أتنفّس بعمق وراحة، لا سيّما أنّني أقرأ مجالات مختلفة كالشعر وعلم النفس والطاقة وتطوير الذات والتاريخ والسير الذاتيّة. 

كيف تعوّضين لأطفالك غيابك عنهم بسبب كثرة أعمالك؟
أؤمن بأنّ الوقت ليس بكميّته بل بنوعيّته، فبإمكاننا أن نمضي ساعة واحدة بسعادة، أساعدهم خلالها في دروسهم أو نتعاون لصنع وجبة أو نشاهد فيلماً، أفضل من التواجد طول الوقت وأنا لا أعلم عنهم شيئاً.

تسعين إلى صقل مهاراتك في الرسم والماكياج والطهي وفنّ الخطابة. ما الذي يعنيه لك كل مجال من هذه المجالات؟
الرسم حلم أعيشه بين الخطوط والألوان وأحقّقه عندما أرى لوحتي قد انتهت، أمّا الماكياج، فهو فنّ أعشقه بكل تفاصيله، وبالنسبة إلى الطبخ، فهو يحوّلني إلى شيف داخل المطبخ، تركيزها مستمرّ على ما تعدّه كي يعجب من سيتذوّق طعامها. أمّا فنّ الخطابة، فهو موسيقى اللغة واحترام للحرف وأداة لأسر القلوب.

اهتماماتك شديدة التنوّع. كيف تجدين الوقت لكل ذلك؟
هي من تجد الوقت لي، فأنا أستمتع بكل لحظة ولو كانت قصيرة لأنّني أمارس عملاً أحبّه وأهتمّ به بحقّ، ونصيحتي للشابّات ألّا يضيّعن الوقت بالتخطيط وبوضع الجداول ذات المواعيد المحدّدة بل أن يشعرن بالسعادة حين يتغيّر مشروعهنّ ويستفدن من اللحظة الجديدة التي طرأت على حياتهنّ. على سبيل المثال، كان لديّ اجتماع في مكان خارجي قريب من الشاطئ، وعندما انتهيت لم أسارع للمغادرة كي ألحق ما تبقّى لديّ من أعمال، بل نظرت حولي وخلعت حذائي وركضت نحو الشاطئ وبدأت أجدّد طاقتي بالتنفّس العميق والاستماع إلى صوت الموج، عشت اللحظة بحبّ وسرقت وقتاً رائعاً من الزمن.

ما هي مشاريعك للفترة المقبلة؟
أرغب في أن تكتمل روايتي الجديدة وتلقى الإعجاب، كما وأخطّط لأن يكون لي برنامجي الخاص، أنشر من خلاله الوعي حول عدد من المواضيع الاجتماعيّة.

 
شارك