هل تجدين صعوبة في المسامحة؟ إليك فوائدها على صحّتك النفسيّة

نتّخذ في حياتنا اليومية قرارات كثيرة تعزّز الجوانب الروحيّة في حياتنا ومسامحة الإساءة وبدء صفحة جديدة لا تسيطر عليها المشاعر السلبيّة بل يكون عنوانها العفو عند المقدرة والتسامح والتعلّم من أخطاء الماضي. إلّا أنّنا سرعان ما ننسى ذلك ونعود لنحمل الضغينة أو الكره وحتّى الحقد في قلوبنا. فكيف يمكن تعزيز صفة التسامح في داخلنا وتخطّي الإساءة وإضاعة الوقت في التفكير بالانتقام؟ ولنغوض أكثر في هذا الموضوع، التقينا مدرّبة الحياة نيفين الجندي، مؤسّسة صحفة Nivoforlife على إنستغرام، التي تعرّفنا على أساليب كثيرة نصل من خلالها إلى المسامحة.

سألناها: كيف يمكن نسيان الخيانة أو الإهانة أو الإساءة والوصول إلى مسامحة من تسبّب بهذا الأذى لنا؟ فأجابت: "لا يحصل النسيان بين ليلة وضحاها فكلّ المشاعر التي نمرّ بها لا بدّ من أن تأخذ حقّها، ما يعني أن ندع لأنفسنا الوقت اللازم للتعافي وتخطّي كلّ أنواع المشاعر. إنّما الحزن أو الغضب أو الصدمة وما يليها من مراحل أسى، يجب أن ينتهي ولا يطول إذ يسرق منّا أجمل أيّام العمر ويُدخلنا في دوّامة قاسية من الأسى أو الشفقة على الذات. لذا لا ينبغي أن نعيش طويلاً دور الضحية بل يجب النهوض والتماسك وفهم أسباب ما حصل وأيّ دور لعبنا في الموضوع. ولنفترض أنّ الأمر يتعلّق بخيانة زوجيّة، فعلى السيّدة أن تسأل نفسها: أين أخطأت مع هذا الشخص وما الذي بحث عنه لدى غيري؟ يجب أن تضع نفسها في موقع الطرف الثاني وتحاول فهم مبرّراته أو الأسباب التي دفعته للقيام بهذا التصرّف القاسي تجاهها، وحين تعرف خطأها ستتفادى تكراره مستقبلاً".

وتكمل: "يجب على المرأة ألّا ترضى أو تتنازل دوماً بهدف الحفاظ على علاقة فاشلة لا أكثر، إنّما عليها إدراك متى يغيب الاتّصال مع شريكها لتقطع فوراً علاقتها به. وفي حال واجهت موقفاً صعباً مع أحد الأشخاص، لا ضرورة أن تلوم نفسها وتنتقذها بل تهدأ وتتعلّم درسها وتقول لنفسها: سأخرج من هذه التجربة أقوى وسأسامح لأنّ مسامحتي له ستعود بالخير عليّ أوّلاً، وسأكون ممتنة للطرف الذي أساء إليّ لأنّه علمني الكثير من الأمور التي كنت أجهلها عن الحياة".

إنّ التفكير الإيجابي، بحسب نيفين، سيجعل صاحبته ترى نصيبها من المسؤوليّة في الموقف الصعب الذي مرّت به: "بهذه الطريقة، سيخفّ حقدها أو حزنها وستتقلّص درجة نقمتها على الطرف الثاني وستبحث عمّا يُلهيها عن التفكير في الموضوع. ولعلّها تكتشف هواية جديدة أو مجالاً مفيداً يحمل لها الخير والمنفعة. فالحياة قصيرة ومن صُنع أفكارنا التي تأتي نتيجة مشاعرنا. وكلّما أسرعنا بالتخلّص من الأحاسيس السلبيّة، سنجد طريقنا نحو الأفكار الإيجابيّة التي ستتحوّل إلى مشاريع ناجحة ومرضية على أرض الواقع".

وعن الأحاسيس الإيجابيةّ التي تولّدها داخلنا المسامحة، تقول نيفين: "سنشعر بالسلام والسكينة والطمأنينة وسنتخلّص من عوارض مزعجة كثيرة تعيق حياتنا الطبيعيّة، كالتوتّر والغضب السريع والانفعالات السلبيّة. سنتخلّص أيضاً من الأرق ونتفادى الوقوع ضحية نوبات الهلع. فكمّ المشاعر السلبيّة التي نكتمها في داخلنا أو نحاول السيطرة عليها سيخرج بطريقة ما. ممّا يلحق الضرر بحياتنا واستقرارنا النفسي. لذا فإنّ تخلّصنا منها سيجلب الراحة والسعادة إلى أيّامنا".

لكن هل تُفقدنا المسامحة حقّنا، فيستضعفنا الطرف الثاني ويتمادى في الخطأ معنا؟ حول هذا الموضوع تقول نيفين:"الأمر يتعلّق بنوع العلاقة، فحين يكون الشخص قريباً، يصعب قطع العلاقة كلّياً معه ويجب وضع النقاط على الحروف لمحاولة البدء من جديد على أسس أكثر نجاحاً. وفي حال كانت العلاقة مؤذية ولا يمكن إنقاذها، فيجب الوصول إلى المسامحة قبل قطع العلاقة نهائيّاً والبدء من جديد، والابتعاد عن التفكير بما سيظّنه هذا الشخص. فهو ألحق الأذى النفسي بك وبالتالي لا يستحقّ التفكير ولو للحظة واحدة، فالمهم التعلّم ممّا حصل لتفادي تكرار الخطأ مستقبلاً".

سألناها أيضاً :كيف نأخذ حقّنا من الشخص الذي أساء إلينا من دون الدخول في متاهات الحقد والمشاعر السلبيّة؟ فقالت: "المواجهة ضروريّة في هذه الحالات وتتطلّب الثبات الانفعالي والهدوء وامتلاك القدرة على تقديم الحجج المقنعة والدفاع التامّ عن النفس. فحين تشرحين وجهة نظرك وتطالبين بجواب منطقيّ، سيشعر الطرف الثاني بالضعف وسيكون عليه تبرير موقفه. فإن اقتنعت بكلامه يمكن البدء من جديد، أمّا إذا أثبت لك أنّك على حقّ فحينها ستعرفين أنّك انتصرت في معركتك ضدّه ولن يكون لمبرّراته أيّ معنى لأنكّ متأكّدة من خطئه، فتتخطّين الموضوع وتبدئين من جديد بنفسيّة أكثر راحة وقوّة".

وتختم مدرّبة الحياة حديثها بالقول: "الوصول إلى المسامحة ليس سهلاً أبداً، لكنّه يقوّي من تتمكّن من تحقيقه، فتفهمين نفسك أخيراً وتتصالحين مع ذاتك. وفي النهاية يجب أن تغلّبي مصلحتك الخاصّة وحبّك لنفسك على أيّ أمر آخر، وخاطبي نفسك في المرآة قائلة: "أنا لا أستحقّ الإساءة التي حصلت لي، لكنّني أقوى منها ومن مسبّبها. لذلك سأسامح وأبدأ من جديد بقوّة وثقة أكبر بنفسي وبقدراتي التي نمت بعدما تعلّمت درسي القاسي".

 
شارك