نوف يعرب: صوري تدعو المشاهد إلى تقدير التفاصيل الصغيرة

الوجوه بتفاصيلها وملامحها ومشاعرها هي ما يثير اهتمام المصورة الفوتوغرافية السعودية نوف يعرب، فتشارك رؤيتها المختلفة عبر صفحتها على إنستغرام

nouf_why@ وبالإضافة إلى اهتمامها الكبير بالتصوير، فهي درست وعملت كمصممة غرافيك واليوم يتجه اهتمامها أكثر نحو القصص البصرية وصناعة الأفلام والتقاط أقوى اللحظات والانفعالات والمناظر من خلال كاميرتها. فما الذي يميّز بصمتها التصويرية وكيف يخدمها التركيز على التفاصيل في عملها الإبداعي؟

تخليد اللحظات من خلال الكاميرا، لماذا اخترت هذا الطريق لنفسكِ من خلال دخولكِ مجال التصوير الفوتوغرافي؟

لطالما كان التصوير الفوتوغرافي طريقتي في مراقبة العالم بكل تفاصيله. أنا منجذبة إلى اللحظات الصغيرة، والإيماءات الدقيقة التي تكشف قصة أعمق. ومثل الموسيقى، يتجاوز التصوير الفوتوغرافي اللغة، ما يسمح لي بالتواصل مع الناس والمناطق المحيطة بي من دون أن أكون دائماً مركز الاهتمام. هذا النوع من التواصل غير اللفظي يبدو طبيعياً بالنسبة لي، خاصةً أنّ طبيعتي الانطوائية تمنحني منظوراً فريداً يظهر في عملي. أركّز على التفاصيل، والزوايا غير المتوقعة، والأشياء التي قد يغفل عنها الآخرون... يتيح لي التصوير الفوتوغرافي تحويل هذه الملاحظات إلى شيء جميل ومعبّر.

إلى أي مدى تؤثّر تفاصيل أي صورة في لفت انتباه المشاهد إليها، وجعله يتأمّلها بشكل أعمق ويفهم معانيها؟

التقاط أقوى اللحظات وأكثرها تأثيراً بالكاميرا لا يتعلّق بالحظ فحسب، بل تكمن القوة الحقيقية في عين المصوّر الفوتوغرافي للحصول على التفاصيل التي ترفع اللحظات العادية إلى شيء ذي معنى. تعبير عابر، إيماءة خفية، الطريقة التي يتراقص بها الضوء عبر المشهد - هذه العناصر التي تبدو صغيرة تصبح قلب الصورة. بهذه الطريقة تجذب الصورة المشاهد فيوليها اهتماماً أعمق. تتحول التفاصيل إلى أدلة، تلمّح إلى قصة أو شعور أو سؤال يتجاوز الإطار نفسه. الصورة القوية حقاً لا تسجّل لحظة واحدة فقط، فهي تدعو المشاهد إلى المشاركة بحماس في معانيها.

هل تحتفظ الصورة القوية بمكانتها في وقتنا الحالي حيث يبحث جمهور مواقع التواصل الاجتماعي عن كل ما هو سريع ولا يريد الكثير من القراءة والتحليل؟

حتى في عصر الاستهلاك السريع هذا، تحتفظ الصورة بقوة لا تصدّق. في حين أن جمهور وسائل التواصل الاجتماعي يتوق إلى السرعة والإشباع الفوري، فإنّ هذه البيئة نفسها توفّر فرصة فريدة لصورة جيدة التصميم تتجاوز كل ما يحيط بها. تتطلب الصورة المميزة الانتباه على وجه التحديد لأنّها تتطلب وقفة ولحظة تأمّل. برأيي التحدي الذي يواجه المصورين هو الحفاظ على صوتهم الفني من دون الرضوخ للاتجاهات العابرة بشكل كامل. نحن نلتقط العالم بمنظور جديد، وننقل الأفكار المعقّدة ويساعدني الابتعاد عن وسائل التواصل الاجتماعي بشكل دوري في إسترجاع التركيز، والتأكّد من أنّ عملي يقدم شيئاً مميزاً بدلاً من مجرّد تكرار لما هو شائع.

ما هو الفرق بين المصور المحترف والهاوي؟ هل تحبين أن يطلق عليكِ لقب محترفة أم تفضلين أن يكون التصوير شغفكِ من دون قيود مادية أو معنوية؟

الفرق بين المحترف والهاوي لا يتعلق بالمعدات أو حتى بالمهارة الفنية. يتعلق الأمر بالاتساق والسعي المستمر للنمو والاحترام العميق لهذه الحرفة. إنّ كونك محترفاً لا يقتصر على التقاط صور جيدة فحسب، بل التعامل مع كل مشروع بتفانٍ وعناية وتقديم عمل عالي الجودة حتى تحت الضغط، ودفع الحدود الإبداعية، وفهم أنّ العمل المكلّف به يتضمّن موازنة الرؤية الفنية مع احتياجات العميل. أنا فخورة بالتقدّم الذي أحرزته، ولكنني أسعى دائماً إلى التحسين، وهذا ما يميّزني كمحترفة راغبة بالتطور، فهناك دائماً شيء جديد لأتعلمه، وطريقة أخرى لتحسين مهاراتي لالتقاط العالم بمنظور جديد.

بالنسبة لي، أركّز على العمل نفسه أكثر من العناوين. وفي النهاية، الهدف هو إنشاء صور تعبّر عن رؤيتي وتلقى صدى لدى المشاهدين، بغض النظر عما إذا كان التصوير الفوتوغرافي يعتبر مهنتي أو شغفي. يتعلق الأمر في التصوير بإيجاد الجمال في الحياة اليومية، وعكس صورة العالم من حولي، وآمل في تقديم شيء يمنح الآخرين لحظة من التوقف والتأمل... هذا الشعور بالارتباط والإنجاز هو حقاً ما يهمني أكثر من أي أمر آخر.

حدّثينا عن رؤيتكِ الخاصة أو بصمتكِ في التصوير التي تعطي أعمالكِ روحها الفريدة؟

أسلوبي في التصوير الفوتوغرافي هو إلى حد كبير انعكاس لشخصيتي، فهو دقيق وموجه نحو التفاصيل ومنجذب إلى التفاعل بين الضوء والظل. سواء أكان التركيز على المناظر الطبيعية أو الأماكن الدافئة، فإنني أميل إلى الانجذاب نحو التراكيب البسيطة التي ترفع من جمال اللحظات اليومية، أو عزل المواضيع بطريقة تمنحها معنى جديد. أتمنى أن يجد أولئك الذين يشاهدون أعمالي أعينهم منجذبة إلى ما تم تجاهله: منحنى الظل، أو نسيج جدار قديم، أو التعبير على الوجه، أو روعة وخصوصية المناظر الطبيعية. أحب أن أعتقد أنّ صوري تدعو المشاهد إلى التمهل، وتقدير التفاصيل الصغيرة، وآمل أن يرى العالم من حوله بشكل مختلف قليلاً.

هل هناك جوانب صعبة نجهلها عن التصوير الفوتوغرافي؟ وفي المقابل ما هي أجمل التجارب التي مررت بها أثناء التصوير؟

التصوير الفوتوغرافي يدفعني باستمرار إلى النمو، وهذا جزء مما أحبّه فيه. في وقت مبكر، كان أحد أكبر التحديات التي واجهتني هو تجاوز نقاط قوتي في رسم البورتريه لالتقاط صور ديناميكية تتحدث عن قصص تحدث من حولي. يتطلب استكشاف اللحظات المرئية طريقة جديدة تماماً للرؤية. لم يكن الأمر سهلاً، لكنه أجبرني على التجربة وصقل مهاراتي في سرد القصص البصرية.

وكانت المكافآت تستحق الجهد المبذول. لقد طورت فهماً أعمق لمهنتي وكوّنت روابط غنية داخل المجتمع الإبداعي. لكن أعظم متعة تأتي من رؤية الأشخاص الذين أقوم بتصويرهم يستخدمون صورهم ليحققوا النجاحات في مجالهم. إنّ مشاهدة نجاحهم، ورؤية عملهم معترف به على نطاق أوسع، يملأني بإحساس عميق بالفخر والامتنان لهذه الرحلة.

كيف تجدين الإلهام لأعمالكِ الإبداعية الجديدة؟

على الرغم من أنني استمتعت دائماً بامتلاك كاميرا حيث استطيع تصوير ما أرغب به، إلا أنني لم أتمكن حقاً من تطوير رؤية المصور في داخلي، إلا في وقت لاحق من حياتي، حين شاركت في ورش عمل مكّنتني من التواصل مع المبدعين الآخرين، وجعلتني أدرك أنّ التعطّش للمعرفة أمر حيوي في هذه الحرفة الفنية. أجد الإلهام في كل مكان: السفر والكتب وتجارب الحياة وحتى اهتمامي المتزايد بصناعة الأفلام. هناك دائماً شيء جديد لتعلمه واستكشافه، وقد أتاحت هذه الرحلة تحقيق نمو شخصي وفني مذهل في حياتي.

ما هي الصورة التي التقطتها وتركت أثراً كبيراً لديك؟

إحدى الصور العزيزة على قلبي هي مشهد "لحظة سلام" الذي تم التقاطه أثناء رحلة إلى خيبر. لا تفشل هذه الصورة أبدًا في إثارة شعور بالهدوء بداخلي. إنّها تذكير قوي بأهمية وجمال الطبيعة ومكانتنا كجزء منها. في الكثير من الأحيان، يأتي العمل الأكثر أهمية عندما أغامر خارج منطقة الراحة الخاصة بي وأسمح لنفسي ببساطة بالاستجابة لجمال ما أراه.

هل أنتِ مع مراعاة المصور لمعايير مجتمعه؟

أؤمن بشدة بالحرية الفنية، ولكن أعتقد أيضاً أنّه من المهم للفنانين أن يأخذوا في الاعتبار تأثيرهم على العالم. أنا شخصياً أختار أن أكون على دراية بمعايير المجتمع في التصوير الفوتوغرافي الخاص بي. هذا لا يعني بالضرورة تجنّب المواضيع الحقيقة أو فلنقل الحساسة، ولكنه يجعلني أكثر دقة في اختيار كيفية تقديمها. في نهاية المطاف، يحتاج كل مصوّر إلى إيجاد هذا التوازن بين التعبير عن الذات بحرية وراحة وبين الوعي بكيفية تلقّي المجتمع الذي ينتمي إليه لأعماله.

ما هي مشاريعكِ للفترة القادمة؟

لديّ بعض الأفكار التي تثير اهتمامي، لكنني أحب أن أمنح نفسي الوقت لمعرفة الاتجاه الذي يبدو ملائماً للسير نحوه. بالنسبة لي، فإنّ مرحلة الاستكشاف تكون بنفس أهمية المشروع المراد تحقيقه.

اقرئي المزيد: ملك قباني: عملي في التصوير يهدف إلى توثيق تطور الموضة وتنوعها

 
شارك