متى تم اكتشاف النفط في المملكة وكيف جرت الاستفادة منه؟

 

يعتبر النفط من أهم الثروات في المملكة العربية السعودية، ولكن هل فكرت يوماً متى تم اكتشافه، وكيف استطاعت هذه الدولة أن تستفيد منه لتحسن مختلف نواحيها الاقتصادية؟ تعرفي فيما يلي على قصة اكتشاف النفط.

بتاريخ 29 مايو 1933، وقّع الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود اتفاقية الامتياز للتنقيب عن النفط مع شركة ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا بعد أن أنعش اكتشاف النفط في البحرين المجاورة الآمال بوجود مخزون من الذهب الأسود في الأراضي السعودية، وأعقب التوقيع توافد الجيولوجيين والنزول عند قرية الجبيل الساحلية التي تبعد نحو 105 كيلومترات شمال مدينة الدمام، وذهبوا مباشرة لإلقاء نظرة على جبل البري الذي يقع على بعد 11 كيلومترًا جنوب الجبيل. بعدها بأسبوع توغلوا جنوباً وأجروا فحصًا جيولوجيًا لتلال جبل الظهران، لتتواصل بعدها عمليات الفحص والبحث والتنقيب التي لم تحقق أي نجاح ذي قيمة لمدة سنتين.

في أبريل 1935، تقرر بدء العمل بحفر بئر الدمام رقم 1 وبعد سبعة أشهر من التأرجح بين الأمل واليأس، أنتجت البئر دفعة قوية من الغاز وبعض بشائر الزيت، وذلك حينما وصل عمق الحفر إلى قرابة 700 متر، ولكن أجبر عطل في المعدات طاقم الحفر على إيقاف تدفق البئر وسُدَّ بالإسمنت، وكانت بئر الدمام رقم 2 أفضل حالاً.

خلال يوم 11 من مايو من نفس العام حتى كان فريق الحفر قد وصل إلى عمق 633 متراً، وحينما اختبرت البئر في شهر يونيو 1936، تدفق الزيت منها بمعدل 335 برميلاً في اليوم ، وبعد انقضاء أسبوع على ذلك الاختبار، وإثر المعالجة بالحامض ، بلغ إنتاج الزيت المتدفق من البئر 3840 برميلاً يومياً وشجع ذلك على حفر آبار الدمام 3 و4 و5 و6 دون انتظار التأكد من أن الإنتاج سيكون بكميات تجارية أو التعرف على حجم الحقل المكتشف ثم صدر قرار في شهر يوليو بإعداد بئر الدمام رقم ( 7 ) لتكون بئر اختبار عميقة.

وكانت زيادة حجم العمل تعني المزيد من الرجال والعتاد والمواد، وأصبح موقع العمل غير قادر على استيعاب الزيادة في عدد العاملين.

وفي ديسمبر 1936، بدأ اختصاصيو حفر الآبار الاستكشافية في حفر بئر الاختبار العميقة رقم ( 7 )، وإذا كانت الآبار الأخرى مخيبة للآمال، فإن البئر رقم ( 7 ) لم تكن خالية من ذلك في البداية. فحدث تأخير في عملية الحفر ، كما كانت هناك بعض المعوقات ، حيث علق أنبوب الحفر ، وحدث كسر في جنزير الرحى ، وسقطت مثاقيب الحفر في قاع البئر المحفورة ، وكان لا بد من التقاطها, كما حدث انهيار لجدران البئر. ورغم وصول جهاز الحفر الرحوي إلى طبقة البحرين الجيولوجية، ظلت النتيجة واحدة، وهي أنه لا يوجد نفط.

بعد أقل من سنة وبالتحديد في 16 أكتوبر 1937، وعند عمق 1097 متراً، شاهد الحفارون البشارة الأولى : 5.7 لترات من الزيت في طين الحفر المخفف العائد من البئر، مع بعض الغاز. وفي آخر يوم في عام 1937 ، حدث أن أخفقت معدات التحكم في السيطرة على البئر ، وكان أن ثارت البئر قاذفة ما فيها من السوائل والغازات. وبعد الحفر إلى عمق 1382 متراً ، لم يجد فريق الحفر كمية تذكر من الزيت.

لكن خلال الأسبوع الأول من مارس 1938، حققت بئر الدمام رقم ( 7 ) الأمل المرجو ، وكان ذلك عند مسافة 1440 متراً تحت سطح الأرض ، أي بزيادة تقل عن 60 متراً عن العمق الذي كان الجيولوجيون يتوقعون وجود النفط عنده ، فقد أنتجت في الرابع من مارس 1938، 1585 برميلاً في اليوم ، ثم ارتفع هذا الرقم إلى 3690 برميلاً في السابع من مارس ، وسجل إنتاج البئر 2130 برميلاً بعد ذلك بتسعة أيام ، ثم 3732 برميلاً بعد خمسة أيام أخرى ، ثم 3810 براميل في اليوم التالي مباشرة.

وواصلت البئر عطاءها على هذا المنوال مما أكد نجاحها كبئر منتجة، وفي ذلك الوقت ، كان قد عُمِّق بئرَا الدمام رقم ( 2 ) ورقم ( 4 ) حتى مستوى المنطقة الجيولوجية العربية.

ولم تخيب هاتان البئران آمال الباحثين عن النفط ، فقد أعطتَا نتائجَ طيبة، وعم الفرح والسرور أرجاء مخيم العمل في الدمام، وقد ذهب الملك عبدالعزيز في ربيع 1939، يصحبه وفد إلى الظهران، مجتازاً صحراء الدهناء ذات الرمال الحمراء حتى وصل إلى مخيم الشركة، ليجد مدينة من الخيام في مكان الحفل، حيث أقيمت مدينة بالقرب من المخيم ، قوامها 350 خيمة. وتزامن توقيت زيارة الملك عبدالعزيز مع اكتمال خط الأنابيب الذي امتد من حقل الدمام إلى ميناء رأس تنورة ، بطول 69 كيلومتراً ، حيث رست ناقلة النفط التي أدار الملك عبدالعزيز الصمام بيده لتعبئتها بأول شحنة من النفط السعودي, وهكذا، كانت هذه أول شحنة من الزيت الخام تصدرها المملكة على متن ناقلة خلال مايو من العام 1939.

اقرئي المزيد: مهرجان شتاء طنطورة وتجارب لا تُنسى في هذه الفعالية

 
شارك